- 1 -
بديهة الحجاج بن يوسف ؟
بعد أن تم بناء مسجد قبة الصخرة في القدس في عهد الخليفة الأموي عبدالملك بن مروان ، قام الخليفة ببناء الباب الرئيسي للمسجد ، وقام بعض الولاة والأمراء ببناء بقية الأبواب حتى يفوزوا بهذا الشرف ، وكان الباب الذي بناه الحجاج بن يوسف الثقفي أمير العراق يقع بجانب باب الخليفة .
وذات يوم عاصف ممطر كثير الصواعق من أيام الشتاء ، نزلت صاعقة من السماء فأحرقت باب الخليفة عبدالملك ولم تصب باب الحجاج رغم قربه منه ، فاغتمَّ الخليفة وتشائم من ذلك ، وعندما بلغت الحادثة الحجاج في العراق ، أخذ رقعة وكتب عليها كلمات ثم ختمها وبعث بها مع رسول إلى الخليفة في الحال ، وعندما فتحها الخليفة وإذ بها :
بعد السلام ، بلغني أنَّ صاعقة نزلت من السماء فأحرقت باب أمير المؤمنين ولم تحرق باب الحجاج ، وما أنا وأنت يا أمير المؤمنين إلا كإبني آدم { إذ قربا قرباناً فتقبل من أحدهما ولم يتقبل من الآخر } !
فتبسم الخليفة وقد سري عنه بعد هذه الكلمات ...
- 2 -
السهم النافـــذ ؟
جاء في المنتظم لابن الجوزي في حوادث سنة 262 هـ :
قال أبو عون الفرائضي : خرجتُ إلى مجلس أحمد بن منصور الزيادي سنة 262 هـ ، فلما صرت بطاق الحراني رأيتُ رجلاً قد أمر بالقبض على امراة ، وأمر بجرها فقالت له : اتق الله ، فأمر أن تُجر ، فلم تزل تناشده الله وهو يأمر بجرها إلى باب القنطرة ، فلما يئست من نفسها رفعت رأسها إلى السماء ثم قالت : { قل اللهم فاطر السموات والأرض عالم الغيب والشهادة أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون } إن كان هذا الرجل يظلمني فخذه .
قال الفرائضي : فوقع الرجل على ظهره ميتاً وأنا أراه ، فحمل على جنازة وانصرفت المرأة !
- 3 -
مروءة أبي دُلف ؟
ذكروا أنَّ جاراً لأبي دلف ببغداد لزمه كبير دَيْن فادح ، حتى احتاج إلى بيع داره ، فسألهم ألفيْ دينار ، فقالوا له : إنَّ دارك تساوي خمسمائة فقط !
فقال : وجِواري من أبي دُلف بألفٍ وخمسمائة !
فبلغ أبا دلف ذلك ، فأمر بقضاء دينه ، وقــال : لا تَـبِـعْ دارك ولا تـنـتـقـل مــن جـوارنا .
وأبو دُلف هذا هو القاسم بن عيسى العجلي ، كان قائداً عباسياً في زمن المأمون ، وهو الذي قيلت به القصيدة المشهورة ذاد ورد الغي والتي قالها الشاعر علي بن جبله الملقب بالعكوك ، وتسببت في مقتله على ما ذكر أهل التاريخ ومنها :
إنــمـا الــدنـيـا أبـو دلــفٍ .. بيْن مـبـداهُ ومـحـتـضرهْ
فـــــإذا ولا أبــــــو دُلـــــفٍ .. ولَّــت الـدنـيا على أثرهْ
كل من في الأرض من عربٍ .. بـيـن بـاديـهِ إلى حـضـرهْ
مـستعــيــرٌ منـك مــكرمــــة .. يــكـتسـبهــا يوم مفتخرهْ
- 4 -
غرور الجرمي وعلم الأصمعي
قال أبو عمر الجُرمي يوماً في مجلس الأصمعي : أنا أعلم الناس بالنحو !
فسكت عنه الأصمعي ساعةً ثم قال : يا أبا عمر ، كيف تُنشد :
قد كنَّ يُكـنِـنَّ الوجوهَ تَستُّراً .. فالآنَ حينَ بَدَيْنَ للنُّظَّارِ
كيف تقول : بدين أو بدأن ؟
قال أبو عمر : بدأن .
