الازمة السورية في عيون المثقفين
، – أحمد الصويرى ما يجري في سوريا امتداد لربيع الثورات العربية.
-،،،،،نورا ضد التدخل الأجنبي في سوريا.
-،،،،،صلاح أبو لاوي أنا مع الشعوب العربية في ثوراتها.-،،،،،أحمد أبو سليم ثورات العربية عرضة للإقصاء.
-،،،،،عبد السلام صالح أنا دائماً مع الحرية والعدالة.
كل ما يحيط بالأزمة السورية، بات مربكاً… لم نعرف بدقة حقيقة ما يجري داخل سوريا أو ما يدور حولها… كلما توغلنا أكثر في متابعة مختلف فصول الأزمة، كلما ازددنا تيهاً وضياعاً… وحدهم أصحاب المواقف المسبقة والقطعية، التي لا يأتيها الباطل عن يمين أو شمال، ينامون ملء جفونهم… أنصار النظام لا شيء جديد يمكن أن يحدث تعديلاً على مواقفهم وانحيازاتهم… خصوم النظام يفعلون شيئاً مماثلاً… أما نحن معشر الكتاب والمحللين والمراقبين، فيجتاحنا قلق معرفي، لا يوازيه أو يفوته سوى قلقنا على كل قطرة دم تنزف من عروق كل سوري يسقط مفرجاً بدمائه.
نسمع عن شقاق أو انشقاق داخل الجامعة العربية، مصر والجزائر والعراق والسودان واليمن وسلطنة عُمان في واد، وبقية دول الخليج وتونس وليبيا في واد أخر… مع أن الأنباء تحمل لنا أخباراً عن الرياض (وليس عنها) تتحدث عن مراجعة سعودية، وأن الرياض أوفدت مدير مخابراتها الأمير مقرن لدمشق، وأنها استقبلت رئيس الاستخبارات الإيرانية حيدر مصلحي، وأن مناخات العاصمة السعودية تذهب باتجاه التمايز عن الموقف القطري الأكثر حماسة للقطع مع نظام الأسد. حتى اجتماع المجلس الوطني السوري، الذي امتد مؤخراً في تونس، تحت رعاية الثورة والرئيس المناضل. كان هو الآخر، (لغزاً محيراً) حتى للمدعوين إليه من أركان المعارضة… يعقد أو لا يعقد، متى وكيف وبأية ظروف.. لقد حار «الرفاق» واحترنا معهم، نحن الذين نتعقب كل شاردة وواردة في الملف السوري، بالغ الأهمية والحساسية.
الإصلاح نيوز تلتقي عدداً من الكتاب الأردنيين، لعلها تجد حلاً لهذه الألغاز، وفك شيفرات الأسئلة المطروحة:
أحمد الصوير شاعر وإعلامي… من سوريا مقيم في عمان.
إن ما يجري في سوريا الآن هو امتداد لنسائم هبّت من المنطقة إليها إثر شرارة أطلقها المناضل التونسي محمد البوعزيزي ربّما غيّرت وجه الحاضر العربيّ.
إلاّ،أنّ الأحداث في سوريا قد تكون ذات طابع يختلف عمّا جرى في البلدان الأخرى حيث أنّها أدت إلى انقسامات في صفوف المثقفين العرب بوجه عام من منطلق أن النظام السوريّ كان آخر صفوف الممانعة في وجه الكيان الصهيونيّ من حيث دعمه لصفوف المقاومة الفلسطينية والمقاومة في لبنان أيضاً. لا يخفى على أحد ما عانى منه الشعب السوريّ طيلة عقود من سطوة القبضة الأمنيّة وتضييقها على المواطن إلى حدّ ربّما بلغ سلبه حريّاته في معظمها إن لم تكن كلّها.
إلاّ أنّ ذلك كلّه لا يجعل صحيحاً إطلاق اسم (ثورة) على ما يجري في الساحة السوريّة، إنّ مصطلح (الثورة) يحتاج إلى أسس ومنهجيّة وقواعد استناديّة تجعل منه الوصف الصحيح لما يجري، لكنّ الأمر قد أخذ منحى غير صحيّ برأيي منذ نادت صفوف المعارضة السوريّة بحماية دوليّة وتدخّل أجنبيّ، بل ربّما باتت الصورة أكثر إثارة للاستفهام حين بلغ الأمر بقيادات المعارضة التصريح بنواياهم طرد المقاومة ورفع العلم الصهيونيّ في دمشق، وهذا ما لا يقبله أيّ عربيّ مقاوم شريف، ولعلّ تجيير الأحداث من قبل كل تيار لصالحه أمر أكثر سلبيّة حين أدّى إلى ارتفاع صوت النزاع الطائفي، وهذا النزاع لم نكن نعيشه كمواطنين سورّيين، ولا يرغب أحد بإثارته، فالكلّ سوريّون متعايشون ومتزاوجون ومتحابّون..
