كشفت تقارير رسمية صادرة عن امانة عمان الكبرى ولجان التحقيق النيابي والرقابي بخصوص اوضاع الامانة المالية والادارية عن خطورة الاستمرار في اليات الانفاق المعمول بها ، وارتفاع معدل النفقات المالية على خدمات الاستشارات والرواتب والنفقات الموازية.
وابدى مسؤولون في الامانة تشاؤمهم تجاه الوضع المالي والاداري للامانة ، وبالاخص ما يتعلق بملف المديونية التي تجاوزت نصف مليار دينار اردني خلال العام الجاري، واكدوا ان كل معالجات المديونية لا تحل ازمتها ما دامت سياسات الامانة المالية والادارية قائمة على ذات المنوال.
وتؤكد تخوفات مراقبين لشؤون امانة عمان ان حسم الجدل حول ازمتها يستدعي تشديد الرقابة على آلية الانفاق المالي ومراجعة سياستها المالية ، وتعديل التشريعات الناظمة لحكم الامانة ، والبحث عن سبل تشريعية لحكم ديمقراطي رشيد وقويم لا يضع القرار المالي والاداري في يد الامين او المديرين التنفيذيين في الامانة.
ومما هو واضح فان التحقيقات النيابية والرقابية بملفات للامانة شابها الفساد وكشفت عن خلل في اتخاذ القرارات الحساسة والمهمة في الامانة، والتفرد المطلق للامين في تعيين كبار مديري الامانة وعقود الاستشارات ، والموافقة على انفاق ملايين من الدنانير على خدمات استشارية دون الرجوع لمجلس الامانة وهو مكون من نصفين، الاول معين من الحكومة ، والثاني منتخب مباشرة من العمانيين.
ازمة امانة عمان الكبرى تستدعي التفكير جديا بارقام مديونية المؤسسة الخدماتية الاكبر في الاردن ، اذ تشير الى انها انفقت خلال خمسة الأعوام الماضية نحو150 مليون دينار على بدل استشارات فنية وهندسية واعلامية، في المقابل فان حصة الخدمات التنموية واصلاح الطرقات والانشاءات لم تنل 20 % من معدل الانفاق المالي العام للامانة.
تردي الوضع المالي والاداري للامانة ليس بالجديد، فالمعاينات الصحفية والرقابية «النيابية والقضائية» افاضت كثيرا في نشر تقارير وحقائق ومعلومات وبيانات تكشف عن تردي الاوضاع المالية والادارية للامانة، وان ثمة ازمة حكم تعاني منها المؤسسة، وان ثمة قرارات لمشاريع يشوبها اللغط، وانها تسببت في تدرج تضخم ازمة الامانة المالية والادارية.
بالطبع ما زال مشروع باص التردد السريع « شاهدا امام الراي العام الاردني، وان مصير المشروع المتعطل عن التنفيذ والذي انفقت الامانة على مراحله الانشائية والاستشارية الفنية والهندسية الاولية اكثر من 5 ملايين دينار كافيا للاستدلال على ازمة اتخاذ القرار في الامانة.
ولم تنل الانتقادات التي وجهها البرلمان واعضاء من مجلس الامانة والصحافة لسياسة الامانة الاهتمام الكافي وبقيت تصنف على انها مناكفات ولم تدخل في سياق الاهتمام الرقابي لما يجري داخل اروقة مؤسسة الامانة ، ولما تنهجه ادارتها في الاسراف على خدمات عامة ابعدت الامانة عن العمانيين ، وجسرت لهوة عميقة بين ما هو مرجو من الامانة وما هو قائم ومعمول به.
المتتبع لازمة الامانة يكشف خيوطها ، وبدء اشتعال فتيل احتراقها ومدى حقيقة تردي وضعها المالي وخطورة المديونية على مركزها المالي وسلامة السياسات المتبعة في مجالات الاستثمار والاستملاك التي شهدت ارتباكاً ملحوظاً ، كاد ان يتسبب في بيع الاف الدونمات التي تملكها الامانة بأسعار رمزية لمستثمرين عرب واردنيين، وبصفقات بيع يشوبها لغط كبير.
بهذا الحال القائم فان الادوات والوسائل المتوفرة في ادارة الامانة كلها لا تكفي لتبديد القلق على مستقبل المؤسسة ، ولا اقتيادها لبر الامان والاستقرار والنجاة ماليا واداريا ونجاعة قرارات مشاريعها التنموية والخدماتية.
الامانة مما هو معلوم تخضع اعمالها لرقابة ديوان المحاسبة ، لكن هذا النوع من الرقابة على المعاملات المالية اليومية لا يوفر تقويماً للوضع العام ولا يقدم تحليلا علميا لمخاطر المديونية مثلا او سياسة الاستثمار والاستملاك المتبعة والاثر المترتب عليها في المستقبل.