نتائج الانتخابات البرلمانية وضعت اسرائيل في أزمة سياسية طاحنة، وكشفت عن حالة الارتباك التي يعيشها الاسرائيليون والنخبة السياسية في الوقت نفسه، ومن غير المتوقع رؤية نهاية سريعة لهذه الأزمة.
الاسرائيليون يعيشون حالة من الخوف متأصلة في نفوسهم منذ هزيمة جيشهم في جنوب لبنان، وعدم انتصاره في قطاع غزة، ولهذا اتجهوا نحو الأحزاب اليمينية المتطرفة على أمل أن يجدوا فيها الخلاص، ولكن ما حدث هو العكس تماماً، لأن الغالبية العظمى من الخبراء والمحللين يعتقدون ان غياب الحسم، وسيطرة اليمين المتطرف على أي حكومة جديدة قد يؤديان إلى حالة من الشلل المحكم.
ايغور ليبرمان اليميني العنصري المتطرف جاء فوزه بخمسة عشر مقعداً مفاجأة للكثيرين، لأن هذا الفوز سيعطيه سلاح الفيتو على أي حكومة جديدة لا تحقق له جميع مطالبه السياسية التي تضمنها برنامجه الانتخابي.
ليبرمان قال ان هذه المطالب تتلخص في أمرين أساسيين: الأول هو عدم الدخول في أي عملية سلمية مع الفلسطينيين، والثاني سحق حركة حماس وازالتها من على الخريطة السياسية في قطاع غزة أو الضفة الغربية.
هذا يعني أن أي حكومة اسرائيلية جديدة يشارك فيها حزب اسرائيل بيتنا بزعامة ليبرمان ستكون حكومة حرب، حرب على عملية السلام وكل ما ترتكز عليه من قواعد مثل خريطة الطريق واللجنة الرباعية، وأدبيات وقرارات مؤتمر أنابوليس، وحرب جديدة على قطاع غزة في محاولة لتحقيق ما فشلت فيه الحرب الأولى، أي القضاء بشكل كامل على حركة حماس.
وسواء دخل ليبرمان الحكومة الجديدة أو لم يدخل، فإنها في حال تشكيلها، وهو أمر قد يستغرق وقتاً طويلاً ومساومات شاقة، لن تكون على درجة من القوة بحيث تتمكن من اتخاذ قرارات مصيرية على صعيد العملية السلمية حتى لو أرادت، بسبب ضعف قاعدتها الانتخابية، وحجم الأغلبية المؤيدة لها في البرلمان، ولكن قد يختلف الوضع في حال اقدامها على حرب ضد قطاع غزة أو ايران، حيث تحظى مثل هذه الحرب بتأييد واسع في الشارع الاسرائيلي.
السيد صائب عريقات رئيس دائرة المفاوضات في السلطة الوطنية الفلسطينية من حقه ان يشعر بالقلق جراء فوز اليمين في الانتخابات، لأن هذا الفوز سينسف كل رهانات هذه السلطة على السلام، وسيحرمه، أي الدكتور عريقات نفسه، من وظيفته، لانه لن تكون هناك مفاوضات يترأس دائرتها بعد اليوم.
الادارة الأمريكية الجديدة قالت انها ستتعاون مع الحكومة الاسرائيلية الجديدة على صعيد دفع مسيرة السلام. ويبدو ان هذه الادارة، ومبعوثها السيد جورج ميتشل الذي سيزور المنطقة بعد عشرة أيام، لن يجد من يتحدث إليه في القدس المحتلة، فتشكيل أي حكومة جديدة، وفي ظل ظروف طبيعية، قد يحتاج إلى شهر ونصف الشهر على الأقل، فكيف سيكون عليه الحال في ظل حالة اللاحسم التي أفرزتها الانتخابات الأخيرة!
المنطقة تتجه نحو التطرف وعدم الاستقرار، فصعود اليمين الاسرائيلي سيؤدي إلى هبوط اليمين الفلسطيني والعربي، وصعود التيارات المتشددة يسارية كانت أو اسلامية. وسيكون المتضرر الأكبر محور الاعتدال العربي، والسلطة الفلسطينية التي تشكل نقطة الارتكاز الأساسية في قلبه عندما يتعلق الأمر بمبادرة السلام العربية، والتوجه الرسمي العربي إلى تسوية سياسية على أساسها.
.gif)
NO promises