أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم في JO1R FORUM | منتديات شباب و صبايا الأردن، لكي تتمكن من المشاركة ومشاهدة جميع أقسام المنتدى وكافة الميزات ، يجب عليك إنشاء حساب جديد بالتسجيل بالضغط هنا أو تسجيل الدخول اضغط هنا إذا كنت عضواً .

بعضُ ما خبأتهُ الرياض .. | الصفحة 6

والله يا نيالك عندك حيل قوي:30:


اضافة رد جديد اضافة موضوع جديد

الصفحة 2 من 10 < 1 6 7 10 > الأخيرة


look/images/icons/i1.gif بعضُ ما خبأتهُ الرياض ..
  25-05-2011 07:54 مساءً   [51]
معلومات الكاتب ▼
تاريخ الإنضمام : 14-02-2009
رقم العضوية : 25,340
المشاركات : 7,730
الجنس :
قوة السمعة : 1,238,127,908
والله يا نيالك عندك حيل قوي:30:
توقيع :Azar
من جيت عالدنيا واول مزاياي باجمل اسامي الخلق سموني llll
.
.
.اللهم صلي على سيدنا محمد وعلى اله واصحابه اجمعيين

look/images/icons/i1.gif بعضُ ما خبأتهُ الرياض ..
  28-05-2011 11:42 مساءً   [52]
معلومات الكاتب ▼
تاريخ الإنضمام : 05-08-2008
رقم العضوية : 12,196
المشاركات : 2,877
الجنس :
قوة السمعة : 859,003,115

28

ها أنا في الشقة وحدي ، أرتمي بلامبالاة على الأرض وأرنو للسقف في فتور ..
.. وأعيد في رأسي حديث هيفاء !

أشعل سيجارةً بعد أخرى .. باعثاً مع أنفاسي البنفسجيّة أفكاري ، فـ يتصاعد الدخان لأعلى راسماً وجه ساره ..
كنت في طريقي لمنزلنا ، لكن حديث هيفاء غيّر وجهتي ، أردتُ الإختلاء بنفسي هنا في هذه الشقة المهجورة إلا كل مساء ..
ثلاث ساعات لم أتحرك .. لم أغير حتى وضعيتي ، هكذا ، تمددتُ على الأرض وبدأتُ أستوعب ما قيل ..
أراجع كل كلمة وكل حرفٍ سمعت .


كنتُ أحتاج خبراً يأتي كنهارٍ ينقذني من ظلمتي .. يخبرني أن سارة تعيش معي هذه الحياة ولم تمت ..
خبراً يبتّ في أمر وساوسي التي تعصف بي كل ليل !
كان غيابها الطويل قد بدأ يصيّرها في تفكيري ميتة .. أيقنني بموتها و هذا أشد ما كان يحزنني .. كنتُ أرثي من لستُ على علمٍ بحقيقة موته !
طوال الشهرين المنصرمين ، وحين أفكر فيها ، كان قلبي يهجسُ بموتها ، ينقبض ، شيءٌ ما يخبرني أنها ماعادت حيّة ..
وأسوأ مافي الفقد ليس الفقد ذاته ، بل إجباره لك أن تنحدر في التفكير ونبش كل احتمالات الغياب .. كل شيءٍ مرجّح ! هكذا يخبرنا الغياب المفاجيء ،
لهذا .. كنتُ ضائعاً شهرين ، ميّتاً أمضي في زحمة الأحياء .. ولست منهم !

أما الآن .. في هذه اللحظة الآنيّة التي أتمدد فيها على أرضية الشقة .. الأمر اختلف !
بعد أن هاتفتني هيفاء .. شعرتُ أن الروح تسري فيني من جديد ، وبدأتُ أستعيد وعيي وأدرك ماحولي ، كرجلٍ أفاق من غيبوبة !
طالما سارة تتنفس هذا الأكسجين الذي أتنفسه ، وتشرق عليها الشمس التي تشرق علي ، ويغطيها الليل الذي يغطيني فأنا على الأقل .. حيّ !


جاء صوت صديقتها في طريق الخرج مثقلاً بالعتب ، وجاءها صوتي مثقلاً بالتعب !
كانت غاضبةً مني .. لستُ غبياً لتفوتَ علي اللهجة العدائية .. لكني لم أبالي بذلك ..
لم أهتم لنبرتها الحانقة ، آخر شيءٍ أفكر فيه هذا التعنيف الذي بدأتْ تسوقه ، كأنما كانت تتصل بي مكرهةً ليس إلا ..
شعرتُ في نبرتها بغضاً لي .. واحتقاراً لم آبه له ، حين أخبرتُها بأنني أنا فيصل من أنتِ ؟ ضحكت بإزدراء !


- هه انت فيصل .. اللي . . اللي ضيعت سارة !

وهتفتُ بسرعة :

- سارة بخير ؟!

- ماشاء الله يهمك يعني تكون بخير .. ما كأنك ..

- سارة حية ؟! تكفين لا تقولين ماتت ! سارة حية !
- حيّة أو ميّتة وش الفرق بالنسـ

- يا شينه انثبري .. قولي عايشة ولا لا !
...أغلقت الهاتف في وجهي !

كنتُ خرجت عن السيطرة على أعصابي، وأنفاسي تتلاحق كراكض ، أعرفُ أن خلف هذه المكالمة أخبارٌ أترقبها..
أوقفت سيارتي جانباً لأني لم أعد أستطيع القيادة ..
كل السيارات كل الطرقات كانت ترتسم في عيني كحرف " س " ، .. ركنتُ جانباً وبحثتُ عن رقمها في سجل مكالماتي المستلمة ..
بعد إعادة الاتصال ثلاث مراتٍ متوالية كإزعاج طفل ... أجابتني أخيراً .


- نعم خير !
- آسف ، انا منتهي ، أقسم بالله وضعي غير طبيعي شهرين .. تكفين قدّري
- رجاءً مرة ثانية انتقي ألفاظ أرقى مـ..
- طيب ! بس قولي سارة بخير، قولي ثم أنصحيني للصبح ..

كنتُ على وشك البكاء ..
وبدأ الأمر يتضح ..

