فعلاماتُ القيامةِ الكبرى؛ والتي هي أمورٌ عظيمة يدلُّ ظهورُها على قُربِ قيامِ الساعةِ، ويكون خروجُها متتابعًا، فإذا ظهرتْ أُولى العلاماتِ، فإن الأُخرى على إِثْرها؛
______________
وهِيَ عَشْرُ علاماتٍ:
ظُهور الدَّجَّال، ونزولُ عيسى ابنِ مريمَ، ويأجوجُ ومأجوجُ، وثلاثةُ خُسوفاتٍ: خَسفٌ بالمشرق، وخَسفٌ بالمغرب، وخَسفٌ بِجزيرةِ العَرَبِ، والدُّخانُ، وطُلُوعُ الشمس من مَغرِبها، والدابةُ، والنَّار الَّتي تسوقُ الناس إلى مَحْشَرِهم.
فقد روى مسلم في "صحيحه"، عن حذيفة بن أسيدٍ الغفاري، قال: اطلع النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - علينا ونحن نتذاكَر، فقال: ((ما تذاكرون؟))، قالوا: نذكر الساعة، قال: ((إنها لن تقوم حتى ترون قبلها عشر آياتٍ))، فذكر: الدخان، والدجال، والدابة، وطلوع الشمس من مغربها، ونزول عيسى ابن مريم - صلى الله عليه وسلم - ويأجوج ومأجوج، وثلاثة خسوفٍ: خسفٌ بالمشرق، وخسفٌ بالمغرب، وخسفٌ بجزيرة العرب، وآخر ذلك: نارٌ تخرج من اليمن تطرد الناس إلى محشرهم.
وفي رواية: ((ونارٌ تخرج من قعرة عدنٍ ترحل الناس))، وعند أبي داود: ((وآخر ذلك نارٌ تخرج من اليمن من قعر عدنٍ، تسوق الناس إلىالمحشر)).
قالالنوويُّ في "شرح مسلم":
ويتبيَّن مما سبق أنَّ الأحاديث الواردة في أشراط الساعة تعددتْ طرُقُها وألفاظُها، ومنها ما في الصحيحين، وأجمعت الأمة على صحته، ومنها ما في غيرهما؛ ومنه الصحيح، ومنه الضعيف، ومنه الموضوع.
وإن أردت الاستزادة، فعليك بمُراجعة المطولات في كُتُب السُّنن أو غيرها؛ مثل: كتاب "النهاية في الفِتَن والملاحم"؛ لابن كثير، و"إتحاف الجماعة بعلامات الساعة"؛ للتويجري، وكتاب "القيامة الصغرى"؛ للأشقر، وكتاب "أشراط الساعة"؛ ليوسف الوابل.
___________________________
أما الضباب الذي يعم الأرض... إلخ، فالوارد في السنة حديث النواس بن سمعان، قال: ذكر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الدجال ذات غداةٍ، فخفض فيه ورفع، حتى ظنناه في طائفة النخل، فلما رحنا إليه عرف ذلك فينا، فقال: ((ما شأنكم؟))، قلنا: يا رسول الله، ذكرت الدَّجَّال غداةً، فخفضت فيه ورفعت، حتى ظنناه في طائفة النخل، فقال: ((غير الدجال أخوفني عليكم، إن يخرج وأنا فيكم، فأنا حجيجه دونكم، وإن يخرج ولست فيكم، فامرؤٌ حجيج نفسه، والله خليفتي على كل مسلمٍ؛ إنه شاب قططٌ، عينه طافئةٌ، كأني أشبهه بعبد العزى بن قطنٍ... ثم قال: إذ بعث الله المسيح ابن مريم، فينزل عند المنارة البيضاء شرقي دمشق، بين مهرودتين، واضعًا كفيه على أجنحة ملكين، إذا طأطأ رأسه قطر، وإذا رفعه تحدر منه جمانٌ كاللؤلؤ، فلا يحل لكافرٍ يجد ريح نفسه إلا مات، ونفسه ينتهي حيث ينتهي طرفه، فيطلبه حتى يدركه بباب لد، فيقتله...، ثم ذكر خروج يأجوج ومأجوج، وهلاكهم...، إلى أن قال: إذ بعث الله ريحًا طيبةً، فتأخذهم تحت آباطهم، فتقبض روح كل مؤمنٍ، وكل مسلمٍ، ويبقى شرار الناس، يتهارجون فيها تهارج الحمر، فعليهم تقوم الساعة)).
_____________________________________
أما الحديثُ المذكورُ - في الصورة - فموضوعٌ ليس موجودًا في شيءٍ من كتب السُّنَّة، ولا في دواوين الإسلام، وهذه أمارة الوضع عند أهل العلم؛ فضلًا عن الرِّكَّة الظاهرة في ألفاظه، وكذلك الحديث المذكور في سقوط سبعة أمراء لا يصحُّ - أيضًا - إلى النبي - صلى الله عليه وسلم.
هذا؛ ولا يجوز تداوُل تلك الأحاديث المنتشرة على الإنترنت؛ حتى نعلمَ صحتها من ضعفها؛ لأن ذلك يتوقَّف على ثُبُوت الحديث إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - من عدمه، فإن ثبتت نسبتها إليه، فإن نشرها من عمل الخير والتعاوُن على البرِّ والتقوى، والدلالة على الأعمال الصالحة.
وأما إن لم تثبت نسبتها إلى الرسول - صلى الله عليه وسلم - فإنه لا يجوز نشرُها؛ فقد توعَّد الرسولُ - صلى الله عليه وسلم - من حدَّث عنه بما لم يقلْ، فقال: ((من حدَّث عني بحديثٍ يرى أنه كذب، فهو أحد الكاذبين))؛ رواه مسلم، وقال - صلى الله عليه وسلم -: ((كفى بالمرء إثمًا أن يحدِّث بكل ما سمع))؛ رواه مسلم.