كشفت حادثة هروب الباخرة سور عن فراغ السلطة من مضامينها وتخبطها في مدينة العقبة، وهو حادث لم يكن الأول من نوعه بحسب التصريحات التي رافقت أزمة هروب الباخرة، وبين تقرير لجنة تقصي الحقائق أن هناك تعددا في الصلاحيات والمرجعيات وهو ما قاد إلى ضعف في توحد البنى المرجعية وأخل بمعادلة إدارة المنطقة الاقتصادية بشكل فاضح.
الإعلام من جانبه أثبت في بعض صحفه أنه تنقصة الدقة والموضوعية، فالبقدر الذي ندافع به عن حرية الإعلام ويدان أي اعتداء على أي وسيلة ومن أي جهة كانت وبأي شكل، فإن المطلوب التوضيح للناس بان هناك سوءَ تقديرٍ أو خطأ وقع سواء من المصادر المنسوبة أو في التعامل مع الحدث، وقد نسبت تصريحات للجنة تقصي الحقائق بحق مدير مؤسسة الموانئ ثبت أنها لم تصدر عن اللجنة التي لم تختص بالتحقيق بل التقصي، ولم يكن من صلاحياتها الطلب إليه بتقديم اجازة. ومع ذلك، كان يفضل الاعتراف باللالتباس المهني أو عدم الدقة، ولكن ذلك لم يحدث على الأقل لحد الآن، في الوقت الذي بين تقرير اللجنة أن الجهة المباشرة هي السلطة البحرية.
المهم في تقرير لجنة سور، هو كشفها عن العيب الكبير والخلل الذي أثرعلى الدولة، والعقبة الخاصة مثال واضح عليه، ففي التقرير ان تعدد الجهات من سلطة بحرية إلى مؤسسة موانئ إلى شركة تطوير العقبة والقوة البحرية وغيرها من مؤسسات جرى تفريخها لخلق وظائف لمفوظين ومدارء طارئين على العقبة، كان سببا في توليد حالة من الإرباك الكبير الذي تشهده المدينة.
تضمن تقرير “لجنة سور” والذي اتصف بمهنية جيدة بأن اللجنة عملت على مراجعة وتحليل كافة الإفادات والمستندات والوثائق والتسجيلات الصوتية والرجوع إلى النصوص القانونية الناظمة للقطاع البحري الأردني والاتفاقيات الدولية الناظمة ومذكرات التفاهم ذات العلاقة، وبين التقرير أن المسؤولية القانونية التي تنظم قطاع النقل البحري وتراقبه وتطوره في خليج العقبة تقع على عاتق السلطة البحرية الأردنية بموجب قانونها رقم (46) لسنة (2006).
ولعل الخطر الأكبر في المسألة اصرار مالك شحنة الذرة الصفراء، على دخولها البلد وطلبة تبخيرها للتخلص من الحشرات، ثم طلبة اعادة الفحص بحجة ان الفحوصات التي جرت لم يكن له مندوب بها، ومع انه بذلك لا يثق بمؤسسات الدولة ومختبراتها، ولذا فإن تقرير اللجنة كان عادلا في التوصية بتحويل صاحب الشحنة إلى مكافحة الفساد.
أما منطقة العقبة الاقتصادية الخاصة فالثقة تتزعزع بانجازتها يوما بعد يوم، والمطلوب اتخاذ اجراءات سريعة لتوحيد الصلاحيات والمسؤوليات، وذلك كي نحافظ على ما تحقق من مشارع يمكن ان تكون جيدة في المستقبل وذات أثر على حياة الناس واقتصاد الوطن، والمهم ان يكون القادة فاعلين ويعرفون تفاصيل المدينة التي لا يتذكر اهلها إلا عقل بلتاجي كرئيس للمنطقة الاقتصادية بحكم فاعليته وديناميكيته وانجازاته.
الدستور