" سارة بخير " .. جاءت هذه العبارة كنشيدٍ عذب .. ضربت مقود سيارتي منتشياً رغم جهلي بكافة التفاصيل اللاحقة ..
مازلتُ غريقاً لكنها على الأقل جرعة نفس !
أن تكون موجودةً معي في هذا الكون هذا ينفي عني صفة اليُتم الذي عشته شهرين !

" سارة بالرياض يافيصل " .. وهذه الجملة ماكانت إلا غناءً ، لم تكن مجرد خبر ، أردتُ أن أنزل من سيارتي وأصرخ في المارة ساااااارة بخير !
هذا يجعلني أدخل الرياض الآن كما لم أدخلها منذ شهرين ،
كنت أدخلها كمدينةٍ للأموات .. الأشباح .. كلما فيها يدب رعباً ، الآن عرفتُ أن فيها بعض حياة ..



أمنياتي مع سارة في هذه الأشهر كانت تتأرجحُ صعوداً ونزولا .. في البدء ، كنتُ أتمناها مجرد صديقة .. ليس أكثر ،
تأخذ أخباري وآخذ أخبارها ، نتشارك تفاصيل أيامنا كصداقةٍ مختلفة الجنس وغير معتادةٍ في بلدي ..
لكن صعد مؤشر الأمنيات فجأة ،
فأصبحت أتمناها حبيبةً أراها وتراني كعاشقين أوربيين نسكنُ عاصمة الصمت ..
سقفُ أمنياتي لم يتوقف هنا ، تصاعد عالياً يوم ضمتنا غرفةٌ واحدة قبل شهرين ،
حين كنتُ أخفي حقيقتي حتى عن نفسي وأقول " جلبتها هنا للحديث ليس إلا "!
والآن ..
الآن انظري ياسارة كيف هَوَت أمنياتي للدرك الخفيض ، مجرد أن تكوني بخير رغم البعد والفراق ،
أن تكوني على قيد الحياة .. هذه باتت غاية أحلامي .. أين كنا ، كيف صرنا !
"ماني على خبرك حبيبي تراني .. حتى عن صغار الأماني تنازلت .."

وبدأ الظلام الكثيف ينقشع رويداً .. جاء النور بعد شهرين .. متأخراً خيرٌ من أن لا يأتي ..

هاتفوا والدها في ليلة القبض على الحب !
كانت أكثر حظاً مني ، خرجتْ في ذات الليلة، لم تبت مثلي ثلاثة أيامٍ حسوما !
لكنها أسوأ مني حظاً فيما تبقى من أمور ..
لأول مرةٍ كان والدها يضربها منذ زفها القدر إليه قبل 23 عاماً !
كانت تتحدث لهيفاء وهيفاء تنقل لي ، حتى أشقائها عاملوها كقطعةٍ نجِسة ، تجافوا عنها مبغضين ..
حُرمت من حريتها من سائقها من أجهزتها حتى من غرفتها المستقلة ،
باتت تنام وتصحو في غرفةٍ تقابل غرفة والديها ، غرفةٌ تخلو من مفتاح .. يتعاهدونها بالزيارة كل ليل كـ سجينة !


أشعل سيجارتي الـ لا أعرف رقم كم .. أشعلها في سماء الشقة وأفكر ، كيف تفكيري أخذني بعيداً ..
كنتُ قد أصبحتُ جازماً في اعتقادي أن أهلها لا يبالون بشيء .. ليسوا مثلنا بتاتاً ..
عندما أراها تخرج وتدخل للبيت بحريةٍ لا تجدها النساء في مجتمعي ، بدأتُ أرى أهلها مجرد عائلةٍ غربيةٍ لا تهتم لأمر فتياتها !
حتى عندما قبضوا علينا .. كان في أعماقي رغم خوفي ، صوتٌ خفيٌ يهتف باستحياء أن أهلها لن يقفوا كثيراً عند هذا الأمر ،
"الأثرياء والغير منتميين، هؤلاء يتخطون الأمر سريعاً ليسوا مثلنا! " هكذا كنتُ أعزي نفسي .. يا للتفكير الرديء ..
كأنما باتت الغيرة وسورة الغضب والخوف على الأعراض أمرٌ يحدده آخر الإسم في البطاقة .. يخص أناساً دون سواهم ! هه
ابتسمتُ لأول مرة وأنا أنفث دخاني .. يا لظنوني الحمقاء ياسارة !


في الرياض ، كل فئةٍ من البشر ، كل الأسر التي تشكل نسيجاً وحيداً ، لا بد أن تحمل صفةً تلازمها وخصوصيّاتٍ لا ندري من أخبرنا بها .. لكننا نؤمن فيها جيداً !
الفلانيون : ابتعد عنهم ، لصوصٌ مهما أحبوك ، إن واتتهم الفرصة لسِرقتك لن يتوانوا عن فعلها !
الفلانيون : بخلاء ، لا يكرمون الضيوف ويخلون من الشهامة!
الفلانيون : لا يبالون بمحارمهم ، يفتقدون للغيرة ، لا يهتمون لأمر نسائهم !
الفلانيون : لا تصادق أحداً منهم لا تسافر معه لا تتحدث إليه بأسرارك " قليلين خاتمة " !
وهكذا .. نروح في دفاتر تعميماتنا نهب التعريفات بين قدح ومدح .
تجمعنا الرياض وتفرقنا الأسماء ، نتوارث هذه التعميمات كابراً عن كابر ..
وإن ادعينا الثقافة والوعي تفضحنا لحظة الغضب لينطلق السباب بكل هذا وأكثر !
لا نؤمن بالفرد ونتاج ادائه الخاص ، لكنا نؤمن بجماعته وعبارة التعميم الخاصة بها ونحاكمه بناءاً عليها ..
فيكتور هوجو يقول " كل عبارات التعميم خاطئة بما فيها عبارتي هذه " ..
لكن هوجو لو جاء إلينا لما توانينا عن محضه وجماعته تعميماً يليق به ونعتنقه كحقيقة ..


