سوف: ديون .. جارة جراسا
قصر قديم، وهندسة مبدعة رتبت حجارة هذا المعمار.
ما إن يدخل الزائر سوف حتى يستقبله هذا البناء المميز في الجهة اليمنى من الطريق، إنه قصر علي باشا الكايد.
ورغم أن دائرة الآثار قامت بامتلاكه، إلا أنه ما زال مهملا، ولا يلقى اهتماما، ولا عناية تليق بحضوره المعنوي، وترقى إلى حجم الأحداث الجسام التي كان هذا البناء شاهدا عليها، إذ أنه كان من المفترض أن يستثمر كمتحف سياسي، أو كمركز ثقافي ليكون مرجعية وطنية، خاصة وأنه قد تمت فيه استضافة كثير من رجالات السياسة والفكر، بحكم موقع صاحبه، في منطقة المعراض من جبل عجلون، ونظرا لما كان يتمتع به من حضور حقيقي على مستوى الوطن.
وإن السرد حول تاريخ سوف، يعطي لهذا القصر مكانته، من حيث أثره على الأحداث، والأشخاص، ومن خلال العلاقة مع العشائر، واستقبال الضيوف المهمين، ومساندة الثوار، والالتفاف حول الدولة الأردنية عند تأسيسها، حيث أن علي باشا كان أول وزير للمواصلات في الأردن في حكومة توفيق أبو الهدى في 6 آب 1939م، وكان قبل ذلك مديرا للمساحة والأراضي في جرش، ورئيسا لبلدية جرش، وشارك في وضع نظام البرلمان عام 1923م، كما شارك مع أهل مأدبا في حربهم ضد الغزو الوهابي، وزاره كل من المعتمد البريطاني كر كبرايت ، والشاعر مصطفى وهبي التل، وكثير من الزعامات والوجهاء، ولذا فإن هذا القصر في سوف، يجسد تاريخ مرحلة بكاملها، ولم ينته بوفاة صاحبه علي باشا الكايد عام 1958م، بل يجب أن يبقى محتفظا بذلك الحضور لتعود إليه الأجيال المتعاقبة من أهل القرية.
زيارة شاه ايران
وفق هذا التقديم..
ومن خلال بوح المبنى الشاهد على مرحلة ماضية، نستطيع أن نرصد الرجالات والزعماء الذين زاروا سوف، ونوثق هذا عبر ذاكرة الكبار، والسير المكتوبة حول القرية في حقب مختلفة من مراحل تشكلها .
تشير سيرة المكان الى أن الأمير عبد الله بن الحسين كان يقضي فيها كل سنة حوالي أسبوعين، مستمتعا بطبيعتها، وطيب مقامها، حيث يشير أهل سوف أنه كان يقول إنني عندما أزور سوف أتذكر جبال الطائف، وجمالها في الجزيرة العربية ، كما أن كبار سوف يوضحون بأنه توجد عِليّة في منزل علي باشا الكايد، في الجهة الغربية منه، كان الأمير عبد الله عندما يزور سوف يجلس فيها، ويقرأ القرآن، ومن خلالها يرى كل القرية وما حولها.
كما زار سوف كذلك الملك فيصل ملك سوريا هو وإخوته علي وزيد أبناء الحسين، وتم استقبالهم والاحتفاء بهم في البلدة، ويشير كبار القرية الى أن الأشراف تحدثوا، وتبادلوا التيجان في سوف أثناء دعوتهم لها .
ويضيف أهل سوف أن المعتمد البريطاني في عمان كان معجبا بقريتهم، وقد زارها عدة مرات، كما أن المندوب السامي البريطاني على فلسطين عندما زار عمان طلب زيارة سوف، وبقي فيها ثلاثة أيام- هذا وفق ما هو موثق في كتاب تاريخ سوف الاجتماعي- وكذلك زارها الملك محمد رضا شاه بهلوي الذي استضافه الأمير عبد الله في سوف، ونصبت له مضارب الشعر، وأقيمت له الاحتفالات.
وتقول ذاكرة سوف بأن الشاعر نمر بن عدوان سكن في منطقة مغر المعازي في أراضي سوف، وسميت الأرض باسمه (جورة نمر)، وقد التقى هناك برجالات من قرية سوف مثل منديل السلامة، وعلي حسين بني مصطفى، وخليل القبلان أبو العدس قوقزة، وغيرهم.
