اردنيون يرصدون معاناة اهل غزة من مظاهر الاحتلال والحصار

الاصلاح نيوز/

يدهشك حجم التلوث الناجم عن الاستخدام الواسع لمولدات الكهرباء التي تعمل على مادة الديزل في قطاع غزة، هذا الشريط الساحلي الضيق والمحاصر منذ نحو 5 سنوات ويعاني من مظاهر الاحتلال.

وبمسح الوجه بمنديل بعد جولة في القطاع، يتضح ان التلوث يشكل معلما من معالم الحصار المفروض على القطاع الممتد على مساحة 360 كيلومترا مربعا ،ويأوي 7ر1 مليون نسمة تحيطهم خطوط حمراء وهمية صنعتها بنادق قناصة قوات الاحتلال الاسرائيلي التي تستهدف كل من يقترب من مناطق محددة معروفة بانها اماكن تماس.

وفي القطاع، معالم كثيرة تذكر بفظائع الاحتلال والحصار الذي لوث الماء والهواء وفرض على الفلسطينيين التعايش مع ماء البحر بمذاقة المالح في شبكات الشرب.

اما مشكلة الطاقة فهي حكاية اخرى يعاني منها القطاع الذي يستخدم (مولدات الديزل) لانتاج الكهرباء، وبنزينا بنوعية رديئة، تنتظر المركبات ساعات في طوابير طويلة على محطات الوقود للحصول عليه.

وفي مستشفي الشفاء، قال رئيس المستشفى، ان استبدال اي قطعة في الاجهزة الطبية يحتاج الى حوالي 6 اشهر من المخاطبات والاجراءات، وتتم العملية باشراف منظمات اممية، اما الادوية فتكاد تكون معدومة.

ويبقى معبر رفح بوابة الشعب الفلسطيني في غزة على العالم، الا ان الخروج من القطاع يحتاج الى تنسيق مسبق مع الجانب المصري، “ومن لم ينسق يعاد” هذا ما اكده لي ضابط مصري رافق شابا فلسطينيا الى الحافلة العائدة الى القطاع واودع جواز سفره لدى سائق الحافلة.

في غزة 5 الاف شخص جلهم في مقتبل العمر يعانون من اعاقة وفقدان اطراف وتشوهات جراء العدوان الاسرائيلي الذي يتواصل على القطاع ويحصد يوميا ارواح شباب يدفنون احياء وهم يحاولون مد القطاع بمقومات صموده.

وحتى “بحر غزة” بهدير امواجه، خاصة في هذا الوقت من السنة، ورغم معاناته هو الاخر من الحصار والتلوث والخطوط الوهمية لـ(قناصة الاحتلال)، الا انه يبقى المتنفس والرئة لسكان القطاع المكون من مخيمات للاجئين هجروا من مدن وقرى فلسطينية في اعقاب نكبة 1948.

ورغم حجم المأساة، الا ان القطاع يشهد حركة عمران مظاهرها واضحة، وتتزين صالات الافراح يوميا بحفلات الزواج، وهو مظهر عبر عنه كثيرون بان الزواج المبكر هو سمة من سمات الشعب الفلسطيني في قطاع غزة.

متضامنون وصحفيون اردنيون اعضاء (قافلة انصار 2) جابوا القطاع على مدى خمسة ايام، واطلعوا على معالم الدمار ومظاهر الاعمار، واستمعوا الى رئيس الحكومة الفلسطينية المقالة اسماعيل هنية والى مسؤولين في الحكومة المقالة وفي السلطة الوطنية الفلسطينية والى مواطنين غزيين كلهم عبروا عن معاناة من الاحتلال والحصار وتحدثوا عن خيارات الحل والصمود والمقاومة.

هنية عرض معاناة الشعب الفلسطيني في القطاع والمستجدات السياسية لدى لقائه الوفد الاردني في بيته في (مخيم الشاطئ للاجئين)، وقام على خدمة المحتفى بهم ابناء رئيس الحكومة المقالة واحفاده، وعندما زار الوفد “المناطق المحررة” والتي استوطنها فيما سبق المحتلون، عرض وزير الشؤون الاجتماعية في الحكومة المقالة احمد الكرد امام الوفد خلال جولة في المكان، ما تنتجه رمال غزة من خضروات وفواكه يخصص ريعها للأيتام واسر الشهداء.

واختزل الوزير الكرد اثر الحصار على الزراعة في غزة بالإشارة الى تجربة المناطق المحررة والتي تم من خلالها استصلاح حوالي 1200 دونم قائلا “ان كلفة كيس السماد وصلت الى حوالي 100 دولار”.

الوفد الاردني الذي حمل دعما لمشاريع تنموية مدرة للدخل، حظي بحفاوة بالغة من الشعب الفلسطيني بجميع اطيافه ومسمياته، واشادوا بعطاء الشعب الاردني، وقالوا انه لم يتوان عن دعم اشقائه في فلسطين.

وزير الشؤون الاجتماعية في الحكومة المقالة قال” ان نصف عدد الاضاحي التي تسلمها القطاع العام الماضي جاءت من الاردن” واكد الدور المهم للمستشفى الميداني الاردني في مداواة جراح الغزيين”.

وفي القطاع زار الوفد المستشفى الميداني الاردني، الذي يقف دليل عطاء ومعلما يداوي جراح الشعب الفلسطيني، المستشفى تعامل حتى الان مع اكثر من797 الف مراجع، واجرى منذ وصوله الى القطاع 5190 عملية كبرى و9830 عملية صغرى.

في اليوم الاخير من الزيارة، احتفى عدد من ممثلي السلطة الوطنية الفلسطينية في القطاع ببعض اعضاء الوفد والتقوا الصحفيين المشاركين في القافلة وطرحوا رؤيتهم للأحداث والواقع الذي يعيشه قطاع غزة.

في غزة كما في الضفة الغربية، لم نر في وجوه محدثي سواء من السلطة الوطنية او الحكومة المقالة، اتجاهات سياسية، ولم ار فصائل، فالوجوه التي شاهدتها خلال زيارتي الى غزة قبل نحو اسبوع، هي نفس الوجوه التي شاهدتها في رام الله وفي نابلس ومخيم بلاطة عام 2002، وجوه تعاني من احتلال، وحصار، وظلم، وترنو الى امل يعيد لها حقوقها المسلوبة.

في غزة كما في الضفة الغربية، التقينا وجوها كلها تروي قصص بطولة وشجاعة وتضحيات، ولكل منها قصته مع الاحتلال والقتل والاعتقال واللجوء والاغتراب.

وتجدد لدينا السؤال: متى سترتوي هذه الارض و”تشبع” من دماء هؤلاء الفتية لينجلي بعدها الليل الطويل وينبلج الفجر ؟،ومتى سيحقق الربيع العربي الحرية لهذا الشعب ليتنسم عبقها ويعيش بسلام ؟.