ترتكب حكومة حركة حماس في قطاع غزة العديد من الاخطاء، وهذا امر طبيعي يعود في بعض الاحيان الى عدم الخبرة، وفي معظمها الى الظروف الصعبة التي يعيشها القطاع بسبب الحصار الاسرائيلي واغلاق جميع المعابر، وتدمير غالبية مراكز الشرطة والمقار الرسمية. ولكن الخطأ الكبير الذي لا يغتفر، ولا يمكن السكوت عنه، هو اقدام بعض عناصر هذه الحكومة على مصادرة شحنات اغذية تابعة لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين التابعة للامم المتحدة (اونروا).
المتحدثون باسم الحكومة انكروا في البداية مصادرة هذه الشحنات، ثم اتهموا الوكالة باتباع أجندات سياسية في توزيع المساعدات، ثم اضطروا، وبعد ثلاثة ايام، الى الاعتراف بالخطأ، وقالوا ان سوء تفاهم حدث يعود الى عدم التنسيق بين السائقين، وهي اعذار تعكس حالة من الارتباك، اساءت الى حكومة حماس ودون ان تكسب ثقة الامم المتحدة، او تعالج الآثار السياسية والاعلامية السلبية الناجمة عن هذا التصرف.
المقربون من حكومة حماس قالوا ان بعض المسؤولين فيها استاءوا من اقتصار تقديم مساعدات الاونروا على اللاجئين فقط، وعدم شمولها بعض المواطنين الذين يواجهون ظروفا معيشية لا تقل صعوبة عن تلك التي يعاني منها اشقاؤهم اللاجئون، وعبروا عن استيائهم من خلال الاقدام على مصادرة حمولة بعض الشاحنات التابعة للوكالة.
وينسى هؤلاء ان هذه الوكالة متخصصة وفق قانون انشائها، بقصر مساعداتها على اللاجئين فقط، وتقوم بهذا العمل منذ ستين عاما دون انقطاع، ومن غير المنطقي ان يتم التدخل في عملها، وممارسة ضغوط عليها، من اجل تغيير نهجها، وبالطريقة المؤسفة التي شاهدناها.
التوقيت كان خاطئا ايضا، فالقطاع بحاجة ماسة الى كسب المنظمات الدولية الى جانب مأساته الناجمة عن الحصار وآثار العدوان، واستفزاز هذه المنظمات بطريقة تدفعها الى تعليق اعمالها لا يصب في مصلحة هذا الهدف.
وربما يفيد التذكير بان ممثلي وكالة الاونروا كانوا اكثر ايلاما لاسرائيل من صواريخ المقاومة، عندما تصدوا بشجاعة للعدوان الاسرائيلي، وفضحوا جرائمه في حق الاطفال والنساء، وتحدثوا بطرق مؤثرة عن معاناة ابناء القطاع تحت الحصار التي هزت الرأي العام العالمي بأسره.
فمن لا يتذكر السيد جون جانغ مندوب الوكالة في القطاع الذي كان يتجول تحت القصف لتفقد مدارس القطاع ومستشفياته التابعة للامم المتحدة، ويتصدى بشجاعة لحملات التضليل الاسرائيلية، ومن ينسى السيدة كارين ابو زيد رئيسة الوكالة وهي تتحدث بجرأة على شاشات التلفزة عن معاناة اطفال القطاع، وانتهاء مخزون الوكالة من الطعام والدواء بفضل اغلاق المعابر.
كان امرا مؤسفا ان يدين بان كي مون امين عام الامم المتحدة هذا التصرف الاخرق من قبل مسؤولين في حكومة حماس ويطالب باعادة شحنات الغذاء والمعونات التي تم الاستيلاء عليها. وهو الذي وقف على انقاض مبنى الامم المتحدة المدمر ليدين في مؤتمره الصحافي وبكلمات مؤثرة العدوان الاسرائيلي.
نعلم ان حكومة حماس اعادت ما استولى عليه بعض المحسوبين عليها، وهذا في حد ذاته لا يكفي لاصلاح الخطأ، لان من اقدموا على هذا العمل الاخرق الذي اضر بالشعب الفلسطيني في هذا الظرف الحرج، وليس حركة حماس فقط، يجب ان يقدموا الى المحاكمة ويعاقبوا على خطيئتهم هذه حتى لا تتكرر مرة اخرى.
شو رأيك بهالحكي؟؟:30:؟