أكد المعارض السياسي ليث الشبيلات بأن الاصلاح في اي بلد كان لا يبدأ الا من الرأس, مشيرا الى ان اي “اصلاح لن ينجح ما لم يبدأ الملك بالتغيير في ما يخصه شخصيا، وفي ما يخص الديوان الملكي وحالته غير الدستورية، وفي ما يخص الأمراء والأشراف وأسلوب حياتهم”.
وقال الشبيلات في رسالة وجهها الى رئيس الوزراء عون خصاونة ان “من حق المواطن الأردني على حكومتكم أن تصدر كتاباً أبيض يعطي معلومات شفافة عن أسماء جميع الأمراء والأميرات والأشراف والمخصصات المخصصة لهم ومصاريف خدماتهم من أمنية وغيرها, وقائمة بالأراضي المملوكة لكل فرد من أفراد العائلة المالكة وطريقة الحصول عليها والأثمان التي تم دفعها لقاء انتقالها لهم, قائمة بالأراضي المسجلة باسم كل من عمل في الديوان الملكي وطريقة الحصول عليها”.
نص الرسالة
رسالة شبيلات إلى رئيس الوزراء الأردني
دولة الأخ عون الخصاونة
رئيس الوزراء المحترم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
الموضوع: الولاية العامة وأراضي الخزينة والإمارة والتجارة
حتى لا أبدأ بظلم أوقعه عليك فقد سألني بعض الصحافيين عند تكليفك عن رأيي في التكليف، فكانت إجابتي أنني لو جئت أنا رئيسا للوزراء، وهو أمر بالطبع لا أسعى إليه، فلن أنجح ما لم يبدأ الملك بالتغيير في ما يخصه شخصيا، وفي ما يخص الديوان الملكي وحالته غير الدستورية، وفي ما يخص الأمراء والأشراف وأسلوب حياتهم.
فأية إصلاحات دون ذلك لن تكون إلا إصلاحات تجميلية تغطى بشاعة واقع لم يتغير. وقد سعدت بإعلانك أنك ستتولى الولاية العامة المختطفة منذ مدة والتي لم يبق لها سوى مظاهر رؤساء ووزراء خجلت كراسيهم من أن ينسبوا إليها إذ ليس لهم من الأمر شيء.
هل كان الأمر يحتاج إلى عشر سنوات من النضال لبضعة أفراد لا يتجاوز عددهم أصابع يد واحدة، ثم لحراك شبابي حديث طال انتظاره لفرض اعتراف بوقوع جرم في قضية تسجيل الأراضي؟ ولبداية إمساك طرف خيط يكشف كثيرا من المفاسد الكبرى؟ أين كان وما زال السياسيون “المخلصون” من موالين ومعارضة والقانونيون من شمس لا يغطيها غربالهم؟ ومتى ستعتقل الحكومة بلطجياً واحداً لتقديمه للقضاء؟ وآخر اعتداء منظم حدث أمس من قبل بلطجية رسميين جاؤوا بثلاثة باصات رسمية ليعتدوا على شباب الحراك المعتصمين من أجل الشاب عدي أبو عيسى من حراك مادبا على الدوار الرابع!
أرجو أن أنبه إلى خرق كبير للولاية العامة بتصريحات موظف غير دستوري بمسمى مدير المكتب الإعلامي في الديوان الملكي في موضوعة الأراضي التي اغتصبت من الخزينة بدون وجه حق.
ولا أحتاج إلى التنظير على مختص بالدستورية والقانون مثلكم بالقول إنه، وفي أسوأ حالات نظامنا الدستوري قبل وبعد أية تعديلات جرت عليه، فإن شؤون الديوان الملكي هي من ضمن الولاية العامة لمجلس الوزراء، وإن أية تصرفات مالية أو سياسية أو عقارية أو اجتماعية وحتى ضوابط كثير من التصرفات الحياتية هي شؤون يسأل عنها مجلس الوزراء وينظمها حسب الدستور والقانون ولا ينطق بها إلا وزير عامل في الوزارة وليس موظف في الديوان.
