في الصباح جاءت وقدمت لي شروطها لقبول الطلاق ، لم تكن تريد أي شي مني سوى مهلة شهر فقط … لقد طلبت مني أنه في هذا الشهر يجب علينا أن نفعل ما في وسعنا حتى نعيش حياة طبيعية بقدر الإمكان كأي زوجين ، سبب طلبها هذا كان بسيطاً بأن ولدنا سيخضع لاختبارات في المدرسة، وهي لا تريد أن يؤثر خبر الطلاق على أدائه بالمدرسة.لاقى طلبها قبولاً لدي،لكنها أخبرتني بأنها تريدني أن أقوم بشي آخر لها ، طلبت مني أن أتذكر كيف حملتها بين ذراعي في صباح أول يوم زواجنا، ثم طلبت مني أن أحملها لمدة شهر كل صباح من غرفة نومنا إلى باب المنزل!اعتقدت لوهلة أنها قد فقدت عقلها !!! لكن حتى أجعل آخر أيام لنا معاً تمر بسلاسة ، قبلت أن أنفذ طلبها الغريب.لقد أخبرت ”جيين” يومها عن طلب زوجتي الغريب فضحكت وقالت باستهزاء : بأن ما تطلبه زوجتي شيء سخيف ، ومهما حاولت هي أن تفعل بدهاء لن يغيرحقيقة الطلاق فهو واقع لا محالة .لم نكن أنا وزوجتي على اتصال جسدي منذ أن أعربت لها عن رغبتي بالطلاق ، فعندما حملتها بين ذراعيي في أول يوم أحسست أنا معها بالارتباك، تفاجأ ولدنا بالمشهد فأصبح يصفق ويمشي خلفنا صارخاً فرحاً: ”أبي يحمل أمي بين ذراعيه”، كلماته أشعرتني بشيء من الألم، حملتها من غرفة النوم إلي باب المنزل مروراً بغرفة المعيشة، مشيت عشرة أمتار وهي بين ذراعي أحملها، أغمضت عينيها وقالت بصوت ناعم خافت : لا تخبرولدنا عن الطلاق الآن، أومأت لها بالموافقة وإحساس بالألم يتملكني ، إحساس كرهته، خرجت زوجتي ووقفت في موقف الباص تنتظر، وأنا قدت سيارتي إلى المكتب.في اليوم التالي تصرفنا أنا وهي بطبيعية أكثر، وضعت رأسها على صدري، استطعت أن اشتم عبقها ، أدركت في هذه اللحظة أنني لم أمعن النظرجيداً في هذه المرأة منذ زمن بعيد، أدركت أنها لم تعد فتاة شابة، على وجهها رسم الزمن خطوطاً ضعيفة، غزا بعض اللون الرمادي شعرها، وقد أخذ الزواج منهاما أخذ من شبابه، لدقيقة تساءلت ماذا فعلت أنا بها .في اليوم الرابع عندما حملتها أحسست بإحساس الألفة والمودة يتملكني اتجاهها، إنها المرأة التي أعطتني 10 سنوات من عمرها.في اليوم الخامس والسادس شعرت بأن إحساسنا بالمودة والألفة أصبح ينمو مرة أخرى، لم أخبر ”جيين” عن ذلك،وأصبح حمل زوجتي صباح كل يوم يكون سهلاً أكثر وأكثر بمرور مهلة الشهرالتي طلبتها، أرجعت ذلك بأن التمارين هي من جعلتني قوياً فسهل حملها.في صباح أحد الأيام جلست زوجتي تختار ماذا ستلبس، لقد جربت عدداً لا بأس به من الفساتين لكنها لم تجد ما يناسبها فتنهدت بحسرة قائلة: ”كل فساتيني أصبحت كبيرة علي ولا تناسبني”،أدركت فجأة أنها أصبحت هزيلة مع مرور الوقت، وهذا هو سبب سهولة حملي لها.