منذ أن وقع الرئيس المصري الراحل أنور السادات معاهدته المشؤومة كامب ديفد، كان لا بد له من تسويقها في الشارع المصري فاتبع أساليب التضليل، وقلب الحقائق، ومن بين هذه الأساليب، ان مصر ضحت بأبنائها من أجل القضية الفلسطينية، وأن الاقتصاد المصري قد دمر بسبب القضية الفلسطينية، ووعد شعبه بعد هذه المعاهدة المذلة بالمن والسلوى، وللأسف استمر هذا الإيقاع متعمدا في بعض الصحف المصرية لتأكيد تحييد مصر عن القضية الفلسطينية، بل والتمادي لخلق فجوة كبيرة بين مصر والشعب العربي لصالح العدو الإسرائيلي، والأن تطالعنا صحيفة الأهرام والدم الفلسطيني يهدر في غزة بنفس القول، وتعتبر ان الجزاء الذي لقيتة مصر من الشعب الفلسطيني هو جزاء سنمار. ان هذا القول ظالم ومناف للحقيقة وذلك للأسباب الحقيقية التالية: ان المشروع الصهيوني مشروع استعماري، ويبدو أن الكثير يحاول ان لا يستوعب معنى ذلك، ومعناه ببساطة ان الغرب اوجد ما يسمى بدولة إسرائيل للهيمنة على المنطقة بأكملها. ولو استعرضنا الحروب الحقيقية التي دارت في المنطقة لوجدنا ان العدو الصهيوني هو الذي خاضها ولم تدر هذه الحروب لتحرير فلسطين، فالعدوان الثلاثي على مصر خاضته إسرائيل وبريطانيا وفرنسا على مصر آنذاك، إذن نعم ضحى الشعب المصري ولكن ليس بسبب فلسطين، بل دفاعا عن مصر لان المشروع الصهيوني والذي أقيم على ارض فلسطين ليهيمن على المنطقة وليس على فلسطين فقط.
أما حرب1967 والتي سببت مأساة للعالم العربي، فلم تكن جحافل الجيش المصري قادمة لتحرير فلسطين، بل قام العدو بالاغارة على المطارات المصرية في القاهرة وحسمت المعركة ونتج عنها احتلال سيناء وغزة التي كانت في عهدة المصريين واحتلال الضفة التي كانت جزءا من المملكة الأردنية الهاشمية واحتلال الجولان، أما في حرب أكتوبر 1973، فخاضها الجيش المصري وقدم الضحايا ليس من أجل تحرير فلسطين بل من أجل تحرير جزء بسيط من الأراضي المصرية وكانت نتائجها السياسية إعادة سيناء بدون سيادة وانعزال مصر بل وخيانتها للأمة العربية والتي أتاحت بعدها لإسرائيل للاستفراد بالدول العربية ولمرور حاملات الطائرات والمدمرات الأمريكية لكي تغزو العراق وتدمر اكبر بلد عربي وأكثره تقدما.
أما ما حاول السادات وبعض الإعلام المصري المضلل ان يعزو سبب ضياع الثروة المصرية لحروبه من أجل الفلسطينيين وليس من أجل الأمن القومي المصري فأننا نرى وبعد عقود من الوعود للشعب المصري بالمن والسلوى، ان تحول قطاع كبير من الشعب المصري المظلوم إلى طوابير طويلة أمام الأفران للحصول على رغيف من الخبز، غير صالح للاستخدام البشري.
وخلاصة القول نعم، لقد ضحى الشعب المصري بعشرات الآلاف من الضحايا، ولكن ليس من أجل الفلسطينينن ولكن بسبب الاعتداءات الإسرائيلية والامبريالية عليه لأن هذا قدرها، وقدر الأمة العربية بزرع كيان في المنطقة هدفه العدوان عليها ومنع أي تقدم فيها، ولم يكن ضحية هذا المشروع الشعب المصري فقط ولكن كل شعوب المنطقة ضحت بالغالي والنفيس ولكنني لم اسمع من هذه الدول من يركز أعلامه ويعلق على الشماعة (فلسطين) وشعبها، وليس أوضح من ذلك من الأطماع الاسرائيلية في لبنان ولولا مقاومته الأسطورية لكان لبنان في وضع أخر، ولماذا تقصف إسرائيل المفاعل النووي العراقي وتقصف بعض المواقع السورية، ولماذا الاعتداء على سيادة تونس ولماذا احتلت العراق، بل ولماذا التجسس على المفاعل النووي الباكستاني، بل وابعد من ذلك، لماذا تقلب إسرائيل الغرب على الاعتداء على إيران بسبب مفاعلها النووي السلمي، وأوضح من كل ذلك لماذا تضاعف القوة العسكرية الإسرائيلية كما ونوعا في ظل معاهدات سلام مع الدول العربية.
الجواب بسيط ليس من أجل فلسطين والفلسطينيين، بل لإخضاع المنطقة وفرض سيادتها ومنع التقدم فيها استجابة للمشروع الامبريالي فمن أراد الاستسلام فليقولها صريحة دون إسقاط استسلامه على الآخرين ودون اتهام المقاومة التي تدافع عن الأمن القومي العربي بأنها مغامرة تارة وبأنها تسبب الفوضى والدمار لبلدانها.
.gif)
NO promises