بسم الله الرحمن الرحيم
" هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ الْمُكْرَمِينَ(24)إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ فَقَالُوا سَلَامًا قَالَ سَلَامٌ قَوْمٌ مُّنكَرُونَ(25) فَرَاغَ إِلَى أَهْلِهِ فَجَاء بِعِجْلٍ سَمِينٍ(26)فَقَرَّبَهُ إِلَيْهِمْ قَالَ أَلَا تَأْكُلُونَ(27)فَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً قَالُوا لا تَخَفْ وَبَشَّرُوهُ بِغُلامٍ عَلِيمٍ (28 الذاريات)"
اللهم صلِّ و و بارك و سلم على إبراهيم و على آل إبراهيم في العالمين إنك حميد مجيد .
فما كان أكرم الخليل بأبي هو و أمي , و ما أحسن هديه و أجلَّ أدبه ......
فــــلو أنَّــــه قد علم حقيقة ضيفــــه ....!!!
و رمضـــــــان ضيفك , و ليس منا من لم يكرم ضيفه !
فهــــل علمت حقيقــــة ضيفك ..؟؟؟
و هــل تــــعلمت كيــــف تكرم وفــادته و تقيم حقه ؟؟؟
أم أعددت لضيافتـــه كل ما يصرفك فيه عن جنات سعده ...
و شُغلت بذلك و في ذلك عن حقيقة فضله ...!
فــتـــــأمل معي قليــــلاً في ذلـــك :
لو عرفت حقيقة ضيفك لأجعت بدنك و أسهرت عينك و أيقظت غفلة قلبك و لأقمت جوارحك في الخدمة ... فإذ تفعل .... تشِّفُ منك الروح و تصفو ... و تسمو في معارج السماء , و تعلو, شوقاً و توقاً لأصلها الذي منه خلقت , و مستقرها الذي منه أهبطتت , و لرأيتها , بعيون قلبك , تطوف حول العرش عند سدرة المنتهى , تُسبِّح بحمد ربها .... مطمئنةً راضية ,خاشعةً متبتلةً وجِلَة .
فإذا .... أخلدت من الدنيا لكل متاع زائل و تبعت فيها كل عرض عارض ... فأشبعت بدنك , و نعَّمته و نوَّمْتَه و اشتغلت في خدمته و أقمت على راحته .... لأخلدك البدن الى أصله الذي منه قد خُلق , و لعلقت في طين الأرض روحك , مثخنة بتروحك , سجينة مغبونة , تستغيث من قبح فعلك.... و لربمـــــــا .... طال عليها الأمد في ذلك , فـــاعتادت السجن و كَــــنَّت ....
فثـــمَّ ... إذا رأيت مواكب السائرين الى الله .... و حنَّت الروح لصوت الحادي ... فتشت عن عزائم سعيك , و سألت و تساءلت لمــــاذا , قحطت في السر عينك , و قسى في الذكر قلبك ؟؟
لو عرفت اصل الداء .... لما أعياك السؤال عن الدواء ...فتــــأمل .!
يا نفس ما هي إلا صبـر أيـامكـان مدتهـا أضغـاث أحـلام
يا نفس جودي عن الدنيا و لذتهاو خلِّ عنها فإن العيش قدامـي
فــــإن حدثتـــك النفس بالتوق و غلبها لما قد فارقته الحنين و عزّ عليها فقده ... فذكرها بدار المقام , و قوَّ فيها اليقين فلا يطول عليها الــــصوم , و تــــصبــــر !
ان حننت للحمى و روضه فبالغضا ماء و روضات أخر
.........
" أصاب النبي عليه الصلاة و السلام جوع يوماً , فعمد الى حجر فوضعه على بطنه و قال : ( ألا رب نفس طاعمة ناعمة في الدنيا جائعة عارية يوم القيامة , ألا رب مكرم لنفسه و هو مهين لها , ألا رب مهين لنفسه و هو مكرم لها . ) "
و في البخاري عن عائشة رضي الله عنها : ( أول بلاءٍ حدث في هذه الأمة بعد نبيها الشبع , فإن القوم لمَّا شبعت بطونهم سمنت أبدانهم و ضعفت قلوبهم و جمحت شهواتهم )
رحم الله أم المؤمنين ... فلو رأت ما صرنا إليه ؟؟!!