وما أنا إلا ابن بيئتي ومدينتي .. لهذا كان وقع الخبر عليّ فاتكاً ..
أحقاً والد سارة غضب للأمر كما نغضب ( نحن ) !! أحقاً ضربها كما كنا سنفعل لو صار الأمر في بيوتنا !
أليس ثرياً .. لا يهتم إلا لأعماله وعقاراته وأملاكه ، أليس يخلو اسمه من ( لقبٍ رنّان ) ! كيف صار مثلنا ( غيوراً ) ..
ألم يعطِ بناته كافة الحرية للدخول والخروج ، إذن ماالذي أغضبه ..
كنتُ أبتسم أخرى وأنا أردد هذا السؤال الذاتيّ، فسرتُ أمر حريّتهم الجزئية بعيداً بعيداً .. كما نفسر كل شيء بطريقةٍ خاطئة !

في الرياض .. أن تتحدث الفتاة بصوتٍ واثق في المستشفى في السوق ..
هذا يجعلها في نظرنا نحن البسطاء مجرد أنثى اعتادت محادثة الرجال !
أن نرى فتاةً ساهمةُ تتأمل البحر في المدن الساحلية ،
هذا يترك لنا إيحاءً غير لطيفاً ، إنها تريد منا المبادرة لعرض أنفسنا عليها ..
أن تمشي إحداهنّ بحسن نية ، فقط تمارس رياضة الجري ،
هذا يجعلها بالنسبة لنا صيداً ثميناً لأنها لا تستحي، يا لتفسيراتنا يا بلدي ..
أمثالنا البسطاء يجب أن ينفوا من الدنيا ، نحن أعداء الوعي ومصدر التلوث للحضارة .. قلتها لنفسي وللمرة الثالثة ابتسمت نافثاً دخاني ..
نفثتُه كما لو كنتُ أسدل الستار على كل هذه التعميمات الحمقاء .. وهذه الظنون السوداء .. وشعرت أني مدينٌ للإعتذار لسارة ..
كان سماعي لخبر ضربها من والدها قاصماً لي ولكل تعميمٍ آمنتُ به يوماً .. ولكل تفسيرٍ أحمق فسرته يوماً!


حتى شقيقها تركي ، الشاب الذي رأيته في الصيدلية قبل ثلاثة أشهر ، شقيقها الذي قالت إنه صديقٌ لها قبل أن يكون أخ ..
حتى هو أعلن مقاطعتها وتبرأ منها للأبد ..
أخبرتني هيفاء أنه بكى حين سمع الخبر .. ضربها وهو يبكي ، كان يضربها وينوح .. ثم تجافى عنها ولم يحدثها حتى اليوم !
أي مصيبةٍ أدخلتُ فيها تلك العائلة المسكينة ..
نعم ، لم يضربوا سارة في مركز الهيئة ، لكنهم تركوا الضرب لأهلها كما تركوا لسُمعتها الذبول كطرف شمعة ..
وذكرتُ وجه سارة و جسمها اللدن الغض وهو يتلقى الضرب .. وكرهتُ نفسي .. وعادت صرختها باسمي ترن في سمعي ..
وتخيلتها تصرخ في منزلها بين والدٍ مهتاج وشقيقٍ غاضب.. وشعرتُ بملوحةٍ تنسل في ريقي وعرفتُ أني رحتُ أبكي !



- كيف حصلتِ على رقم هاتفي ؟
- من سارة ، كنت عندها بالأمس ، بالكاد اختلينا دقيقتين حتى أعطتني رقمك وحملتني إليك رسالة ..
- ما هي ؟!
- أربع جمل : " عش حياتك فيصل ، الله يوفقك ، لا أستطيع العودة إليك أبداً ، سأبقى أحبك "


أربع جملٍ أعدتها في ذاكرتي منذ سمعتها .. منذ وصلت الشقة ورميت نفسي على الأرض وهي كالصدى تهطلُ في عقلي كل مرة ..
بلغ بي جنوني أن كتبتها في نص رسالةٍ في هاتفي وبدأت أقرأها ..أفتش حروفها جيداً .. أتأملها علني أكتشف فيها خبيئة .. أقرأها بصوتٍ عال وتارةً بيني وبين نفسي ..
أعدتُ قراءتها حتى أيقنتُ أن السطور و مابين السطور لا يوجد ثمة شيء.. إلا النهاية
و أن الأمر بات مستحيلاً .. وأننا حقاً افترقنا !


حين سألتُها عن حزن صديقتها يوم التقتني ..لماذا ؟! لماذا كانت نحيلةً شاحبة الملامح
قالت بأنها دفنت عنك خبراً لم ترد أن ينغصك ..
كانت تعيشُ جحيماً في أسرتها لمدة اسبوعين حتى وافقت !
-" وافقت على ماذا " ..
قالت لي وكأنها تطعنني بخنجرٍ مسموم : وافقت على الزواج بمنصور ، ابن صديق والدها !

آه ياسارة ، حين التقينا في تلك العمارة اللعينة قبل شهرين ، كان منظر عينيك يشي بأنكِ ترزحين تحت آلامٍ جسام ،
وكابرتِ حين قلتِ لي " دعنا من هذا الحديث، أحقاً نحن لوحدنا يافيصل " !
تباً لمنصور .. وتباً لوالده .. والأثرياء جميعاً .. وتباً لقبيلتي .. لو كنتُ خالياً منها لما سبقني إليكِ أحد !
وعاد الملح يتغزر في ريقي .. وأردتُ أن أهرب عن عقلي بإتجاه الشُرب لكن شعرتُ أني ثقيلٌ عن الحركة ..
كأنما تقيدني أغلالٌ إلى الأرض التي أرقد فوقها ..


- عرفتُ منها يافيصل أنها رضخت لوالدها وأعلنت موافقتها قبل لقائك بليلتين !

هه ، كان واضحاً لي بأن في صوتها نبرة تحدي حين قالت " أريد أن أراك ، خذني لأي مكان، أي مكان " !

- .. أخبرتني أنها كانت تشعر بخيانتها لك ، لهذا أرادت لقاءك .. رضت بالخروج معك لهذا المكان المعزول !

هه ، وأنا الذي كنت أقول لنفسي " سأجلبها للحديث " ، يا لغبائي ، بينما خرجَتْ معي منهارةً كأنما أرادت تعويضي ، أي ثمنٍ كنتِ ستدفعينه يا سمرايَ المتهورة !
ماأرخص الأثمان في زمن الحب .. لا ياسارة ، لم أكن لأعوي وأنحدر من آدميتي لأكون ذئباً كاسراً ، حتى وإن بتّ طاوياً، حتى وإن قدمتِ لي نفسك على طبق!


