بعض الرجال في مجتمعاتنا الشرقية يحبون مساعدة زوجاتهم،في اعمال المنزل، لكن هناك من يعيب عليهم ذلك، ويعدونه نقصا في شخصية الرجل، وهناك من يؤيد بحكم أن هذا النوع من الرجال في قلبه رحمة،ومساعدته لزوجته تقوي اواصر المحبة بينهما، ولكن هناك ايضاً بعض النساء من يرفضون مساعدة الزوج، وتدخله في امور المنزل..قال تعالى: ( وجعلنا بينكم مودة ورحمة)
تؤكد العشرينية ميساء عبدالله ،بأن الحياة الزوجية هي علاقة ود ورحمة وتعاون بين الزوجين استناداً على قاله تعالى( وجعلنا بينكم مودة ورحمة) ، تقول:” في الماضي كان هناك تعاون بين الزوجين في تربية الأطفال، والمساعدة في أعمال المنزل، اذ، كان الأب اغلب وقته في منزله،، أما الآن،، فقد تراجع عطاؤه ومساعدته لزوجته، فأصبح الاعتماد الكلي على المرأة في إعداد الطعام وترتيب المنزل ومعرفة الاحتياجات المنزلية.. وغيرها،، وغالبا أيضا ما ينيط تربية الأبناء للمرأة فقط،، وانسحب الرجل تدريجيا عن هذه المسؤولية، بدعوى أن له مشاغله وأعماله خارج المنزل وان المرأة هي المسئولة الأولى عن البيت،، ويؤدي رفض الرجل مساعدة زوجته في الأعمال المنزلية إلى عدم وجود وقت عند المرأة لمشاركته حياته وعلى ذلك يسير كل منهم في معزل عن الآخر..فانا أناشد كل أسرة بان يكونوا يدا بيد في جميع المجالات الأسرية كما أقدم شكري الجزيل لزوجي الذي لم يترفع يوما عن مساعدتي في أعمال المنزل ويعتبر مثالا على التعاون..”
الأصل هو التعاون وليس إلغاء دور المرأة
من وجهة نظر الموظف نور الدين يعتبر أن مساعدة الرجل لزوجته لا تنقص من رجولته شيء بل بالعكس يزيد قدره في عينها وتحاول جاهدة ان تكرمه وترضيه ..،ولكل هناك دائما شواذ لكل قاعدة، يقول:” لكن لا يعني ذلك أن يكون الرجل هو ربة البيت كما يقولون، فبينما يكون هو مشغول بالاعمال المنزلية تكون الزوجة مثلا مهملة هذا الجانب وتتركه لزوجها، أو تجلس لتشاهد التلفاز وهو يقوم بدورها او تخرج من منزلها هنا وهناك ويكون الزوج مكتف بالبيت لتنظيفه ففي هذه الحالة أرى فعلا أن ذلك انتقاصا من رجولته وعيبا في حقه، بالأصل هو مساعدة الزوجة وليس القيام بكامل دورها، فأنا لا أمانع دور المساعدة، لكن وفق ظروفي وامكانياتي، فللرجل مسؤوليات أخرى لا تستيطع المرأة مساعدته بها.”( الدين معاملة)
يعتبر الطالب الجامعي ليث عبده أن مساعدة الرجل في أعمال البيت منذ الأزل تشكل محل جدال واسع، فبعض الرجال يرون أن مثل هذه الأعمال تندرج ضمن مسؤوليات المرأة أو بمعنى آخر انها خاصة بالمرأة وقد جبلت عليها، و لا يمكن أن يقبل بالمشاركة فيها وهو يعدها من الأمور غير اللائقة به وليست من اختصاصاته، يقول:” (الدين معاملة) وبناءً على هذا الحديث يستوجب على كل فرد من أفراد العائلة ان يساهم في اعمال المنزل، وأن لا يقف كل شيء على المرأة، فهي بالنهاية مخلوق ضعيف البنية وتحتاج للرجل في كافة تفاصيل الحياة، وعن نفسي فأنا اتعاون مع العائلة في شغل البيت، لكن فى حدود المعقول والمسموح واعتبر هذا الشىء واجب على الزوج في حياته الزوجية، ليترك أثر طيب في نفس زوجته، ويحث ابناءه على المساعدة في البيت، فالأمر بالنهاية يعود على التربية الصحيحة، والغاء التمييز بين الرجل والمرأة، اذ يجب على كل منهم أن يقوم بواجبه بما يتناسب مع ظرفه.”عدم التعاون ظلم للمرأة
