قلنا بالأمس لمن فاته الحديث إن كل واحد منا يحمل عدداً من القرود على كتفه يمشي بها ليلاً ونهاراً، لا يتخلص من قرد حتى يأتي اثنان.. ووضحنا كيفية معرفة تلك القرود وإن كنت تحملها على كتفك وظهرك أم لا.. فإذا وجدت نفسك تحمل مشاغل وهموم ومتاعب الآخرين، فثق أن عدداً من القرود على كتفك. وإذا وجدت نفسك تغضب بسرعة وتتفوه بكلمات نابية من دون شعور، فاعلم أن قرداً يفقدك السيطرة على أعصابك ويخرجك عن صوابك. وإذا وجدت نفسك مهموماً متثاقلاً في الخطى، فاعلم أنك تحمل قرداً ثقيلاً وكبيراً على كتفك.
السؤال المهم الذي يطرح نفسه بعد الحديث عن كل هذا الكم من القرود: كيف لي أن أتخلص منها وإلى الأبد، وأجعل كتفي وظهري كما هما، لا يحملان قروداً؟ الإجابة غاية في السهولة واليسر.. واليك الطريقة..
لابد أن تحمل بين جنبيك روحاً واثقة من نفسها، قوية صلبة، تدرك حقيقة هذه الحياة والتي تحدثنا عنها قبل أيام، وخلاصتها أن التغير سمة أي شيء في هذه الحياة، وأنه لا شيء يدوم سوى وجه ربك ذي الجلال والإكرام. إن معرفة تلك الحقيقة ستجعلك تنظر إلى القرود التي تحملها على ظهرك، أو ستنظر إلى الهموم والوساوس ومشكلاتك ومشكلات غيرك التي تحملها بشكل معين، بحيث لو أزعجتك حيناً من الدهر، فإنه بشيء من الصبر مع قليل من التدبير والتفكير الهادئ في إيجاد الحلول لها، ستجعلها تتساقط واحدة تلو الأخرى، ولكن بشرط عدم التأفف والضجر حين المعالجة.. الأمر يحتاج إلى هدوء وصبر ومصابرة.
الطريقة الثانية في التخلص من القرود الساكنة على الأكتاف والظهور، أن تدرك جيداً عددها ولا تتحول إلى كريم على حساب صحتك وراحة أعصابك، وتفتح المجال للمزيد من القرود أن تأتي وتسكن كتفك وظهرك. كن فطناً ولا تقبل مشاكل الآخرين، الذين يبحثون عمن يلقون إليه مشاكلهم ليتخلصوا هم من قرودهم، فتكون أنت الضحية أو مركزاً لتجميع القرود في المدينة!
تعلّم أن تقول كفى أو لا في الوقت المناسب. إن أغلبنا تغلب عليه صفة الحياء في كثير من المواقف الحياتية، ولا يرغب في رد أي أحد يقصده في حل مشكلة أو فك كربة وغيرها من مشاكل وهموم. وللأسف إن البعض يستغل هذه الصفة لتحقيق أغراضه بصورة فجة.. وليس يعني هذا أني أدعو إلى صد الآخرين وعدم التعاون معهم ومساعدتهم في مشاكلهم، ولكن أدعو إلى أن يدرك أحدنا حجم قدراته واستطاعته في قبول مشاكل الآخرين وهمومهم، لأننا لا نخلو من مشاكل وهموم أو لا تخلو أكتافنا من القرود المتنوعة والمزعجة، فكيف والحال كذلك، نقبل بقرود غيرنا أيضاً؟ المسألة تحتاج إلى انتباه قبل أن يتحول أحدنا إلى همٍ كبير يبحث عمن يحمله على كتفه ولا يجد!
عبد الله العمادي / كاتب وصحفي قطري