المشاركة الأصلية كتبت بواسطة: ضياء الاسلام;1708261 قال الله تعالى﴿ و قرن في بيوتكن و لا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى و أقمن الصلاة و ءاتين الزكاة و أطعن الله و رسوله إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت و يطهركم تطهيرا
تفسير سورة الاحزاب الآية 33
(مجمع البيان)[/FONT]
وَ قَرْنَ فى بُيُوتِكُنَّ وَ لا تَبرَّجْنَ تَبرُّجَ الْجَهِلِيَّةِ الأُولى وَ أَقِمْنَ الصلَوةَ وَ ءَاتِينَ الزَّكوةَ وَ أَطِعْنَ اللَّهَ وَ رَسولَهُ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِب عَنكمُ الرِّجْس أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطهِّرَكمْ تَطهِيراً(33)
« و قرن في بيوتكن » أمرهن بالاستقرار في بيوتهن و المعنى اثبتن في منازلكن و الزمنها و إن كان من وقر يقر فمعناه كن أهل وقار و سكينة « و لا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى » أي لا تخرجن على عادة النساء اللاتي في الجاهلية و لا تظهرن زينتكن كما كن يظهرن ذلك و قيل التبرج التبختر و التكبر في المشي عن قتادة و مجاهد و قيل هو أن تلقي الخمار على رأسها و لا تشده فتواري قلائدها و قرطيها فيبدو ذلك منها عن مقاتل و المراد بالجاهلية الأولى ما كان قبل الإسلام عن قتادة و قيل ما كان بين آدم (عليه السلام) و نوح (عليه السلام) ثمان مائة سنة عن الحكم و قيل ما بين عيسى و محمد عن الشعبي قال و هذا لا يقتضي أن يكون بعدها جاهلية في الإسلام لأن الأول اسم للسابق تأخر عنه غيره أو لم يتأخر و قيل أن معنى « تبرج الجاهلية الأولى » أنهم كانوا يجوزون أن تجمع امرأة واحدة زوجا و خلا فتجعل لزوجها نصفها الأسفل و لخلها نصفها الأعلى يقبلها و يعانقها ثم قال « و أقمن الصلاة » أي أدينها في أوقاتها بشرائطها « و آتين الزكاة » المفروضة في أموالكن « و أطعن الله و رسوله » فيما يأمرانكن به و ينهانكن عنه ثم قال عز و جل « إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت و يطهركم تطهيرا » قال ابن عباس الرجس عمل الشيطان و ما ليس لله فيه رضى و البيت التعريف فيه للعهد و المراد به بيت النبوة و الرسالة و العرب تسمي ما يلتجأ إليه بيتا و لهذا سموا الأنساب بيوتا و قالوا بيوتات العرب يريدون النسب قال :
ألا يا بيت بالعلياء بيت
و لو لا حب أهلك ما أتيت
ألا يا بيت أهلك أوعدوني
كأني كل ذنبهم جنيت يريد بيت النسب و بيت النبوة و الرسالة كبيت النسب قال الفرزدق :
بيت زرارة محتب بفنائه
و مجاشع و أبو الفوارس نهشل
لا يحتبي بفناء بيتك مثلهم
أبدا إذا عد الأكمل
و قيل البيت بيت الحرام و أهله هم المتقون على الإطلاق لقوله إن أولياؤه إلا المتقون و قيل البيت مسجد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) و أهله من مكنه رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) فيه و لم يخرجه و لم يسد بابه و قد اتفقت الأمة بأجمعها على أن المراد بأهل البيت في الآية أهل بيت نبينا (صلى الله عليه وآله وسلّم) ثم اختلفوا فقال عكرمة أراد أزواج النبي لأن أول الآية متوجه إليهن و قال أبو سعيد الخدري و أنس بن مالك و واثلة بن الأسقع و عائشة و أم سلمة أن الآية مختصة برسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) و علي و فاطمة و الحسن و الحسين (عليهماالسلام) ذكر أبو حمزة الثمالي في تفسيره حدثني شهر بن حوشب عن أم سلمة قالت جاءت فاطمة (عليهاالسلام) إلى النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) تحمل حريرة لها فقال ادعي زوجك و ابنيك فجاءت بهم فطعموا ثم ألقى عليهم كساء له خيبريا فقال اللهم هؤلاء أهل بيتي و عترتي فأذهب