في شوارع عمان القديمة ( البلد) يمكنك أن تجد القدس بدون أسوار”.. بهذه الكلمات بدأ الدكتور علي قلبيو الفنان وأستاذ علم الاجتماع ،والكاتب حديثه بعد عودته من زيارة الى عمان اعتبرها اسكتشافية، فهو يبحث عن القدس التي ضاعت في خضم الاحداث المتسارعة فيها، هذه الأحداث التي أفقدت البشر البورصة، ،وضيعت المدينة واختفت منها مايميزها، واصبحت مدينة بلا روح وبلا جسد، بل أصبحت مدينة مشوهة، ،نتيجة عمل الآخر الذي حولها بأعماله الوقحة الى مسخ لا يمت الى الماضي ولا الى الحاضر بصلة.
،واضاف الدكتور قلبيو بان سكان القدس يخرجون الى عمان، بحثا عن راحة البال،، وبحثا عن ماض ضيعوه منذ زمن، واستغربت بصراحة من أن تخرج هذه الجمل من الصديق العزيز قلبيو والذي يعتبر القدس واحدة لا مثيل لها، ويعتبر روحه والمدينة شيئا واحدا لا ينفصلان إلا ،بقدر الله وقضائه
،ما علينا
،المهم ، اننى طلبت من العزيز الفنان قلبيو ان يفسر هذه الجمل التي اثارت الكثير من التساؤلات ، فقال: ما عليك الا ان تذهب الى عمان البلدة لتعرف كيف كانت عليه القدس قبل سنوات رحلت واخذت معها تاريخ ، فالسير من منطقة البريد نزولا تصادفك حوانيت الاقمشة والبرادي ، كما كان عليه الحال على مدخل البلدة القديمة في القدس ، وبعدها تصل الى المقهى وماسح الاحذية، فبعض المقاهي هي صورة مصغرة عن المقاهي التي كانت منتشرة في القدس ، حيث الموظف والافندي وما كان يطلق عليهم الطبقة الوسطي ،يجلسون فيها لاخذ قسط من الراحة قبل التوجه الى بيته ،بعد يوم شاق ، او حتى قبل توجهه الى عمله عليه ان يتوقف من اجل رشفة قهوة صباحية منشطة ، فكان الرجل يخرج من منزله في ساعات العصر من اجل ” اخذ نفس” ويعنى الارجيلة قبل حلول الليل !! هذه المقاهي وجدتها في، عمان ، يقول قلبيو ، ،بعد اخذ النفس تذهب لتناول الحمص والفلافل عند هاشم تماما كمطعم ابو شكرى ومن ثم تتجه الى الحلاق، في سوق الذهب حيث تنقابل اشخاص مثيرين للاهتمام يحكون قصصهم ،، ويستمر، اللقاء بهذا النوع من البشر في، بعض ،اكشاك الكتب التي تفترش الارض ، حيث يقوم صاحب الكشك الذي اتردد عليه ،باحضار كرسي لتجلس وتشرب الشاي قبل ان يعرض عليك اخر الكتب ، لتجد عنده كاتبا او باحثا جاء باحثا عن كتاب او عنوان ما ، ،وبالتاكيد في ساعات الصباح المتاخرة او ساعات العصر كان المقدسي يذهب الى حلويات جعفر لتناول شئ من الكنافة مع اصحابه ، وكانت العادة ان لا يدخل الرجل منزله ويداه فارغتان فكان صحن الكنافة حاضر دائما، وبالعادة كنا نتناول الكنافة ونحن واقفون كما هو الحال في حلويات حبيبة،، ومن ثم تتجه الى سوف الخياطين كما هو سوق الخواجات في القدس بعدها تخرج الى سوق الدباغة كما كان في القدس ايضا وينتهى بك المشوار عند سوق الخضار والفواكه وهو نفس التقسيم الذي كان في القدس بحيث ينهي بك المطاف في سوق البازار حيث تتسابق السيدات القادمات من القرى الفلسطينية، على عرض اشهي ما جادت به الارض وقد افترشت النسوة، ارض ذلك السوق، لبيع، بضاعتهن ..( الان يريدون ان يحولوا هذا المكان الى مطعم للاجانب )
،هناك في عمان يتنفسون هواء القدس القادم غربا بانتظار العودة ، فالمقدسي وعاشق القدس الذي يعيش هناك نقل معه قلبا وقالبا القدس ، وتشكلت على مر السنين القدس الصغرى في عمان الكبرى، التي تمتد شرقا وغربا وشمالا وجنوبا ولكنها لم تفقد اي من صفاتها المشتركة مع القدس.
،ويضيف استاذ علم الاجتماع ،صديقنا العزيز بان المقدسي الذي يسافر الى عمان ياخذ جرعة من محبه القدس من عيون الناس ، ليعود بعدها الى المدينة باحيائها وازقتها حاملا معه سلاما وقبلات الاهل شرقا على امل اللقاء قريبا..
،وهناك تذكر صديقا غاليا هاشميا عندما قال اننى مقدسي الهوى، فكل قطرة من دمي تحمل حبا لهذا المدينة التي لا يمكن للانسان الا ان يحبها ، فوالدي حارب في القدس وعاشت عائلتي بها، فترة طويلة من الزمن ،، ولهذا اعرف المدينة حيا حيا وبيتا وبيتا وحجرا حجرا بدون ان ازورها .. فالقدس تسير في دمائنا وهي جزء من حياتنا …
،فهنئا للقدس بهذا العاشق ، وهنئيا لعمان بذاك حالم..