بسم الله الرحمن الرحيم
قال أسامة بن زيد : كنا عند النبى صلى الله عليه وسلم فأرسلت إليه إحدى بناته غلاما يخبره أن صبيا لهم يموت ، فقال صلى الله عليه وسلم للغلام :.
(( ارجع إليها فأخبرها أن الله ماأخذ ، وله ماأعطى ، وكل شىء عنده بأجل مسمى ، فمرها لتصبر وتحتسب ))
فذهب الغلام فأخبرها فإذا هى قد اشتد حزنها ، فعاد الغلام فقال : إنها قد أقسمت عليك لتأتيها يارسول الله ، فقام النبى صلى الله عليه وسلم وقام معه بعض أصحابه ، فحمل الصبى بين يديه ونفسه تقعقع كأنه فى شنة
( قربة يابسة ) فرحمه صلى الله عليه وسلم حتى فاضت عيناه ، فسئُل عن بكائه ، فقال : (( هذه رحمة جعالها الله فى قلوب عباده ، وإنما يرحم الله من عباده الرحماء )) [رواه البخارى ]
ومعاوية رضى الله عنه لبث عشرين سنة أميرا على الشام ، وعشرين سنة أخرى خليفة على المسلمين ، فهو يتقلب من مُلك إلى مُلك ، فلما حضره الموت قال : أجلوسنى ، فأجلسوه ، فأخذ يذكر الله ، ثم بكى وقال : الآن يامعاوية، جئت تذكر ربك بعد الانحطام والانهدام ، أما كان هذا وغض الشباب نضير ربان ؟! ثم بكى وقال : يارب يارب ارحم الشيخ العاصى ذا القلب القاسى ، الأقل العثرة واغفر الزلة ، وجُد بحلمك على من لم يزج غيرك ، ولا وثق بأحد سواك . ثم فاضت روحه رضى الله عنه
ولما هجم الموت على عبد الله بن المبارك ، واشتدت عليه السكرات غشى عليه ثم أفاق ،ورفع الغطاء عن وجهه وابتسم ، وقال : لمثل هذا فليعمل العاملون ، لاإله إلا الله ، ثم فاضت روحه
وحين نزل ببلال رضى الله عنه الموت قالت زوجته : وا حزناه ، فكشفت الغطاء عن وجهه وهو فى سكرات الموت ، وقال : بل قولى وافرحاه ، غدا القى الأحبة محمدا وصحبه .
هذا وما كان من توفيق فمن الله وحده وما كان من خطأ أو سهو أو نسيان فمن ومن الشيطان والله ورسوله منه براء وأعوذ بالله أن أذكركم به وأنساه .