كسر الربيع العربي الجمود الذي حكم العلاقة بين الحكومة الأردنية وحركة المقاومة الإسلامية (حماس ) لسنوات طويلة، الجمود الذي بدء مع قرار الحكومة بإخراج مكاتب الحركة من عمان في العام 1999 وغذاه فيما بعد الانقسام الفلسطيني في العام2007 بعد أن حسم الأردن موقفه رسميا لصالح سلطة الضفة.
اثنا عشر عاما تراوحت فيها العلاقة بين القنوات السرية لضرورات أمنية على غرار ما قام به مدير المخابرات الأسبق محمد الذهبي، أو تواصل ذو أبعاد إنسانية عندما سمحت الحكومة بدخول رئيس المكتب السياسي للحركة خالد مشعل للمشاركة في مراسم دفن والده في العام 2009 البعد الإنساني الذي تكرر مؤخرا بالسماح له بالدخول لزيارة والدته المريضة.
العلاقة أخذت منحا جديد ذو أبعاد سياسية فور تشكيل حكومة رئيس الوزراء عون الخصاونة لتظهر إلى العلن من خلال الاتصالات المعلنة التي أجراها مشعل مع رئيس الحكومة الجديدة والزيارات التي قام بها قيادات في الحركة إلى منزل الخصاونة.
وسط تصريحات من الجانبين عن مفاجأة في العلاقة رشح محللون أن تكون عودة مكاتب الحركة إلى الأردن بشكل كامل أو افتتاح مكاتب لها بعد أن ترددت أنباء عن مساعي حماس للبحث عن مكان إقامة جديد في ظل ما تشهده سوريا من أحداث.
علاقة وان كان الإعلان عنها مفاجئ إلا أن بواكيرها بدأت سابقا في عهد حكومة الدكتور معروف البخيت كما كشف الناطق باسم الحركة طاهر النونو، أي تزامنا مع الأحداث التي شهدتها سوريا في ظل ما بات يعرف بـ”الربيع العربي”.
وعلى وقع الزيارة المنتظرة لخالد مشعل إلى الأردن والتي من المرجح أن يلتقي خلالها الملك عبد الله الثاني، قالت الحكومة على لسان وزير الدولة لشؤون الإعلام والاتصال الناطق الرسمي باسم الحكومة راكان المجالي ” العلاقة بين الأردن وحماس ستأخذ منحى إيجابيا ببعد سياسي”.
الحكومة ليست متسرعه وتريد اتصالا بطابع سلسل ومريح حسب ما قاله المجالي “لعمان نت”، الذي أشار إلى ضرورة تلافي العثرات السابقة في شكل التواصل، كجزء من حالة التغيير في الأردن الهادف إلى نسج علاقات وطيدة مع مختلف الأطراف الفلسطينية.
موقف الحكومة يتقاطع مع ما يذهب إليه الباحث في العلاقات الأردنية الفلسطينية رامي ملحم الذي وجد في التقارب فرصة لتعزيز الدور الأردني الاستراتيجي الذي برز مؤخرا في القضية الفلسطينية، موضحا أن برنامج حماس الفصائلي يتقاطع مع المصالح السياسية العليا للأردن الرافضة للوطن البديل، مما سوف يؤثر بالضرورة على السياسية الأردنية الخارجية.
وتابع ملحم بان دبلوماسية الحركة صنعت عمقا قويا لها مع العديد من الدول ،الأمر الذي سينعكس على رصيد أصدقاء، مدللا على ذلك بقطر كمثال.
محللون ذهبوا إلى تبرير العلاقة برغبة الاردن في كسب رضى شعبي في مواجهة الاحتجاجات التي تشهدها البلاد والتي تشكل الحركة الإسلامية ذات العلاقة الوطيدة مع حماس الرافعة الأساسية للحراك.
ويقول المختص في الشؤون الإسرائيلية غازي السعدي إن التقارب الأردني السريع يذكيه رغبة الأردن بإرضاء الأخوان المسلمين داخليا من جانب، والدول القريبة من حماس وعلى راسها الخليجية من جانب أخرى، مرجحا أن الوساطة الخليجية ستساهم في قبول حركة حماس على الأراضي الأردنية.
وفيما ذهب السعدي إلى التأشير على دور أميركي راغب في تشويه صورة سوريا كدولة حاضنة للمقاومة من خلال إخراج حركة حماس منها، استبعد ملحم أن يكون للوضع السوري اثر على التقارب الأردني مع حماس.
سيناريو عودة الحركة إلى الأردن سيكون محكوما بضوابط وشروط صارمة، حسب السعدي الذي رجح تقيد نشاطات الحركة بما ينسجم والسياسة الأردنية.
حرص الحركة على علاقة بعيدة عن الصدامية عبر عنه الناطق باسمها طاهر النونو بقوله”حماس لا تسعى للتدخل في الشؤون الداخلية للدولة التي تتواجد فيها”.