السوافنة والمومنية
ومن الأحداث التي تتعلق بأهل المنطقة، ولها مساحة في الحكاية القديمة للمكان، ما كان من حرابة السوافنة والمومنية ، في عام 1919م، وقد مررنا على ذكرها سابقا عند مرور بوح القرى في قرى المومنية خاصة صخرة وعبين وعبلين ، حيث يقول الكبار بأنه في هذه الحرابة من الطرفين 34 رجلا، منهم 17 من سوف، و17 من المومنية، بالإضافة الى امرأة مومنية، ولكن هذا الخلاف والقتال انتهى في عهد الأمير عبد الله، وتم الصلح بين الطرفين.
الخريطة الاجتماعية.
وحتى تكتمل الصورة حول سوف، لا بد من تسليط الضوء على الخريطة الاجتماعية للقرية، ومتابعتها قديما وحديثا.
يفيد كبار القرية، وتؤيد أقوالهم الكتابات التي دونت حول الأحوال الاجتماعية للمكان، أنه في أزمنة ماضية، سكنت سوف عشائر كثيرة، ورحلت عنها، ومن الأمثلة على ذلك عشيرة النقارشة الذين يعيشون الآن في النعيمة، وكذلك المرجية وهم في حوارة، والغور، والصريح، وأيضا الطوال الذين كانوا في سوف ويتواجدون الآن في الرمثا ومأدبا، والقصير في البلقاء، والمخادمة في الرمثا، وعائلات أخرى سكنت سوف، وارتحلت إلى غير مكان في الأردن مثل النواصرة، والبنا، والفايفة، والصبح، والعرنوس، والقادرية، والمقابلة، والهندي، وعويس، والبطارسة، وحداد.
كما أنه توجد قرى بأكملها لها علاقة وطيدة من حيث أهلها، وعلاقتهم بسوف وهذه القرى هي كفر خل، ودير الليات وهذه قريبة من سوف حيث هناك الجد الشيخ بكري له مقام فيها ويرجع نسبه إلى الشيخ عبد القادر الجيلاني، ومقبلة، وبليلا، وجبا، والمحير، وزقريط، وعصفور.
أما عشائر سوف فهي على النحو التالي: عشيرة الحوامدة، وعشيرة الزريقات، وعشيرة الزطايمة، وعشيرة القواقزة، وعشيرة العضيبات، وعشيرة بني مصطفى، وعشيرة العتوم، وعشيرة الصمادية، وعشيرة البطارسة، والشواكرة، وانمورة، وحدادين، والعتمات، وقادرية، والعفايفة، وعفارات، والجعاعرة، والجعابنة، والبوارنة، والشريم، والبنا، والحويطات, والديري.
المضافات
ويتذكر كبار القرية أن سوف كان بها عدة مضافات قديمة منها مضافة علي باشا الكايد، ومضافة شبلي اليوسف، ومضافة حسن العلي، ومضافة مصطفى العلي، ومضافة عبد العزيز السلامة، ومضافة مصطفى السلامة، ومضافة الفلاحات (صالح الفلاح) كما أنه كان بني مصطفى عندهم مضافة.
سِير الأوائل
وحين يجتمع أهل القرية يتذكرون أن أول من سكن سوف هم الحوامدة، وهم كانوا قبل هيك في النبي هود(مقام النبي هود شرق جرش)، وظاع الهم ماشيه ودواب، وظل الأثر ماشي معهم لما وصلهم لعين سوف، ولقوا الدواب هناك، فاستراحوا، وشربوا من الميه، وقالوا ما نرحل من هان، وخلينا نقعد عند هالعين، ورحلوا ونزلوا في هالمكان هم وأهلهم، وهم كانوا قلال عند النبي هود، فاجوا واستقروا في سوف، وبعدين ردت الناس لحقوهم لهون.. .
يليهم في الإقامة عشيرة الزريقات، حيث كان سكنهم السابق في جرش في منطقة باب عمان، وهؤلاء كانوا تجارا وذا أموال وأراض، ومن أقاربهم عائلة أبو الكشك الذين ثاروا على اليهود والإنجليز معا بقيادة الشيخ شاكر أبو الكشك عام 1921م في مدينة الخضيرا، ويشير فريدريك بيك الى أن الزريقات من حمايل قرية الرمثا، وهم فرع من حمولة الزريقات بقرية سوف من أعمال ناحية المعراض، ويقطن بعضهم في قرية الشجرة ، وفي موضع آخر يقول عنهم من أقدم حمايل سوف، وهم بطن من عشيرة الزريقات الكركية، وينضم اليهم عائلة أبو كشك، وأصلها من عرب أبي كشك المعروفين والنازلين بجوار يافا .
