تختلف وجهات النظر التي ناقشت مدى تأثر الأردن من انضمامها الى مجلس التعاون الخليجي على اختلاف الأصعدة الاقتصادية والسياسية والأمنية والاجتماعية، ولتحديد أهم الأبعاد التي يجب إدراكها هو قياس مدى تأثر مصالح الدولة ايجاباً أو سلباً ضمن هذه الأصعدة.
ويعتبر الجانب الاقتصادي الأكثر نقاشاُ بين الأكاديميين والمحللين السياسيين والاقتصاديين ، حيث يتجه أغلب ا لمحللين إلى وصف قبول عضوية الأردن بالأمر المبشر بالخير وكان أمراً جلياً للقارىء المتتبع أو للمتلقي العادي بأن انضمام المملكة لمجلس التعاون يعني تقدم اقتصادها وازدهاره بشكل ملحوظ ؛ نظراً لما يعانيه الأردن من عجز قياسي غير مسبوق في ميزانيته وارتفاعاٌ في الدين الخارجي و تضاعفاً في معدلات البطالة، كما ويعاني من فقر مدقع بين فئات من المجتمع، ومن المعروف أن الاقتصاد الأردني بامكانياته المحدودة وضعف موارده الطبيعية يعتمد على الزراعة والصناعات الخفيفة و المتوسطة والسياحة والضرائب والجمارك والحوالات المالية من الأردنيين العاملين في الخارج كمصدر أساسي لتنمية قطاعاته الاقتصادية المختلفة وكما يعتمد الأردن أيضاً على الهبات والمنح والمساعدات المالية من الدول المتقدمة اقتصادياً سواء على نطاق عربي أو أوروبي أو حتى آسيوي .
وما يستدعي ذكره أن الانطباع السائد عن مجلس التعاون الخليجي بأنه ناد للأغنياء من أقطار المنطقة المطلة على الخليج العربي حيث أن الدول الست صاحبة العضوية تتمتع بجغرافية واحدة وبالتالي ثروات طبيعية متشابهة . وان اقتصاد تلك الدول بطبيعة الحال يعتمد على العائدات النفطية التي توفر لها الإمكانيات المالية التي سمحت لها بتنمية قطاعات اقتصادية لا سيما في مجال الخدمات والبناء وأبعدتها عن قطاعات الاقتصاد الحقيقي الأمر الذي أثار جدلاً واسعاً بعد الأزمات المالية والاقتصادية التي مرت بها الدول الخليجية خلال السنوات الثلاث الأخيرة .
وبما أن اتفاقية انضمام الأردن لمجلس التعاون في الشؤون الاقتصادية تنص على أن ” التنسيق والتكامل والترابط الاقتصادي بين الدول الأعضاء أحد الأهداف الأساسيـــة لمجلس التعاون وفقاً لما ورد في النظام الأساسي للمجلس ، ومن ضمن الأهداف المنصوص عليها وضع أنظمة متماثلة في مختلف الميادين بما في ذلك الشئون الاقتصادية والمالية والشئون التجارية والجمارك والمواصلات والاتصالات والطاقة ودفع عملية التقدم العلمي والتقني في مجالات الصناعة والتعدين والثروات المائية.”
و نظراً لتفاوت المستوى الاقتصادي وتباينه بين الأعضاء الجدد والأعضاء المؤسسين ، يأتي ضمناً زيادة الاستثمارات الخليجية في الأردن ،و لكن السؤال في أي القطاعات الاقتصادية ستركز الاستثمارات الخليجية وجودها ؟، وهل يستطيع الاقتصاد الأردني استيعاب الاستثمارات الخليجية دون حدوث أثار جانبية مثل التضخم وارتفاع الأسعار ، ولا سيما أن الأردن عانى من هذه العوامل نتيجة تجربة الخصخصة والتي توصف بالمريرة . ومن جهة أخرى هل لدى دول مجلس التعاون الرغبة والقدرة على تحمل أعباء انضمام الأردن؟
حيث حذر بعض المحللين الاقتصادين الأوروبيين الآثار السلبية التي قد تترتب على الدول الخليجية نتيجة للوحدة الاقتصادية،على اعتبار أن التوسع لا يؤدي بالضرورة إلى رخاء الجميع وأنه يجب على مجلس التعاون أن يأخذ العبرة من الأزمة الاقتصادية في الاتحاد الأوروبي عندما قرر الأخير وضع إمكانيات مالية ضخمة لمساعدة اليونان والبرتغال وأسبانيا لتحقيق التقارب الاقتصادي بين الدول المذكورة ودول الاتحاد الأوروبي.