- هيفاء ، ماذا حدث في هذه الشهرين ، هل تم الأمر الآن رسمياً !

- تقصد منصور ؟! لا لم يعودوا .. كان الأمر مشروع خطبة ، لكنهم لم يعودوا ليتمموا الأمر " قلعتهم هم الخسرانين " !

كانت مستاءةً لصديقتها ، جملتها الأخيرة تخفي كثيراً ..
جعلتني أردد في نفسي حديثاً قلته ذات يومٍ لصديقي فهد : الرياض مدينةٌ كبرى ، لكنها عند الفضائح .. تصغرُ لتصبح حجرة !

ها هي أصوات المآذن تنادي لصلاة المغرب ، أصواتٌ ما عدت ألبيها ..
مسحتُ دموعي و قطعت حبل بكائي ، وخرجت من الشقة قبل وصول الأصدقاء .. آخر ما ينقصني هذا اليوم وجود رِفقة !
ثلاث ساعاتٍ من الاجتماع بقلبي ..ثلاث ساعاتٍ من السباحة في أفكاري حد الغرق ، ختمتُها برسالةٍ لهيفاء :

" قولي لها ، لن أعيش إلا بك ، وسأنتظرك العمر كله " !


* * *




منذ أن صرت معلماً ووالدي يتغير تجاهي تماماً ، أصبح ينظر لي بعين الإحترام والإجلال ، وحدي من حقق طموحاته بأن أكون معلماً !
مسكينٌ والدي .. وقف أمام المدارس بواباً وحارساً ومراسلاً حتى بات يعشق التعليم والمعلمين ، وحدي من حقق له هذا الحلم ..
صار اسمي " الأستاذ فيصل " ، و لي قدسيتي بين أشقائي ، وحين يسألني عن ذبولي وشحوبي أتعذر له بمسافة الطريق التي أقطعها كل يوم ..
وبدا أن عذري يُفلح ..


حتى سهراتي في الشقة ، لم تعد تزعج والدي كما كنت طالباً . . أصبحتُ أسهر وأخرج في حريةٍ تامة ..
صرتُ في عين والدي رجلاً يستحق التقدير .. كلماتُ الزجر والتعنيف اختفت من لسانه ، محضني احتراماً لم يمنحهُ لي من قبل ..
حين يراني يبتسم ، كأنما لا يشاهدني ، بل يشاهد حلمه متجسداً أمامه ، فينظر لي مزهواً ..
و لو عرف مأساتي .. لو أطلَ جيداً في عيني ، لو تعمق في خفائي، لعرف أني حطام رجل !


خمسة أيام من التفكير الطويل ..
خمسة أيامٍ من العزلـة ..
خمسة أيامٍ من الموت حياً ..
خمسة أيام بعد هيفاء !


نزلتُ من غرفتي حاث الخطى تجاه أبي وأمي ، كانوا يشربون قهوتهم المسائية وحدهم في الفناء ،
وكان البيت هادئاً إلا من أصوات الأطفال الذين يلعبون الكرة في الشارع أمام باب منزلنا ..
كان مجرد تفكيري في الأمر مجدداً يجعلني أحجم عن القول .. لهذا هرعتُ سريعاً للنطق :


- أريد أن أتزوج !

كانت هذه الجملة كافيةً ليرقص كل شيءٍ في الفناء بِشراً في عينيهما ..


- شقيقة صديقي ، تـركي !


ولا أدري أشعرتُ بابتسامةٍ في داخلي أو مرارة ، أظن أنني شعرتُ بالأمرين تباعاً !

تهليلاتُ أمي وسعادتها الغامرة يقطعها سؤال والدي السعيد ..

- من يقال لهم !

- آل فلان !

- وش يرجعون وانا ابوك ..

- من الرياض !

- وش يرجعون !

- أجواد من الرياض !

- قبيلتهم ؟!

.. يا للسؤال الذي فكرتُ في إجابته أياماً خمسة ، ضاع جوابي الذي حفظتهُ جيداً قبل نزولي ..
لم أتردد ، وبوجه رجلٍ صارم أطلقتُ قنبلةً دوّت في الفناء:

- لا ينتمون لقبيلة .. لكني أريد القرب منهم ...





لن أنسى ما حييت ..
.. نظرة والدي لي، لن أنساها ماحييت !


كل شيءٍ في الفناء بات قاتماً ..
ما حييت .. لن أنسى نظرتهُ تلك !

وضع عينه في عينيّ صامتاً نصف دقيقة ..
ثلاثون ثانيةٍ شعرتُ أن المكان من حولي بات جامداً بكل مافيه .. حتى سيقان الأطفال اللاعبين أمام بيتنا والذين انقطعت أصواتهم بغتة!
لم يقل لي شيئاً .. فقط ، وضع فنجاله على الأرض، أسدل شماغه على كتفه وخرج ..
خرجَ مطرقاً كما لو شاهد حلمهُ يتهاوى أمامه !
وصعدتُ لغرفتي واجماً ..
وأنا أدرك أن باب المتاعب يُفتح لي على مصراعيه منذ اللحظة ..!



يتبع ..


look/images/icons/i1.gif بعضُ ما خبأتهُ الرياض ..
  29-05-2011 06:01 مساءً   [53]
معلومات الكاتب ▼
تاريخ الإنضمام : 24-07-2010
رقم العضوية : 42,215
المشاركات : 9,623
الجنس :
قوة السمعة : 2,147,483,647
شكلها القصة كل ما فيها بتتعقد اكتر واكتر .....


يعطيك الف عافية هاشم ....

look/images/icons/i1.gif بعضُ ما خبأتهُ الرياض ..
  29-05-2011 06:12 مساءً   [54]
معلومات الكاتب ▼
تاريخ الإنضمام : 05-08-2008
رقم العضوية : 12,196
المشاركات : 2,877
الجنس :
قوة السمعة : 859,003,115
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة: الهدى;1645728 شكلها القصة كل ما فيها بتتعقد اكتر واكتر .....