وجاء أيضا في ذات الوقت الى سوف عشيرة القواقزة الذين كانوا في زقريط، وتنتمي هذه العشيرة في أصولها الى عشيرة شمر في الجزيرة العربية، وعنها يقول فريدريك بيك القواقزة من حمايل قرية سوف، قدموا اليها من خربة زقريط الواقعة في جنوبي سوف قبل 200 سنة تقريبا .
ويقول الكبار أن عشيرة الزطايمة قديمين في سوف، وقد جاءوا اليها من درعا من سوريا، ويرد ذكرهم لدى فريدريك عند الحديث عن العتوم، ويشير اليهم في كتابه بالعتامنه، وعنهم يقول : العتامنة(العتوم)، حمولة كبيرة من حمايل قرية سوف، ويقطن قسم منهم في قرية دورة الخليل، نزحوا منها على أثر نزاع بين أهل القرية، ونزلوا في قرية عزون من أعمال نابلس، وبعد حين تألب عليهم حمايل قرية عزون، وقتلوهم جميعا إلا رجلين وامرأة، حيث ذهبت المرأة الى نابلس وكانت حاملا فوضعت ذكرا هو جد عائلة عتمة هناك، وخرج أحد الرجلين الى قرية صنمين بحوران، وأعقابه ما زالوا فيها، وقدم الآخر الى خربة الوهادنة، ومنها رحل الى سوف واستوطنها، وكان فيها من الحمايل الزطايمة والحوامدة، وأعقب ذرية كثيرة هي حمولة العتامنة التي فيها زعامة المنطقة .
وكذلك هناك عشيرة العضيبات الذين أتوا من غور الأردن، وهم أصلا من منطقة عضيب في السعودية، ويشار اليهم في تاريخ سوف الاجتماعي الى أنهم يردون في نسبهم الى سعد العشيرة في اليمن.
وأما بقية العشائر فلها تواريخ مفصلة يمكن ذكرها في مساحات أخرى للإستزادة حول كل عشيرة على حدا، لثراء مادة كل عائلة من ناحية تاريخ ترحالها، وقصص رجالاتها.
الشيخ شكري
من المهم فتح ملف التعليم في سوف حيث ان مدرسة الذكور تأسست فيها عام 1924م، بينما مدرسة الإناث كانت في عام 1953م، وكل هذا كان له مقدمات، وتسلسل يشكل بمجمله حكاية حول التعليم في هذه القرية، وكان لهذا التطور أثر على وعي أبناء هذه القرية.
العودة إلى البدايات الأولى، حيث عهد الكتاتيب والمشايخ الذي تشير ذاكرة الناس في هذا الإطار الى أنه في بداية القرن الماضي، تم الاتفاق بين أهل سوف على أن يتم استدعاء أحد العلماء ليقوم بالتدريس وتعليم الناس في سوف، وقد وافق على الحضور لهذه المهمة الشيخ شكري طبيله من نابلس، الذي بدأ بتعليم أهل البلد، وأقام الصلاة فيهم، وحدثهم في أمور الدين، ثم أحضر زوجته وأخيه الشيخ المؤذن عاهد، ثم بعد ذلك طرح الشيخ شكري مشروع اقامة مسجد في القرية، فتجاوب معه أهل سوف، وتبرعوا بالأرض وبالمال لبناء المسجد وبجانبه بيت للشيخ، وقد أحضر الشيخ شكري المعلمين للبناء من عائلة كلبونة، حيث تم بناء المسجد في عام 1913م، وتم استخدامه للعبادة، وكمدرسة للتعليم، وقد درّس الشيخ شكري في القرية 18 عاما، وتوفي في رمضان 1930م، ودفن في المقبرة الشرقية لسوف.
كما يتذكر أهل القرية الشيخ مصطفى مولوي وهو من دمشق، وقد اهتم بتعليم الكبار المدائح النبوية لمصاحبة لضرب الطبول والمزاهر، وفيه أثر صوفي، وقد كانت الجلسات تعقد أحيانا في ليالي الشتاء، وتوقد فيها النيران الكبيرة ذات الجمر، مع البخور المتواصل، ويقدم في العشاء في وقت متأخر .