وأذكر في هذا المجال أن في مطلع المملكة كان مجلس الوزراء هو الذي يقرر المدارس التي يرتادها ولي العهد مثلاً وكان المجلس أيضا هو الذي يقرر ويعين الأستاذ المرافق له للإشراف على تربيته العلمية والدينية كما حدث مع الشيخ إبراهيم القطان رحمه الله.
بهذا تتحقق حصانة الملك الذي تتحمل مسؤولية أوامره الخطية والشفهية الحكومة، وبهذا يضمن الشعب علاقة ولي العهد القادم بالشعب الأردني وثقافته وثوابته.
فدستورنا لا يسمح بمحاكمة الملك بل بمحاكمة وزرائه. أما أية تصرفات ملكية فيها إصرار على مخالفة الحكومات ولا يرضى عنها الشعب فإنها خاضعة لبحث عنوانه “الأهلية” يقرر فيه مجلس النواب، وبعكس ذلك يتألى الملك وهو أمر يخالف الشرع والدستور النيابي الملكي.
ومما لا شك فيه أن الاستقرار يحتاج إلى عرش مستقر، والعرش المستقر يحتاج إلى حزم في تولي الحكومة لمسؤولياتها في الولاية العامة لتحمي العرش حتى من نفسه.
ولنأخذ موضوعة الأراضي المغتصبة مثلاً والتي سكت عنها معظم السياسيين منذ حصولها وحتى بدء الحراك الشعبي حيث بدأ شباب الحراك بذكره صراحة وبدأ السياسيون بذكره كعادتهم تعميما، بل إن التنظيم الأكبر رفض في اجتماع لي مع بعض قياداته أن يتخذ منه ومن إصلاح الديوان الملكي البند الأول لما قبل الإصلاحات، وأصر على أن برنامجه يخالف برنامجي المطروح في وثيقة الإصلاح التي أعلنتها والبند الأول فيها: “لا إصلاح ما لم يبدأ الملك بنفسه”، وعلى أن التنظيم لا يتقدم على الشعب ولا يتأخر عنه مما اضطرني إلى تسمية ذلك انتهازية إذ يقدم الشباب المستقل التضحيات بينما تقطف الجماعات المنظمة الثمار رغم تبرئها من مسؤولية الشعارات.
وهذا الشعار العنيد لم نسمع تثنية عليه حتى الآن إلا من بعض شباب الحراك الناضج الصادق، وسنبقى مصرين عليه مهما كلف الثمن. وقد تعجب الناس من إصرارنا على أولوية الأراضي كمفتاح (أسميته فتوح كما في ثقافة لعب الورق) قبل الكلام بأية إصلاحات حتى ظن البعض أنني مهووس بالأمر إذ إنه عندهم مجرد موضوع من مواضيع الفساد.
بينما اعتبرته وما زلت باب بدء الانفراج ومفتاحا لمغاليق أهمها الاعتداء على الولاية العامة وأسلوب حياة الطبقة الحاكمة الذي سيدخل بلدنا في الحائط إذا لم يتدارك الأمر كما سأبين لاحقاً في رسالتي.
وها إن أول الغيث قطرة حتى لو لم تسقط في المكان الذي نريد. ففي موضوعة الأراضي ليس لأي موظف في الديوان الملكي أن يصرح حولها أو أن يعلن أية قرارات بشأن انتقالها من جهة إلى أخرى أو أن يأذن بفتح دائرة حكومية (الأراضي) أبوابها لاستقصاء الراغبين، فهذا اعتداء على ولاية الحكومة وليس له أية سلطة دستورية تسمح له بذلك.