يعطيك الف عافية هاشم ....
الله يعافيكي
اليوم لعيونك جزئين مع بعض
اقرائهم وانزلهم


بس نزلي الجزء التاسع :7zol:

look/images/icons/i1.gif بعضُ ما خبأتهُ الرياض ..
  29-05-2011 08:28 مساءً   [55]
معلومات الكاتب ▼
تاريخ الإنضمام : 20-03-2009
رقم العضوية : 29,655
المشاركات : 2,449
الجنس :
قوة السمعة : 2,147,483,647
اممم رواية بعض ماخبأته الرياض ..

هذي الرواية كنت متابعها مباشرة مع كاتبها الأخ العزيز فيصل غنام ..

ماشاء الله عليها إنتشرت وبقوة في المنتديات ..

أهنيك على إختيارك الرآقي أخ هاشم ..
توقيع :قائل الأساطير
سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم

look/images/icons/i1.gif بعضُ ما خبأتهُ الرياض ..
  29-05-2011 08:50 مساءً   [56]
معلومات الكاتب ▼
تاريخ الإنضمام : 05-08-2008
رقم العضوية : 12,196
المشاركات : 2,877
الجنس :
قوة السمعة : 859,003,115
فعلا اخي رواية محبوكة صح

الأخ فيصل غنام مبدع يفوق الوصف

look/images/icons/i1.gif بعضُ ما خبأتهُ الرياض ..
  29-05-2011 10:15 مساءً   [57]
معلومات الكاتب ▼
تاريخ الإنضمام : 05-08-2008
رقم العضوية : 12,196
المشاركات : 2,877
الجنس :
قوة السمعة : 859,003,115
29
كل شيءٍ يتغيّر من حولي .. كأنما خُلِقتُ مجدداً !
أعرف أني صرتُ رجلاً آخر .. رجلاً ليس كالذي كنته طوال السنين الخالية .
دخول الحب في حياتي ، جعلني رقيقاً جداً ..
ضياع الحب من حياتي ، جعلني مسخاً لإنسانٍ قديم .. إنسان تمرد حتى على ثوابته !
مجرد سماعي أن سارة على قيد الحياة ، وأنها تنام وتصحو وتتنفس هواء المدينة التي أسكنها،
هذا ما جعلني أنهضُ قليلاً من حزني.. أعودُ للحياة الغائبة ،
كان القلم يتحوّل في يميني لسيفٍ صقيل ، وحبري كان حقدي ، وميدان الكتابة صار ميدان حربي ..
كفرتُ بقصص الحب الخالية من الفكر ومابين السطور ، وآمنتُ أن هوايتي هي سلاحي وطريق َ ثأري ..
بإسمي الثنائي ، الخالي من لقب القبيلة الذي سيكلفني مشاركة الكثيرين أفكاري ..
رحتُ أنشر لا ككاتب ، بل غازياً يمتطي صهوة القلم كفارسٍ موتور !


كتبتُ قصةً عن مدينةٍ تدعى " الريابْ " !
موحشة ، تخلو من الألوان ، كل مافيها ينضح بالقسوة .. وأهل الرياب أناسٌ مجبورون على تناول صنفٍ واحد من الأطعمة !
يمشي الريابيّون متوجسين، خائفين من مخلوقاتٍ تجوس الديار ..
هذه المخلوقات التي صورتها في قصتي كـ وحوشٍ ضاريةٍ يكسو جلدها الشعر الكثيف ، يسوقون الناس بالعصا !
وتمضي قصتي ،
فـ يخرجُ فتىً من فتيان الرياب عن هذا النسق ، ويجتمع بفاتنةٍ من فاتنات بلدته ، يركض الوقت عند لقائهم ويعود ليتوقف بعدهم ..
يتسللون كل ليلٍ لزاويةٍ من زوايا المدينة ، يتناولون التفاح ، وترقص الألوان من حولهم كقوس قزح ..
وحدهم من يعيش في بقعةٍ مليئةٍ بالألوان والروائح الفواحة ، في مدينةٍ كلما فيها باهتٌ ينامُ على روائح الجيَف !
يعيش هذا الفتى الريابيّ وفتاتهُ شعوراً لم يألفه آبائهم في هذه البلاد القاسية ، لم يذوقوا التفاح أبداً ..
يتناولونه سعداء كل ليل حتى تخبرهم أشجار التفاح أن هيّا انصرفوا تأخر الوقت يا أطفال .. يمضيان لبيوتهم وترقص في قلوبهم نشوة غريبة ..
وذات ليلةٍ من ليالي المدينة .. دب الخرابُ فجأة ،
في غمرة سلواهم وسهرتهم التفاحيّة اللون .. تهجم عليهم هذه الوحوش لتسلخ جلديهما ، وتعلقهم على أشجار التفاح عبرةً لكل المدينة ..
تنتهي القصة بصمت أهل الرياب .. وانكفائهم على واقعهم ، وتسيرُ حياتهم كما يشتهي غيرهم لا كما يشتهون هم !



بعثتُ القصة للملحق الثقافيّ في جريدتي المفضلة ، لأفاجأ بنشرها في صدر الصفحة الثقافية يوم خميس !
تحتها تعليقٌ من المحرر يشكرني، ويلفتُ عناية القراء لتطور مستواي ..
ولأن حظي كان في أوج سعده .. ناقشها عمودٌ صحفيٌ بعد يومين .. ليرد عليه عمودٌ مناويءٌ له في الفكر !
لتتراشق المنتديات إسمي بعد ذلك ، ويصبحَ اسماً ثقيلاً لا يمر كما يمر الهواء !

كانت قصبة القلم تتحول في يميني شفرةً حادة .. وكنت قاسيَ الملامح والقلب إذا رحتُ أكتب !
كنت أشعر بأسناني تقطر دماً كما لو كنت أمزق فريسة ، والإحتفاء بحروفي أعطاني ارتياحاً .. وأكثر من ذلك وقعُ حروفي على من آذوني !
أشعرني أن الألم الذي يكمن في أعماقي بات يقل .. وبدأتُ أتلمس طريقي في الشهرة وأمشي باسمٍ ثنائيٍ يعرفه الناس ولا يعرفهُ أهل بيتي !
جعلتُ من ميدان الكتابة مضماراً لخيلي وأنا من فوقها فارسٌ يثأر لكل أحزنه .. ولسارة !



