على جبل من النفايات، يرتاح رجل تحت مظلة قديمة، قبل أن يعاود الفرز في مكب غراماشو وهو أكبر مكب نفايات في أميركا اللاتينية يقع على ضفاف خليج ريو يسترزق منه 20 ألف شخص، غير أن الحكومة قررت إغلاقه قبل مؤتمر الأمم المتحدة للتنمية المستدامة المعروف باسم “ريو+20″.
الأرض غير متقرة وعندما تمر عليها الشاحنات، تهتز هذه المستنقعات السابقة حيث تتكدس النفايات، وبعضها سام، منذ إنشاء المكب في العام 1976 في عهد الديكتاتورية، من دون أن تعالج وفق الأصول.
وفي العام 2004، حدثت سلسلة من التسربات في هذا المكب الذي كان ترمى فيه ثمانية آلاف طن من النفايات في اليوم الواحد، فقررت بلدية ريو إغلاقه.
ثم أرجئت عملية إغلاقه مرات عدة، قبل أن يحدد موعدها في الأول من حزيران/يونيو أي قبيل انعقاد مؤتمر “ريو+20″ من 13 إلى 22 حزيران/يونيو، بحضور 115 رئيس دولة و50 ألف مشارك من أنحاء العالم أجمع.
وقبل الإغلاق، احتشد نحو ألفي “كاتادوريس” وهو الاسم الذي يطلق في البرازيل على الاشخاص الذين يفرزون النفايات القابلة لإعادة التدوير ويبيعونها، لمطالبة السلطات البلدية بالتعويض عليهم، فحصلوا في نهاية المطاف على علاوة قدرها 7500 دولار.
لكن هذا الحل لم يرض جميع الكاتادوريس، ويتساءل الكثيرون عن مصير مئات العائلات في البلدة المحاذية لمكب غراماتشو حيث تعيش 20 ألف نسمة، بعد إنفاق هذه العلاوات.
وقالت آنا كارلا نيستالدو (32 عاما) التي أمضت في البلدة نصف حياتها لوكالة فرانس برس “سيكون لإغلاق المكب أثر كبير علينا، لأنه كان يشكل مصدر الرزق الوحيد بالنسبة إلى الكثيرين منا. فماذا سيحل بهذه العائلات؟ فعلاوة بقيمة 7500 دولار لا تعني الكثير لمن عمل طوال حياته”.
وفي منزلها الواقع في حي مكب النفايات، تلفازان اثنان ومايكروويف وجهاز لمشاهدة أقراص الفيديو الرقمية، وهي تتباهى بالخواتم والأطر وحاملات الصور التي صنعتها من النفايات.
وهي أقرت “ربيت أطفالي من الأموال التي جنيتها من النفايات، ولم يعوزهم شيء”.
وقد أفادت السلطات البلدية بأن الفرز اليدوي للنفايات در العام الماضي 12 مليون دولار.
وكل كاتادور متخصص في مادة معينة (بلاستيك أو معدن أو ورق او زجاج)، يبيعها إلى أحد المستودعات الاثنين والأربعين في الحي أو إلى طرف اخر.
وعلى الرغم من المخاطر الناجمة عن النفايات السامة، مثل الميثان المتأتي من تحلل المواد، والامراض ذات الصلة، يشكل العمل في المكب أفضل خيار متاح امام كثيرين من أبناء البلدة.
وأخبرالشاب إفرتون وهو من الكاتادوريس القلائل الذين لديهم مشاريع للمستقبل “نتاقضى أجرا يوميا يناهز 45 دولارا في اليوم الواحد وهو أفضل من الأجور التي تدفع للوظائف في المدينة”.
وكشف “انا مستعد لأنفق نصف هذه التعويضات على دراستي”.
ويبلغ الحد الأدنى للأجور في البرازيل 622 ريال في الشهر أي 306 دولارات.
وطوال 36 عاما، برهن عمال الظل هؤلاء أنهم من الجهات الفاعلة في دفع عجلة التنمية المستدامة في بلد لا تعالج النفايات في 60 % من مدنه، وهم مستعدون للمخاطرة بحياتهم في هذا السبيل.
ستنقل النفايات التي كانت ترمى في غراماتشو إلى مكب آخر في المنطقة الغربية تديره شركة خاصة. وستتولى شركة أخرى اسمها “نوفا غراماتشو” استغلال غاز الميثان في غراماتشو، ومن المرتقب أن تدر عليها هذه النشاطات 232 مليون دولار من أرصدة الكربون في غضون 15 عاما، بحسب بلدية ريو.
المصدر – AFP
أكثر...