- 1 -
ترك المُلك وذهب يتعبد !
قال عون بن عبد الله بن عتبة : بنى ملك ممن كان قبلنا مدينة عظيمة ، فتنوق في بنائها ( تَنَوّق، أي: تأنق في الصنعة وجودها ) ثم صنع طعاما ودعا عامة الناس إليه ، وأقعد على أبوابها ناساً يسألون كل من خرج ، هل رأيتم عيباً ؟فيقولون : لا، حتى جاء في آخر الناس قوم عليهم أكسية ، فسألوهم : هل رأيتم عيباً ؟
فقالوا : نعم ، فأدخلوهم على الملك ، فقال : هل رأيتم عيباً ؟
فقالوا : نعم !
قال : وما هو ؟ قالوا : تخرب ، ويموت صاحبها !
قال : أفتعلمون دارا لا تخرب ولا يموت صاحبها ؟ قالوا : نعم ، فدعوه للدار الآخرة ، فاستجاب لهم ، وانخلع من ملكه ، وتعبد معهم !
فحدث عون بهذا الحديث ، عمر بن عبد العزيز ، فوقع منه موقعاً حتى همّ أن يخلع نفسه من الملك ، فأتاه ابن عمه مسلمة ، فقال : اتق الله يا أمير المؤمنين في أمة محمد ، فوالله لئن فعلت ليقتتلن بأسيافهم ، قال: ويحك يا مسلمة ، حملت ما لا أطيق ، وجعل يرددها ومسلمة يناشده حتى سكن .
- 2 -
حلم صاحب الجرّة ؟
حُكيَ أن ناسكاً ، كان له سمن في جرة معلقة على سريره ، ففكر يوماً وهو مضطجع على السرير وبيده عصا ، فقال : أبيع الجرة بعشرة دراهم ، وأشتري بها خمس عنزات ، فأولدهن بكل سنة مرتين ، فيبلغ النتاج في عشر سنين مائتين ، فأشتري بكل عشر بقرة ، ثم ينمو المال بيدي فأشتري العبيد والإماء ، ويولد لي ولد فإن عصاني ضربته بهذه العصا ، وأشار بالعصا فأصاب الجرة
فانكسرت وصب السمن على وجهه ورأسه .... !
- 3 -
ماذا أردت بطول المُكث في اليمن ؟
قال ابن جريج العلّامة الحافظ صاحب التصانيف : كنتُ أظن أنّ الله عز وجل لا ينفع أحداً بشعر عمر بن أبي ربيعة
( وذلك لتفحشه وتشبيبه ) ، حتى سمعت وأنا باليمن منشداً يُنشد قوله :
بالله قـولي لـه في غـيـر مـعـتـبــةٍ ... ماذا أردتَ بطول المُكثِ في اليمنِ
إنْ كنتَ حاولتَ دنيا أو ظفرتَ بها ... فـما أخـذتَ بـتـركِ الحـجِ من ثمنِ
فحركني ذلك إلى الرجوع إلى مكة وقد أظلنا موسم الحج ولم أكن قد نويته ، فاستأذنت من معن بن زائدة أمير اليمن يومئذ .
قال : مادعاك ؟
قلتُ : شعرٌ لعمر بن أبي ربيعة وأنشدته له ، فأذن لي وجهزني ثم خرجت مع الحجيج وحججت.
- 4 -
صدق الله وكذب الشاعر ؟
أدخلوا على الحجاج بن يوسف الثقفي أحد المعتقلين وهو مقيد ، فقال له الحجاج : ما شـأنك يا هذا ؟فقال الرجل : أصلح الله الأمير , أرعني سمعك , واغضض عني بصرك , واكفف عني سيفك , فإن سمعت خطأ أو زللاً دونك والعقوبة . قال : قل .فقال : عصى عاصٍ من عُرض العشيرة ؛ فخُلَق على اسمي " اي منع من العطاء " ، وهُدم منزلي , وحرمتُ عطائي . قال الحجاج : هيهات هيهاتأًو ما سمعت قول الشاعر :
جانيك من يجني عليك وقد .. ُتعدي الصحاحَ مباركُ الجُربِ ولَربَ مأخوذ بذنب عَشيرهِ .. ونَجا المقارفُ صاحب الذنبِ ... ؟
قال الرجل : أصلح الله الامير, ولكني سمعت الله عز وجل يقول غير هذا.