أما فؤاد الجيوسي يقول:” في مجتمعنا هناك فئة من الرجال يساعدون زوجاتهم في أعمال المنزل وهذه الفئة يحكمها الوعي وطبيعة عمل الرجل، وأرى من وجهة نظري الشخصية أن مساعدة الرجل زوجته في الأعمال المنزلية أمر واجب تستدعيه الأعباء الكثيرة بالمنزل،، ومن الظلم تحميل المرأة كل الأعمال المنزلية في الوقت الذي يكون لدى الرجل متسعا من الوقت لمساعدتها.”يضيف:” لا شك في أن التعاون بين الزوجين في أداء شتى الأعمال الحياتية شئ حيوي وله دور كبير في تعزيز الألفة والمحبة الأسرية، وبالتالي فإن عدم التعاون له نتائج سلبية ويؤدي إلى مشاكل أسرية عديدة، فذلك يشير الى سيطرو روح الانانية في شخصية الرجل، مما يخلق لدى الزوجة شعور باليأس وعدم رغبة في القيام بواجبها، مما يؤثر ذلك على تربية الابناء، قد يرى البعض أن مشاركة الرجل في الأعمال المنزلية يكسر هيبته ويمس رجولته، نحن نعيش في عصر بات فيه الإنسان بوعيه كارها للاستغلال، والسيادة في هذا الزمان لا للأقوى جسما وعضلا بل للأعمق فكرا والأوسع عقلا وعلما وثقافة.
أمور كثيرة للزوج يثبت بها رجولته
بينما تعتبر الموظفة مها النور بأن مساعدة الرجل لزوجته في اعمال المنزل شيء ضروري وهام جداً في الحياة الزوجية القائمة على المشاركة والتعاون، تقول:” تزوجت قبل أيام، وزوجي يساعدني في كل شيء بالمنزل، وهذا يزيد من محبتي واحترامي له، فتعاونه معي يشعرني بمساندته المادية والمعنوية في المسؤولية الجديدة التي احملها في حياتي الزوجية، فأنا لا أضغط زوجي في مساعدتي، لكنه يشاركني بأمور بسيطة وليست رئيسية نتيجة احساسه بتعبي، وفيما يخص نظرة بعض افراد المجتمع في تهميش الرجولة للزوج الذي يساعد زوجته، فأنا اعتبر أن هناك أمور كثيرة يستطيع الرجل اثبات رجولته بها، والقضية لا تتوقف على التعاون في عمل المنزل، فبامكان الزوج على الأقل أن يساهم في تنضيف وترتيب ما يقوم ببعثرته، لكي لا يزيد العبء على الزوجة، فكما للزوج اهتماماته الاخرى، للزوجة أيضاً حياتها الخاصة وعملها ونشاطاتها خارج المنزل.”المرأة مملكتها بيتها
تؤمن الثلاثينية يارا ايهاب بأهمية المشاركة، لكنها ليست من النساء اللواتي يفضلن مشاركة الزوج في اعمال المنزل، تقول:” عمل الرجل في البحث عن لقمة العيش وتوفيرها يتطلب منه الجهد الكبير في خارج البيت ولا يمكن لأحد أن ينكر مدى التعب والإرهاق الذي يجنيه من ذلك، لهذا ولمساعدته في توفير هذه الحاجة تضطر المرأة التقليدية الي الاهتمام بكافة تفاصيل المنزل لتؤمن الاستقرار النفسي لزوجها، مما يمنحة الرغبة والطاقة الكافية للقيام بواجبة خارج المنزل على الصعيد المادي للأسرة، فالمرأة مملكتها