ناقش خبراء ومختصون في الجمعية الأردنية للعلوم والثقافة مساء الأربعاء الماضي أفكارا جدلية حول دمج البلديات بحضور رئيس الجمعية وزير الزراعة المهندس سمير الحباشنة رئيس اللجنة الحكومية المعنية بتقييم تجربة الدمج.
وأدار اللقاء نائب رئيس الجمعية الدكتور وليد الترك الذي طالب بأفكار عملية تقدم للحكومة على أبواب تقييم فكرة الدمج وإجراء الانتخابات البلدية.
وزير البلديات السابق علي الغزاوي استعرض أبرز المشاكل والتحديات التي تواجه البلديات وهي ضعف الموارد المالية وعدم تحصيل إيراداتها وعدم وجود مشاريع استثمارية فهي لا تشكل أكثر من8%من موازنة البلدية واللجوء الى المديونية لتغطية العجز» وبين أن المديونية العالية هي مشكلة المشاكل وتبلغ حوالي (80) مليون دينار وكانت عام 2005بحدود37 مليون دينار.
وقال «ساهمت الاستملاكات وقضايا نقصان القيمة المرفوعة على البلديات لحد كبير في زيادة الأعباء على البلديات وبالتالي الى تراكم المديونية».
وأشار إلى الترهل الإداري حيث يوجد في البلديات ما يزيد على (25) ألف موظف وعامل عام2010 وكان عام 2005 حوالي18الفا وهناك موظفون لا يحملون مسمى وظيفيا ولم يتم تحديد مؤهلاتهم العلمية على رأس عملهم وتكلفة رواتب موظفي البلديات ما مجموعه (85) مليون دينار لعام 2010.وكانت 35مليون دينار عام 2000 وتبلغ نسبة المهندسين 2,3 % فقط من إجمالي العاملين في البلديات.إضافة الى الازدياد المضطرد بأعداد العاملين في البلديات خلال السنوات السابقة والذي أدى الى إرهاق موازنة البلديات.
وفي تقييم لمشروع دمج البلديات والأسباب التي أدت الى إعادة الهيكلة ذكر الغزاوي» صغر حجم الوحدات المحلية الذي أدى الى ضعف في الموارد المالية والمديونية العالية للبلديات والترهل الإداري ووصول 62 بلدية الى أوضاع مالية سيئة جداً وضعف الجباية والتحصيل وقلة الآليات والمعدات».
وتحدث عن أهم التغييرات في التشريعات المتعلقة بالبلديات وهي»تعديل سن الناخب من 19 سنة الى 18 سنة، كوتا للنساء بنسبة 20% من عدد مقاعد المجلس البلدي.إضافة الدور التنموي للبلديات ، والمشاركة مع القطاع الخاص والمجتمع المدني.تخفيض مهام البلديات من 40 مهمة الى 29 مهمة».
وتقدم الغزاوي بجملة من التوصيات لتحسين عمل البلديات وهي»تعيين مدير تنفيذي لكل بلدية وانتخاب رئيس البلدية من بين الأعضاء ، وإيجاد أنظمة رقابة ومالية مركزية وان يقوم بنك تنمية المدن والقرى بوضع شروط جديدة عند إعداد اتفاقيات قروض جديدة ، بحيث تتضمن شروطا تتعلق بالرقابة المالية ومراجعة الحسابات ، ومستويات العمالة ، والنفقات ويجب أن تتضمن جميع طلبات القروض والاستثمارات التي تتقدم بها البلدية ، دراسة جدوى اقتصادية وتدقيق مالي ومراجعة لتوقعات التدفقات النقدية لفترة هذا النشاط،وحصر المبالغ المترتبة للبلديات على المواطنين ، وتكثيف الجهود لتحصيلها ووقف التعيينات في البلديات وعدم التوسع بها وضرورة قيام البلديات بتقديم موازنات مصدقة حسب الأصول من جهة رقابية ، تبين الموجودات والأصول والمطلوبات.
وضرورة إعداد دراسة محايدة لتقييم عملية الدمج ، وذلك لتعظيم الفوائد المتوخاة من العملية وتقليل سلبياتها وتوجيه البلديات نحو الاستثمار ، وإيجاد مشاريع استثمارية بمشاركة القطاع الخاص.
من جانبه دافع رئيس بلدية السلط الكبرى الاسبق المهندس ماهر أبو السمن عن فكرة دمج البلديات وقال «هناك92 نائبا يطالبون بالعودة عن فكرة الدمج وسبق أن طالب نواب في مجالس سابقة بالمطلب نفسه دون مبرر».
وأضاف»تم عام 2001 حل البلديات وتطبيق قانون الدمج وهو مشروع إعادة إصلاح وهيكلة البلديات وهناك 6 لجان وزارية في فترة 1988 – 2000 تحدثت عن فكرة الدمج ويجب أن تجمع الدراسات الخاصة بالبلديات ومشاكلها وتناقش «.
وأشار ان»90 بلدية وصلت لحد الإفلاس قبل الدمج بسبب التعيينات غير المبررة وضعف الجباية وسوء الإدارة المالية «.
