حملت تصريحات رئيس الوزراء عون الخصاونة حول قانون العفو العام، والتي اشار فيها إلى وجوب حصر العفو العام بالقضايا السياسية فقط، دلالات على مراجعة أوضاع السلفيين واحمد الدقامسة وإياد القنيبي.
وما من شأن ذلك سوى دفع تلك القضايا إلى السطح من جديد، على ما يراه ناشطون في تصريحات رئيس الوزراء.
على أن الحكومات السابقة كانت تعتبر قضايا التنظيمات غير المرخصة والسلفيين من الجرائم التي يعاقب عليها القانون ويجردها من بعدها السياسي، فيما تشكل تصريحات الخصاونة أمام مجلس النقباء المهنيين يوم أمس، بالعلامة الفارقة من حيث الاعتراف الصريح بإشكالية “المحكومين السياسيين”.
الجريمة السياسية
المحامي والمحلل السياسي محمد الصبيحي يوضح أن معيار التمييز بين الجرائم السياسية وغير السياسية، مشمول في الدستور الأردني عندما نص صراحة في شروط الترشح للانتخابات النيابية بأن ألا يكون الشخص محكوما بجريمة أو جنحة غير سياسية، ويفسر ذلك بأن “لا مانع من الترشح إذا كان محكوما بجرم سياسي”.
وعليه يسوق الصبيحي مثالا وصفه بالواضح والمتمثل بحالة النائب السابق توجان الفيصل، عندما مُنعت من الترشح في الانتخابات النيابية قبل الأخيرة، وبعد طعنها لدى المحكمة مستندة في ذلك على البعد السياسي للقضية، اجتهدت المحكمة “اجتهادا خاطئا” باعتبار حالتها جريمة عادية ما منعها من الترشيح.
والجريمة السياسية في المعيار القانوني المتفق عليه من قبل فقهاء القانون، يتمثل بالهدف من وراء الفعل، فإذا كان البعد سياسي عندها تكون جريمة سياسية وهذا معيار موضوعي في التمييز ما بين الجرائم العادية والسياسية.
أما إذا كانت الجريمة ارتُكبت لصالح فكر وتمت مخالفة القانون للصالح العام، فتعتبر الجريمة سياسية، أم غيرها فتصنف بذات المنفعة الشخصية والمخالفة للانظمة والقوانين ما تعتبر جرائم عادية.
تصريح الخصاونة، يصفه الصبيحي بالـ”خطير جدا” لكونه اعتبر فيه بأن في الاردن ثمة محكومين سياسيين، واعتراف ضمني بما فعله السلفيون وغيرهم من التنظيمات عملا سياسيا.
عن قضية أحمد الدقامسة، فيرجح الصبيحي أن لا يكون الرئيس قد قصده لكونه يحتاج إلى عفو خاص؛ فالعفو العام لا يحدد جريمة بعينها بينما العفو الخاص يحددها.
عندما صدر قانون العفو العام وطبق في حزيران الماضي، لاقى اعتراضا من فئات وجدت في اخلاء سبيل المجرمين والمحتالين واعفائهم ضررا عليهم، ويرجح الصبيحي ذلك بأن الخصاونة آثر في مداخلته حول قانون العفو العام بأن لا يشمل الجرائم العادية وإنما بالجرائم السياسية.
الدقامسة القضية الأبرز
يوضح نقيب الأطباء الدكتور أحمد العرموطي، تصريح الرئيس بأنه جاء بناءً على إلحاح النقباء له بإيجاد حل لقضية السلفيين وأحمد الدقامسة وعضو نقابة الصيادلة إياد القنيبي الموقوف على خلفية السلفية الجهادية والتي تزينت جدران مقر مجمع النقابات بصورهما.
ويتابع النقيب حديثه أن رد الخصاونة كان حاسما بالقضايا التي أثيرت أمامه وتحديدا عندما تم التطرق لقضية أحمد الدقامسة.
وعن الصيغة التوافقية ما بين النقابيين والرئيس، كانت أحد أشكالها الحديث عن البعد السياسي لبعض الموقوفين والمحكومين في مراكز الإصلاح والتأهيل، ويعتبر العرموطي أن بيد الرئيس خطوة الدفع باتجاه “تبريد الساحة السياسية” من خلال العفو العام عن القضايا الجدلية.
“الحكومة تدرس بجدية ملف المحكومين سياسيا على ما اكده رئيس الوزراء لنا”، يقول العرموطي.
نحو تعزيز الحريات
من جانبها، تقرأ الناشطة الحقوقية نسرين زريقات حديث الخصاونة بالإيجابي لصالح الدفع نحو الحريات العامة خاصة وأنه امام مجلس النقباء.
وإذا كان هناك من مؤشرات فقد يكون أبرزها تعزيز الحريات والحقوق في الحكومة الجديدة واضفاء بعدا آخر لقاء الرئيس مع النقباء، حسب زريقات.
السلفية وأمل الإفراج
يرحب عضو التيار السلفي فراس ريالات بتصريح الخصاونة، ويقول أن ذلك قد يكون تلمحيا لشمول 96 نزيلا من اعضاء التيار السلفي الموقوفين في مركز إصلاح الموقر بالعفو قريبا.
ويدعو ريالات الخصاونة إلى إعادة النظر بمن تم الحكم عليهم في قضايا منذ سنوات، ومن باب إكماله لخطواته الإصلاحية، “بيد الرئيس صلاحيات ممنوحة من قبل الملك، لأجل إنهاء ملف المحكومين ونحن ندعوه للإسراع في ذلك”.
ومن المقرر أن يتوجه أعضاء من التيار السلفي فرع السلط إلى الدوار الرابع حيث مقر دار الرئاسة للقاء الخصاونة ووضعه بصورة أوضاع المحكومين وفتح الملف من جديد.
وفي السياق، كانت 100 شخصية اصدرت الإثنين الماضي بيانا طالبت فيه بالإفراج عن جميع موقوفي التنظيمات الإسلامية ومحكومي (أمن الدولة) “وعلى رأسهم الموقوفين على أحداث الزرقاء”.
وقال البيان إن “محاكمة ما يسمى بالسلفية الجهادية تمت بناءً على خلفيات سياسية بحتة”، مطالبين بالاعتذار لمعتقلي أحداث الزرقاء الشهيرة، وتعويضهم عما لحق بهم من ضرر، ومحاكمة الذين اعتدوا على اعتصامهم السلمي.
ويمثل أمام محكمة أمن الدولة العسكرية 105 من المنتمين للتيار السلفي الجهادي الذين اعتقلوا على خلفية مواجهات مدينة الزرقاء في نيسان الماضي، التي جُرح خلالها رجال أمن ومعتصمون من التيار.
وبرّأ البيان التيار السلفي الجهادي من مسؤولية أحداث الزرقاء، مبيناً أن “السلفيين أقاموا سبعة اعتصامات للمطالبة بالإفراج عن المعتقلين المظلومين وتطبيق الشريعة، اتسمت جميعها بالمسؤولية والسلمية… ولولا أنهم تعرضوا للاعتداء في اعتصامهم الأخير بالزرقاء من قبَل قوات الأمن والبلطجية؛ لما حصل ما حصل”.