الفكرة السائدة في اوساط عالم السيارات هي ان الاميركيين، خلافا للاوروبيين مثلا، لا يملكون باعا طويلا في انتاج السيارات السريعة المتفوقة.
هذا لا يعني ان قطاع السيارات الاميركي خال من السيارات الرياضية السريعة فهنالك، على سبيل المثال، سيارة «كورفيت» التي تنتجها «جنرال موتورز»، وطراز جديد من«الموستانغ» التي تنتجها شركة «فورد« بمحرك تبلغ قوته 720 حصانا، إضافة إلى سيارتها الشهيرة الاخرى «فورد جي تي» التي فازت بسباقات كثيرة، وسيارة «فايبر« التي تنتجها شركة «كرايسلر» ذات الاسطوانات العشر، والتي لاقت شهرة واسعة لدى تطويرها لاول مرة قبل أكثر من 15 سنة. لكن جميع هذه المحاولات بقيت محصورة بعض الشيء، ولم تتعد حدود الانتاج الجانبي او الاضافي للشركات الاميركية الكبرى على عكس ما حصل مع الشركات الاوروبية التي اوجدت قطاعا خاصا اسمته السيارات المتفوقة. لكن يبدو ان الاميركيين رغم وضعهم الاقتصادي السيئ، ورغم الحديث عن احتمال اشهار الشركات الاميركية الثلاث للسيارات إفلاسها، بدأوا في تجربة حظهم مع السيارات المتفوقة بسرعتها بانتاج سيارة «سالين رابتور إس 5 إس». سيارة «سالين رابتور» تعد بان تكون فريدة في نوعها، فهي من الطراز المزود بمحرك وسط هيكلها، وليس في مقدمتها او مؤخرتها - والتي تبين انها سمة فعالة في السيارات السريعة القوية لانها تضفي عليها ثباتا وتوازنا كبيرين. وكان هذا الامر اول محاولة اميركية جاءت على يد شركة «سالين« التي ارادت تقليد السيارات الاوروبية المتفوقة التي لها خبرة تفوق الـ 25 سنة في تطوير سيارات «فورد«، وخاصة طرازات «موستانغ» منها ذات الشعبية الواسعة في الولايات المتحدة وكندا. وهكذا اصبح لهذه الشركة خبرة طويلة في التقاط السيارات القوية المتنوعة الانتاج، خاصة من صنع «فورد»، فور خروجها من مصنعها، لإضافة المزيد من اللمسات عليها، خاصة في ما يتعلق بالمحرك الكبير، والهيكل السفلي (الشاسي) الذي ينبغي ان يتحمل القوة العالية للأول. نجحت «سالين» في عملها الى درجة دفعت شركة «فورد« إلى منحها حق تطوير سياراتها السريعة الشهيرة «جي تي»، وكانت لا تزال بعد في مرحلة الصنع والتطوير في مصنعها في ديترويت، وكذلك الامر بالنسبة الى سيارتها الخاصة بالسباقات «إس 7»، التي فازت بعدة بطولات في اوروبا والولايات المتحدة.
هذا التطور في علاقة «سالين» بشركة فورد استأثر باهتمام صانعي السيارات الذين اعتبروا «سالين رابتور إس 5 إس» ظاهرة جديدة غريبة بمميزاتها الاوروبية البارزة، ونسبها المتوازنة وابعادها غير المبالغ فيها بالنسبة لعادات الاميركيين، مما جعلها تبدو كأفضل سيارة متفوقة انتجتها المصانع في ديترويت وان كانت لا تزال نموذجية ولم تدخل بعد خط الانتاج التجاري.
صحيح ان السيارة تبدو في شكلها الخارجي شبيهة جدا بسيارة «أودي آر 8» و«لومبورغيني غلاردو»، لكن اقواسها الكبيرة فوق العجلات، وسماتها العدوانية تميزها تماما عن سائر السيارات المتفوقة التي نعرفها.
والظاهرة اللافتة في المركبة هي محركها الضخم المثبت في وسطها تماما، وهو من صنع «فورد« مؤلف من ثماني اسطوانات على شكل V، بسعة خمسة ليترات، مشحون توربينيا بشاحنين. وجاءت النتيجة على صورة محرك جبار بقوة 650 حصانا، سريع الدوران بالنسبة الى حجمه، مع عزم دوران يبلغ 630 رطل قدم، مما يعني صدق ما تزعمه الشركة الصانعة بان «رابتور» قادرة على بلوغ سرعة 60 ميلا (100 كيلومتر) في الساعة خلال 3.2 ثانية، وسرعة قصوى تتعدى الـ 200 ميل (320 كيلومترا) في الساعة. ولا بد من الاشارة هنا الى ان محرك السيارة الفريد هذا مهيأ للعمل على وقود الايثونول الى جانب البنزين العادي، ليس بسبب تطلع الشركة الصانعة الى مستقبل اخضر صديق للبيئة، بل لكون هذا الوقود يحتوي على نسبة اوكتان اعلى ما يجعله الوقود الرسمي لسلسلة سباقات «لومان» الاميركية لهذا العام.
ومن اللمسات الاخرى الخاصة بالسيارات السريعة عادة التي قامت «سالين» باضافتها على سيارتها الجديدة استخدام الالمنيوم الخفيف الوزن في الهيكل السفلي (الشاسي) الملفوف بالواح هيكلية من المواد المركبة الصناعية، الامر الذي جعل وزنها الاجمالي لا يتجاوز 1.5 طن، اي اقل قليلا من سيارة «أودي آر 8» التي تقل عنها قوة بمقدار 230 حصانا مكبحيا.
واهتمت «سالين» ايضا بعامل السلامة خلافا للشركات الصغيرة الاخرى التي يتركز جل اهتمامها على ارضاء السائق وتوفير الاجهزة التي تساعده على قيادة المركبة. لذلك زودت سيارتها الجديدة باداة للتحكم بالسحب، واخرى لثبات السيارة واستقرارها على الطرقات، مع مقصورة واسعة وسقف كامل من الزجاج. وتقول الشركة الصانعة ان سيارتها قادرة على منافسة «لومبورغيني غالاردو»، و«فيراري إف 430»، و«أودي آر» ندا للند... وكل ذلك بسعر لا يتجاوز الـ 185 الف دولار اميركي في الولايات المتحدة، بما في ذلك ضريبة القيمة المضافة. يبقى الاشارة هنا الى ان «رابتور» مجهزة بناقل حركة يدوي سداسي السرعات، وقد يجري تزويدها في السنوات اللاحقة بناقل حركة من انواع اخرى كخيار اضافي. اما العجلات فهي كبيرة قياس 20 بوصة.
... إلا ان السؤال الاهم هو: هل ستصنع «سالين» هذه السيارة فعلا - وهي لا تزال نموذجية حتى الان وان كانت قريبة جدا من خط الانتاج؟ كشفت هذه السيارة عن وجهها لاول مرة في معرض نيويورك الاخير للسيارات في مارس (آذار) الماضي، ومسؤولو الشركة يؤكدون انها ستدخل مرحلة الانتاج في عام 2010 حتما.
وقد يكون مرد هذا الانتظار الطويل حالة الركود الاقتصادي العالمي الحالي، والشركة تنتظر تحسن الاحوال، لكي تطلق جوهرتها هذه على الطرقات.