أبو الكشك
ودرّس في سوف كذلك كل من الأديب الأستاذ عبد الحليم عباس الذي سكن في سوف في منزل عبد الله الديري، وكذلك الأستاذ يعقوب العودات الذي كان يلقب ب البدوي الملثم وقد سكن في سوف في منزل أحمد الصمادي قرب مياه عين المغاسل، وأيضا الأستاذ جميل شاكر الخانجي، الذي درّس في سوف، وأقام فيها مدة من الزمن، والأستاذ محمد الفرحان، والأستاذ محمد إسماعيل أبو نبيل ، وهو مصري الجنسية، والأستاذ فضل الدلقموني الذي كان مديرا للمدرسة، وقد نقلت المدرسة في عهده من وسط سوف الى عمارة حديثة صاحبها أحمد محمد أبو الكشك (أبو درّه)، وكانت عبارة عن سبع غرف حولها أرض مساحتها سبعة دونمات، تنازل عنها صاحبها أحمد أبو الكشك بكل كرم أخلاق، وقد أشاد بمبادرته وكرمه الأمير عبد الله في تلك الفترة;وهي الان مدرسة اساسية للبنات تضم الصفوف من الاول الى العاشر الاساسي.
فرقة كشافة
وقد أنشأ فضل الدلقموني في هذه المدرسة فرقة كشافة أسماها فرقة اليرموك، وكان لهذه الفرقة أنشطة مسرحية، ومن الأسماء الأخرى للمعلمين في سوف عيسى عريضة، وأحمد القر، وأحمد الدبعي، وصادق زكريا، وصايل الحسبان.
وهناك تجربة في تعليم البنات في سوف، حيث أنه في البداية كان بعض النساء يتعلمن على يد امرأة احد الشيوخ، وعدد النساء اللواتي استفدن من هذه التجربة لا يتعدى 10 نساء، ولكن في عام 1930م جاءت المعلمة منتهى جرار التي كانت تدرس مناهج وزارة المعارف في منزل ارشيد عبد الله الديري.
قصر قديم، وهندسة مبدعة رتبت حجارة هذا المعمار.
ما إن يدخل الزائر سوف حتى يستقبله هذا البناء المميز في الجهة اليمنى من الطريق، إنه قصر علي باشا الكايد.
ورغم أن دائرة الآثار قامت بامتلاكه، إلا أنه ما زال مهملا، ولا يلقى اهتماما، ولا عناية تليق بحضوره المعنوي، وترقى إلى حجم الأحداث الجسام التي كان هذا البناء شاهدا عليها، إذ أنه كان من المفترض أن يستثمر كمتحف سياسي، أو كمركز ثقافي ليكون مرجعية وطنية، خاصة وأنه قد تمت فيه استضافة كثير من رجالات السياسة والفكر، بحكم موقع صاحبه، في منطقة المعراض من جبل عجلون، ونظرا لما كان يتمتع به من حضور حقيقي على مستوى الوطن.
وإن السرد حول تاريخ سوف، يعطي لهذا القصر مكانته، من حيث أثره على الأحداث، والأشخاص، ومن خلال العلاقة مع العشائر، واستقبال الضيوف المهمين، ومساندة الثوار، والالتفاف حول الدولة الأردنية عند تأسيسها، حيث أن علي باشا كان أول وزير للمواصلات في الأردن في حكومة توفيق أبو الهدى في 6 آب 1939م، وكان قبل ذلك مديرا للمساحة والأراضي في جرش، ورئيسا لبلدية جرش، وشارك في وضع نظام البرلمان عام 1923م، كما شارك مع أهل مأدبا في حربهم ضد الغزو الوهابي، وزاره كل من المعتمد البريطاني كر كبرايت ، والشاعر مصطفى وهبي التل، وكثير من الزعامات والوجهاء، ولذا فإن هذا القصر في سوف، يجسد تاريخ مرحلة بكاملها، ولم ينته بوفاة صاحبه علي باشا الكايد عام 1958م، بل يجب أن يبقى محتفظا بذلك الحضور لتعود إليه الأجيال المتعاقبة من أهل القرية.
زيارة شاه ايران
وفق هذا التقديم..