فقال الأصمعي : يا أبا عمر أنت أعلم الناس بالنحو - يُمازحه - وإنما هو بدوْنَ ، لأنه من بدا يبدو ، أي يظهرن .
- 5 -
ابن شميل وأهل البصرة ؟
لما ضاقت معيشة النضر بن شميل بالبصرة خرج يريد خراسان ، فشيَّعه من أهلها نحو ثلاثة آلاف رجل ، مافيهم إلا محدث أو نحوي أو عروضي أو إخباري أو لغوي ، فلما صار بالملبد إلتفت إليهم وقال : ( يا أهل البصرة يعز عليَّ أن أفارقكم ، ووالله لو وجدت كل يوم باقلاء ما فارقتكم ) ، فلم يكن فيهم مَن تكفَّل له بذلك !
- 6 -
من ذكاء الشعبي ؟
رُويَ أنَّ عبدالملك بن مروان خرج يوماً ، فلقيته امرأة فقالت : يا أمير المؤمنين .
قال : ما شأنكِ ؟
قالت : توفيَ أخي وترك 600 دينار ، فـدُفِعَ إليَّ من ميراثِهِ دينار واحد وقيل : هذا نصيبك !
فكر الخليفة في الأمر ولكنه عُمِيَ عليه وتحيَّر ، فأرسلَ إلى الإمام الشعبي فسأله .
فقال : نعم ، هذا والعلم عند الله رجل توفيَ فتركَ ابنتين فلهما الثلثان 400 دينار ، وأماً فلها السدس 100 دينار ، وزوجة فلها الثمن 75 دينار ، و12 أخاً فلهم 24 دينار .
وبقيَ لهذه المرأة دينار واحد .
فسألها فقالت : صدق !
- 7 -
مدعي النبوة والمأمون ؟
أُتيَ المأمون برجل أسود ادعى النبوة وقال أنا موسى بن عمران ، فقال له المأمون إن موسى بن عمران أخرج يده من جيبه بيضاء ، فأخرج يدك بيضاء حتى أؤمن بك ؟
فقال الأسود : إنما جُعل ذلك لموسى لما قال له فرعون : أنا ربكم الأعلى ، فقل أنت كما قال فرعون حتى أُخرج يدي بيضاء ، وإلا لم تبْيَض !
- 8 -
شجاعة الأخيار ؟
قال عبدة بن سليمان المروزي :
كنا في سرية في بلاد الروم ، فصادفنا العدو ، فلما التقا الصفان خرج رجلٌ من العدو فدعا للمبارزة ، فخرج إليه رجل من المسلمين ولكن الرومي قتله ، ثم خرج رجل آخر فقتله أيضاً ، ثم آخر فقتله ، ثم نظرنا وإذا برجلٍ يخرج من بين الصفوف وقد غطى وجهه ، فطارد الرومي حتى قتله ، ثم دخل بين الصفوف وقد ازدحم إليه الناس وهو يلثم وجهه بِكمه حتى لا يعرفه أحد ، فأخذتُ بطرف كمهِ فمددته فإذا هو الإمام عبدالله بن المبارك ، فقال لي : وأنت يا أبا عمرو ممن يُشنع علينا ؟!
يحسُنُ الذِّكر عنهمُ والأحاديث ... إذا حدَّثَ الحديدُ الحديدا
معشرٌ يٌنجزون بالخير والشرِّ .. يدَ الدهرِ موعداً ووعيدا
- 9 -
صباح الإمام أحمد ؟
قال المروذي : دخلت يوماً على أحمد بن حنبل فقلت له : كيف أصبحت ؟
فقال : كيف أصبح مَن ربه يطالبه بأداء الفرض ، ونبيه يطالبه بأداء السنة ، والملكان يطالبانه بتصحيح العمل ، ونفسه تطالبه بهواها ، وإبليس يطالبه بالفحشاء ، وملك الموت يطالبه بقبض روحه ، وعياله يطالبونه بنفقتهم !
