كواليس جامعية
بقلم : هيام عوض
الخروج من شرنقة الخوف و ثقافة التستر
كنت قد كتبت في العدد الماضي عن قصة لطالبة حرمت من مساق جامعي لا لذنب اقترفته سوى مزاجية الدكتور و بعد صدور العدد فوجئت بمطالبات فاقت التوقع و معظمها من طالبات توسلن لي العودة مرة أخرى لكتابة قصص كنت علم مسبق بها و لم أتطرق لذكرها عامدة متعمدة .
و السبب في إحجامي عن الكتابة كان وسيلة ضغط مني على هؤلاء الفتيات على أمل أن تتجرأ إحداهن و تدلي لي بتصريح يمكنني من الارتكاز عليه في إجراء تحقيق موسع حول الانتهاكات اللاأخلاقية و التحرشات الجنسية التي تتعرض لها هؤلاء الطالبات، و لكن باءت محاولتي بالفشل و لست آسفة على ذلك لأنني عاهدت الله قبل نفسي على أن أصون كرامة الآخرين و اعمل بمصداقية و موضوعية .
علمت من إحدى الطالبات أن دكتور في الجامعة راودها عن نفسها مقابل النجاح في مساق حصري له و بعد مناورات عدة و تأجيل متكرر للمادة اضطرت الانصياع لرغبته و على حد قولها " بدي أتخرج و المادة حصريه للدكتور و ما بدي فضيحة "
سمعت كلامها للنهاية و وصفت لي الواقعة وصفا دقيقا حيث دارت أحداثها في مكتب الدكتور الذي لم يتورع عن دعوتها لتكون خليلته بعدما حصدت علامة" جيد جدا " و بقيت أعطيها الأمان أنني قادرة على حمايتها إن باحت بما حدث لها أمام لجنة سرية لن يعلم بمحضرها سوى المختصين أو أن تعطيني دليلا واحدا يمكنني من الاستناد عليه في تحقيقي لكن كان الإصرار سيد الموقف و ما زاد الطين بلة تهديدها لي أنها إذا ما فضح أمرها ستنكر كل شيء و مستعدة لحلفان اليمين "المباح" من وجهة نظرها كونها تصون سمعتها بتكتمها.
و في ذات السياق أخبرتني طالبة أخرى بممارسات أستاذ آخر مع طالباته حيث كانت هي ضحية شهوته رغم عدم تجاوبها مع مطلبه حينما دعاها ليضمها لصدره فقط و بعد أن رفضت قال لها " مصيرك تنزلي مادة عندي و بعدها بنشوف " ولازالت منذ عامين تقوم بتأجيل المادة كي لا تقع في مستنقعه.
أما إحداهن فكانت الأيسر حظا حينما طلب منها الدكتور الذهاب لدورة المياه و غسل و جهها من المساحيق التجميلية و عودتها لمكتبه للتفاهم على وضعها في مادته و بحنكتها استطاعت الخلاص حيث لبت له مطلبه و ذهبت لدورة المياه و غسلت و جهها و عادت لمكتبه و حينما هم بها صرخت بوجهه مهددة إياه أنها ستقوم بفضحه إن لم تنجح في المساق و بالفعل تغيبت عن الامتحان النهائي و حصدت علامة ممتازة في المساق الأكثر صعوبة في تخصصها كون الدكتور له أسلوبه بطرح المادة و تصعيبها و فذلكته بطرح الأسئلة في الامتحان الذي يصعب على الذكور من الطلبة تجاوزه.
هذه بعض القصص التي لم أتمكن من جعل أبطالها يقرون بسيناريوهاتها و بناء عليه أقول " المتهم بريء حتى تثبت إدانته" و لكن سؤال لأصحاب الضمائر الحية رغم أنني لم أستطع إثبات ما سبق ذكره فهل هذا يعني عدم صحته ؟؟؟
أنا هنا لست بصدد الإساءة لسمعة التعليم أو الأساتذة فهناك الكثير من الأساتذة الأجلاء الذين نقر لهم بالنزاهة و الأمانة و نوقرهم و نسعى للاستزادة من علمهم و يشكلون في حياة الطلبة قدوة و نبراسا يهتدى .
و بالنهاية ينبغي الإشارة إلى أنني لم آتي على ذكر هذا المقال تجاوبا مع رغبة الطالبات اللواتي لازلن غير قادرات على الخروج من شرنقة الخوف و ثقافة التستر خلف عباءة العادات و التقاليد التي تشجع ضعاف النفوس على التمادي و لكن متمنية أن يرى مقالي النور فقد كتبت ما كتبت للفت نظر المسؤولين إلى أمر غاية في الأهمية و هو ضرورة العمل العاجل على إعادة النظر بمطلب جماعي للطلبة ذكورا و إناثا ألا و هو الخلاص من إعطاء دكتور واحد مادة حصرية لما يشكله هذا من إيقاع الظلم على شريحة واسعة من طلاب العلم فينبغي أن يكون للمادة الواحدة أكثر من أستاذ كي لا يصبح المساق الجامعي سلاحا بيد نفس واحدة و عقل واحد قد يحتمل الخطأ أو الصواب بأسلوبه أو بمنهجه المتبع و ليكن أمام الطالب بدائل و كذلك للدكتور منافسا لضمان نزاهة العلم سيما و أن من ضمن الشكاوى التي ترد من الذكور كما هي من الإناث أن المادة الحصرية التي يتسلمها الدكتور تجعل من الطالب الحلقة المهترئة إذا ما شعر الدكتور بسطوته و نفوذه على الطالب إن أحاطه بدوائر الغضب عليه ليبقى بعدها الطالب أسير المادة و أستاذها.