قال : وما ذاك ؟قال : قال عز وجل "ياأيها العزيزُ إن له أباً شيخاً كبيرا ً فَخذ أَحَدَنَا مكانهُ إنًا نَراك من المحسنين َ، قال معاذ اللهِ أن نأخذ إلا من وجدنا متاعنا عِندهُ إنًا إذاً لظالمون". فقال الحجاج : عليً بيزيد بن أبي مسلم ، فمثل بين يديه . فقال له : افكُك لهذا عن اسمه , واصكك له بعطاء , وابن له منزله , ومُر منادياً ينادي : صدق الله وكذب الشاعر .
- 5 -
وفاء الوزير الهندي ؟
حُكِيَ أنَّ ملكاً شاباً من ملوك الهند أُهْدِيَت إليه ثياب نساء فاخرة من أحد الأقاليم البعيدة ، فأمر وزيره أنْ يبعث من ينادي زوجاته ، فجاءت زوجاته وقد بسط الثياب لتنتقي كل واحدة منهنَّ ما يُناسبها ، فجعلنَ ينظرن وهنَّ متحيرات ، وأثناء ذلك رفعت إحداهنَّ رأسها فنظرت إلى الوزير كأنها تسـتـشـيره عـن أي الثياب أجـمـل ؟
فما كان من الوزير إلا أنْ أشار لها بعينه بسرعة نحو إحدى الثياب ، فوقعت عين الملك على الوزير وهو يغمزها لزوجته !
ولكنّ الملك أسَرَّها في نفسه ولم يُبدها له ، ثم أخذت بعد ذلك كل واحدة منهنّ ما ناسبها وخرجن ، ولكن الوزير المسكين اضطرب وتغير وجهه واحتار كيف له أنْ يُفهم الملك ما قصده بتلك الإشاره ؟
وبعد تفكير وتردد لم يجد حلاً سوى أَنْ يتظاهر أنَّ في عينه عاهة طرأت عليها تجعله يُغمضها بين لحظةٍ ولحظة ، فعاش هذا الوزير المسكين سنين طويلة وهو يقوم بإغماض عينه اليسرى كلما رأى الملك حتى أصبحت عادة ملازمة له ، وعندما حضرت الملك الوفاة ، قال الملك لابنه وهو يعظه : يا بُني أوصيك بالوزير خيراً ، فإنَّه اعتذر عن ذنبٍ لم يرتكبه مدة 40 سنة!!
- 6 -
وُجد في اليمن كتاب يرجع إلى عهد نبي الله يوسف عليه السلام !
خبر غريب جداً !
ذكره أبو حيان التوحيدي في الامتاع والمؤانسة ، قال :
وُجد كتاب باليمن جاء فيه : أنا فلانه بنت فلان التبعي ، كنت آكل الزرع الرطب من الهند وأنا باليمن ، ثم جعنا حتى اشترينا البر بالدر من يوسف بن يعقوب بمصر ، فلا يغتر أحد بالدنيا . انتهى
التعليق :
ربما كانت تلك الكتابة على ورق أو حجر أو غير ذلك ، ويبدو أنَّ صاحبة الكتاب من بنات أحد ملوك اليمن ( التبَّع ) ، كانت السفن تأتي من الهند محملة لهم بما لذ وطاب مما هو طازج وهم باليمن ، وبعد ذلك أتى الجدب والقحط حتى فقدت الأموال قيمتها ولم يبق لأحد غذاء سوى ما ادخره نبي الله يوسف عليه السلام من حصاد السنين الماضية ، فاضطروا لتقديم الدر اليه ليحصلوا على طعام البر .
وهناك من يقول أنَّ الأثريين في هذه الأزمنة وجدوا نقوشاً على أحجار في اليمن تعود لما قبل زمان نبي الله يوسف عليه السلام ، وربما كانت هذه الكتابة من نوع ما وجدوه من تلك النقوش .
- 7 -
من مثالب أصفهان ؟
جاء في مثالب أصفهان أنَّ رجلاً غريباً دخلها واستأجر داراً صغيرة لأيام ولم يكن يعرف فيها أي أحد ، ثمَ خرج على الفور ليشتري لنفسه عشاء ، فأتى الخبَّاز بعد أن اشترى العشاء واشترى منه رغيفين ، وفي طريق عودته سمع مسكيناً أعمى يسأل الناس ، فاقترب منه وأعطاه رغيفاً ، فقال له الأعمى : جزاك الله خيراً و رَحِمَ الله غربتك ! فتعجب الغريب وقال : وما علمك بغربتي ؟
قال الأعمى : أنا أعيش هنا منذ عشرين سنة لم أتناول من أحد رغيفاً ساخناً قط !