ومن خلال بوح المبنى الشاهد على مرحلة ماضية، نستطيع أن نرصد الرجالات والزعماء الذين زاروا سوف، ونوثق هذا عبر ذاكرة الكبار، والسير المكتوبة حول القرية في حقب مختلفة من مراحل تشكلها .
تشير سيرة المكان الى أن الأمير عبد الله بن الحسين كان يقضي فيها كل سنة حوالي أسبوعين، مستمتعا بطبيعتها، وطيب مقامها، حيث يشير أهل سوف أنه كان يقول إنني عندما أزور سوف أتذكر جبال الطائف، وجمالها في الجزيرة العربية ، كما أن كبار سوف يوضحون بأنه توجد عِليّة في منزل علي باشا الكايد، في الجهة الغربية منه، كان الأمير عبد الله عندما يزور سوف يجلس فيها، ويقرأ القرآن، ومن خلالها يرى كل القرية وما حولها.
كما زار سوف كذلك الملك فيصل ملك سوريا هو وإخوته علي وزيد أبناء الحسين، وتم استقبالهم والاحتفاء بهم في البلدة، ويشير كبار القرية الى أن الأشراف تحدثوا، وتبادلوا التيجان في سوف أثناء دعوتهم لها .
ويضيف أهل سوف أن المعتمد البريطاني في عمان كان معجبا بقريتهم، وقد زارها عدة مرات، كما أن المندوب السامي البريطاني على فلسطين عندما زار عمان طلب زيارة سوف، وبقي فيها ثلاثة أيام- هذا وفق ما هو موثق في كتاب تاريخ سوف الاجتماعي- وكذلك زارها الملك محمد رضا شاه بهلوي الذي استضافه الأمير عبد الله في سوف، ونصبت له مضارب الشعر، وأقيمت له الاحتفالات.
وتقول ذاكرة سوف بأن الشاعر نمر بن عدوان سكن في منطقة مغر المعازي في أراضي سوف، وسميت الأرض باسمه (جورة نمر)، وقد التقى هناك برجالات من قرية سوف مثل منديل السلامة، وعلي حسين بني مصطفى، وخليل القبلان أبو العدس قوقزة، وغيرهم.
السوافنة والمومنية
ومن الأحداث التي تتعلق بأهل المنطقة، ولها مساحة في الحكاية القديمة للمكان، ما كان من حرابة السوافنة والمومنية ، في عام 1919م، وقد مررنا على ذكرها سابقا عند مرور بوح القرى في قرى المومنية خاصة صخرة وعبين وعبلين ، حيث يقول الكبار بأنه في هذه الحرابة من الطرفين 34 رجلا، منهم 17 من سوف، و17 من المومنية، بالإضافة الى امرأة مومنية، ولكن هذا الخلاف والقتال انتهى في عهد الأمير عبد الله، وتم الصلح بين الطرفين.
الخريطة الاجتماعية.
وحتى تكتمل الصورة حول سوف، لا بد من تسليط الضوء على الخريطة الاجتماعية للقرية، ومتابعتها قديما وحديثا.
يفيد كبار القرية، وتؤيد أقوالهم الكتابات التي دونت حول الأحوال الاجتماعية للمكان، أنه في أزمنة ماضية، سكنت سوف عشائر كثيرة، ورحلت عنها، ومن الأمثلة على ذلك عشيرة النقارشة الذين يعيشون الآن في النعيمة، وكذلك المرجية وهم في حوارة، والغور، والصريح، وأيضا الطوال الذين كانوا في سوف ويتواجدون الآن في الرمثا ومأدبا، والقصير في البلقاء، والمخادمة في الرمثا، وعائلات أخرى سكنت سوف، وارتحلت إلى غير مكان في الأردن مثل النواصرة، والبنا، والفايفة، والصبح، والعرنوس، والقادرية، والمقابلة، والهندي، وعويس، والبطارسة، وحداد.
كما أنه توجد قرى بأكملها لها علاقة وطيدة من حيث أهلها، وعلاقتهم بسوف وهذه القرى هي كفر خل، ودير الليات وهذه قريبة من سوف حيث هناك الجد الشيخ بكري له مقام فيها ويرجع نسبه إلى الشيخ عبد القادر الجيلاني، ومقبلة، وبليلا، وجبا، والمحير، وزقريط، وعصفور.