البيئة من حولي ليست خصبةً للكتابة ،
كل ما حولي مشوش .. كنتُ أفتقدُ الاستقرار كما أفتقد سارة ..
والدي .. أصبح يراني كأي قطعةٍ جماديّةٍ في هذا البيت ، دخولي وخروجي لا يعنيه ، مضى اسبوعين لم نتبادل كلمةً واحدة ..
كان يأملُ مني قبلةً على رأسه واستشعاراً للندم ، لكني كنتُ رجلا ً آخر .. لم أعد ذلك النادم أبداً !
أمي .. تحدثني عن عشرات الفتياتِ من قومي ، وكنتُ أستمعُ حديثها كما يستمعُ لها الفضاء ،
حين تسكت انتظار جوابي يعقبها مني صمتٌ كالفضاء من حولنا ، لا ثمة حديث !

إخوتي ، أخبرهم أبي بحديثي ذاك المساء فتنادوا مصبحين !
خالد شقيقي الكبير ، و شاعر المناسبات الكبرى ، صاحب قصائد المدح الزائفة للكيان الزائف ورجاله الزائفين ..
تفاجأتُ به مساءً و كان يصرخ فيني كطفلٍ أمامه ..
يتحدث لي عن أمورٍ أحتقرها .. يحدثني كما لو كنا أفراداً نزلوا من السماء ذات ليل ، لنعيش في هذه الأرض الوعرة ، والناس حولنا خُلقوا من تراب !
كان يحذرني .. يُكيل لي الوعيد والشتائم كما لو كنتُ وجهتُ إهانةً له !
هكذا ، يرفع سبابته في وجهي وأنظر لها تشبه عمود خيمة ،
خيمةً من خيام أجدادي الذين ماتوا وشبعوا موتاً وهذا المتعصب المجنون يريد أن أعيش في كنفهم رغماً عني ..
كنت أنظر لخالد باحتقار ، ببرود ..
أنظر للإنسان في داخله وأشعر أني على وشك التقيؤ ، أولى بهِ متحفٌ قديمٌ يضمه ويضم أمثاله .. عارٌ على هذا الزمان وجودهم :

- عندك بنات عمك، طب وتخيّر ، مالقيت الا ذوليك .!!

أردتُ أن أقول عليك اللعنة وعلى بنات عمك لكني ظللتُ أصغي باحتقار !

- " بزر " ومشى له راتب وصدق انه رجال !

ضقتُ ذرعاً لكن ظللتُ أصغي ، يتحدث عن نقاء دم، وعرقٍ متأصل ..
وأردتُ أن أقول له كل الدماء حمراء لا زُرقة إلا في عينيك لكنه لن يفهم !

- تجيب طاري هالسالفة ثانية أقص لسانك تفهم !

أووه ، تجاوزتَ كثيراً ياخالد ، أتظنني ذلك الطفل القديم ؟ إذن تفضل ردود الرجل الجديد ..

- خالد ، كلمتك تمشي على حرمتك وعيالك ، ما لك عندي شي!

- وش تقول !

- أقول كل تراب !


كنتُ أنطق آخر جملتي لأجدني ملتصقاً بالجدار خلفي أتلقى لطماتٍ غاضبة ..
لطماتٍ اظنني اعتدتها يا زمني !
في غمرة لطماته لي كنتُ أفكر :
خالد ككل الأغبياء الآخرين ... ككل الجهلة لن يفهم شيئاً .. لن يفهم أن الحب أسمى من اسمه الغبي و شِعرهُ الغبي و سبابته الغبية !

راح محمد ، شقيقي الأكبر مني بعامين ، وبدر ، يبعدانه عني وكنت أنظر لهُ باحتقار لم يتغير ..
كان مهتاجاً كما لو اجترأتُ على ثابتٍ لا ينبغي لي تجاوزه ، يريد الإنفلات من قبضاتهم ليلقنني درساً،
وأنظر له بإحتقار وأنا أسوّي أزرتي .. التقطتُ قلمي الذي سقط ، لم يكن قلماً .. هذا سلاحي ..
ومضيتُ بينهم تاركاً دموع أمي ولسان خالد واستجداءات محمد لنا بالهدوء ..
تركتهم خلفي ومضيتُ كرجلٍ فقد الإحساس تماماً ..
قديماً ياسارة ، موقفٌ كهذا كان سيجعلني متعكراً شهراً او اثنين ، الآن لا ياحلوتي ، أعرف ماذا سأفعل ـ
سأصعد لغرفتي .. وأكتب، وأفكر بك بين زحمة سجائري ..
ثم سأخرج ليلاً لأشرب أسوأ ماأنتجته عمالة الرياض ..
ويعود عقلي بعد ساعتين متناسياً كل ما حدث ، كما لو لم يحدث أساساً ..
ليتكِ تنظرين ماذا أصبحت الآن ، رجلاً آخر ..فقد الإحساس يوم فقدك ، رجلاً ماعاد يشعر بشيء إلا أنتِ !



وهيفاء .. تباً لتلك المزعجة !
باتت مكالماتها تصبحُ شيئاً مختلفاً عن مكالماتها الأولى ..
كانت تنقل لي أخبار سارة .. وأخبرها بما تقول لها .. لم أحدثها بنيّتي ولا حديثي لوالدي ..فقط كانت مجرد زاجلٍ يتنقل بين السعداء قديماً !
رويداً رويداً شعرتُ أن هيفاء تستمتع بالاقتراب مني ، بدأت تجر الحديث صوب مناطقٍ بعيدةٍ عن سارة وأخبار سارة ..
تحدثني عن الإبتعاث القادم ، تحدثني عن خوفها من المستقبل ، تحدثني عن أمها وقلقها اللحوح ..
وكنتُ أجيبُ جيداً لأني أخشى فقدانها ، هي وسيلة اتصالي الوحيدة بعالم سارة !

بالأمس اتصلت بي ليلاً ، توقعتها تحملُ خبراً من حبيبتي ،

- هلا فيصل

- هلا هيفاء ، ماذا لديكِ ؟!

- لا شيء ! فقط " طفشانة " !

باتت ترى فيني صديقاً ، وعرفتُ أن أحاديثي تروقها .. وعرفتُ أن سارة مسكينة لا تُحسن اختيار الصداقات !
أردتُ أن أقول " أريحيني من أحاديثك المملة " ، لكني خشيت أن أغضبها فتخبر سارة بأكاذيب تنفرها مني !
أو أفقدها فأفقد محبوستي ..بدأتُ أحدثها في فتور ..
وأقارن بين صوتها وصوت سارة ، شخصيتها وشخصية سارة ، وقتي معها ووقتي مع سارة ، فلا أجد إلا القبح !