إن تصويب هذا الأمر مطلوب من حكومتكم لا يتدخل فيه أحد. فلو افترضنا أن تصريح ذلك الموظف غير الدستوري في الديوان الملكي صحيح بالكامل (أي أن الملك لم يستفد من أية بيوعات)، وهو أمر ما زال خاضعاً للبحث والتمحيص والنقاش حيث إن أربعة أو خمسة آلاف دونم التي تم الاعتراف بها سجلت قبل عام 2003 ومن المعلوم أن الديوان الملكي فتح دائرة لتسجيل الأراضي في الديوان نفسه بعد عام 2003، فلولا أن حركة التسجيل والنقل كبيرة لما اقتضى الأمر مديرا للتسجيل متفرغا في الديوان بشكل غير دستوري، ولو افترضنا صحة التصريح فإن ما اعترف به إقرار بخرق الدستور والقانون واعتداء على الولاية العامة ومصادرة شؤون الوزارات.
فالتصريح مليء بالأخطاء الدستورية. فليس للديوان أن يقرر إلى من تؤول الأراضي التي قرر هو (وليست الحكومة) إعادتها. فليس على الديوان إلا أن يعيدها إلى خزينة المملكة في وزارة المالية وليس لأي صندوق آخر أصلاً يمارس ممارسات خارج الولاية العامة للحكومة ولا يخضع لديوان المحاسبة والبرلمان، بل وليس حتى للحكومة صاحبة الولاية العامة أن تعطي هذه الصناديق أموال الشعب المنقولة وغير المنقولة لعدم خضوع هذه الصناديق لرقابة الشعب المتمثلة بديوان المحاسبة والبرلمان.
ولنا مع مثل هذه الصناديق قصة طويلة. فقد اكتشفت في سنتي الأولى في البرلمان عندما كنت مقررا للجنة المالية عام 1984 أمرين شاذين مخالفين للدستور ويفتحان طرقا لصرف الملايين بل المليارات من الأموال العامة بعيداً عن الرقابة الشعبية وأدواتها البرلمانية والمحاسبية.
الأول أن مليارات أموال التسلح التي تبرعت بها الدول العربية جرى إنشاء صندوق غير دستوري لها خارج الموازنة ينفق منه بأمر رئيس الوزراء (وليس حتى مجلس الوزراء) فذهلنا وأصررنا على إدراجه كتوصية بقرار اللجنة المرفوع للهيئة العامة لمجلس النواب لإلحاقه بالخزينة. ومع أن القرار وُوفق عليه فإن الحكومات لم تأبه به ونامت البرلمانات عن قرارها.
والأمر الثاني الذي أدرج في قرار اللجنة المالية يخص ما أحدثته الحكومات في غياب البرلمان (منذ 1967 وحتى1984) من تغيير غير دستوري على موازنتي الجيش والديوان الملكي، إذ توقفت عن إدراجهما مفصلتين كما يجب بل برقم إجمالي واحد لكل منهما مما يجعل مراقبة ديوان المحاسبة لمصروفاتهما لغواً، ولا يعرف الشعب وبرلمانه كيف وأين ولماذا ومن استلم جزءا هاماً من المبالغ المنفقة؟
فإذا أضفنا إلى ذلك العيب الكبير المتمثل بعدم وجود قانون قطع حساب في آخر كل سنة حتى يومنا هذا عرفنا كم كان التسيب المالي وما زال.
وأذكركم بأن ثورة الشارع المصري قامت ولم تقعد على محاولة المجلس العسكري فرض شرط إدراج ميزانية الجيش برقم واحد. ورغم أن ممارساتنا الدستورية التي ورثناها عن الإنجليز لم تكن لتسمح بذلك ولم يكن هذا يحدث حتى زمن معاهدة الذل في عهد كلوب باشا، فإن “محبي الوطن” فعلوها بعد ذلك ولا يزالون.
يبدو أن هذا من “مقتضيات تنمية” لم تعد تحت ولاية الحكومات بل الولاية المباشرة للديوان الملكي والملك ومسؤولي الديوان من أشراف وغيرهم.
دولة الأخ
إن كان الديوان حريصاً جداً على الشفافية فلماذا تكررت الاعتداءات علينا معشر المتصدين لكشف هذا المستور منذ 2001 كما سأورد تفاصيل القصة أدناه.
