إن ما يستوقف المتابع لتطور التشريعات العقابية في فلسطين هو مغالاة المشرع الفلسطيني ومضاعفته لعدد الجرائم المعاقب عليها بالإعدام، وبالطبع تأثر الوضع الفلسطيني بمختلف الأنظمة التي تناوبت على إدارته.
وللوقوف على مسألة إلغاء عقوبة الإعدام كان لنا هذا الحوار مع أ.ناصر الريس المستشار القانوني لمؤسسة الحق.
وللوقوف على مسألة إلغاء عقوبة الإعدام كان لنا هذا الحوار مع أ.ناصر الريس المستشار القانوني لمؤسسة الحق.
الجزيرة توك: هل بالفعل ازدادت عقوبة الإعدام مقارنة بما كانت عليه سابقاً؟
-جَرم قانون العقوبات الانتدابي لسنة 1936، أربعة أفعال بعقوبة الإعدام، كما جرم مشروع قانون العقوبات الفلسطيني 23 فعلاً بالإعدام، بينما جرم قانون العقوبات الثوري لمنظمة التحرير الفلسطينية 33 فعلاً بعقوبة الإعدام، وأيضاً جرم مشروع قانون المحاكم العسكرية 41 فعلاً بالإعدام، والكثير من هذه الأفعال تافهه ولا يُستحق عليها الإعدام.
-جَرم قانون العقوبات الانتدابي لسنة 1936، أربعة أفعال بعقوبة الإعدام، كما جرم مشروع قانون العقوبات الفلسطيني 23 فعلاً بالإعدام، بينما جرم قانون العقوبات الثوري لمنظمة التحرير الفلسطينية 33 فعلاً بعقوبة الإعدام، وأيضاً جرم مشروع قانون المحاكم العسكرية 41 فعلاً بالإعدام، والكثير من هذه الأفعال تافهه ولا يُستحق عليها الإعدام.
الجزيرة توك: ما مبرراتكم للعمل على إلغاء عقوبة الإعدام؟
-إن العمل على إلغاء عقوبة الإعدام جاء قناعةً بعدم جدوى هذه العقوبة سواءً كجزاءِ مادي أو كرادعِ ..
-إن العمل على إلغاء عقوبة الإعدام جاء قناعةً بعدم جدوى هذه العقوبة سواءً كجزاءِ مادي أو كرادعِ ..
في مواجهة انتشار الجريمة وشيوعها، وإن السياسة الجزائية الحالية تقوم على تأهيل وإصلاح المجرم وإعادة دمجه في المجتمع ، هناك نسبة بسيطة من المجرمين الذين لايمكن إصلاحهم لكن نحن ضد فكرة أن الإنسان يولد مجرماً، لذلك نحن مع فلسفة العقوبة الحالية وهي الخدمة المجتمعية التي تنمي انتماءه للمجتمع، بدلاً من جعله حاقداً عليه، كما أنها لا تأثر على نفسيته ونفسية أسرته.
الجزيرة توك: ما أهم المآخذ على عقوبة الإعدام؟
-تمثل هذه العقوبة أحد أهم صور انتهاك الحق في الحياة، لكون هذا الحق حقاً مقدساً ولا يجوز أن يكون محلاً للمساومة حتى في نطاق العقاب، ونظراً للألم النفسي والجسدي الذي يتعرض له المدان بهذه العقوبة سواء خلال الفترة السابقة على تنفيذ العقوبة أو حال تنفيذها حيث يعاني المدان خلال هذه الفترة من ضغط نفسي كبير جراء إدراكه بحتمية انتهاء حياته.
كما أن الإحصائيات التي أُجريت أثبتت ارتفاع معدلات الجريمة في الدول التي تتبنى عقوبة الإعدام قياساً مع الدول التي ألغت العقوبة. ناهيك عن التعسف في استغلال هذه العقوبة في العديد من الأنظمة السياسية إذ شكلت الغطاء القانوني للتخلص من الخصوم والمعارضة السياسية في العديد من الدول وأظهرت عملية إعدام الرئيس العراقي السابق صدام حسين وبعض معاونيه مدى الاستغلال السياسي لهذه العقوبة.