عنهم الرجس و طهرهم تطهيرا فقلت يا رسول الله و أنا معهم قال أنت إلى خير و روى الثعلبي في تفسيره أيضا بالإسناد عن أم سلمة أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) كان في بيتها فأتته فاطمة (عليهاالسلام) ببرمة فيها حريرة فقال لها ادعي زوجك و ابنيك فذكرت الحديث نحو ذلك ثم قالت فأنزل الله تعالى « إنما يريد الله » الآية قالت فأخذ فضل الكساء فغشاهم به ثم أخرج يده فألوى يده بها إلى السماء ثم قال اللهم هؤلاء أهل بيتي و حامتي فأذهب عنهم الرجس و طهرهم تطهيرا فأدخلت رأسي البيت و قلت و أنا معكم يا رسول الله قال إنك إلى خير أنك إلى خير و بإسناده قال مجمع دخلت مع أمي على عائشة فسألتها أمي أ رأيت خروجك يوم الجمل قالت أنه كان قدرا من الله فسألتها عن علي (عليه السلام) فقالت تسأليني عن أحب الناس كان إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) و زوج أحب الناس كان إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) لقد رأيت عليا و فاطمة و حسنا و حسينا (عليهماالسلام) و جمع رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) بثوب عليهم ثم قال اللهم هؤلاء أهل بيتي و حامتي فأذهب عنهم الرجس و طهرهم تطهيرا قالت فقلت يا رسول الله أنا من أهلك قال تنحي فإنك إلي خير و بإسناده عن أبي سعيد الخدري عن النبي (صلى الله عليهوآلهوسلّم) قال نزلت هذه الآية في خمسة في و في علي و حسن و حسين و فاطمة (عليهماالسلام) و أخبرنا السيد أبو الحمد قال حدثنا الحاكم أبو القاسم الحسكاني قال حدثونا عن أبي
بكر السبيعي قال حدثنا أبو عروة الحراني قال حدثنا ابن مصغي قال حدثنا عبد الرحيم بن واقد عن أيوب بن سيار عن محمد بن المنكدر عن جابر قال نزلت هذه الآية على النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) و ليست في البيت إلا فاطمة و الحسن و الحسين (عليهماالسلام) و علي (عليه السلام) « إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت » فقال النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) اللهم هؤلاء أهلي و حدثنا السيد أبو الحمد قال حدثنا الحاكم أبو القاسم بإسناده عن زاذان عن الحسن بن علي (عليهماالسلام) قال لما نزلت آية التطهير جمعنا رسول الله (صلى الله عليهوآلهوسلّم) و إياه في كساء لأم سلمة خيبري ثم قال اللهم هؤلاء أهل بيتي و عترتي و الروايات في هذا كثيرة من طريق العامة و الخاصة لو قصدنا إلى إيرادها لطال الكتاب و فيما أوردناه كفاية و استدلت الشيعة على اختصاص الآية بهؤلاء الخمسة (عليهم السلام) بأن قالوا إن لفظة إنما محققة لما أثبت بعدها ، نافية لما لم يثبت فإن قول القائل إنما لك عندي درهم و إنما في الدار زيد يقتضي أنه ليس عنده سوى الدرهم و ليس في الدار سوى زيد و إذا تقرر هذا فلا تخلو الإرادة في الآية أن تكون هي الإرادة المحضة أو الإرادة التي يتبعها التطهير و إذهاب الرجس و لا يجوز الوجه الأول لأن الله تعالى قد أراد من كل مكلف هذه الإرادة المطلقة فلا اختصاص لها بأهل البيت دون سائر الخلق و لأن هذا القول يقتضي المدح و التعظيم لهم بغير شك و شبهة و لا مدح في الإرادة المجردة فثبت الوجه الثاني و في ثبوته ثبوت عصمة المعنيين بالآية من جميع القبائح و قد علمنا أن من عدا من ذكرناه من أهل البيت غير مقطوع على عصمته فثبت أن الآية مختصة بهم لبطلان تعلقها بغيرهم و متى قيل أن صدر الآية و ما بعدها في الأزواج فالقول فيه أن هذا لا ينكره من عرف عادة الفصحاء في كلامهم فإنهم يذهبون من خطاب إلى غيره و يعودون إليه و القرآن من ذلك مملوء و كذلك كلام العرب و أشعارهم ثم عاد سبحانه إلى ذكر الأزواج .
[FONT=Tahoma]