ففي ذلك العام وصلتني صور عن وثائق تتداولها أيدي كثير ممن يكتفون بالهمس وتمرير المنشورات تبين أوامر بتسجيل آلاف الدونمات في عمان الغربية وفي العقبة باسم الملك شخصياً. وفي نهاية شهر أغسطس/آب ومطلع شهر سبتمبر/أيلول كان لي كلمة في مجمع النقابات كشفت فيها هذا الأمر مبيناً أن هذا اعتداء على أموال الشعب وأنه بمثابة لغم تحت العرش سينفجر يوماً ما.
وكانت الكلمة موثقة بالصوت والصورة من قبل “الجزيرة مباشر” إلا أن شيئا منها لم يبث. وفي اليوم التالي أو الذي بعده زارني الصديق جميل الهلسة واقترح علي أن نقيم دعوى ضد علي أبو الراغب رئيس الوزراء المسؤول عن هذه الجريمة الدستورية (تصريح الديوان الملكي الأخير يطالب بنفس الشيء اليوم). فوافقته وذهبنا معاً إلى عند الأستاذ هاني الدحلة الذي وافق على إقامة الدعوى وصدف أن حضرت الأخت توجان لمراجعة الأستاذ هاني في قضية أخرى فأعلمناها بنيتنا فضمت توقيعها إلى الوكالة المعطاة إلى الأستاذ هاني الدحلة، كما لم تكتف هي الأخرى بهذا بل صرحت باعتراضاتها تلك في الإعلام.
وفي فجر يوم الجمعة 7-9-2001 حضر بلطجية إلى منزلي وقاموا بتكسير سيارتي وصرحت للإعلام بأن “بلطجية” مرتبطين بجهات رسمية قاموا بالاعتداء على منزلي بسبب الأراضي التي سجلت للملك. فقام مدير شرطة العاصمة بشير المجالي بتهديدي قائلا: “في المرة القادمة سنكسر رأسك إذا تكلمت عن سيدنا!” فقلت له: “هذا اعتراف بأن المرة الأولى هي من فعلكم!”. وكان شاهداً على هذا التهديد الرائد (وقتها) فاضل الحمود.
وصرح بشير “لا فض فوه” لوكالة الأنباء بأن ابني هو الذي قام بتكسير السيارة فنشرت الصحف “الشفافة” رواية الأمن العام بالمانشيت على الصفحة الأولى ولم تنشر كلامي! وفي مساء ذلك اليوم أذاعت “الجزيرة” ما حدث من اعتداء وقامت ببث جزء من كلمتي في النقابات التي لم تكن بثتها يوم أن ألقيتها مثبتة سبب الاعتداء.
بعد مدة (2003) قمت بزيارة رئيس مجلس الأعيان السيد زيد الرفاعي وقلت له: “أنت مصدق عند الملك ولست مثلي! أليس عليك حماية العرش؟ إن علي أبو الراغب وضع لغماً تحت العرش سينفجر يوماً ما عندما ينهض الناس للمطالبة بحقوقهم، فانصحه أن يصوب الأمر”. فأجابني بأنكم لا تفهمون عن سيدنا فهو يعمل هذا ليحصل على سيولة لتمويل مشاريع خيرية اجتماعية للشعب حيث إن إجراءات الوزارات يعطلها الروتين! (إقرار مرعب بالدوس على الدستور) فخرجت من عنده أندب حظ الشعب الأردني بزعاماته. (بين علي أبو الراغب في برنامج تلفزيوني على قناة رؤية أنه نفذ ما جاء في كتاب لأوامر سمير الرفاعي أمين عام الديوان الملكي –متنازلاً عن الولاية العامة- وقد عارضه وزير المالية ميشيل مارتو).