بيتها، ومن حق زوجها أن يعود الى بيته بعد التعب والجهد ليرى زوجته بانتظاره، أعدت له الطعام، وقامت بواجباتها كاملة، لذا فإن تكاثف الزوجين في تدبر متطلبات الحياة يساعد في توطيد العلاقة بينهما وينمي بذلك روح المشاركة في كل شيء واقتسام المهام بينهما بالرضا وليس بالفرض والإجبار، والزوج عندما يمد يد المساعدة لزوجته فهو يمثل بذلك المعنى الحقيقي للأخلاق الحميدة ، ويحطم صورة الأنانية والتحكم القهري الذي يخلقه صاحب السيادة، لكن تتم هذه المساعدة ضمن ظروفة وامكانية ودون اكراه.”كادر1:
يعتبر اخصائي علم النفس الاجتماعي الدكتور جمال العتوم بان المشاركة بين الزوجين هي أساس العلاقة الزوجية الناجحة، على ان يتم ذلك بالحب والاحساس المتبادل بشعور كل شريك بالاخر، ودون اجبار او اكراه على العمل.يضيف:” ان الأعباء المنزلية تتراكم على المرأة بالإضافة إلى المراحل التي تمر بها المرأة من حمل وولادة ورضاعة وتربية الأطفال، فأصبح من الضروري أن يكون الرجل جنبا إلى جنب مع زوجته في جميع الأعمال المنزلية حتى يخفف عنها العبء وحتى تسير الحياة الزوجية وفق ما يتمناه كلاهما من حيث التعاون والتفاهم.”
وفيما يتعلق بنظرة الرجل لهذا التصرف، يقول العتوم:” هناك فئة من الرجال توافق على التعاون مع الزوجة باعتبار أن هذه الأسرة مسؤولية الأب والأم معاً، ولابد من التعاون في كل ما يمت بصلة لهذه الأسرة، ولا يقتصر التعاون على تربية الأبناء وتوفير المتطلبات اليومية فقط بل أيضا بالمساعدة في الأعمال المنزلية..أما الفئة الأخرى من الرجال فترى أن القيام بالأعمال المنزلية يقلل من رجولة الرجل ولا يتناسب مع طبيعته وهيبته ومكانته في المجتمع، لكن ما بين الرفض والتأييد، فهذا التصرف يساعد على تقوية العلاقة الاسرية، وبناء اساس قوي لتربية الابناء.”
كادر 2:
ومن الجانب الديني، فالرسول عليه الصلاة والسلام خير مثال لأمته، فهو قدوة للجميع الاسلامي بتصرفاته وافعاله، وفق اخصائي الشريعة الاسلامية الدكتور سليمان الدقور، يقول:” لا بأس أن يساعد الرجل زوجته في أعمالها ولا عيب في ذلك فهذا من التواضع والاقتداء بنبينا عليه الصلاة والسلام ، كما أنه يزيد من مكانة الرجل في نظر زوجته وليس في ذلك أي انتقاص من رجولته، فقد أوصى الله سبحانه بضرورة المشاركة والتعاون بين الزوجين في شتى الأعمال الحياتية وليس فقط الأعمال المنزلية ، وكذلك حث رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم الرجال على معاونة النساء مؤكدا أن مساعدة الرجل لزوجته لها أجر عظيم عند الله تعالى لأن هذا يشعر المرأة بمكانتها ويعطيها ثقة بالنفس وجاء ذلك في قوله صلى الله عليه وسلم: «رفقا بالقوارير» مشيرا إلى حسن معاملة النساء والرفق والإحسان إليهن، وقوله : « ألا واستوصوا بالنساء خيراً فإنهن عوان (أسيرات) عندكم»، وكان صلى الله عليه وسلم يساعد زوجاته في المنزل فكان لا يعتمد على زوجاته كلية في شؤونه الخاصة به ، فقد كان يخيط ثوبه ويخصف نعله.