أما عشائر سوف فهي على النحو التالي: عشيرة الحوامدة، وعشيرة الزريقات، وعشيرة الزطايمة، وعشيرة القواقزة، وعشيرة العضيبات، وعشيرة بني مصطفى، وعشيرة العتوم، وعشيرة الصمادية، وعشيرة البطارسة، والشواكرة، وانمورة، وحدادين، والعتمات، وقادرية، والعفايفة، وعفارات، والجعاعرة، والجعابنة، والبوارنة، والشريم، والبنا، والحويطات, والديري.
المضافات
ويتذكر كبار القرية أن سوف كان بها عدة مضافات قديمة منها مضافة علي باشا الكايد، ومضافة شبلي اليوسف، ومضافة حسن العلي، ومضافة مصطفى العلي، ومضافة عبد العزيز السلامة، ومضافة مصطفى السلامة، ومضافة الفلاحات (صالح الفلاح) كما أنه كان بني مصطفى عندهم مضافة.
سِير الأوائل
وحين يجتمع أهل القرية يتذكرون أن أول من سكن سوف هم الحوامدة، وهم كانوا قبل هيك في النبي هود(مقام النبي هود شرق جرش)، وظاع الهم ماشيه ودواب، وظل الأثر ماشي معهم لما وصلهم لعين سوف، ولقوا الدواب هناك، فاستراحوا، وشربوا من الميه، وقالوا ما نرحل من هان، وخلينا نقعد عند هالعين، ورحلوا ونزلوا في هالمكان هم وأهلهم، وهم كانوا قلال عند النبي هود، فاجوا واستقروا في سوف، وبعدين ردت الناس لحقوهم لهون.. .
يليهم في الإقامة عشيرة الزريقات، حيث كان سكنهم السابق في جرش في منطقة باب عمان، وهؤلاء كانوا تجارا وذا أموال وأراض، ومن أقاربهم عائلة أبو الكشك الذين ثاروا على اليهود والإنجليز معا بقيادة الشيخ شاكر أبو الكشك عام 1921م في مدينة الخضيرا، ويشير فريدريك بيك الى أن الزريقات من حمايل قرية الرمثا، وهم فرع من حمولة الزريقات بقرية سوف من أعمال ناحية المعراض، ويقطن بعضهم في قرية الشجرة ، وفي موضع آخر يقول عنهم من أقدم حمايل سوف، وهم بطن من عشيرة الزريقات الكركية، وينضم اليهم عائلة أبو كشك، وأصلها من عرب أبي كشك المعروفين والنازلين بجوار يافا .
وجاء أيضا في ذات الوقت الى سوف عشيرة القواقزة الذين كانوا في زقريط، وتنتمي هذه العشيرة في أصولها الى عشيرة شمر في الجزيرة العربية، وعنها يقول فريدريك بيك القواقزة من حمايل قرية سوف، قدموا اليها من خربة زقريط الواقعة في جنوبي سوف قبل 200 سنة تقريبا .
ويقول الكبار أن عشيرة الزطايمة قديمين في سوف، وقد جاءوا اليها من درعا من سوريا، ويرد ذكرهم لدى فريدريك عند الحديث عن العتوم، ويشير اليهم في كتابه بالعتامنه، وعنهم يقول : العتامنة(العتوم)، حمولة كبيرة من حمايل قرية سوف، ويقطن قسم منهم في قرية دورة الخليل، نزحوا منها على أثر نزاع بين أهل القرية، ونزلوا في قرية عزون من أعمال نابلس، وبعد حين تألب عليهم حمايل قرية عزون، وقتلوهم جميعا إلا رجلين وامرأة، حيث ذهبت المرأة الى نابلس وكانت حاملا فوضعت ذكرا هو جد عائلة عتمة هناك، وخرج أحد الرجلين الى قرية صنمين بحوران، وأعقابه ما زالوا فيها، وقدم الآخر الى خربة الوهادنة، ومنها رحل الى سوف واستوطنها، وكان فيها من الحمايل الزطايمة والحوامدة، وأعقب ذرية كثيرة هي حمولة العتامنة التي فيها زعامة المنطقة .
وكذلك هناك عشيرة العضيبات الذين أتوا من غور الأردن، وهم أصلا من منطقة عضيب في السعودية، ويشار اليهم في تاريخ سوف الاجتماعي الى أنهم يردون في نسبهم الى سعد العشيرة في اليمن.