خلاصة القول: إنّ ما آلت إليه الأمور الآن في الشأن السوريّ ليس إلاّ نوعاً من الفوضى والضبابيّة (غير الخلاّقة) وللأسف فإنّ من ادّعوا قيادتهم لرياح التغيير في سوريا يمارسون كلّ ما يدّعون أنّهم ثاروا عليه.. قمع فكريّ- مصادرة آراء- إثارة الفتن…. إلخ مما يجعل الأطراف كلّها شريكة بإراقة الدماء السورّية.
الشرعيّة الوحيدة برأيي للأبرياء والصادقين في الشارع السوريّ الداخليّ وهم من يقرّرون ما يجب أن تكون عليه الحال.
أنا مع أيّ حلّ تتفّق عليه أغلبيّة الشعب السوريّ، شريطة أن يكون منطلقة ومنتهاه هو سوريا الواحدة.. لا تقسيم يشوبه أو تدخّل عسكريّ أجنبيّ، فالشعب السوريّ يستحقّ العيش بسلام وبحريّة وديمقراطيّة.
نورا إعلامية
نحن مع ثورات الشعوب ضد الظلم والاضطهاد لكننا مع المعارضة الداخلية الشريفة التي تحمل هم الوطن ولا تبحث عن أدوار مشبوهة.
سوريا رمح الأمة ولا نرغب أن نرى هذا الرمح مكسوراً انا ضد التدخل الأجنبي والعربي (النفطي) في الوضع الداخلي السوري.
نؤمن أن لسوريا ثقلها في احتضان المقاومة الفلسطينية التي ما كانت تستمر لولا سوريا وكذلك ضد تقسيم سوريا، وما يحصل حالياً من أحداث، ما هو إلا عبارة عن تقسيم لسوريا، وهذه ثقافة سياسية أصبحنا نعيشها حالياً في العالم العربي، خاصة بعد سقوط بغداد.
الشاعر صلاح أبو لاوي
بداية أؤكد موقفي الواضح والثابت إلى جانب الشعوب العربية في خروجها عن الأنظمة المستبدة التي وصلت إلى الحكم بطرق غير شرعية وحكمت بالحديد والنار ونهبت مقدرات الأمة.
لكنني ومن حكم تربيتي إنسانياً فقد تعلمت أن أدقق في كل أمر قبل الحكم عليه أو اتخاذ موقف منه استناداً إلى ثوابت أهمها أن الغاية لا تبرر الوسيلة.
وأؤكد أن موقفي كان إلى جانب الثورات العربية التي أشعلها البوعزيزي بغير قصد وأوجه من هنا له عظيم تقديري في ذاكره الأولى، بل ورقصت مع الراقصين حين هرب بن علي أو سقط مبارك، ولكنني أرى ما ذهب إليه هيكل حول عدم نضوج الثورة السورية بل وتحوّلها إلى عمل مسلح مدعوم خارجياً ليس ضد النظام، فحسب وإنما ضد كل من يعارض توجهاتها، ومن هنا فإنني وقفت ضد كل فعل يتنزّل على الأرض العربية من فضاءات خارجية وخاصة القرارات التي اتخذتها الجامعة العربية بأوامر أمريكية صريحة وواضحة نشرها الإعلام العربي والغربي بكل وضوح.
وقد كان موقفي هذا مسبقاً لما سمّوه ثورة في ليبيا بغطاء عسكري من الناتو وفي ذلك قلت:
سبحانك ياجباره
سبحانك
كيف اختلطت في هذا العصر الأفكارْ
الحابل بالنابل
والصالح بالطالح
والغيمة بالنارْ
سبحانك كيف الثورة تستلقي في حضن المحتّلِ
وكيف الناتو صار الداعم للثوارْ
فالنسبة لي كل تدخل خارجي على أرض عربية مرفوض رفضاً قاطعاً وكل ثورة لا تشير إلى فلسطين هي ثورة مشبوهة، لأنها ببساطة كانت ولا تزال قضية العرب والمسلمين الأولى وكل ثورة حقيقية هي التي يتصدى لها المعارضون من داخل القطر لا من فنادق الخمس نجوم في باريس والعواصم الغربية.
