أخيتي كلها أيام معدودة ويحل علينا ضيف كريم
ضيف تشتاق له القلوب قبل الأبدان
إنه رمضان ،، اللهم بلغنا رمضان .
أخيتي .. غيرِك مات وأنتِ لا زلتِ حية تقرأين هذه الكلمات !!!
غيرك مات وأنت مازلت أمامك الفرصة !!!
ولو متِ لعلمتِ كم تساوي ركعة واحدة لدى ميت من الأموات !!!
ولعاينتِ كيف يرى المعذبون في قبورهم لحظة واحدة من لحظات الحياة !!!
فاحمدي الله الذي أحياكِ …
فمالذي سيتغير فيك هذا العام ؟
ما الذي تنوينه لرمضان هذا العام ؟
أولا :: أقلبي الصفحة ..
ابدئي عهدا جديدا .. امحي ماضيك المؤلم .. استبعدي ذكريات فشلكِ ..
ابدئي وكأنك وُلِدت اليوم..
حرِّري نفسك من مكيدة شيطانية تستهدف دفعك إلى خانة اليأس ومحاصرتك في مربع الفشل ،
ليذبح بذلك حيويتكِ الإيمانية ويخنق صحوات توبتك ..
ارفعي شعار
:: ما فات مات ، والأهم ما هو آت ::
وابدئي بداية جديدة في صفحة عُمْرية جديدة ..
ليست كل رمضان فحسب بل كل يوم وكل ساعة، حتى ينتحر اليأس فلا يعرف إلى قلبك سبيلا.
ثانيا :: صحائف لا تطوى
اسطري في صحيفتك هذا العام أعمالا تجعل صحيفتك منشورة لا تُطوى بعد موتك..
واقرئي في تمعن حديث رسولك
وكأنه يُملي عليكِ أفضل ما يُزيِّن الصحائف:
«سبعٌ يجرى للعبد أجرهن وهو في قبره بعد موته: من علَّم علما،
أو كرى نهرا، أو حفر بئرا، أو غرس نخلا، أو بنى مسجدا،
أو ورَّث مصحفا، أو ترك ولدا يستغفر له بعد موته» حديث حسن لغيره .
ثم اجلسي مع نفسك أي من هذه السبعة ستقومين به هذا العام ،،
أي منها سيجري عليك أجره بعد الموت !!!
لتجعلي بهذا رمضان هذا العام مختلفا ونبعكِ فياضا بعد ما غرست ما تجني به أطيب الثمر في جنات ونهر.
ثالثا:: املئي صحائف غيرك ..
وسِّعي أفقك .. وسابقي أحلامك في هداية ضالة
وجذب شاردة إلى رحاب الله..
قلِّبي النظر في من حولك في بيتك ، في عملك ، وسط أهلك ، وسط زميلاتك ، أخواتك ،،
مؤكد ستجدي بينهم من يحتاج إليكِ لتنيري له الطريق كما أنار لكِ الطريق أحدٌ من قبل ،،
ولله الفضل من قبل وبعد ..
فليكون رمضان هذا العام
فاصلا لك بين عهدين: الصلاح والإصلاح.
وما أحلى أن تموتي وصحائف أخرى ترسل لك الثواب وتعلي قدرك عند رب الأرباب.
رابعا :: تخيّري أجمل الجمل:
«أي العمل أفضل يا رسول الله؟!»
سؤال طالما رفعه الصحابة إلى رسول الله
ليخبرهم
وهو المؤيَّدِ بالوحي من السماء بما يشفي الغليل ويروي الظمأ،
وهي جملة تعكس لهفة الصحابة على أعظم الأعمال أجرا وأعلاها قدرا.
فلتملأ هذه الجملة مسامعك من الآن حين تقدمي على عمل صالح لتفاضِلي بين الطاعات وتنتقي أزكى القربات.
لكل وقت أذان، وبحسب ما يحيط بك من أحوال تتحدد الأولويات.
فحين تجدي نفسك وسط جهل يحتاج فيه الناس لعلم .. أو فقر يفتقدون فيه المال ..
أو كرب يلتمسون فيه شفاعة ..
أو تخلف مهني يحتاجون فيه لنهضة وتطوير ..
أو تدهور خُلقي يفتقدون فيه أخلاق النبلاء..
وأنتِ تملكين هذا كله أو بعضه، فاعلمي أنها فرصتكِ في اقتناص رقعة في الجنة أكبر وأغلى!!
خامسا :: اقلبي عاداتِك حسنات..
حتى في أوقات راحتكِ وساعات نومك ..
اقلبي عاداتك حسنات .. جدِّدي فيها النيات ..
بادري اللحظات ..
يحفِّزك على ذلك صحابة وصحابيات وسلف صالح سبقوك ِ ..
تبغين اللحاق بهم ومزاحمتهم على الحوض ..
وكما قال التابعي الجليل أبو مسلم الخولاني:
“أيظن أصحاب محمد أن يستأثروا به دوننا ؟ كلا، والله لنزاحمنهم عليه زحاماً حتى يعلموا أنهم قد خلفوا وراءهم رجالاً”
سادسا :: صحائف بالحبر السِّري …
اجعلي مما تكتبين في صحائفك عملاً حتى لو صغيرا لكنه خفي لا يعلمه إلا الله،
ودائم لا ينقطع مع تقليب الصفحات أي مرور الأيام، ترعين بذلك في قلبك بذرة الإخلاص وتتعهّدها،
فتكونين الجندي المجهول الذي لا يعلم عمله ملكٌ فيكتبه ولا شيطان فيفسده،
فلا يكافئه على هذا العمل سوى الذي يعلم السر وأخفى،
ومن حافظ على خبيئة من العمل الصالح حفظته، ومن أسرَّ بها سرَّته، ومن لم يُطلع عليها أحدا كافأه الله من جنس العمل
فلا يُطلِع أحدا على أملاكه في الجنة ، جزاءا وفاقا .
وقبل الختام :: اسألي نفسك أخيتي :
ما هي العبادة التي ستواظبي عليها في رمضان هذا العام ولم تواظبي عليها من قبل؟
ما هو الخُلق الذي تنوين أن تتحلي به وقد صعب عليك في ما مضى؟
وأي خلق سيء تشتكين منه وتنوين في رمضان هذا العام أن تمحيه من معاملاتِك وتشيِّعيه إلى المقبرة؟
وأخيرا ما هو العمل الذي ستقومين به لخدمة دينك وأمتك ؟
وختاما ً :: تذكّري أخيتي ،،
في صحائفكِ أعمالٌ كنتِ تعملينها وتواظبي عليها، لكنها تحتاج منكِ اليوم إلى إعادة نظر ومراجعة،
ولأن ناشد الكمال دوما في ارتحال
فأنتِ اليوم غير راضية عنها ساعية في الارتقاء بها:
* صلاة غير خاشعة
* إتقانٌ لعملك المهني غير تام
* قراءةٌ للقرآن غير متدبرة
* استغلال غير أمثل للأوقات
* علاقة بالجيران والإخوان سطحية
* عمل للإسلام لكنه غير فعال أو متذبذب
وها هي فرصة سانحة لك لتطوري من نفسك وتجوِّدي في صحيفتك، وتذكري قول ربك
﴿ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا ﴾