بكل تأكيد ستجري الانتخابات النيابية الموعودة والمنتظرة قبل نهاية هذا العام ،اللهم إلا إذا حدث ما هو خارج عن ارادتنا، فالمسألة أصبحت مسألة مصداقية وأي تأخير حتى وإن كانت له بعض المبررات «المعقولة» سيعتبر تراجعاً عن وعود تم الالتزام بها وتنصلاً من عملية اصلاحية غير جائز أن يُقال اننا استكملناها على الجانب السياسي فالحياة لا تتوقف إلا عندما تقوم القيامة والمفترض أنه لا جدال في انه مادامت هناك حياة فإن هناك إصلاحاً متواصلاً لا يتوقف وبخاصة في المجالات السياسية.
يجب ان تجري هذه الانتخابات قبل نهاية هذا العام فالشعب الاردني وُضع في موضع انتظارها والعالم الذي يراقب كل صغيرة وكبيرة يعتبر أن الانتخابات البرلمانية النزيهة والمحصنة من أي عيوب هي المؤشر الحقيقي على جدية الاصلاح الذي يجري كل هذا الذي يجري في المنطقة من أجله أو على الاصح بإسمه ويعتبر أن اي تردد في اجرائها وفقاً للالتزامات والتعهدات التي قُطعت وجرى التأكيد عليها مراراً وتكراراً يعني أنه لا توجد هناك لا إرادة ولا نوايا اصلاحية وهذا في حقيقة الامر سيكون مكلفاً جداً بالنسبة لدولة كدولتنا التي تتمتع برصيد «يرفع الرأس» بالنسبة لعلاقاتها الدولية.
إن المعروف أن هناك قوىً هي في حقيقة الامر لا تريد لهذه الانتخابات ان تجري لا قبل نهاية هذا العام ولا قبل نهاية العام المقبل فهؤلاء لا تؤهلهم اوضاعهم الداخلية الى الذهاب لخوض معركة يعتبرونها مصيرية وحاسمة وهم أيضاً ينتظرون ما ستستقر عليه الامور في المنطقة وبخاصة مصر ولذلك فإنهم يلجأون الى «الشد العكسي» بالنسبة لهذه المسألة التي تشكل بالنسبة اليهم مسألة اساسية لـ»التكسب» السياسي و»التعيُّش» الاصلاحي.
إنني أقصد هنا الاخوان المسلمين تحديداً ومن يدور في فلكهم من الرموز الحكومية والحزبية في العهود القديمة وبخاصة الذين لم يروا ضرورة الإصلاح وأهميته إلا بعد أن مرَّ عليهم مرور الزمان وفقدوا الأمل بإمكانية العودة الى مواقع كانوا يحتلونها فهؤلاء كلهم يرون أنهم المستفيدون في الحالتين فإنْ لم تجرِ الانتخابات يبادرون الى الإدعاء بأنهم يملكون الـ»فيتو» على كل شيء في هذا البلد وإن هي أُجريت يبادرون الى التكسب السياسي من خلال إحاطتها وإحاطة نتائجها بالشبهات والقول أنها «مزورة» وأنها أجريت وفق قانون يدمِّر اللحمة الاجتماعية ويستهدف فئة معينة من أبناء هذا البلد!!.
ولهذا فإنه يجب وبالضرورة أن تجري هذه الانتخابات قبل نهاية العام الحالي وبالتالي فإنه يجب حسم الامور والثبات على أيٍّ من مشاريع القوانين الانتخابية المتداولة وأسوأها ما أجريت على أساسه انتخابات العام 1989 ومثله وأسوأ منه ما تقدمت به الحكومة السابقة ولا يزال وديعة عند مجلس النواب وأفضلها هو قانون الصوت الواحد مع بعض الرتوش التحسينية التي تجعله أكثر تلاؤماً مع الـ»كوتات» التي يجب أن نتخلص منها بسرعة إذا اردنا أن تكون هناك دولة مدنية «مواطنية» وإذا أردنا أن تكون هناك حياة سياسية فعلية.
إنه من الافضل أن يشارك الاخوان المسلمون في هذه الانتخابات وأن يتخلّوا عن سياسة « الحَردْ» والممارسات الاستعراضية التي دمَّرت سمعتهم وشوهت صورتهم لدى الشعب الاردني بل ويجب أن تُبذل جهود حقيقية وفعلية في هذا الاتجاه لكن إنْ بقوا يتمترسون ويسْتعصون في خنادق «الرفض والممانعة» فإنه لابد من المضي الى الامام بدونهم وذلك لأنه لا يحق لأيٍّ كان أن يفرض رأيه على الاردنيين بغالبيتهم وأن يعطل الحياة السياسية لأنها لا تسير حسب رغبته ثم وأن المعروف أن «إخواننا» هؤلاء قد أُحجموا عن المشاركة في الانتخابات النيابية ،منذ ان بدأت مسيرة العودة الى خيار الديموقراطية، مرتين لكن ومع ذلك فإن السماء لم تنطبق على الارض وإن الحياة السياسية واصلت مسيرتها بغيرهم.(الرأي)