- 8 -
من بديع صور البلاغة
توقف السيوطي رحمه الله في الإتقان عند قول الله تعالى في هذه الآية :{ وقيل يا أرض ابلعي ماءك وياسماء أقلعي وغيض الماء وقُضيَ الأمر واستوت على الجودي وقيل بُعداً للقوم الظالمين }هود:44.
فقال :أمر ونهى ، وأخبر ونادى ، ونعت وسمَّى ، وأهلك وأبقى ، وأسعد وأشقى ، وقصَّ من الأنباء ما لو شُرِح ما اندرج في هذه الجملة من بديع اللفظ والبلاغة والإيجاز والبيان لجفت الأقلام .
- 9 -
بلاغة الجارية ؟
يقول الأصمعي سمعتُ جارية أعرابية تنشد أبياتاً أعجبتني جداً ، فقلتُ لها : قاتلك الله ما أفصحك !
قالت : أَوَترك القرآن لغيره فصاحة ، وقد جمع في آيةٍ واحدة أمريْن ونهييْن وبشارتيْن !
فقلت : وأي آية تقصدين ؟
قالت :{ وأوحينا إلى أم موسى أنْ أرضعيه فإذا خفت عليه فألقيه في اليم ولا تخافي ولا تحزني إنّا رادوه إليك وجاعلوه من المرسلين } القصص 7
يقول الأصمعي : فكأني أسمعها لأول مرة !
وتفصيل ذلك :
-الأمر الأول :أن أرضعيه
-الأمر الثاني :فألقيه
-النهي الأول :ولا تخافي
-النهي الثاني :ولا تحزني
-البشارة الأولى :إنّا رادوه إليك
-البشارة الثانية :وجاعلوه من المرسلين
- 10 -
سرعة بديهة امرأة
مرت امرأةٌ بقومٍ من بني نُمير وهي في طريقها إلى دارها ، فأداموا النظر فيها حتى تعثّرت ، فغضبت وقالت لهم : والله يا بني نُمير ما أطعتم الله سبحانه وتعالى إذ قال :{ قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم }. ولا أخذتم بقول جرير :
فغُضَّ الطرف إنك من نُميرٍ .... فلا كعباً بلغت ولا كلابا
فأطرق القوم خجلاً !
ترك المُلك وذهب يتعبد !
قال عون بن عبد الله بن عتبة : بنى ملك ممن كان قبلنا مدينة عظيمة ، فتنوق في بنائها ( تَنَوّق، أي: تأنق في الصنعة وجودها ) ثم صنع طعاما ودعا عامة الناس إليه ، وأقعد على أبوابها ناساً يسألون كل من خرج ، هل رأيتم عيباً ؟فيقولون : لا، حتى جاء في آخر الناس قوم عليهم أكسية ، فسألوهم : هل رأيتم عيباً ؟
فقالوا : نعم ، فأدخلوهم على الملك ، فقال : هل رأيتم عيباً ؟
فقالوا : نعم !
قال : وما هو ؟ قالوا : تخرب ، ويموت صاحبها !
قال : أفتعلمون دارا لا تخرب ولا يموت صاحبها ؟ قالوا : نعم ، فدعوه للدار الآخرة ، فاستجاب لهم ، وانخلع من ملكه ، وتعبد معهم !
فحدث عون بهذا الحديث ، عمر بن عبد العزيز ، فوقع منه موقعاً حتى همّ أن يخلع نفسه من الملك ، فأتاه ابن عمه مسلمة ، فقال : اتق الله يا أمير المؤمنين في أمة محمد ، فوالله لئن فعلت ليقتتلن بأسيافهم ، قال: ويحك يا مسلمة ، حملت ما لا أطيق ، وجعل يرددها ومسلمة يناشده حتى سكن .
- 2 -
حلم صاحب الجرّة ؟
حُكيَ أن ناسكاً ، كان له سمن في جرة معلقة على سريره ، ففكر يوماً وهو مضطجع على السرير وبيده عصا ، فقال : أبيع الجرة بعشرة دراهم ، وأشتري بها خمس عنزات ، فأولدهن بكل سنة مرتين ، فيبلغ النتاج في عشر سنين مائتين ، فأشتري بكل عشر بقرة ، ثم ينمو المال بيدي فأشتري العبيد والإماء ، ويولد لي ولد فإن عصاني ضربته بهذه العصا ، وأشار بالعصا فأصاب الجرة
فانكسرت وصب السمن على وجهه ورأسه .... !