فجأة استوعبت أنها تحملت الكثير من الألم والمرارة في قلبها ، لاشعورياً وضعت يدي على رأسها بحنان، في هذه اللحظة دخل ولدنا وقال : ”أبي حان الموعد لتحمل أمي خارج الغرفة”، بالنسبة إليه رؤية والده يحمل أمه أصبح جزءاً أساسياً من حياته اليومية. طلبت زوجتي من ولدي أن يقترب منها وحضنته بقوة، لقد أدرت وجهي عن هذا المنظر لخوفي بأنني سأغير رأيي في هذه اللحظة الأخيرة، ثم حملتها بين ذراعيي أخرجتها من غرفة النوم إلى الباب الخارجي مروراً بغرفة المعيشة وهي تطوق عنقي بيديها بنعومة وطبيعية، ضممت جسدها بقوة كان إحساسي بها كإحساسي بها في أول يوم زواج لنا،لكن وزنها الذي أصبح خفيفاً جعلني حزيناً.في آخر يوم عندما حملتها بين ذراعيي لم أستطع أن أخطو خطوة واحد، ولدنا قد ذهب إلى المدرسة، ضممتها بقوة وقلت لم أكن أتصور أن حياتنا كانت تفتقر إلى المودة والألفة إلى هذه اللحظة.
قدت السيارة وترجلت منها بخفة ولم أغلق الباب خلفي خوفاً مني من أن أية تأخير قد يكون السبب في تغييررأيي الذي عزمت عليه، صعدت السلالم بسرعة، فتحت ”جيين” الباب وهي تبتسم وبادرتها قائلاً : ”أنا آسف جيين لكني لم أعد أريد أن أطلق زوجتي”.نظرت جيين إلي مندهشة ومدت يدها لتلمس جبهتي وسألتني: ”هل أنت محموم”؟، رفعت يدها عن جبيني وقلت لها: ”أنا حقاً آسف جيين … لكني لم أعد أريد طلاق زوجتي ، قد يكون الملل تسلل إلى زواجي لأنني وزوجتي لم نكن نقدر الأشياء الصغيرة الحميمة التي كانت تجمعنا، وليس لأننا لم نعد نحب بعضنا ، الآن أدركت أنه بما أنني حملتها بين ذراعيي في أول يوم زواج لنا لابد لي أن أستمر في حملها حتى آخر يوم في عمرنا”.أدركت ”جيين” صدق ما أقول وعلى قوة قراري، عندها صفعت وجهي صفعة قوية، وأجهشت بالبكاء وأغلقت الباب في وجهي بقوة، نزلت السلالم وقدت السيارة مبتعداً،توقفت عند محل بيع الزهور في الطريق، واخترت حزمة من الورد جميلة لزوجتي،سألتني بائعة الزهور ماذا تكتب في البطاقة، فابتسمت وكتبت : ”سوف استمرأحملك وأضمـّـك بين ذراعيي كل صباح إلى أن يفرقنا الموت”.في هذا اليوم وصلت إلى المنزل وحزمة ورد بين يدي وابتسامة تعلو وجهي ركضت مسرعاً إلى زوجتي، لكن .. وجدتها وقد فارقت الحياة في فراشها، لقد كانت زوجتي تكافح مرض السرطان لأشهر طويلة دون أن تخبرني،وأنا كنت مشغولاً مع ”جيين” لكي ألاحظ ،لقد علمت زوجتي أنها ستموت قريباً، وفضلت أن تجنبني أي ردة فعل سلبية من قبل ولدنا لي، وتأنيبه لي في حال مضينا في موضوع الطلاق، على الأقل هي رأت أن أظل أكون الزوج المحب في عيون ولدنا،لا المنزل الفخم ولا السيارة ولا الممتلكات أو المال في البنوك هي مهمة،المهم هو التفاصيل الصغيرة الحميمة في حياتكم، هي أهم شي في علاقاتكم، هذه الأشياء الصغيرة هي مصدر السعادة،
--
السعادة هي التعبير الطبيعي عن الحياة