وأما بقية العشائر فلها تواريخ مفصلة يمكن ذكرها في مساحات أخرى للإستزادة حول كل عشيرة على حدا، لثراء مادة كل عائلة من ناحية تاريخ ترحالها، وقصص رجالاتها.
الشيخ شكري
من المهم فتح ملف التعليم في سوف حيث ان مدرسة الذكور تأسست فيها عام 1924م، بينما مدرسة الإناث كانت في عام 1953م، وكل هذا كان له مقدمات، وتسلسل يشكل بمجمله حكاية حول التعليم في هذه القرية، وكان لهذا التطور أثر على وعي أبناء هذه القرية.
العودة إلى البدايات الأولى، حيث عهد الكتاتيب والمشايخ الذي تشير ذاكرة الناس في هذا الإطار الى أنه في بداية القرن الماضي، تم الاتفاق بين أهل سوف على أن يتم استدعاء أحد العلماء ليقوم بالتدريس وتعليم الناس في سوف، وقد وافق على الحضور لهذه المهمة الشيخ شكري طبيله من نابلس، الذي بدأ بتعليم أهل البلد، وأقام الصلاة فيهم، وحدثهم في أمور الدين، ثم أحضر زوجته وأخيه الشيخ المؤذن عاهد، ثم بعد ذلك طرح الشيخ شكري مشروع اقامة مسجد في القرية، فتجاوب معه أهل سوف، وتبرعوا بالأرض وبالمال لبناء المسجد وبجانبه بيت للشيخ، وقد أحضر الشيخ شكري المعلمين للبناء من عائلة كلبونة، حيث تم بناء المسجد في عام 1913م، وتم استخدامه للعبادة، وكمدرسة للتعليم، وقد درّس الشيخ شكري في القرية 18 عاما، وتوفي في رمضان 1930م، ودفن في المقبرة الشرقية لسوف.
كما يتذكر أهل القرية الشيخ مصطفى مولوي وهو من دمشق، وقد اهتم بتعليم الكبار المدائح النبوية لمصاحبة لضرب الطبول والمزاهر، وفيه أثر صوفي، وقد كانت الجلسات تعقد أحيانا في ليالي الشتاء، وتوقد فيها النيران الكبيرة ذات الجمر، مع البخور المتواصل، ويقدم في العشاء في وقت متأخر .
أبو الكشك
ودرّس في سوف كذلك كل من الأديب الأستاذ عبد الحليم عباس الذي سكن في سوف في منزل عبد الله الديري، وكذلك الأستاذ يعقوب العودات الذي كان يلقب ب البدوي الملثم وقد سكن في سوف في منزل أحمد الصمادي قرب مياه عين المغاسل، وأيضا الأستاذ جميل شاكر الخانجي، الذي درّس في سوف، وأقام فيها مدة من الزمن، والأستاذ محمد الفرحان، والأستاذ محمد إسماعيل أبو نبيل ، وهو مصري الجنسية، والأستاذ فضل الدلقموني الذي كان مديرا للمدرسة، وقد نقلت المدرسة في عهده من وسط سوف الى عمارة حديثة صاحبها أحمد محمد أبو الكشك (أبو درّه)، وكانت عبارة عن سبع غرف حولها أرض مساحتها سبعة دونمات، تنازل عنها صاحبها أحمد أبو الكشك بكل كرم أخلاق، وقد أشاد بمبادرته وكرمه الأمير عبد الله في تلك الفترة;وهي الان مدرسة اساسية للبنات تضم الصفوف من الاول الى العاشر الاساسي.
فرقة كشافة
وقد أنشأ فضل الدلقموني في هذه المدرسة فرقة كشافة أسماها فرقة اليرموك، وكان لهذه الفرقة أنشطة مسرحية، ومن الأسماء الأخرى للمعلمين في سوف عيسى عريضة، وأحمد القر، وأحمد الدبعي، وصادق زكريا، وصايل الحسبان.
وهناك تجربة في تعليم البنات في سوف، حيث أنه في البداية كان بعض النساء يتعلمن على يد امرأة احد الشيوخ، وعدد النساء اللواتي استفدن من هذه التجربة لا يتعدى 10 نساء، ولكن في عام 1930م جاءت المعلمة منتهى جرار التي كانت تدرس مناهج وزارة المعارف في منزل ارشيد عبد الله الديري.