- 3 -
ماذا أردت بطول المُكث في اليمن ؟
قال ابن جريج العلّامة الحافظ صاحب التصانيف : كنتُ أظن أنّ الله عز وجل لا ينفع أحداً بشعر عمر بن أبي ربيعة
( وذلك لتفحشه وتشبيبه ) ، حتى سمعت وأنا باليمن منشداً يُنشد قوله :
بالله قـولي لـه في غـيـر مـعـتـبــةٍ ... ماذا أردتَ بطول المُكثِ في اليمنِ
إنْ كنتَ حاولتَ دنيا أو ظفرتَ بها ... فـما أخـذتَ بـتـركِ الحـجِ من ثمنِ
فحركني ذلك إلى الرجوع إلى مكة وقد أظلنا موسم الحج ولم أكن قد نويته ، فاستأذنت من معن بن زائدة أمير اليمن يومئذ .
قال : مادعاك ؟
قلتُ : شعرٌ لعمر بن أبي ربيعة وأنشدته له ، فأذن لي وجهزني ثم خرجت مع الحجيج وحججت.
- 4 -
صدق الله وكذب الشاعر ؟
أدخلوا على الحجاج بن يوسف الثقفي أحد المعتقلين وهو مقيد ، فقال له الحجاج : ما شـأنك يا هذا ؟فقال الرجل : أصلح الله الأمير , أرعني سمعك , واغضض عني بصرك , واكفف عني سيفك , فإن سمعت خطأ أو زللاً دونك والعقوبة . قال : قل .فقال : عصى عاصٍ من عُرض العشيرة ؛ فخُلَق على اسمي " اي منع من العطاء " ، وهُدم منزلي , وحرمتُ عطائي . قال الحجاج : هيهات هيهاتأًو ما سمعت قول الشاعر :
جانيك من يجني عليك وقد .. ُتعدي الصحاحَ مباركُ الجُربِ ولَربَ مأخوذ بذنب عَشيرهِ .. ونَجا المقارفُ صاحب الذنبِ ... ؟
قال الرجل : أصلح الله الامير, ولكني سمعت الله عز وجل يقول غير هذا.
قال : وما ذاك ؟قال : قال عز وجل "ياأيها العزيزُ إن له أباً شيخاً كبيرا ً فَخذ أَحَدَنَا مكانهُ إنًا نَراك من المحسنين َ، قال معاذ اللهِ أن نأخذ إلا من وجدنا متاعنا عِندهُ إنًا إذاً لظالمون". فقال الحجاج : عليً بيزيد بن أبي مسلم ، فمثل بين يديه . فقال له : افكُك لهذا عن اسمه , واصكك له بعطاء , وابن له منزله , ومُر منادياً ينادي : صدق الله وكذب الشاعر .
- 5 -
وفاء الوزير الهندي ؟
حُكِيَ أنَّ ملكاً شاباً من ملوك الهند أُهْدِيَت إليه ثياب نساء فاخرة من أحد الأقاليم البعيدة ، فأمر وزيره أنْ يبعث من ينادي زوجاته ، فجاءت زوجاته وقد بسط الثياب لتنتقي كل واحدة منهنَّ ما يُناسبها ، فجعلنَ ينظرن وهنَّ متحيرات ، وأثناء ذلك رفعت إحداهنَّ رأسها فنظرت إلى الوزير كأنها تسـتـشـيره عـن أي الثياب أجـمـل ؟
فما كان من الوزير إلا أنْ أشار لها بعينه بسرعة نحو إحدى الثياب ، فوقعت عين الملك على الوزير وهو يغمزها لزوجته !
ولكنّ الملك أسَرَّها في نفسه ولم يُبدها له ، ثم أخذت بعد ذلك كل واحدة منهنّ ما ناسبها وخرجن ، ولكن الوزير المسكين اضطرب وتغير وجهه واحتار كيف له أنْ يُفهم الملك ما قصده بتلك الإشاره ؟
وبعد تفكير وتردد لم يجد حلاً سوى أَنْ يتظاهر أنَّ في عينه عاهة طرأت عليها تجعله يُغمضها بين لحظةٍ ولحظة ، فعاش هذا الوزير المسكين سنين طويلة وهو يقوم بإغماض عينه اليسرى كلما رأى الملك حتى أصبحت عادة ملازمة له ، وعندما حضرت الملك الوفاة ، قال الملك لابنه وهو يعظه : يا بُني أوصيك بالوزير خيراً ، فإنَّه اعتذر عن ذنبٍ لم يرتكبه مدة 40 سنة!!
