ولم يكتف المراهقون وحتى الأطفال في لبنانبالحصول على كوفية واحدة بل إن معظمهم حرص على شراء ألوان متعدّدة لكي تتناسق مع ألوان الثياب التي يرتدون مع متممات الموضة المتمثلة بطريقة تسريح شعورهم وسراويلهم الواسعة التي تكاد تسقط عن أجسادهم.
وللتعبير عن الاستياء من الاستخدام الحالي للكوفية وجد طلاب الجامعة اللبنانية ـ الأميركية في الذكرى الرابعة لاستشهاد الزعيم الفلسطيني ياسر عرفات فرصة لإطلاق تحركهم دفاعاً عن هذا الرمز ووضع حد لانتشار موضة الكوفية الملوّنة التي تغزو واجهات المحلات في المناطق الراقية والشعبية في الوقت عينه بعدما كان يقتصر حضورها في لبنان على المناسبات السياسية التي تنظمها الأحزاب اليسارية. الانطلاقة كانت من خلال شبكة الإنترنت على موقع «facebook» عبر مواقع أطلقتها مجموعات مختلفة وأرفقتها بصور متنوعة عن مدى رواج الكوفية الملوّنة في أوساط الموضة العالمية وبعض التحركات السياسية التي يقوم بها الشباب الفلسطينيون في فلسطين المحتلة وهم يرتدونها. وأهم الشعارات التي رافقت الحملة شعار
يقول: «ارتدِ الكوفية الاصلية». وآخر هو: «نرفض ان تصبح الكوفية آخر صيحات الموضة» أو «الكوفية فلسطينية وليست موضة عالمية». أو «البسوا الكوفية لسبب وليس بدافع الموضة». كما جاء في مقدمة الحملة ان «الاسرائيلي يسعى الى ترويج هذه الموضة للتأكيد أن فلسطين المحتلة أرضه بينما يعتبر الفلسطينيون الكوفية جزءاً من تراثهم وتقاليدهم»وقد انتسب الى هذه المجموعات آلاف الشباب من مختلف الدول العربية وعبّروا عن آرائهم المناهضة لهذه الموضة. وبعد الإنترنت انتقلت الحملة الى الجامعة حيث قرّر الطلاب الاحتفال بـ«أسبوع الكوفية الفلسطينية» وإطلاق دعوة لارتدائها لأسبوع كامل. وقد أطلق المنتسبون المتحمّسون العنان لآرائهم المناهضة للسلوك الاسرائيلي¡ ففي حين عبّر أحدهم عن رأيه بالقول «لنرفع الكوفية معاًومن لا يعجبه فليضرب رأسه بالحائط» عدّد منتسب آخر محاولات الاعتداء التي يقوم بها الاسرائيليون للاستيلاء على التراث العربي من الأرض الى الطعام واللغة وصولاً الى التراث والرمز... والكوفية. وذكّرت الدعوة التي وزّعها منظمو هذا التحرك بتاريخ الكوفية كرمز للكفاح الوطني منذ ثورة 1936 حين كان زعماء المقاومين يخفون بها وجوههم. إلا ان ذلك لم يحل دون تعقّب الصهاينة لهم. لذا بادر الفلاحون الى اعتمارها ليضللوا الأعداء ويحموا مناضليهم أثناء مقاومة الاحتلال البريطاني وبداية الاستعمار الاسرائيلي لفلسطين. كذلك ذكّرت بالنساء اللواتي يلبسن أبناءهن ثوب الاستشهاد ويوشّحنهم بالكوفية كرمز للوطن السليب. واعتبر مسؤولو هذه الحملة أن الكوفية تجاوزت كل الحدود الجغرافية لتصبح رمزاً للنضال الوطني عند شعوب العالم وأحراره¡ لذا وجب التحرّك ومواجهة تحويلها الى مجرّد موضة¡ لأن ذلك يفرغها من معناها ويرمي لطمس الهوية الفلسطينية.
سعيد ابو خروب نائب رئيس نادي الطلاب الفلسطينيين في الجامعة اللبنانية ـ الأميركية في بيروت¡ قال : «إسرائيل هي أول من حاول سرقة تراثنا وهويتنا الفلسطينية من خلال تحويل الكوفية السوداء والبيضاء الى زرقاء وبيضاء دمغت بنجمة داوود لتتحوّل بعد ذلك الى موضة عالمية تعرض على أهم مسارح الموضة العالمية لذا علينا العمل معا لوضع حد لهذا التمادي
والتأكيد على أن الكوفية هي التراث الفلسطيني الذي علينا إحياؤه والحفاظ عليه». ويؤكد ابو خروب ان الحملة ستتوسّع يوماً بعد يوم بين الطلاب في لبنان والدول العربية ويقول: «الاتصالات جارية مع الأحزاب في مختلف الجامعات اللبنانية وقد أبدى الجميع استعدادهم للمشاركة في هذه الحملةوسنلجأ الى توزيع الكوفية مجاناً على الطلاب لحثهم على تلبية الدعوة»