أي صديقةٍ اخترتِ لنفسكِ يا سارتي ؟!

ذات يوم من أيام صيفنا المنقضي ، كنت وسارة نتحدث عن هيفاء وفهد ،
وكنت أقول لها " أشعر أن الفتيات يفتقدنَ بينهنّ للصداقة الحقة "!
"هيفاء هذه ، لا أظنها بأي حال ترتقي لتكون بمثابة فهد بالنسبة لي " يومها غضبت سارة :
" احتكرتم كل شيء أيها الرجال والآن جاء الدور على الصداقة ! "
أخبرتها عن صديقةٍ لأختي كانت تهاتفها كل يوم .. كانت صديقةً جيدة !
وحين تزوجت، قطعت صلتها بأختي خوفاً أن ينتبه زوجها لعازباتٍ في محيطها ،
ياللغيرة الغبيّة و يا لميتم الصداقات !
تركيبة الأنثى وغيرتها وفطرتها التي تجعلها تريد الإستئثار بالجمال والتألق ..
.. هذه تجعل من الصداقة لديكن ياسارة شيئاً هلاميا يفتقد للأساس المتين اعذريني ..
يومها أخذت تكيل المدائح لصديقتها ، تقص أخباراً ومواقف ليست ذا بال !
لم أشأ أن أقول لها أن فهد قطع إجازته ذات مرة، وعاد من سفره
.. لأنه عرف أن أمي مريضةً جداً في المستشفى وكان صوتي حينها مأزوماً ،
ولم أقل لها عن ذلك الموقف الذي كلما تذكرته ارتسمت بسمتي رغماً عن ضيقي ..
حين كنت في أحد الطرقات بين جموع الناس، كنت لم أنتبه لسيارة أحدهم وحدث الاصطدام عفواً ،
وكان الرجل غاضباً يريد العراك معي والناس يبعدوننا عن بعضنا كديكةٍ تريد الإشتباك ..
يومها لا أدري من أين خرج فهد .. أظن الأرض انشقت عنه !
كل ما أذكر أنه رآني ونزل من سيارته التي لم يمهلها حتى لتتوقف ،
فتح الباب كما لو كان يُفتح باب الجحيم على الرجل !
اندفع بين الحشد يلكم الرجل بقسوة ، أرداه أرضاً في ثانيتين دون فهمٍ لحيثيات الموقف ،
فقط كل ما أذكره أن فهد كان يضرب الرجل كما لو كان يدافع عن ابنٍ له،
وكنت أضحك.. أضحكُ رغم الضجيج والشمس وهول الموقف !

الآن ياسارة ، ماذا تقولين إن أخبرتكِ عن اتصالٍ يردني في الثانية ليلاً من صديقتك لتخبرني:
" أوه ملل، سولف لي ! " ، أكنتِ تصرين أننا نحتكر الصداقة يا حلوتي !




شقيقي بدر كان أهدأ من خالد ، كان يتحدثُ لي بهدوء ..

- والدي كبيرٌ في السن ، بالله يافيصل لا تغضبه بهذا الحديث !

ثم يعرج بالحديث نحو الثقة ، ويلمز في حبيبتي بخطابٍ دينيٍ قديم " من تحدثت إليك ستتحدث لغيرك كيف تثق " !
وكنتُ بلغتُ المنتهى في غضبي من هؤلاء الذين اغتالوا سعادتي ..
كنتُ أكتب قصصاً رمزيةً وإسقاطاً على واقعنا المتشدد ، وحين أُعطيت لي مساحة ٌ لمقال ..
كنت أهاجم شيخاً كبيراً أفتى بفتوى عجبتُ منها ولم ترقني..
كان يجيب على إحداهن قائلاً " يجب أن تستأذني من زوجك في قص شعرك ، ونفذي مايريد " !

يومها ، هجمتُ بقسوة ، ونكلت بالشيخ بقلمي الذي استحال سيفاً ودرعاً في ذات الوقت ،
وصوّرته رجلاً يريد إعدام شخصية المرأة وجعل النساء جواري ونساء ليل ..
"أنتم أيها المتشددون لا ترون في المرأة إلا جسداً ، " فتحتُ النار بإسمي الثنائي الذي بات مهدور الدم في بعض صوالين النت !
كنتُ أتحوّل لرجلٍ آخر ، كفرتُ بكل شيء ٍ آمنت به ، حتى رمضان الذي على وشك الدخول لم أنوي صيامه !
حين أتذكر سارة وحرية سارة ، ألعن النساء في بيئتي ، وألعن تشددنا الصارم ، بات السواد المنتشر في الأسواق والمستشفيات يقتلني ..
لهذا ، حين حدثني بدر عن الثقة :

- لن أحدثك عن فرق النسب مع أنه مهمٌ جداً ـ لكن سأقول شيئاً وحيداً يافيصل ، كيف تثق بمن هاتفتك ألاّ تهاتف غيرك !

شعرتُ ان المتحدث لي ليس شقيقي ،
بل أحد الواعظين الذي سمعتُ هذا الحديث كثيراً في منشوراتهم وشرائطهم ، لهذا فقدت التوازن :

- أثق فيها أكثر مما تثقون في القابعات بين جدران بيوتكم كالسجينات!

قام أخي مغضباً ، والشرر يقدح من عينيه ، وعرفتُ أن جوابي أحالهُ خالداً آخر ..

- تذكر أن والدي لا يعرفُ إلا رغبتك هذه ، أنت لا تريد أن يعرف أين كنت تلك الثلاثة أيام يوم أخرجتُك !
بالتأكيد لم تكن في " الشرقية " وأظنك تفهم !

يهددني .. يظن أنني ذاك الطفل القديم، يظن أن فيصل الذي اعتادوه هو فيصل هذه اللحظة ..

- قل لهم ماتشاء ! سامع ؟ قل ما تشاء !