- 6 -
وُجد في اليمن كتاب يرجع إلى عهد نبي الله يوسف عليه السلام !
خبر غريب جداً !
ذكره أبو حيان التوحيدي في الامتاع والمؤانسة ، قال :
وُجد كتاب باليمن جاء فيه : أنا فلانه بنت فلان التبعي ، كنت آكل الزرع الرطب من الهند وأنا باليمن ، ثم جعنا حتى اشترينا البر بالدر من يوسف بن يعقوب بمصر ، فلا يغتر أحد بالدنيا . انتهى
التعليق :
ربما كانت تلك الكتابة على ورق أو حجر أو غير ذلك ، ويبدو أنَّ صاحبة الكتاب من بنات أحد ملوك اليمن ( التبَّع ) ، كانت السفن تأتي من الهند محملة لهم بما لذ وطاب مما هو طازج وهم باليمن ، وبعد ذلك أتى الجدب والقحط حتى فقدت الأموال قيمتها ولم يبق لأحد غذاء سوى ما ادخره نبي الله يوسف عليه السلام من حصاد السنين الماضية ، فاضطروا لتقديم الدر اليه ليحصلوا على طعام البر .
وهناك من يقول أنَّ الأثريين في هذه الأزمنة وجدوا نقوشاً على أحجار في اليمن تعود لما قبل زمان نبي الله يوسف عليه السلام ، وربما كانت هذه الكتابة من نوع ما وجدوه من تلك النقوش .
- 7 -
من مثالب أصفهان ؟
جاء في مثالب أصفهان أنَّ رجلاً غريباً دخلها واستأجر داراً صغيرة لأيام ولم يكن يعرف فيها أي أحد ، ثمَ خرج على الفور ليشتري لنفسه عشاء ، فأتى الخبَّاز بعد أن اشترى العشاء واشترى منه رغيفين ، وفي طريق عودته سمع مسكيناً أعمى يسأل الناس ، فاقترب منه وأعطاه رغيفاً ، فقال له الأعمى : جزاك الله خيراً و رَحِمَ الله غربتك ! فتعجب الغريب وقال : وما علمك بغربتي ؟
قال الأعمى : أنا أعيش هنا منذ عشرين سنة لم أتناول من أحد رغيفاً ساخناً قط !
- 8 -
من بديع صور البلاغة
توقف السيوطي رحمه الله في الإتقان عند قول الله تعالى في هذه الآية :{ وقيل يا أرض ابلعي ماءك وياسماء أقلعي وغيض الماء وقُضيَ الأمر واستوت على الجودي وقيل بُعداً للقوم الظالمين }هود:44.
فقال :أمر ونهى ، وأخبر ونادى ، ونعت وسمَّى ، وأهلك وأبقى ، وأسعد وأشقى ، وقصَّ من الأنباء ما لو شُرِح ما اندرج في هذه الجملة من بديع اللفظ والبلاغة والإيجاز والبيان لجفت الأقلام .
- 9 -
بلاغة الجارية ؟
يقول الأصمعي سمعتُ جارية أعرابية تنشد أبياتاً أعجبتني جداً ، فقلتُ لها : قاتلك الله ما أفصحك !
قالت : أَوَترك القرآن لغيره فصاحة ، وقد جمع في آيةٍ واحدة أمريْن ونهييْن وبشارتيْن !
فقلت : وأي آية تقصدين ؟
قالت :{ وأوحينا إلى أم موسى أنْ أرضعيه فإذا خفت عليه فألقيه في اليم ولا تخافي ولا تحزني إنّا رادوه إليك وجاعلوه من المرسلين } القصص 7
يقول الأصمعي : فكأني أسمعها لأول مرة !
وتفصيل ذلك :
-الأمر الأول :أن أرضعيه
-الأمر الثاني :فألقيه
-النهي الأول :ولا تخافي
-النهي الثاني :ولا تحزني
-البشارة الأولى :إنّا رادوه إليك
-البشارة الثانية :وجاعلوه من المرسلين
- 10 -
سرعة بديهة امرأة
مرت امرأةٌ بقومٍ من بني نُمير وهي في طريقها إلى دارها ، فأداموا النظر فيها حتى تعثّرت ، فغضبت وقالت لهم : والله يا بني نُمير ما أطعتم الله سبحانه وتعالى إذ قال :{ قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم }. ولا أخذتم بقول جرير :
فغُضَّ الطرف إنك من نُميرٍ .... فلا كعباً بلغت ولا كلابا
فأطرق القوم خجلاً !