بالإضافة لسقوط العديد من الأبرياء كضحايا لهذه العقوبة إذ اثبتت الوقائع المادية لاحقاً براءة العديد من الأشخاص الذين نُفذ فيهم الإعدام وذلك بسبب التقدير الخاطئ للأدلة أو سرعة تنفيذ العقوبة، وبالطبع لا قيمة مادية لهذه البراءة التي لا يجاوز أثرها الاعتبار المعنوي، وبالتالي ليس هناك مجال مطلق لتعويض المتضرر من هذه العقوبة، وهذا ما حدث مع العقيد الذي أُعدم إثر اتهامه بقضية جنسية مع أطفال في غزة، وبعد فترة تبينت براءته.
كما أن الكثير من الأنظمة السياسية وخصوصاً في العالم الثالث بما فيها النظام السياسي الفلسطيني تخضع لتنفيذ هذه العقوبة استجابة لضغط الرأي العام وليس تحقيقاً للعدالة، إذ كثيراً ما نُفذت هذه العقوبة كإجراء لإسكات الشارع.
والممارسة العملية أثبتت أن عقوبة الإعدام لا تحقق الردع للمجرم الذي قد يكرر جرائمه لقناعته بحتمية اعدامه وموته.
-تمثل هذه العقوبة أحد أهم صور انتهاك الحق في الحياة، لكون هذا الحق حقاً مقدساً ولا يجوز أن يكون محلاً للمساومة حتى في نطاق العقاب، ونظراً للألم النفسي والجسدي الذي يتعرض له المدان بهذه العقوبة سواء خلال الفترة السابقة على تنفيذ العقوبة أو حال تنفيذها حيث يعاني المدان خلال هذه الفترة من ضغط نفسي كبير جراء إدراكه بحتمية انتهاء حياته.
كما أن الإحصائيات التي أُجريت أثبتت ارتفاع معدلات الجريمة في الدول التي تتبنى عقوبة الإعدام قياساً مع الدول التي ألغت العقوبة. ناهيك عن التعسف في استغلال هذه العقوبة في العديد من الأنظمة السياسية إذ شكلت الغطاء القانوني للتخلص من الخصوم والمعارضة السياسية في العديد من الدول وأظهرت عملية إعدام الرئيس العراقي السابق صدام حسين وبعض معاونيه مدى الاستغلال السياسي لهذه العقوبة.
بالإضافة لسقوط العديد من الأبرياء كضحايا لهذه العقوبة إذ اثبتت الوقائع المادية لاحقاً براءة العديد من الأشخاص الذين نُفذ فيهم الإعدام وذلك بسبب التقدير الخاطئ للأدلة أو سرعة تنفيذ العقوبة، وبالطبع لا قيمة مادية لهذه البراءة التي لا يجاوز أثرها الاعتبار المعنوي، وبالتالي ليس هناك مجال مطلق لتعويض المتضرر من هذه العقوبة، وهذا ما حدث مع العقيد الذي أُعدم إثر اتهامه بقضية جنسية مع أطفال في غزة، وبعد فترة تبينت براءته.
كما أن الكثير من الأنظمة السياسية وخصوصاً في العالم الثالث بما فيها النظام السياسي الفلسطيني تخضع لتنفيذ هذه العقوبة استجابة لضغط الرأي العام وليس تحقيقاً للعدالة، إذ كثيراً ما نُفذت هذه العقوبة كإجراء لإسكات الشارع.
والممارسة العملية أثبتت أن عقوبة الإعدام لا تحقق الردع للمجرم الذي قد يكرر جرائمه لقناعته بحتمية اعدامه وموته.
الرؤية المجتمعية والدينية
إن البيئة الفلسطينية الاجتماعية وخاصة في الفترة القريبة السابقة باتت أكثر دعماً لتبني عقوبة الإعدام باعتبارها المخرج الذي يقلل من تصاعد وتيرة الثأر، فضلاً عن كونها العقوبة الأكثر ردعاً في مواجهة ظاهرة العمالة.
إن البيئة الفلسطينية الاجتماعية وخاصة في الفترة القريبة السابقة باتت أكثر دعماً لتبني عقوبة الإعدام باعتبارها المخرج الذي يقلل من تصاعد وتيرة الثأر، فضلاً عن كونها العقوبة الأكثر ردعاً في مواجهة ظاهرة العمالة.
