احسنت حكومة الدكتور عون الخصاونة بقرارها القاضي بتأجيل الانتخابات البلدية … فقد ورثت الحكومة الجديدة تركة مربكة من فوضى فراطة اكثر من مئة بلدية كانت الى زمن طويل مستقرّة تحت منظومة البلديات الكبرى التي ضمت مجالس قروية وبلديات صغيرة لا تقدر على دفع رواتب موظفيها في بعض الاشهر .. مما اعجزها عن فتح الشوارع والطرق المهمة جداً في الارياف والبوادي التي يحتاج سكانها الى سهولة الاتصال بمزارعهم ومواشيهم مما جعل الحكومة توجه وزارة الزراعة ووزارة الاشغال العامة لفتح تلك الطرق وتعبيدها .. ناهيك عن ابسط الخدمات التي يتقاعس عمال النظافة عن ادائها يومياً .. فموازنة البلدية الصغيرة بالمساحة والسكان تعتمد على الأعانات الحكومية من الخزينة وبعض المخصصات من الضرائب الحكومية على المنتجات النفطية … اما ضرائب ورسوم المسقفات والأبنية والنفايات فهي لاتسمن ولاتغني من جوع لخزينة بلدية او مجلس قروي لايزيد عدد سكانه عن الفي نسمة … في الثمانينات من القرن الماضي رفض الرئيس زيد الرفاعي تحويل كثير من المجالس القروية الى بلديات حتى لايدفع الناس في الارياف والبوادي ضرائب ورسوم تفوق طاقتهم .. كان الرجل يقصد انعاش الريف بابقاء سكانه مستقرين فيه بدلاً من ان يفيضوا على المدن ليزيدوها زحاماً …،
حينما تم دمج البلديات الصغرى والمجالس القروية في بلديات كبرى قبل اعوام .. مرت العملية بسلام ولم نجد احتجاجاً يصل الى حد اغلاق الطرق وحرق الاطارات في الشوارع والتجمهر الغاضب كما حدث في قرار تفريخ او فراطة هذه البلديات قبل حوالي ثلاثة اشهر من الموعد المقرر لأجراء الانتخابات فيها . ما فتح شهية الكثيرين على موقع الرجل الاول في البلدية .. ووجاهة عضو المجلس البلدي … جرت الانتخابات في البلديات الكبرى في الاعوام الماضية بيسر وسهولة حتى ان فرز الأصوات تم في نفس مراكز الاقتراع ولم تحدث حادثة شغب واحدة في اي مركز اقتراع او بلدية ولم نسمع صوتاً يتهم بتزوير الانتخابات … صحيح ان بعض رؤساء البلديات زادوا عدد الموظفين في بلدياتهم اكراماً لمفتاح الاصوات مرة .. واحساساً بحالة الفقر والبطالة مرات كثيرة .. فرئيس البلدية اكبر مسؤول شعبي فيها … وفي العالم المتقدم تعتبر رئاسة البلديات الكبرى طريقا الى رئاسة الوزراء او رئاسة الجمهورية .. ولم تقتصر خدمة البلديات على الدور التقليدي لها في نظافة الشوارع وتخطيط الأبنية وترخيصها .. بل قامت بأنشاء دور العرض المسرحية ودعم نشر الكتب للمبدعين من ابنائها .. وفي زمن ما قامت امانة عمان الكبرى بأبداع ثقافي وفني يفوق انتاج وزارة الثقافة …،
لاشك ان التركة ثقيلة بحيث اصبحت البلديات المفروطة حقوق مكتسبة لسكانها او بعض المتنفذين فيها .. ولكن العالم القانوني الذي وصل بجهده الى منصب نائب رئيس محكمة العدل الدولية .. قادر مع فريقه الوزاري على الخروج من هذا المأزق بأعادة الامور الى نصابها الصحيح وتأجيل الانتخابات البلدية الى ما بعد سريان قانون الهيئة العليا المستقلّة للانتخابات … ولا يضير البلديات الحالية ان تديرها لجان من موظفي الحكومة اصحاب الخبرة والاختصاص لحين تعديل قانون البلديات وانتخاب مجالس جديدة لها .
الدستور