- 10 -
قصة حقيقية ؟
كان في دمشق طالب علم فقير يسكن في مسجد يقال له مسجد التوبة يتتلمذ على يد شيخ المسجد ، وفي يوم من الأيام شعر هذا الشاب بجوع شديد إذ أنه لم يأكل منذ يومين ، ومن شدة الجوع غلب على ظنه واعتقد أنه قد بلغ حد الإضطرار كأكل الميتة أو السرقة على قدر الحاجة حسب فهمه ، فتسلَّق سطح المسجد ومنه إلى المنزل المجاور فالمجاور حتى شم رائحة طبيخ فنزل إلى مكانه ودخل مطبخ البيت وفتح قدر الطبخ دون أن يشعر بنفسه من شدة جوعه ، فقضم من باذنجانة كانت بالقدر شيئاً يسيراً إلا أنه ندم وقال أنا طالب علم أقيم في مسجد وأسرق ؟
فأغلق القدر وصعد ثم نزل إلى المسجد حتى أتى غرفته .
وبعد العصر وبينما هو في حلقة الشيخ أتت امرأة مستترة وبعثت إلى الشيخ فقام وكلمها ، وبعد قليل قال الشيخ للشاب : هل لك أن تتزوج ؟
فقال : ياشيخ لا أملك ثمن رغيف فكيف أتزوج ؟
قال الشيخ : إن هذه المرأة خبرتني أن زوجها توفي وأنها غريبة وليس لها إلا عم عجوز فقير وقد جاءت به معها ، وقد ورثت دار زوجها ومعاشه وهي تحب أن تجد رجلاً يتزوجها لئلا تبقى منفردة فيُطمع بها.
قال الشاب : إذن فإنني أقبل ، وسألها الشيخ هل تقبلين به زوجاً ؟ قالت : نعم .
فدعا الشيخ عمها ودعا شاهدين وعقدا العقد ودفع المهر عن التلميذ وقال له : خذ بيد زوجتك .
فأخذ بيدها فقادته إلى بيتها ، فلما أدخلته كشفت عن وجهها فرأى شباباً وجمالاً ، وإذا البيت هو البيت الذي اقتحمته ، وسألته : هل تأكل ؟
قال : نعم .
فكشفت غطاء القدر فرأت الباذنجانة فقالت : عجباً !
من الذي دخل الدار فعضها ؟
فبكى الرجل وقص عليها الخبر فقالت له : هذه ثمرة الأمانة ، عففت عن الباذنجانة الحرام فأعطاك الله الدار كلها وصاحبتها بالحلال !
بديهة الحجاج بن يوسف ؟
بعد أن تم بناء مسجد قبة الصخرة في القدس في عهد الخليفة الأموي عبدالملك بن مروان ، قام الخليفة ببناء الباب الرئيسي للمسجد ، وقام بعض الولاة والأمراء ببناء بقية الأبواب حتى يفوزوا بهذا الشرف ، وكان الباب الذي بناه الحجاج بن يوسف الثقفي أمير العراق يقع بجانب باب الخليفة .
وذات يوم عاصف ممطر كثير الصواعق من أيام الشتاء ، نزلت صاعقة من السماء فأحرقت باب الخليفة عبدالملك ولم تصب باب الحجاج رغم قربه منه ، فاغتمَّ الخليفة وتشائم من ذلك ، وعندما بلغت الحادثة الحجاج في العراق ، أخذ رقعة وكتب عليها كلمات ثم ختمها وبعث بها مع رسول إلى الخليفة في الحال ، وعندما فتحها الخليفة وإذ بها :
بعد السلام ، بلغني أنَّ صاعقة نزلت من السماء فأحرقت باب أمير المؤمنين ولم تحرق باب الحجاج ، وما أنا وأنت يا أمير المؤمنين إلا كإبني آدم { إذ قربا قرباناً فتقبل من أحدهما ولم يتقبل من الآخر } !
فتبسم الخليفة وقد سري عنه بعد هذه الكلمات ...
- 2 -
السهم النافـــذ ؟
جاء في المنتظم لابن الجوزي في حوادث سنة 262 هـ :
قال أبو عون الفرائضي : خرجتُ إلى مجلس أحمد بن منصور الزيادي سنة 262 هـ ، فلما صرت بطاق الحراني رأيتُ رجلاً قد أمر بالقبض على امراة ، وأمر بجرها فقالت له : اتق الله ، فأمر أن تُجر ، فلم تزل تناشده الله وهو يأمر بجرها إلى باب القنطرة ، فلما يئست من نفسها رفعت رأسها إلى السماء ثم قالت : { قل اللهم فاطر السموات والأرض عالم الغيب والشهادة أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون } إن كان هذا الرجل يظلمني فخذه .
