الإصلاح نيوز/
يدخل لاعب الوسط المميز لودوفيك اوبرانياك الى نهائيات كأس اوروبا التي تستضيفها بلاده بولندا مشاركة مع جارتها اوكرانيا، وهو يحلم بالسير على خطى زبيغنيو بونييك ورفاقه العمالقة الاخرين كازيميرز داينا وغريغورز لاتو وأندري زارماخ الذين شكلوا الجيل الذهبي في
كأسي العالم 1974 و1982 وقادا المنتخب الى المركز الثالث.
ستكون الفرصة سانحة هذا الصيف امام بولندا لكي تستعيد امجاد الايام الغابرة كونها تخوض مشاركتها الثانية فقط في كأس اوروبا على ارضها وبين جمهورها، وسيكون اوبرانياك احد اسلحتها الاساسية في هذه المغامرة “الحالمة” كونه العقل المفكر وصاحب الخبرة النابعة من تأسيسه الفرنسي كونه ولد في متز ودافع حتى عن الوان المنتخب الفرنسي لدون 21 عاما قبل ان يقرر استعادة جنسيته البولندية في الخامس من حزيران/يوينو 2009 ويلعب مباراته الاولى بقميص بلاد جده زيغمونت في 23 تموز/يوليو من العام ذاته، وكانت ودية في مواجهة اليونان وقد سجل بداية مثالية لانه كان صاحب هدفي اللقاء (2-صفر).
تبنى الشعب البولندي اوبرانياك منذ تلك المباراة التي تحدث عنها لاعب بوردو الحالي قائلا، “كسبت مصداقيتي امام اللاعبين والطاقم الفني والمشجعين بشكل سريع. كانت مباراتي الاولى كما كانت المرة الاولى التي اطأ فيها الارض البولندية”.
وتابع “في بادىء الامر كان الوضع صعبا لاني كنت الفرنسي الصغير الذي حط رحاله، لم اكن اتحدث اللغة. كنت محرجا بعض الشيء، لم اشعر بان الوضع صحيح. شعرت بالصغر وانا انتظر المباراة بفارغ الصبر. ثم دخلت إلى الملعب وسجلت هدفين. هذا الامر أعطاني دفعة هائلة من اجل انصهاري (بالمنتخب)!”.
ومنذ تلك اللحظة يشعر اوبرانياك انه في موطنه بولندا ويجتمع بكل سرور مع زملاء الدرب نحو كأس اوروبا التي تحدث عنها قائلا “انها مغامرة مذهلة على الصعيدين الرياضي والانساني… انها طريقة اخرى لرؤية الامور ولعب كرة القدم. وبولندا بلد كروي كبير”.
لطالما كان اوبرانياك حاسما في لحظات لم يكن احد يتوقعها، فباستطاعة هذا اللاعب الذي قرر في كانون الثاني/يناير الماضي ترك ليل من اجل الانتقال الى بوردو، ان يسجل اهدافا مثل ذلك الذي منح فيه ليل الفوز في نهائي كأس فرنسا الموسم قبل الماضي أو حين سجل ثنائية في اول مباراة له مع المنتخب الوطني.
كانت هناك امكانية ان يبقى مجهولا وان يلعب دورا ثانويا في الموسم المذهل الذي قدمه ليل العام الماضي. فاوبرانياك اكتفى بلعب دور البديل منذ وصوله إلى الفريق الشمالي عام 2007، وفكر باختبار حظه في مكان اخر، وهو تحدث عن هذه المسألة في مقابلة مع موقع الاتحاد الدولي لكرة القدم، قائلا: “حصلت على فرص العام الماضي (2010) وكانت هناك امكانية ان تتحول الى واقع. لو تركت ليل بعد عدة اعوام في صفوفه ثم شاهدته يحقق الثنائية واللعب في مسابقة دوري ابطال اوروبا، لندمت على هذه الخطوة كثيرا!”