واعتبر أبو السمن أن الدمج مشروع إصلاح ونتائجه « تقليص عدد البلديات من 328الى 93بلدية وعدد مجالس الخدمات من 44 – 22 مجلس خدمات مشترك وتعيين رؤساء بلديات مختصين ومهندسين. وأصبح بالإمكان الاستفادة من مبلغ دعم محروقات واعتماد هياكل تنظيمية لجميع البلديات والسيطرة على التوسع العشوائي وتوحيد نوعية الخدمات في القرى أسوة بالمدن وتوحيد الإجراءات الإدارية وآليات الجباية «
وخلص أبو السمن الى جملة من التوصيات أبرزها(إعادة مستحقات عوائد المحروقات للبلديات وأن يكون دور الوزارة إشرافيا ورقابيا فقط ووقف المزاجية في آلية ضخ القروض الاستثمارية وإعفاء البلديات من تكاليف إنارة الشوارع والساحات.وإعطاء البلديات حقها في أراضي البلدية التي بنيت عليها منشآت ومدارس وخدمات لم تتقاض لها البلديات بدلا ).
رئيس بلدية اربد الكبرى الأسبق المهندس وليد المصري من جانبه بدا متحفظا على كثير من نتائج دمج البلديات واستهل نقده للفكرة بالقول» يجب أن نتجه لتعزيز الرقابة الشعبية ونجعل الشعب يحدد أولوياته الخدمية وقد آن الأوان أن تتخلى الدولة عن دورها المركزي وتعتمد اللامركزية والمواطن مؤهل لان يختار ويقرر أولوياته».
وقال «عملية الدمج قللت التمثيل الشعبي وضاعت الأولويات ويجب إنهاء دور وزارة البلديات كسلطة لأنها مهيمنة على قرارات المجالس البلدية وهذا مخالف لقانون الحكم المحلي ويجب تشكيل لجنة خبراء لتقييم آثار الدمج وسلبيات أو ايجابياته».
وتابع المصري «يفترض أن تشكل البلديات والأمانة صيغة تحالف البلديات وتعتمد مبدأ التكامل والدعم البيني.ولدينا 93بلدية موازنتها 190مليون دينار في حين أن موازنة أمانة عمان لوحدها 400 مليون دينار.وهذا يحرم المواطن خارج المركز من كثير من الخدمات.ويفترض زيادة التمثيل الشعبي في البلديات».
وانتقد غياب الرقابة الحكومية على البلديات أو الأمانة ودعا الى» انتخاب أمين عمان ورئيس البلدية.وإعادة صلاحيات البلديات التي سلبت منها و إعطاء البلديات جزء من عوائد ضريبة المبيعات وكان لها جزء من ضريبة الجمارك في قانون 1938».
الوزير الأسبق الدكتور عبد الحافظ الشخانبة قال أن «البلديات وجع حقيقي في الأردن فهي عاجزة وغير كفؤة ودمج البلديات قرار متسرع فيه ايجابيات ولكن يحتوي على سلبيات فقد نجم عن ذلك نقص خدمات في مناطق وكان يفترض إتباع آلية عادلة».
وانتقد غياب المخططات الشمولية فقال «لا يوجد في دول العالم استملاك لإقامة مشاريع لوجود المخططات الشمولية لأي منطقة ونحن عندنا كارثة في دائرة تنظيم المدن ومحاباة لأصحاب الأراضي على حساب الخدمات العامة».
الوزير الأسبق الدكتور إبراهيم بدران دعا الى نموذج مقارنة بين البلديات الأردنية والبلديات في الدول الأخرى ولابد من ربط أعداد الموظفين في البلديات بعدد السكان وضرورة تفعيل عملية التشبيك الالكتروني بين البلديات وتأهيل موظفي البلديات في معهد وطني خاص».
واعتبر الدكتور محي الدين المصري قضية الدمج قضية اجتماعية سياسية تؤثر على الوحدة الوطنية ولابد من دراسة التكامل والتكافؤ.
وقال الدكتور عبد النور الحبايبة «هناك تغول من البلديات وموظفيها على المواطنين وبعض القضايا يتغير ثلاثة وزراء و4 رؤساء بلديات وهي غير محلولة»رافضا فكرة إعطاء صلاحيات لرؤساء البلديات والأفضل أن تظل مسؤولية الوزارة والوزير.
ودعا النائب الأسبق رياض الصرايرة الحكومة إلى» التريث وتأجيل الانتخابات البلدية لترتيب الأوضاع بالنسبة للقانون.
وقال العين الأسبق عبد موسى النهار أنه «يجب التريث في القرارات التي تتعلق في البلديات فمعظمها تشكلت عشوائيا من مناطق قروية دون موارد تذكر أو مشاريع داخلية وصادفت مشاكل بسبب ضعف الموارد المالية وعدم التوزيع العادل بعد الدمج».
وأيده في ذلك السفير الأسبق فالح الطويل وقال أن»على اللجنة الحكومية التريث في إجراء الانتخابات البلدية لان هناك ملفات يجب أن تعالج أولا وهي الدمج وسلطة رئيس البلدية والترهل الإداري وسلطة الوزارة على البلدية ومشاكل التحصيل».
وزير الدولة ووزير الزراعة المهندس سمير الحباشنة قال أنه»منذ إعلان اللجنة الخاصة بتقييم تجربة دمج البلديات لمسنا وجود رغبة عارمة بالانفصال لدى المناطق في المملكة والمواطنون يرفعون عرائض موقعة بآلاف التواقيع تريد العودة عن الدمج» مؤيدا فكرة التوسع في التمثيل الشعبي في المجالس البلدية ونقل الصلاحيات من مركز البلدية للمناطق الفرعية لتحقيق وحدة البلدية والتمايز»لكنه استدرك يقول «نحن في اللجنة لا نناقش قانون بلديات جديد بل إجراء انتخابات بلدية تقدم نموذجا شفافا يليق بالأردنيين».