كان وما زال من أعز أصدقائي ...
لأننا تعارفنا وتآلفنا وتآخينا منذ أيام الدراسة الجميلة ، ولم يفرض أحد منا نفسه على الآخر ، بل توافقت الأرواح والأفكار ، لدرجة أنه لم يهوى كرة القدم ، ولم يحب الكلام في السياسة ، وهذه طبيعته ، فأحبهما من أجلي ، ولكني الآن تبت من كرة القدم لعبا ونقدا ، لا لعلة فيها ولا من مبدأ حرام أو حلال ، ولكن لسبب آخر ليس مكانه هنا ، وأسأل الله أن يتوب عليّ من الكلام في السياسة والتحليل والتنظير والسبب أنني بح صوتي دون جدوى .
نرجع إلى الذي كان وما زال صديقي الذي عشنا سويا أصعب الظروف ، وأعتى المشاكل ، لدرجة أنني الذي خطبت له وعقدت له القِران ، ووقعت مكانه على الضمان ، وهو يكبرني في الزمان ، وكنا نلتقي يوميا على الرغم من بعد المكان ، والانشغال بهموم الزمان ، ومرت الأيام وعرى الصداقة في قوة وازدياد ، وكنت أقلل من كلمة صديق على هذه العلاقة ، وكنت أعدها ثانية بعد أعظم صداقة عرفها التاريخ منذ آدم إلى يوم الدين ( صداقة الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم وأبو بكر الصديق )،
أحبه وأحترمه وأقدره بكل ما تحمل هذه الكلمات من معنى ، وسأل أحد الأشخاص ابني ذات مرة ، كم عدد أعمامك ؟ فعده أولهم دون تردد !
وكنا نحلم معا في الدنيا والآخرة ، ونخطط لأبنائنا معا ، وعرفت الدنيا كلها قوة هذه الصداقة ، ويعلم الله أنني لم أرى منه مايريب هذه الصداقة أبدا ، ويعلم الله أنني أقر في نفسي أنه أفضل مني مئات المرات ، ودارت الأيام وقدر الله أن نفترق حيث جئت إلى هنا وتركته هناك ، وكان هذا سببا في ازدياد قوة الصداقة ، وكان هو أنا عند أهلي ، وخاصة أمي الحبيبة لأنها تراني فيه ، واستمر الحال سنة بعد سنة إلى يومنا هذا ...
وكنت أتصل به أسبوعيا في محل عمله ، وكان يفخر بذلك ويقول هذا صديقي يتصل بي ، لا يريد شيئا ، ولكن ليطمئن عليّ،
وكان أول من يستقبلني في المطار ، وآخر من يودعني عند السفر ، وأهلي يقدمونه قبلهم بكل ارتياح .
ولكني شعرت منذ مدة أنه بدأ يتغير نحوي ، لم يكن هو هو الذي عرفت ، لم يكن هو هو الذي عشت معه ، لم يكن هو هو الذي أكلت معه ، لم يكن هو هو الذي عملت معه ، لم يكن هوهو الشعور الذي كنت أشعر به ، والغريب أنني لم أتغير أبدا ! بشهادته هو ، وكان يكثر من هذه الكلمة :
أنت الوحيد يا صديقي الذي لم يتغير بعد السفر !
وكانت هذه الجملة شهادة فخر لي ،لأنها من إنسان صادق ، وهوصديقي
ولكنه هو الذي تغير !!!
لماذا يا صديقي ؟؟؟
فماذا أفعل ؟