لا نهر يرجع للوراء
ما عاد يمكن أن أكون كما أنا .
أو أن تكوني أنت ..
واحدة النساء ..
هذا غباء .
ما عاد يمكن أن أكرر دهشتي ..
وحماستي ..
وتوتري العصبي في وقت اللقاء .
أرأيت نهراً عاد يوماً للوراء ؟؟ ..
لا تغضبي مني ..
إذا حاولت أن أضع النقاط على السطور
أنا واقعي في مخاطبة النساء ..
ولست أخلط بين صوت العقل ، أو صوت الشعر .
كل الظروف تغيرت .
وتغيرت أصواتنا .
وتغيرت كلماتنا .
وتغيرت عاداتنا .
وتغيرت ..
حتى الوسائد ، والمقاعد ، والستور ..
ومكان أحواض الزهور ..
إبريل لا يأتي إلينا مرتين ..
والبرق ليس يضيء للعشاق يوماً مرتين ..
والشعر لا يتلى على سمع الحبيبة مرتين ..
هذي هي الدنيا .. وليس بوسعنا صنع المطر ..
في الحلم .. أو تغيير هندسة القمر ..
أنا كنت أسكن من زمان
عند خط الإستواء ..
كانت عناويني مطرزة
على شفتيك ، سيدتي ، وأعناق الظباء ..
واليوم .. لا عنوان لي إلا العراء ..
هي حالة مجنونة مرت بنا ..
ببروقها ، ورعودها .
ورياحها ، وثلوجها .
هل يا ترى في وسعنا
بعد اعتدال الطقس في أعماقنا
تفجير ألغام الجنون ؟ ..
أنا مدرك أني جرحتك بالحوار .
وجرحت نفسي ..
حين ألقيت الزجاج على حقول الجلنار ..
أنا مدرك أني انتحرت بخنجري
وكسرت مصباح النهار .
فإذا ارتكبت حماقتي
فلأنني لا أتقن التمثيل من خلف الستار ..
أنا خائف من آلة التسجيل ،
من صوتي .. ومن لغتي ..
ومن شعري .. ومن نثري ..
فما جدوى كلامي ؟
وأنا أضعت الذاكره .
إني أحدق في الوجوه ، وفي العيون ،
فلا أرى أحداً أمامي .
وأنا أحدق في يديك ..
فلا أرى قطناً .. ولا عسلاً ..
ولا ما قيل عن ريش النعام .
فلا أرى إلا حطامي !! ..
هذا هو التاريخ يذبحنا ..
فكيف نفر من سيف العصور ؟
إسبانيا سقطت ..
فلا ورد ، ولا آس ،
ولا ماء يغني في نوافير القصور .
ما عاد يمكن أن أعيد قصائدي الأولى
وأرقص فوق موسيقى البحور ..
ما عاد يمكن أن أعيد لنهدك المسحوق ..
أيام الشجاعة ، والتمرد ، والغرور ..
فعقارب الأيام ، يا سيدتي ، تدور ..
ومواقفي ..
وعواطفي أيضاً تدور !! ..
هذا زمان ضيق .
صارت به الكلمات تبحث عن فضاء .
صارت به حرية الإنسان تبحث عن هواء..
صار اقتراف الحب فيه جريمة ..
وتكسرت فيه النساء على النساء !! ..
رحل القطار ،
ونحن ما زلنا على مقهى الممحطة جالسين ..
ضاعت تذاكرنا ..
ولا زلنا على أرض المحطة تائهين .
لصقت معاطفنا على أجسادنا ..
وتبعثرت مدن الحنين .
هل نحن حقاً راحلون مع الضحى ..
أم نحن غير مسافرين ؟؟ ..
رحل القطار ،
ولا مكان لنا على هذي الخريطه .
لا في الشمال ، ولا في الجنوب .
لا في الصباح ، ولا في الغروب .
رحل القطار ،
وليس يمكننا الذهاب إلى الطفوله
وإلى بياض الياسمين ..
ما عاد لي بيت أعود إليه
في وطن النساء ..
أرأيت نهراً عاد يوماً للوراء ؟؟ ..