تتجاوز المديونية العامة للمملكة حاجز 18 مليار دولار امريكي، ويرافق ذلك تنامي عجز الموازنة العامة للدولة بحيث تصل الى 1.25 مليار دينار ( 1.76) مليار دولار للعام المالي الحالي، وهذه الارقام لم تأخذ بعين الاعتبار الفشل في ادارة فاتورة الطاقة التي تجاوزت 700 مليون دينار للعام المالي الحالي مليار دولار امريكي، وهذه الارقام المفزعة اذا ما استمرت وفق المتوالية المالية التي سادت خلال السنوات القليلة الماضية سنجد انفسنا في اوضاع اقتصادية شديدة الصعوبة من حيث القدرة على خدمة الدين العام المتفاقم، وتدني قدرة الاقتصاد الوطني على استقطاب الاستثمارات الجديدة، وتهديد الاستقرار الاقتصادي والنقدي والمالي.
من حق المختص والمواطن العادي طرح اسئلة بسيطة في مقدمتها ما هي الاسباب التي فاقمت المديونية الى هذه المستويات؟ واين انفقت هذه المليارات لا سيما اننا لم نقم ببناء مشاريع ريادية كالسكك والموانئ والمطارات وطرق دولية جديدة، او بناء مصانع واستثمارات جديدة مملوكة للحكومة تستند اليها لتعزيز ايراداتها وتوظيف عشرات الالاف من العمال والمواظفين، ولم نخض حروبا اجبرنا عليها، ويقينا ان الجواب بالنفي، فالاوضاع الاقتصادية تسير من وضع صعب الى وضع اصعب، فالبطالة والفقر على حالهما ان لم نقل اكثر سوءا.
كما ان الحكومات المتعاقبة قامت بتنفيذ برنامج «طموح» للخصخصة وباعت اصولا ثمينة بابخس الاسعار وقدمت تراخيص لاستثمارات غير اردنية في قطاع الاتصالات والتعدين جوهرة الاقتصاد الاردني باسعار رمزية وحصدت الحكومة اكثر من مليار دينار، وكان المتوقع ان يتم التخفف من اعباء الدين العام وبناء ارصدة للاجيال القادمة، الا ان عوائد الخصخصة لم تؤدِّ الى ما تقدم وخسر المال العام ايرادات مجزية، واتجهت الحكومات للاستدانة من الجهاز المصرفي باسعار فائدة مرتفعة، وهذه الاستدانة ادت الى تشوهات كبيرة في وظائف الجهاز المصرفي الاردني الذي وضع حاجات وتمويل مشاريع القطاع الخاص والافراد خارج اهتماماته الحقيقية.
السنوات القليلة الماضية وتحديدا منذ العام 2007 حتى يومنا نواجه فشلا مستمرا في الاستثمار واتجهنا الى معالجات آنية بعيدا عن بناء توجهات استثمارية حقيقية على طريق معالجات اقتصادية ومالية واجتماعية، واغرقنا انفسنا في مديوية طائلة وعجوزات واختلالات مزمنة توسع نطاقها دون رد عليها او على الاقل تخفيف تداعياتها، ومارسنا سياسات شراء الوقت عل نجد من يسعفنا في عالم يحتاج من يسعفه، ونعلق اخفاقنا على مشجب الازمة المالية العالمية تارة وعلى «الربيع العربي» تارة اخرى، ولم نجد من بيننا من يعلن اننا المسؤولون عن كل هذا الاخفاق وعلينا تسمية الاشياء والمظاهر بأسمائها الحقيقية، ونبحث في حلول علاجية تقينا الانزلاق الى مستويات اصعب مما نحن فيه اليوم
البداية تنطلق من الاعتراف بالواقع المر الذي نعيش ابتداء، ومن الجهات المسؤولة عنه، والسير بنزاهة وقدرة لمعالجة هذا الوضع الذي لا يمكن التساهل معه والسكوت عنه.
الدستور