اليوم تغيّبت عن الخرج ، لم يسألني والدي لماذا ..
لم أنم ليلتي المنقضية ، سهرت بين سجائري و أفكاري و حدثتُ نفسي حديثاً طويلاً لم ينتهي إلا والشمس تقرع زجاج نافذتي..
أعدتُ شريط الذكريات ، رأيتُ سارة في مطعم الشرفة .. في المستشفى ، في كاميرا النت تضحك لي ..
سمعتها تحدثني سمعتها تبكي سمعتها تضحك ،
أعدتُ حواراتي معها منذ لقائنا على طاولة ماجد ، وانتهاءً بحوارنا في غرفة تلك العمارة يوم قبضوا على الحب الكامن فينا !
قرأتُ رسائلها إليّ .. ورأيتُ صورتها وعيناها الجميلة ألف مرة ، سهرتُ معها مفكراً سابحاً في كل تفاصيلها ..
ليلةٌ طويلة ، تخللها اتصالين من هيفاء تجاهلتهما تماماً.. ليلةٌ طويلة ، كان عقلي يجوس ديار سارة ويستدعي ذكرياتٍ وتفاصيل دقيقة،
كانت ذاكرتي تهطل وتنهمر ، وأنا الذي لم أخطو خطوةً واحدةً أربع ساعاتٍ وأكثر ، جالسٌ فوق فراشي كفزاعةٍ في حقل ذرة !
طالت ومرت وانقضت ليلتي لم أدمع دمعةً واحدة ! ..
حزنتُ كثيراً .. وافتقدتها كثيراً .. لكنني لأول مرة ، لم أبكي ..
ليس ذا وقتُ البكاء .. ومالكوم أكس كان محقاً :

" عندما تحزن فأنت تشعر بالبكاء على حالك ، فقط ، عندما تغضب ، ستُحدِث تغييراً "



في الشقة مساءً كنت عصبيّ المزاج قليلاً ، كنتُ بين رفاقي حتى خلا المكان إلا مني وفهد .. لأخبره بالطامة !

- فهد ، اليوم ذهبتُ لأحد مكاتب العقار في شمال الرياض !

- ماشاء الله قررت تشتري بيت ههه

- ههه لا ، ذهبت وأخذت رقم هاتف الرجل من لوحته الرئيسية !

- فيصل بلاش ألغاز ..

- اتصلت بوالد سارة هذا اليوم ..

- نعم !

وبملامحي القاسية التي باتت سمةً لي في الفترة الأخيرة ..

- قلتُ له أريدك بأمر خاص وهام ، حدد لي موعداً أرجوك !

- ثم ؟!

- غداً ، بعد العشاء سأذهب إليه ..

- فيصل مجنون وش تبي فيه !؟

- الصينيون يافهد قالوا " يجد الجبان 40 حلا لمشكلته لكنه يفضل حل الهرب " !

- ملعون أبو الصينين.. علمني وش تبي بالرجال يا مهـ..

- رسمياً ، قررت أتقدم لسارة !


يظنني سكِرت ، لا لم أسكر ، هو لا يعرف أني صرتُ رجلا ً آخر ..
.. رجلا ً ليس كالذي سكنني كل هاتيك السنين !


يتبع ..

look/images/icons/i1.gif بعضُ ما خبأتهُ الرياض ..
  02-06-2011 09:58 مساءً   [58]
معلومات الكاتب ▼
تاريخ الإنضمام : 02-08-2007
رقم العضوية : 122
المشاركات : 10,275
الجنس :
قوة السمعة : 859,151,242
شو صار معك وين التكملة :056:
توقيع :JOKER
<embed src="http://jo1r.l7njo.com//uploads/files/JO1R.COM-e4f8527b7c.swf" WIDTH=550 HEIGHT=210 quality="high" loop="false" menu="false" TYPE="application/x-shockwave-flash" AllowScriptAccess="never" nojava="true"></embed>

<embed src="http://jo1r.l7njo.com//uploads/files/JO1R.COM-e1a226ae41.swf" WIDTH=500 HEIGHT=300 quality="high" loop="false" menu="false" TYPE="application/x-shockwave-flash" AllowScriptAccess="never" nojava="true"></embed>

<embed src="http://download.mrkzy.com/e/1711_md_13056507996.swf" WIDTH=450 HEIGHT=223 quality="high" loop="false" menu="false" TYPE="application/x-shockwave-flash" AllowScriptAccess="never" nojava="true"></embed>

توقيع خرافي من ايد اخرف


hug014

look/images/icons/i1.gif بعضُ ما خبأتهُ الرياض ..
  02-06-2011 10:17 مساءً   [59]
معلومات الكاتب ▼
تاريخ الإنضمام : 05-08-2008
رقم العضوية : 12,196
المشاركات : 2,877
الجنس :
قوة السمعة : 859,003,115
قرأت الاجزاء كلهم assoomsad

look/images/icons/i1.gif بعضُ ما خبأتهُ الرياض ..
  02-06-2011 10:24 مساءً   [60]
معلومات الكاتب ▼
تاريخ الإنضمام : 02-08-2007
رقم العضوية : 122
المشاركات : 10,275
الجنس :
قوة السمعة : 859,151,242
لسا بالجزء 14

بس اتوقع بليلة ما فيها ضو قمر اخلصهم كلهم

و مش حاب اخلصهم و انت لسا ما ضفت البقية
توقيع :JOKER
<embed src="http://jo1r.l7njo.com//uploads/files/JO1R.COM-e4f8527b7c.swf" WIDTH=550 HEIGHT=210 quality="high" loop="false" menu="false" TYPE="application/x-shockwave-flash" AllowScriptAccess="never" nojava="true"></embed>

<embed src="http://jo1r.l7njo.com//uploads/files/JO1R.COM-e1a226ae41.swf" WIDTH=500 HEIGHT=300 quality="high" loop="false" menu="false" TYPE="application/x-shockwave-flash" AllowScriptAccess="never" nojava="true"></embed>

<embed src="http://download.mrkzy.com/e/1711_md_13056507996.swf" WIDTH=450 HEIGHT=223 quality="high" loop="false" menu="false" TYPE="application/x-shockwave-flash" AllowScriptAccess="never" nojava="true"></embed>

توقيع خرافي من ايد اخرف


hug014

اضافة رد جديد اضافة موضوع جديد
الصفحة 2 من 10 < 1 6 7 10 > الأخيرة





الكلمات الدلالية
لا يوجد كلمات دلالية ..









الساعة الآن 04:43 PM