وفي عام 2004 فتح الإخوان المسلمون سرادق عزاء للمرشد العام المرحوم الشيخ مأمون الهضيبي وطلب مني كلمة مما قلته فيها: أيها الإخوان لقد تمنعتم عن أداء اليمين الدستورية في مجلس النواب قبل أشهر مصرين على إضافة “في طاعة الله ورسوله” إلى القسم ثم أقسمتم بعد لأيّ دون زيادة! وأسألكم هل إن الأراضي التي سجلت باسم الملك تدخل ضمن التزامكم بطاعة الله ورسوله أم لا؟ فكيف تصرون على ميزان الذهب نظرياً ثم تكيلون فعلياً بميزان القنطار فتغضون الطرف عن هذا الجرم الدستوري للحكومة؟ فازدادت التهديدات التي كانت تصلني ومفادها: “فليحذر! أنا لست مثل أبي! أنا لا أسجن، أنا… “.
فإن كانت النوايا من تسجيل الأراضي حسنة وشفافة كما يقول الديوان اليوم، فلماذا الغضب الشديد والتهديد العنيف؟ أما كان يكفي تفسير؟ نبين بكل احترام عدم دستوريته فيصوب الأمر بسلام.
وفي نهاية شهر نوفمبر/تشرين الأول 2009 حضرت ندوة في رابطة الكتاب أصر الحضور علي بالتكلم فيها فامتنعت وبعد أن أصروا قلت كلمتين: لماذا تريدونني أن أتكلم؟ هل هو للاستعراض فقط؟ كم واحد منكم لا يعلم بأن أراضي الخزينة تغتصب لصالح الملك؟ فسكت الحضور مقرين بمعرفتهم. فأكملت قائلاً عندما تتجرؤون على المشاركة في الدفاع عن ثروات الشعب الأردني وخزينته أدعوني للكلام! فنقلت “الجزيرة نت” ما قلته مما أدى إلى اعتداء بلطجية علي في فرن صلاح الدين.
وتشير كل الدلائل إلى تورط مدير الاستخبارات العسكرية الذي تلاحقه اليوم شبهات في قضية “موارد” حيث بلغني أن مدير المخابرات رفض تنفيذ جهازه لهذه المهمة القذرة وتركها له. (في هذا البلد الصغير الذي يرتبط ناسه بمصاهرات وصداقات لا يمكن أن يبقى أمر مثل هذا سرا).
وحتى هذا اليوم ما زال المدافع عن الدستورية وعن خزينة المملكة يوصف بالعدوان والتآمر من قبل من اعترفوا بوقوع الجرم حتى إنهم اضطروا إلى توجيه المسؤولين إلى مساءلة رئيس الحكومة الأسبق وحكومته المسؤولين دستورياً عن تلك القرارات حسب ما جاء في البيان.
ألا يقتضي هذا اعتذاراً من الحكومة إن كانت فعلاً ممارسة لولايتها العامة؟ وإن لم تكن ممارسة حتى تاريخه لتلك الولاية أليس على الديوان أن يتقدم بمثل هذا الاعتذار إن صدقت شفافيته؟ إن الاعتذار إلى الشعب واجب وبالقيام به يصلني حقي الشخصي.
في 25-1-2011 أرسلت رسالة إلى رئيس الديوان الملكي ذكرت فيها أن لا جدية في الإصلاح ما لم يعد الملك الأراضي وأثمان ما تم بيعه منها إلى الخزينة.
وكررت الموضوع على قناة “الجديد” حيث أعلنت ما هو معروف ومقر من أنه لا يوجد فساد كبير معترف به رسمياً إلا وجرى تحت الرعاية الملكية.
وفي محاضرتي في حي الطفايلة في 26-9-2011 بينت أن: لا إصلاح ما لم يبدأ الملك بنفسه. وأضفت أن عنوان مصداقية الإصلاح هو إرجاع الأراضي إلى الخزينة. ثم التوقف عن التغول على الدستور قبل تعديله وعودة الولاية العامة المختطفة إلى الحكومات فلا يمضي شأن إلا بإنشاء من الحكومة وبمصادقة من الملك وليس العكس. ثم إعلان الملك موافقته على العودة لأسس العقد مع آبائنا عند تأسيس المملكة: الإمارة للهاشميين والسلطة للشعب، وللمبدأ الذي وضعه الملك المؤسس مع آبائنا المتمثل بمنع اختلاط الإمارة بالتجارة والذي تم رميه في سلة المهملات.