فمـــــا أبعــــــــد الشُقَّة بين ما أُترفنـــا فيه ... و بين ما تردينا إليه و قد غاب فينا الدين و غيبنا عنه ,
و تكالبت علينــا الأمم و مـــا تكبـــــدنا في درب الرجوع الجهد و المشقة بـــعــــد ...
فـــــإلى الله المشتكى ...
يا رفقة الليل طاب السير فاغتنمو الــمسرى فمن نام طول الليل لم يصل
فمــــاذا أردت أن أقـــول لكم اليـــوم ؟
بالله عليكم .... فلنجعل رمضاننا هذا ... مختلفاً ... متمايزاً ... علَّنا نهتدي فيه لحالٍ خير من حالنا التي انقلبنا اليها و تقلبنا فيها ...
و ظلمنا منها و أظلمنا بها ...
حتى يوشك أن يقال لنا ارجعوا ....
" لا تَرْكُضُوا وَارْجِعُوا إِلَى مَا أُتْرِفْتُمْ فِيهِ وَمَسَاكِنِكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْأَلُونَ (13الأنبياء).. "
فــــدعــونــــــــا ...
نـــدخل في الإسلام ... من جديد ..!!!!
و لا تعجبـــــوا من قـــــولي هـــــذا ...
دعــــونــــــا نتـــوقــــــف قليــــــلاً ,
و لنفتش في أحوالنا عن حقيقتنا , عن حقيقة انتماءنا لهذا الدين .....
و لنسأل أنفسنا , هل نحن مسلمين حقاً ,
و هل نحن مسلمين بحق ؟ !
و هل نحن على الحال التي يرضاها الله تعالى لعباده المؤمنين به ,
و هل اقمنا على المحجة البيضاء التي تركنا عليها نبيه الأمين عليه أفضل الصلاة و أتم التسليم , أم قد حدنا عنها أمداً بعيداً ,
فإنه " لا يحيد عنها بعدي إلا هالك ... "
و لأني .... أعرف مثلكم فداحة السؤال و وجع الإجابة ....
فإني ... أدعوكم ... لأن نفعل ذلك ...
" يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ ادْخُلُواْ فِي السِّلْمِ كَآفَّةً " ( 208 البقرة )
أن نعود لندخل في الإسلام بكليتنا , فنبدأ بمفارقة كل ما كنا عليه , فنفرغ شواغل قلوبنا إلا من الله , و نتخلى فيه عن كل ما تعلقنا به و كل ما إعتدنا عليه ,
و نعود .... لنتعلم من جديد كيف نكون مسلمين بحق ... و مؤمنين بحق ... و متقين بحق ... نتعلم , كيف نراجع على بوصلة الصراط خطونا , و كيف نرجع بالمسيرة التي ضلت الى الجادة , مستدلين في طريق الرجعة بخارطة هدي النبوة .....
و نعود ... لنتفقد أحوالنا كلها , عوائد عيشنا و دواخل صدورنا و غايات سعينا , فنُقِّر منها ما أقره الله و رضيه لنا , و نفارق منها ما يفارق هديه ...
و دعونا ... لا نستعظم الخطو في ذلك ,
فمن تنقل في المراقي , وصل . !
و تأملوا قبل ذلك ما آل إليه حال الإسلام بنا ....
و آل إليه حالنا فيه , و قد هجرناه إلا قليلاً ...
تــــأملوا ذلك مليـــــاً ... مليـــــاً ....
ليـــبقى بين ايدينــــا سؤال أخير :
إن لم يكن الإسلام لنــــا ... إذاً فلمـــن ..!!!
و إن لم نكن نحن للإسلام ... إذا فمـــن ..!!
******
رأيت الذنوب تميت القلوب وقد يورث الـذل إدمانهـا
وترك الذنوب حياة القلوب وخيْرٌ لنفسـك عصيانهـا
وهل أفسد الدين إلا الملوك و أحبار سوء ٍ و رهبانها