قال الفرائضي : فوقع الرجل على ظهره ميتاً وأنا أراه ، فحمل على جنازة وانصرفت المرأة !
- 3 -
مروءة أبي دُلف ؟
ذكروا أنَّ جاراً لأبي دلف ببغداد لزمه كبير دَيْن فادح ، حتى احتاج إلى بيع داره ، فسألهم ألفيْ دينار ، فقالوا له : إنَّ دارك تساوي خمسمائة فقط !
فقال : وجِواري من أبي دُلف بألفٍ وخمسمائة !
فبلغ أبا دلف ذلك ، فأمر بقضاء دينه ، وقــال : لا تَـبِـعْ دارك ولا تـنـتـقـل مــن جـوارنا .
وأبو دُلف هذا هو القاسم بن عيسى العجلي ، كان قائداً عباسياً في زمن المأمون ، وهو الذي قيلت به القصيدة المشهورة ذاد ورد الغي والتي قالها الشاعر علي بن جبله الملقب بالعكوك ، وتسببت في مقتله على ما ذكر أهل التاريخ ومنها :
إنــمـا الــدنـيـا أبـو دلــفٍ .. بيْن مـبـداهُ ومـحـتـضرهْ
فـــــإذا ولا أبــــــو دُلـــــفٍ .. ولَّــت الـدنـيا على أثرهْ
كل من في الأرض من عربٍ .. بـيـن بـاديـهِ إلى حـضـرهْ
مـستعــيــرٌ منـك مــكرمــــة .. يــكـتسـبهــا يوم مفتخرهْ
- 4 -
غرور الجرمي وعلم الأصمعي
قال أبو عمر الجُرمي يوماً في مجلس الأصمعي : أنا أعلم الناس بالنحو !
فسكت عنه الأصمعي ساعةً ثم قال : يا أبا عمر ، كيف تُنشد :
قد كنَّ يُكـنِـنَّ الوجوهَ تَستُّراً .. فالآنَ حينَ بَدَيْنَ للنُّظَّارِ
كيف تقول : بدين أو بدأن ؟
قال أبو عمر : بدأن .
فقال الأصمعي : يا أبا عمر أنت أعلم الناس بالنحو - يُمازحه - وإنما هو بدوْنَ ، لأنه من بدا يبدو ، أي يظهرن .
- 5 -
ابن شميل وأهل البصرة ؟
لما ضاقت معيشة النضر بن شميل بالبصرة خرج يريد خراسان ، فشيَّعه من أهلها نحو ثلاثة آلاف رجل ، مافيهم إلا محدث أو نحوي أو عروضي أو إخباري أو لغوي ، فلما صار بالملبد إلتفت إليهم وقال : ( يا أهل البصرة يعز عليَّ أن أفارقكم ، ووالله لو وجدت كل يوم باقلاء ما فارقتكم ) ، فلم يكن فيهم مَن تكفَّل له بذلك !
- 6 -
من ذكاء الشعبي ؟
رُويَ أنَّ عبدالملك بن مروان خرج يوماً ، فلقيته امرأة فقالت : يا أمير المؤمنين .
قال : ما شأنكِ ؟
قالت : توفيَ أخي وترك 600 دينار ، فـدُفِعَ إليَّ من ميراثِهِ دينار واحد وقيل : هذا نصيبك !
فكر الخليفة في الأمر ولكنه عُمِيَ عليه وتحيَّر ، فأرسلَ إلى الإمام الشعبي فسأله .
فقال : نعم ، هذا والعلم عند الله رجل توفيَ فتركَ ابنتين فلهما الثلثان 400 دينار ، وأماً فلها السدس 100 دينار ، وزوجة فلها الثمن 75 دينار ، و12 أخاً فلهم 24 دينار .
وبقيَ لهذه المرأة دينار واحد .
فسألها فقالت : صدق !
- 7 -
مدعي النبوة والمأمون ؟
أُتيَ المأمون برجل أسود ادعى النبوة وقال أنا موسى بن عمران ، فقال له المأمون إن موسى بن عمران أخرج يده من جيبه بيضاء ، فأخرج يدك بيضاء حتى أؤمن بك ؟
فقال الأسود : إنما جُعل ذلك لموسى لما قال له فرعون : أنا ربكم الأعلى ، فقل أنت كما قال فرعون حتى أُخرج يدي بيضاء ، وإلا لم تبْيَض !
