( الموضوع بغاية الاهمية )
سجلت الإحصاءات الغربية ازدياد عدد الوفيات بين النساء جراء سرطان الرئة لستة أضعاف خلال الخمسين سنة الماضية، ويصنف هذا النوع من السرطان بأنه من الأمراض التي تفوق في حصد ضحاياها أمراض سرطان الثدي وسرطانات أعضاء الجهاز التناسلي مجتمعة.
ويعود هذا الارتفاع في عدد ضحايا سرطان الرئة إلى ازدياد عدد المدخنات، بيد أن غير المدخنات لسن معفيّات تماماً من الخطر.
لماذا تتعرض النساء لهذا السرطان؟
لم يكن أحد يتخيل حتى فترة قريبة نسبياً أن سرطان الرئة يكاد يكون مرضاً نسائياً بامتياز، إلى أن كشفت دراسات حديثة أن الورم مرتبط بهرمون الاستروجين (الهرمون الأنثوي)، وبينت دراسات أخرى قصر معدل سنوات الحياة لدى النساء المصابات بسرطان الرئة وهن في سن الخصوبة (حيث يدور الاستروجين في دمائهن) مقارنة مع المصابات ممن انقطع لديهن الطمث. كما بينت دراسة أخرى أن هرمون الاستروجين الأنثوي مرتفع نسبياً عند الرجال المصابين بالمرض.
ويعتقد الخبراء أن العلاقة بين الأستروجين وسرطان الرئة تماثل العلاقة المعروفة بين هذا الهرمون وسرطان الثدي، فمنذ عقد ونيف، اكتشف العلماء أن أنواعاً معينة من أورام الثدي تتغذى على الأستروجين، الأمر الذي دفع للتوجه نحو استعمال أدوية تستهدف الحيلولة دون وصول الأستروجين للورم، وهذا ما غيّر وجه المرض تماما، حيث تحسنت نسبة النجاة لدى النساء دون السبعين من العمر والمصابات بسرطان الثدي بمقدار 40% (بالمقارنة مع 15% لدى المصابات بسرطان الرئة) وذلك خلال خمس سنوات من اكتشاف السرطان وبدء العلاج.. ويعود الفرق بين النسبتين إلى صعوبة الكشف عن سرطان الرئة في ظل استحالة الفحص الذاتي، ثم أن الفحص الشعاعي المسحي قد لا يكون فعالاً تماماً، مما يؤخر التشخيص إلى وقت يكون الورم فيه قد وصل إلى مرحلة متقدمة.
من هنا بدأت الأبحاث بالتركيز على أنواع سرطان الرئة التي تعتمد على الأستروجين عبر زرع الخلايا السرطانية في المختبرات وملاحظة طريقة استجابتها للهرمون، فإذا ثبت أنها تتغذى على الأستروجين، يتم اختيار العلاج باستعمال عقاقير محصرات الهرمون، وتلك هي الطريقة التي تتبع في علاج سرطانات الثدي.
لماذا يهدد المرض غير المدخنات كذلك؟
يظل التدخين السبب الأول وراء سرطان الرئة، حيث أن 80 إلى 95 بالمئة من مجمل المصابين والمصابات هم من المدخنين، على أن الدراسات تبين أن ما بين 10 إلى 15 بالمئة من حالات سرطان الرئة تصيب أناساً من الجنسين لم يسبق لهم التدخين، لا بل أن بعضهم يتخذ نمطاً صحياً من حيث الغذاء والتمرين.. ولعل هذا ما يدفع الخبراء الآن كي ينادوا بالتوقف عن اعتبار التدخين السبب الوحيد للمرض.
وفي دراسة كبرى أجراها المعهد القومي للأبحاث الجينية في الولايات المتحدة تم أخذ عينات من الخلايا السرطانية من 188 مصاب ومصابة بسرطان الرئة، وتم تحليل 623 جيناً مرتبط بمختلف أنواع السرطان، وتم الكشف عن وجود تحولات متكررة في 26 جيناً يحتمل أنها كانت وراء بداية الإصابة بسرطان الرئة، ويعتقد الخبراء أنه وفي غضون 4 سنوات قد يتوفر فحص جيني للعاب يحدد وجود استعداد جيني للإصابة بالمرض.
ويأمل المهتمون أن يتوصل العلم لطريقة للكشف المبكر عن سرطان الرئة، وأن يصبح هذا المرض قابلاً للعلاج تماماً كما هو الحال مع سرطان الثدي.