الاصلاح نيوز- مبارك حماد/
يتميز المواطن الأردني بطبعه بالحنين للماضي، بجماله وترانيم أيامه البسيطة.. فلا يمكن للمواطن الأردني نسيان أيام “المرحوم” (الأنتين) بنظافته ونقاوته، وكيف كانت الأم في منزلها تطلب من أولادها تحريك (الأنتين) أو لفه، لتشاهد تلفزيون فلسطين أو التلفزيون السوري .
ولا يمكن للمشهد المرتبط بـ”الأنتين” أن يغيب عن أذهان الكثير من الأردنيين، “شخص يقف عند الشبكة أو “الأنتين” على السطح، وآخر عند التلفاز ويقول له: “لف يمين .. لف شمال .. بس زبطت الصورة”، مشهد يعيد للذاكرة أيام ذهبت لتذهب معها بساطة الحياة الأردنية وتدخل في معتركات الحياة الحديثة وهمومها .
وكان المواطن الأردني كغيره في الدول العربية الأخرى يعيش في حالة شبيهة بالإنعزال التام عن العالم الخارجي، ولا يعرف شيئاً عنه، إلا من خلال ما يشاهده ويسمعه في أخبار الثامنة على التلفزيون الأردني، ومن خلال ما يقرأه في الصحف اليومية، ولا يكاد يعرف إلا أخبار القرية أو المدينة التي يسكن بها .
الفضائيات والمواقع الإلكترونية على الشبكة العنكبوتية -التي ساهمت في ظهورها الثورة التكنولوجية الحديثة- كانت أشبه بالحلم ومعجزة من معجزات الزمان، لا يمكن للعقل العربي استيعاب أنها ستصبح حقيقة في يوم من الأيام، أسطح المنازل الأردنية التي تمتلىء الآن بما يسمى “الستلايت” كانت تزدحم بـ الشبكات والأنتينات بأشكالها المختلفة، تقف على السطح شامخة لتعرض القناة الأردنية الأولى والثانية والتلفزيون السوري والإسرائيلي في بعض الأحيان .
يزدحم تلفاز المنزل الأردني الآن بالفضائيات، بشتى توجهاتها الترفيهية منها والإخبارية والرياضية..، حتى لم يعد المشاهد يستطيع حصيها، وتتوجه الكثير من هذه الفضائيات لمضامين بعيدة كل البعد عن المضمون الثقافي والعلمي، مما أعطى صورة سيئة عن الفضائيات العربية بشكل عام .
رئيس الملتقى الإعلاميين العرب هيثم يوسف، يعزو، غياب المضمون الثقافي والعلمي الهادف لبعض الفضائيات العربية في الدرجة الأولى إلى العنصر المادي، حيث أن رغبة الفضائيات العربية الخاصة بالحصول على المال تدفعها لاتباع شتى الوسائل واللجوء إلى برامج وحملات دعائية مختلفة بغض النظر عن مضمونها، بعكس التلفزيون الحكومي الذي تخصص له الحكومة موازنة مالية، الأمر الذي ينعكس على مضمونه الهادف والفعال” .
وتابع يوسف قوله: ” إن الواقع الإعلامي العربي وصل إلى مرحلة يرثى لها، حيث أن الكثير من الفضائيات العربية لا تقدم مضمون ولا واقع، ومضامينها بلا معنى أو قيمة”، مشيراً إلى أن الأعلام العربي يميل إلى التأثر بالإعلام الغربي وتقليده، من دون التطرق إلى مضامين وسياسة الغرب في الإعلام، وما إذا كانت تتنافى وطبيعة العادات والتقاليد العربية والإسلامية أم لا .
وأكد يوسف على تحول نظرة أصحاب رؤوس الأموال نحو الفضائيات واعتبارها سلعة تجارية تدر عليه الأموال، إضافة إلى تصوره أنها تعطيه شيئاً من المكانة الإجتماعية المرموقة بين عامة الناس.
من جهة أخرى، يقول فهمي محمد (53) عاماً: “أحس باشتياق كبير للإعلام القديم، لأنه إعلام هادف ونظيف، ويكفي أنني كنت عندما أترك أولادي في المنزل وأذهب إلى عملي، لم أكن أتخوف من نوعية البرامج المعروضة على التلفاز التي يمكن لهم مشاهدتها” .
ويبدي عدنان محمد (24) عاماً، استياءه من بعض الفضائيات العربية ومضمونها المتدني، لافتاً إلى أنه في ذات الوقت هناك فضائيات عربية تحمل رسالة إعلامية واعية ومضمون هادف.