تأتي ذكرى سقوط القدس والضفة الغربية،في توقيت عاصف،وفلسطين الاسيرة،ليست وحدها في مشهدها،اذ ان كل دول الجوار لاسرائيل تم تحطيمها،من العراق الى سورية،مروراً بلبنان ومصر،وصولا الى الدول المنهكة اقتصادياً واجتماعياً.
هذا يُثبت ان الاحتلال لم يكن على صدرالفلسطينيين لوحدهم،والذين قالوا للشعب الفلسطيني اذهب انت وربك فقاتلا،لم يتذكروا ان سقوط فلسطين بيد الاحتلال،توطئة لتدمير واحتلال وتخريب كل الهلال الخصيب،اي سورية والعراق،ومعهما مصر.
للعرب اربعة حاضنات تاريخية كبرى،سياسياً ودينياً واقتصادياً واجتماعياً،العراق والشام ومصر والجزيرة العربية،والذي يتأمل الذي يحدث اليوم،يعرف ان هذه الحاضنات يتم تدميرها بوسائل مختلفة،كارتداد لاحتلال فلسطين.
لايمكن ان يهدأ خاطر الاحتلال الاسرائيلي بمجرد احتلاله لفلسطين،وتقسيمه لشعب واحد الى فئات،مابين عرب الثمانية والاربعين واهل الضفة واهل القدس واهل غزة،وترسيم تقسيمات اخرى مابين البدو والشركس والدروز،وغير ذلك.
لن يهدأ خاطر الاحتلال،لمجرد اعتياده القتل والتقطيع والاسر والتجويع،وانهاك الشعب الفلسطيني،اذ ان اسرائيل لديها عنوانان اخران،اولهما انهاك الدول والشعوب المجاورة لها بالحروب والطائفية والاقتتال والجوع والفقر،حتى ترتاح وتكمل مشروعها.
ثانيهما التمهيد لحكم بقية اسرائيل الكبرى المفروشة في عيون قادة الصهيونية،من فلسطين الى بقية بلاد الشام والعراق ومصر وشمال الجزيرة العربية،وحكم هذه المناطق،يبدأ بهدمها وتخريبها،فإن لم يتم المشروع بأكمله،ارتاحت اسرائيل لدب الخراب فيها.
حالمون لدينا يقولون ان اسرائيل في اصعب اوضاعها،وتعاني من الربيع العربي،وتعاني من مخاوف المستقبل،واذا صح بعض الكلام،فإن في بعضه تخدير وتبرير لقبول كل الهدم في المنطقة باعتباره يقلق اسرائيل حقا،فيما تدخل هي على خطه بوسائل متعددة.
كيف ستقلق وهي مرتاحة من مخاطر شعوب الجوار المشغولة بلقمة خبزها،او بالاقتتال الداخلي،والسؤال مفرود لمن يعرف الجواب؟!.
لعنة احتلال فلسطين،ليست على الشعب الفلسطيني وحده،والذين يظنون ان الفاتورة دفعها الفلسطينيون وحدهم،مخطئ جداً،لاننا نرى الفاتورة في كل مكان،وهذا يقول ان السكوت على الاحتلال،ارتدّ على الساكتين وعلى الجميع.
في ذكرى سقوط القدس والضفة،نستذكر يافا وحيفا وعكا،وشاطئ المتوسط والجليل،ولانعترف ابدا،بشرعية اسرائيل،ولا بالقرارات التي شرعنتها،ولابالتواقيع التي باركتها عربياً ودولياً،ونحث الروح في كل جوار الاحتلال،لان تصحو من غيبتها وغفلتها.
بهذا المعنى فإن فلسطين كانت دفعة تحت الحساب من العالم للمشروع الصهيوني،والذين يظنون ان الامر سيتوقف عند هذا الحد ،ساذجون،فلا بد من استكمال بقية الدفعات،فإن لم يكن عبر الاحتلال المباشر،كان عبر الانهاك،والحكم عبر بدلاء وواجهات.
المفارقة ان الذي تعرض له الشعب الفلسطيني من احتلال وقتل وتجويع وتشريد،لم يبق حكرا عليه،فذات البلاء امتد الى كل دول الجوار،فصار الجميع في ذات البلاء تحت عناوين مختلفة،وان ظنوا ان ذلك يقع لاسبابهم الخاصة بهم،لا بفعل غيرهم.
هذه نتيجة خذلان الشعب الفلسطيني في محنته،وتركه وحيداً،لان لعنة الاحتلال لا تتجزأ.(الدستور)