إن ذلك أسهل وأأمن وأنجع وأسلم طريق سلمي لوضع أسس حقيقية للإصلاح. فإذا قبل الملك، سدده الله وهداه، أن يصلح الأمر بابتعاده عن حواشي السوء وسماسرة الصفقات الناهبة لثروات الشعب وأن يبعد التجارة عن الديوان الملكي وأن يتبنى طريقة حياة متناسبة مع واقع شعبه الذي يكاد الجوع يأكل نصفه، فيحيا حياة متواضعة متناسبة مع دخل خزينة ترهق الشعب بالضرائب الهائلة وأن يفرض ذلك على الأمراء والأميرات والأشراف الذين يتكاثرون وتتكاثر مصروفاتهم، فإن شعبه سيلتف حوله وسيقود ثورة بيضاء تعزز ثبات عرش يحتاجه الأردن لاستقراره وتفضي إلى التفاف حقيقي لقلوب الناس حوله كما يقتضي الاستقرار.
فالناس على دين ملوكهم! إذ سيتوقف التسابق في البذخ المفضي إلى النهب ويرتاح الشعب بتنزل مستوى معيشة كبرائه إلى الاعتدال، فمن الذي يتجرأ على السكن في قصر فاره عندما يسكن مليكه في فيلا متواضعة؟ (قبل أسابيع نشرت مجلة مطار ألماني بفخر خبراً وصوراً عن سيارتي مرسيدس وبورش للملك تحملهما طائرة لسلاح الجو الأردني). حدث من رافق الملك الراحل رحمه الله لتعزية ليئا رابين بأن شقة إسحق رابين قاهر العرب لا تتسع لأكثر من أربعة أو خمسة زوار فاضطر البقية إلى الوقوف في بيت الدرج!
وأخيراً وتحت الضغط المستمر لقلة من الكهول وانضمام أبطال شباب في الحراك لرفع سقف الشعارات رغم الشد العكسي لمن هو منظم منهم، اضطر الديوان إلى إصدار تصريحه الأخير، ويا ليته لم يفعل. لأن الواجب الدستوري يقتضي أن يصدر هذا الأمر من حكومتكم، فإصداره من الديوان اعتداء على الولاية العامة ولا شأن لأي موظف في الديوان بهذا الأمر وليس له (ولا حتى لجلالة الملك مع كامل الاحترام طبعاً) أن يقرر إلى من تؤول الأراضي التي تم الاعتراف بارتكاب جرم الاغتصاب عليها بل إن على الحكومة أن تعيدها إلى خزينة وزارة المالية حصراً وليس إلى ميزانية الجيش ولا إلى أي صندوق.
وأحيي موقف وزير الدولة لشؤون الإعلام الذي أرجو أن تلتزم به الحكومة من ضرورة تقديم الوزراء والرؤساء والمديرين الذين ارتكبوا هذا الجرم إلى القضاء. وهذا ما طالب به البيان غير الدستوري الذي صدر عن الديوان الملكي الذي حمل مسؤولية الجرم لعلي أبو الراغب ملمحا إلى ضرورة مساءلته مما اقتضى من علي أن يصدر تصريحاً بأنه مسؤول عن 1800 دونم فقط وأن غير ذلك حدث قبله وبعده (طلب أبو الراغب من صديقي المهندس ميسرة ملص أن يعلمني بأن عبد الرؤوف الروابدة فعلها قبله).
دولة الأخ
إن أي إصلاح لا يبدأ إلا من الرأس! وإن من حق المواطن الأردني على حكومتكم أن تصدر كتاباً أبيض يعطي معلومات شفافة عن ما يلي:
1. أسماء جميع الأمراء والأميرات والأشراف والمخصصات المخصصة لهم ومصاريف خدماتهم من أمنية وغيرها.