- 8 -
شجاعة الأخيار ؟
قال عبدة بن سليمان المروزي :
كنا في سرية في بلاد الروم ، فصادفنا العدو ، فلما التقا الصفان خرج رجلٌ من العدو فدعا للمبارزة ، فخرج إليه رجل من المسلمين ولكن الرومي قتله ، ثم خرج رجل آخر فقتله أيضاً ، ثم آخر فقتله ، ثم نظرنا وإذا برجلٍ يخرج من بين الصفوف وقد غطى وجهه ، فطارد الرومي حتى قتله ، ثم دخل بين الصفوف وقد ازدحم إليه الناس وهو يلثم وجهه بِكمه حتى لا يعرفه أحد ، فأخذتُ بطرف كمهِ فمددته فإذا هو الإمام عبدالله بن المبارك ، فقال لي : وأنت يا أبا عمرو ممن يُشنع علينا ؟!
يحسُنُ الذِّكر عنهمُ والأحاديث ... إذا حدَّثَ الحديدُ الحديدا
معشرٌ يٌنجزون بالخير والشرِّ .. يدَ الدهرِ موعداً ووعيدا
- 9 -
صباح الإمام أحمد ؟
قال المروذي : دخلت يوماً على أحمد بن حنبل فقلت له : كيف أصبحت ؟
فقال : كيف أصبح مَن ربه يطالبه بأداء الفرض ، ونبيه يطالبه بأداء السنة ، والملكان يطالبانه بتصحيح العمل ، ونفسه تطالبه بهواها ، وإبليس يطالبه بالفحشاء ، وملك الموت يطالبه بقبض روحه ، وعياله يطالبونه بنفقتهم !
- 10 -
قصة حقيقية ؟
كان في دمشق طالب علم فقير يسكن في مسجد يقال له مسجد التوبة يتتلمذ على يد شيخ المسجد ، وفي يوم من الأيام شعر هذا الشاب بجوع شديد إذ أنه لم يأكل منذ يومين ، ومن شدة الجوع غلب على ظنه واعتقد أنه قد بلغ حد الإضطرار كأكل الميتة أو السرقة على قدر الحاجة حسب فهمه ، فتسلَّق سطح المسجد ومنه إلى المنزل المجاور فالمجاور حتى شم رائحة طبيخ فنزل إلى مكانه ودخل مطبخ البيت وفتح قدر الطبخ دون أن يشعر بنفسه من شدة جوعه ، فقضم من باذنجانة كانت بالقدر شيئاً يسيراً إلا أنه ندم وقال أنا طالب علم أقيم في مسجد وأسرق ؟
فأغلق القدر وصعد ثم نزل إلى المسجد حتى أتى غرفته .
وبعد العصر وبينما هو في حلقة الشيخ أتت امرأة مستترة وبعثت إلى الشيخ فقام وكلمها ، وبعد قليل قال الشيخ للشاب : هل لك أن تتزوج ؟
فقال : ياشيخ لا أملك ثمن رغيف فكيف أتزوج ؟
قال الشيخ : إن هذه المرأة خبرتني أن زوجها توفي وأنها غريبة وليس لها إلا عم عجوز فقير وقد جاءت به معها ، وقد ورثت دار زوجها ومعاشه وهي تحب أن تجد رجلاً يتزوجها لئلا تبقى منفردة فيُطمع بها.
قال الشاب : إذن فإنني أقبل ، وسألها الشيخ هل تقبلين به زوجاً ؟ قالت : نعم .
فدعا الشيخ عمها ودعا شاهدين وعقدا العقد ودفع المهر عن التلميذ وقال له : خذ بيد زوجتك .
فأخذ بيدها فقادته إلى بيتها ، فلما أدخلته كشفت عن وجهها فرأى شباباً وجمالاً ، وإذا البيت هو البيت الذي اقتحمته ، وسألته : هل تأكل ؟
قال : نعم .
فكشفت غطاء القدر فرأت الباذنجانة فقالت : عجباً !
من الذي دخل الدار فعضها ؟
فبكى الرجل وقص عليها الخبر فقالت له : هذه ثمرة الأمانة ، عففت عن الباذنجانة الحرام فأعطاك الله الدار كلها وصاحبتها بالحلال !