الجزيرة توك: ماذا عن التعامل القانوني والمجتمعي مع عقوبة الإعدام بالنسبة للمتهمين بالتعاون مع إسرائيل؟
لا شك أن هناك أصواتاً تطالبُ بإعدام من يقدم معلومات للإسرائيلين عن القيادات الفلسطينية، ومازاد هذه الأصوات هو انعدام سيطرة السلطة الفلسطينية عندما يتدخل الإسرائيلين لإخلاء سبيل بعض المتهمين بالتعاون معها، وبالتالي تلجأ الجهات المسلحة الفلسطينية على تصفيتهم بعيداً عن تدخل الجهات الرسمية ما يفتح الفرصة لهذه الجهات بالتصرف وفق توجهاتها السياسية والعسكرية حتى وأن تعارضت مع مواقف السلطة، إذ تمنح لنفسها الصلاحية الكاملة بتنفيذ الإعدام بحق من تشاء.
لا شك أن هناك أصواتاً تطالبُ بإعدام من يقدم معلومات للإسرائيلين عن القيادات الفلسطينية، ومازاد هذه الأصوات هو انعدام سيطرة السلطة الفلسطينية عندما يتدخل الإسرائيلين لإخلاء سبيل بعض المتهمين بالتعاون معها، وبالتالي تلجأ الجهات المسلحة الفلسطينية على تصفيتهم بعيداً عن تدخل الجهات الرسمية ما يفتح الفرصة لهذه الجهات بالتصرف وفق توجهاتها السياسية والعسكرية حتى وأن تعارضت مع مواقف السلطة، إذ تمنح لنفسها الصلاحية الكاملة بتنفيذ الإعدام بحق من تشاء.
الجزيرة توك: التيارات الدينية ترى عقوبة الإعدام تقابل القصاص في الشريعة الإسلامية وهي بذلك عقوبة إلهية، ولا مجال للاجتهاد في تفسيرها، كيف ترد عليهم؟
-إن على الدولة تلبية التزامتها تجاه الأفراد بالحياة كريمة، ومن ثم تحاسبهم على واجباتهم، ومثال ذلك أن الخليفة عمر بن الخطاب أوقف العمل بالحد عند انتشار المجاعة في عهده، كما أن تنفيذ عقوبة الإعدام في الدين الإسلامي يحتاج لإجراءات ثبوتية قاسية، وهو في أفعال معينة وواضحة وفي جريمة القتل يرجع الأمر لولي أمر المقتول، فهم يُخيرون بين إعدام القاتل أو قبول الدية أو العفو عنه.[/FONT]
[FONT=arial,helvetica,sans-serif]الجزيرة توك: ماهي الجهود المبذولة حالياً للعمل على إلغاء عقوبة الإعدام، وهل نحتاج إلى توعيه مجتمعية وإعلامية بالتوازي مع العمل على القوانين والتشريعات؟ -نحن كمؤسسات حقوقية ومجتمعية شكلنا ائتلاف لمناهضة عقوبة الإعدام، وهذا العمل جزء من حملة عربية لإلغاء العقوبة، وقد اجتازت فلسطين شوطاً كبيراً في هذا المجال وذلك نظراً للتقبل المجتمعي وبسبب عمل المؤسسات الأهلية.
ويذكر أن مجموع أحكام الإعدام الصادرة عن المحاكم الفلسطينية على اختلاف أنواعها منذ عام 1994 ولغاية نهاية عام 2006 هو 66، نُفذ منها 14 حكماً، غالبيتها صدرت عن محكمة أمن الدولة التي أُنشئت بقرارٍ رئاسي عن الرئيس ياسر عرفات في حين لم تنفذ باقي الأحكام بسبب عدم مصادقة رئيس السلطة الفللسطينية عليها أو لإحالة عدد من القضايا إلى المحاكم المدنية بعد إلغاء محاكم أمن الدولة، إضافة إلى هرب عدد من المحكوم عليهم بالإعدام أثناء اجتياح الضفة الغربية أو تصفيتهم سواءً داخل مراكز الاحتجاز أو خارجها.
بقلم
آلآء فريد كراجة