من هنا فإن موقفي من الثورة السورية اليوم اتخذ موقفاً معارضاً خاصة بعد تصريحات برهان غليون حول المقاومة والعدو الصهيوني.
إن ما يجري اليوم هو تحقيق نظام شرق أوسطي جديد أعلنت عنه وزيرة الخارجية الأمريكية عام 2006 وسايكس بيكو جديد لا أستطيع أن أتعامل معه إلى وفق هذه الرؤية لتفتيت المفتت وتجزئة المجزأ والقضاء على كل حلف أو دولة تقف في طريق الهيمنة الغربية على مقدرات الأمّة.
الشاعر الروائي أحمد أبو سليم
إن ما يجري في سوريا هو مرآة لما سيكون في جميع الأقطار العربيّة، وليس هناك بلدٌ عربيّ واحد شقّ الصفّ العربية مثلما فعلت أحداث سوريا خصوصاً وسط المثقفين.
هناك انقسام عمودي حاد في أوساط المثقفين وذلك يرجع إلى موقف النظام السوري أولاً من القضية الفلسطينية إذ أنه كان يعدُّ النظام الممانع الوحيد في المنطقة، وهو الذي احتوى أطياف المعارضة في كثير من البلدان العربيّة بعد أن سدّت جميع الأبواب في وجهها إضافة إلا امتداد حزب البعث السوري في الأوساط العربيّة. بعد ذلك لا يمنع أن تهبّ رياح التغيير على هذا النظام الذي مارس القبضة الأمنية على الشعب، واحكم سيطرته عليها، ربما أكثر من أنظمة أخرى، مما جعل الشعب السوري يثور متأثراً بما يجري في بعض الأقطار العربيّة الأخرى ضد الظلم والاضطهاد وحكم الأمن.
إن ثورات الشعوب العربيّة عموماً الآن أصبحت عرضة للامتطاء من قبل أمريكا وإسرائيل اللتين أدركتا بعد كل ما جرى في تونس ومصر أن المنطقة بدأت تخرج من أيديها لذلك حاولتا أن تمتطيا الثورة بكل ما أوتيتا من قوة وبكافة السبل مما خلف أشكالاً في الموقف من الثورة الذي يجب ألا تدعو إلى تدخل الناتو وتحت ظلّ الحماية الدولية، وتجرأ البعض على الحديث عن فتح سفارة «لإسرائيل» في دمشق مما جعل الكثيرين ينفضون من حول الثورة.
بدأ لي يجب أن يكون صوت المناضلين الحقيقيين السوريين أعلى في تنقية الثورة من أدرانها والعمل على إسقاط النظام وبناء نظام ديمقراطي وطني حقيقي معاد «لإسرائيل» وضد أي تدخل عربيّ في سوريا.
الروائي عبد السلام صالح
أنا دائماً مع الحرية والعدالة في أي مكان في العالم.. فأنا بالضرورة مع حقوق الشعب السوري كاملة غير منقوصة حقه في العيش بكرامة وحرية وحقه بأن يحكم نفسه بنفسه وبشكل ديمقراطي… حر… وأن يكون هناك تداول للسلطة بشكل سلمي وديمقراطي…
وكلنا يعرف أن حقوق الإنسان بشكل عام غاية في جميع بلدان الوطن العربي وليس في سوريا فقط فأنا مع الحرية والكرامة والديمقراطية لكل المواطنين في جميع البلدان العربية.
فأنا مع أي ثورة ستقوم في أي بلد عربي…. فالإنسان العربي يستحق أن يعيش بكرامة وحرية في وطنه وأن يتخلص الوطن العربي مع جميع الطغاة المتحكمين بالإنسان العربي.
وبنفس الوقت أشعر أن هنالك أيادي تحاول العبث بل وتعيث أحياناً في الثورات العربية وحبك المؤامرات وتحاول توظيف هذه الثورات وتوجيهها بطريقة تخدم المشروع،،الأمريكي الصهيوني في المنطقة والأحداث في سوريا غير بعيدة عن هذه المحاولات وهذا لا يعني على الإطلاق أنني أصفق أو أدافع عن النظام السوري… فأنا ضد جميع الأنظمة العربية القائمة بدون استثناء.
هذه آراء واستطلاعات الكتاب في الأردناً ويبقى القول أن كل ما يتعلق بالأزمة السورية، يندرج في سياق الأسئلة والتساؤلات والتكهنات، حتى أننا لم نعد نعرف عندما نأوي لفراشنا، ما الذي سيفاجئنا صبيحة اليوم التالي، كان الله في عون سوريا وإخواننا السوريين.