ومن الارجح ان ليل هو الطرف النادم حاليا على تخليه عن هذا اللاعب الذي ثأر لنفسه في شباط/فبراير الماضي عندما قاد بوردو للفوز على فريقه السابق 5-4 بتسجيله هدفين، احدهما كان حاسما لانه منح فريقه الفوز في الوقت بل الضائع.
وقد تحدث البولندي عن تلك المباراة قائلا لموقع الفيفا: “صحيح اني تأسفت لخسارة رفاقي السابقين، لكن القدر شاء ان تسير الامور على هذا النحو. العودة الى ليل وتسجيل هدفين في شباك الفريق الذي اعتبرني غير مؤهل للعب في التشكيلة الاساسيةو، انها ضربة ناجحة فعلا”.
عندما قرر اوبرانياك ترك ليل والتوجه الى بوردو خلال فترة الانتقالات الشتوية، فانه لم يكن يبحث فقط عن فرصة اللعب في مكان ينعم بظروف مناخية افضل من تلك التي عاشها على مدى خمسة اعوام الشمال الفرنسي، بل كان يبحث عن التألق قبيل خوض غمار كأس اوروبا على ارض اجداده، وهو علل قراره بالقول “ان هذا الاختيار نابع من اعتقادي الراسخ بانه السبيل الانسب رياضيا وانسانيا. كما يجب الا ننسى ان بوردو فريق كبير، كيف لا وهو الذي توج بطلا لفرنسا قبل اقل من ثلاث سنوات، ناهيك عن تأهله لربع نهائي دوري الابطال.”
كما اوضح ان انتقاله يمثل بالنسبة له “فرصة اللعب ومواصلة تطوير الاداء في فريق فرنسي جيد”، مدركا في الوقت ذاته ان انضمامه إلى بوردو لم يكن على سبيل النزهة لان الفريق ما زال يكافح من اجل العودة الى اوروبا”.
وتمكن اوبرانياك بانتقاله الى بوردو من انقاذ موسمه واضعا نصب عينيه خوض كأس اوروبا وهو في كامل لياقته بعدما كان حبيس مقاعد الاحتياط في ليل، اخذا في عين الاعتبار ايضا التعاقدات التي اجراها الاخير قبل انطلاق الموسم الفائت ، قائلا “ان الفريق لم يتعاقد مع نجم بقيمة (الانكليزي) جو كول لكي يبقيه على مقاعد الاحتياط طيلة الموسم.”
وبالنسبة للحدث الذي ينتظره هذا الصيف في بلاد اجداده ورغم اعتقاده بان تأهل البلد المضيف بشكل مباشر لا يتيح الفرصة لمنتخبه من اجل التحضير على النحو الامثل، الا انه لاعب بوردو يتطلع بكل ثقة الى خوض بطولته الدولية الاولى في مسيرته، وهو قال بهذا الصدد: “بالنظر الى المباريات التي لعبناها مؤخرا أمام البرتغال والمانيا (صفر-صفر و2-2 على التوالي)، فانا متفائل جدا واعتقد اننا نملك فريقا بامكانه ان يشكل خطرا كبيرا على منافسيه”.
ولا شك ان تفاؤل لاعب بوردو نابع ايضا من السهولة النسبية التي تتميز بها مهمة فريقه في الدور الاول، حيث اوقعته القرعة في المجموعة الاولى الى جانب اليونان وروسيا وتشيكيا، وهي منتخبات تبدو في المتناول. وقد اكد اوبرانياك في هذا الصدد: “اذا لم نتأهل عن هذه المجموعة، فاننا لن نتأهل ابدا عن اي مجموعة اخرى. فعندما تسلم من مواجهة أسبانيا وبقية الفرق الكبيرة وعندما تلعب على ارضك وبين جماهيرك، فانك تملك فرصة العمر لبلوغ ربع النهائي على الاقل. سيكون كل شيء ممكنا بفضل المشجعين والتسلح بالثقة، لكننا اذا لم ننجح في تخطي مرحلة المجموعات، فان خيبة الامل ستعم كافة ارجاء البلاد”.