2. قائمة بالأراضي المملوكة لكل فرد من أفراد العائلة المالكة وطريقة الحصول عليها والأثمان التي تم دفعها لقاء انتقالها لهم.
3. قائمة بالأراضي المسجلة باسم كل من عمل في الديوان الملكي وطريقة الحصول عليها.
4. قائمة بالأراضي التي سجلت لجميع رؤساء أركان الجيش العربي وكبار الضباط وطريقة الحصول عليها.
5. قائمة بالأراضي التي سجلت لجميع مديري المخابرات العامة والأمن العام وطريقة الحصول عليها.
6. قائمة بالأراضي المسجلة لكل من تولى منصباً وزارياً وتاريخ امتلاكها ومقارنة ذلك بتاريخ توليه المنصب والأثمان المدفوعة لقاء تسجيلها.
7. قائمة بالأراضي التي تم تسجيلها للصناديق الخاصة ولمشاريع التنمية من عقارية وغيرها لقاء أثمان رمزية.
8. تفصيل عن أراضي مشروع العبدلي وبيع مبنى قيادة الجيش وكلفة المبنى الجديد وكيفية انتقال ملكيته قبل إشغاله حتى نفهم كيف جرت هذه العبثية. وأراضي برقش وعجلون إلخ..
9. إصدار قانون لإعادة كل أرض تم تملكها بسبب النفوذ السياسي بالسعر الذي تم دفعه فيها.
دولة الأخ
قال الملك المؤسس الذي وضع أسس الحفاظ على العرش: “إن هذا الشعب فقير ولا يحتمل أكثر من شريف واحد” فهل نقول له صدقت أم نكذبه..
وفي الختام نرجو أن نسمع بأمر صادر منك إلى موظفي الديوان الملكي بأن لا يتدخلوا بأي شأن من شؤون الولاية العامة ثم أن تبدأ بإجراءات إقالتهم فيما عدا التشريفات الملكية وبعض من يحتاجه القصر لخدمته. وأن تعمل على إصدار قانون يلغي القانون غير الدستوري الذي أعطى استقلالية للديوان الملكي عن الحكومة وعن نظام الخدمة المدنية وذلك على طريق العودة إلى الدستورية. وأن تقدم للمحاكمة كل مسؤول خالف الدستور فيما يخص الأراضي بعد إعادتها وأية مبالغ تم تحصيلها من بيوعات جرت عليها إلى خزينة شعب يئن من الفقر والحرمان.
إن أية إصلاحات تقفز عن الأسس المذكورة أعلاه لن تؤدي إلا إلى إعادة إنتاج الظلم. من هنا يبدأ الإصلاح! فإذا وفقتم إلى ذلك انتقلتم بعدها إلى التحقيق في ما تسميه الصحافة الأجنبية! Jordan Inc.
بعد ذلك وليس قبله نبدأ الكلام عن إصلاح مؤسسة الحكم وإعادة سلطة الحكم للشعب الذي يرزح تحت الضرائب ليتنعم بالبذخ فيها دون شفقة ولا رحمة من إذا بقوا على ما هم عليه فلا طريق للشعب إلا بالوقوف في وجههم.
ونحن لا ندعو لذلك بل ندعوهم هم إلى أن يتقوا الله في أنفسهم وفينا وأن يدركوا بأن شرطيا لكل مواطن لن يكفي يوما لإسكات غضب المنهوبين المقموعين المسحوقين. إن لم تكن هذه نصيحة لأولي الأمر فما هي النصيحة؟ أمزيد من النفاق والتملق؟ اللهم فاشهد!
(إنا عرضنا الأمانة على السموات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وحملها الإنسان إنه كان ظلوماً جهولاً) صدق الله العظيم.
الداعي لكم بالتوفيق
المهندس ليث الشبيلات