نساء في تاريخ الإسلام ... مريم بنت عمران
أتى النص القرآني ليضعها في المكانة الأولى لدى المسلمين، لم تكن امرأة أخرى في الإسلام ولا من أمهات المسلمين، ولا أم النبي الكريم آمنة بنت وهب في هذه المكانة، إنها مريم بنت عمران التي نزلت فيها الآية الكريمة ((وَإِذْ قَالَتِ الْمَلاَئِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللّهَ اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفَاكِ عَلَى نِسَاء الْعَالَمِين))، لم تكن هذه الآية مرتبطة بظرف زمني، فهي لم تكن خير نساء العالمين حتى تلك اللحظة، وإنما في كل الأزمنة السابقة والآتية، ذلك ما يقره الحديث الشريف الذي أتى بأكثر من رواية، وفي كل رواياته أتت السيدة مريم في مقدمة النساء التي ذكرهن النبي الكريم، وفي حديث آخر للنبي رواه البخاري ومسلم: « ما من بني آدم مولود إلا يمسه الشيطان حين يولد، فيستهل صارخاً من مس الشيطان، غير مريم وابنها « مصداقا للآية الكريمة ((فَلَمَّا وَضَعَتْهَا قَالَتْ رَبِّ إِنِّى وَضَعْتُهَا أُنثَى وَاللّهُ أَعْلَم بِمَا وَضَعَتْ
وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالأُنثَى وَإِنِّى سَمَّيْتُهَا مَرْيَمَ وِإِنِّى أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ)).
هذه الحالة من القداسة التي لمريم جعلتها تعيش حياة مختلفة، فهي الطفلة التي تنافس عليها كهنة بني اسرائيل وسادتهم، أيهم يكفلها، وكانت في منزل زكريا زوج خالتها، الذي أبقاها في كنفه طويلا، حتى انتقلت إلى كنف يوسف النجار وبقيت منعزلة عن المجتمع اليهودي الصاخب الذي تملؤه الصراعات، فالإمبراطورية الرومانية لم تكن في مزاج عام يتقبل اليهود ولكنها لم تجد المبرر الكامل لإبادتهم، على الأقل كان عداؤهم التاريخي للفرس بعد الأسر البابلي يجعلهم الأقلية المناسبة للبقاء في خط الدفاع عن شرق المتوسط، لم تكن مريم معنية بكثير مما يحدث خارج إطار علاقتها البتولية مع العبادة الدائمة، إلا أن الاصطفاء الإلهي أتى بالمسيح ولدها ليكون العلامة الفارقة ليس في التاريخ اليهودي، وإنما في تاريخ العالم كله، وكانت معجزته المبكرة التي حملت الإدانه للمجتمع اليهودي في فلسطين تلقي بمسؤولية كبرى على أمه، فهي لم تكن الأم فقط، بل السيدة التي وقعت عليها حماية المسيح طيلة حياته، في مصر بعيدا عن المتربصين به، وعند عودتها، وكانت لا تدرك اللحظة التي سيتصدى فيها المسيح لرسالته الكبرى، ولكنها صبرت، وفي الوقت الموعود تسامت الأمومة كقيمة على الأمومة الأنانية التي تحملها أي أم لابنها، إنه الابن الذي أتى ليقول الكلمة، وبين لحظة ميلاده وقيامته، عاشت مريم عذابات وتضحيات لم تقف عندها كتب التاريخ كثيرا، ولكنها بقيت تعبر عن الحزن الإنساني عبر عصوره، لتكون المثال في التضحية الذي تقف دونه جميع التضحيات الآخرى متواضعة وهزيلة، إن التدين في حد ذاته تضحية، بالدنيا لأجل الآخرة، وكانت مريم هي التضحية في امرأة.
أتى النص القرآني ليضعها في المكانة الأولى لدى المسلمين، لم تكن امرأة أخرى في الإسلام ولا من أمهات المسلمين، ولا أم النبي الكريم آمنة بنت وهب في هذه المكانة، إنها مريم بنت عمران التي نزلت فيها الآية الكريمة ((وَإِذْ قَالَتِ الْمَلاَئِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللّهَ اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفَاكِ عَلَى نِسَاء الْعَالَمِين))، لم تكن هذه الآية مرتبطة بظرف زمني، فهي لم تكن خير نساء العالمين حتى تلك اللحظة، وإنما في كل الأزمنة السابقة والآتية، ذلك ما يقره الحديث الشريف الذي أتى بأكثر من رواية، وفي كل رواياته أتت السيدة مريم في مقدمة النساء التي ذكرهن النبي الكريم، وفي حديث آخر للنبي رواه البخاري ومسلم: « ما من بني آدم مولود إلا يمسه الشيطان حين يولد، فيستهل صارخاً من مس الشيطان، غير مريم وابنها « مصداقا للآية الكريمة ((فَلَمَّا وَضَعَتْهَا قَالَتْ رَبِّ إِنِّى وَضَعْتُهَا أُنثَى وَاللّهُ أَعْلَم بِمَا وَضَعَتْ
وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالأُنثَى وَإِنِّى سَمَّيْتُهَا مَرْيَمَ وِإِنِّى أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ)).
هذه الحالة من القداسة التي لمريم جعلتها تعيش حياة مختلفة، فهي الطفلة التي تنافس عليها كهنة بني اسرائيل وسادتهم، أيهم يكفلها، وكانت في منزل زكريا زوج خالتها، الذي أبقاها في كنفه طويلا، حتى انتقلت إلى كنف يوسف النجار وبقيت منعزلة عن المجتمع اليهودي الصاخب الذي تملؤه الصراعات، فالإمبراطورية الرومانية لم تكن في مزاج عام يتقبل اليهود ولكنها لم تجد المبرر الكامل لإبادتهم، على الأقل كان عداؤهم التاريخي للفرس بعد الأسر البابلي يجعلهم الأقلية المناسبة للبقاء في خط الدفاع عن شرق المتوسط، لم تكن مريم معنية بكثير مما يحدث خارج إطار علاقتها البتولية مع العبادة الدائمة، إلا أن الاصطفاء الإلهي أتى بالمسيح ولدها ليكون العلامة الفارقة ليس في التاريخ اليهودي، وإنما في تاريخ العالم كله، وكانت معجزته المبكرة التي حملت الإدانه للمجتمع اليهودي في فلسطين تلقي بمسؤولية كبرى على أمه، فهي لم تكن الأم فقط، بل السيدة التي وقعت عليها حماية المسيح طيلة حياته، في مصر بعيدا عن المتربصين به، وعند عودتها، وكانت لا تدرك اللحظة التي سيتصدى فيها المسيح لرسالته الكبرى، ولكنها صبرت، وفي الوقت الموعود تسامت الأمومة كقيمة على الأمومة الأنانية التي تحملها أي أم لابنها، إنه الابن الذي أتى ليقول الكلمة، وبين لحظة ميلاده وقيامته، عاشت مريم عذابات وتضحيات لم تقف عندها كتب التاريخ كثيرا، ولكنها بقيت تعبر عن الحزن الإنساني عبر عصوره، لتكون المثال في التضحية الذي تقف دونه جميع التضحيات الآخرى متواضعة وهزيلة، إن التدين في حد ذاته تضحية، بالدنيا لأجل الآخرة، وكانت مريم هي التضحية في امرأة.