يبدو واضحا ان عملية السلام في الشرق الاوسط اصبحت في ادنى سلم الاولويات العربية والدولية اثر التطورات المتلاحقة التي تشهدها الساحتان العربية والدولية في الاونة الاخيرة،، فاحداث الربيع العربي المتلاحقة يوما بعد يوم وتداعياتها التي لا يبدو انها ستقف عند حد في المستقبل القريب حتى في الدول التي استطاعت انهاء الانظمة السابقة،، حيث ان الاحداث في تلك الدول مازالت تخطف الانظارعن غيرها من احداث العالم نظرا لاهميتها على مستقبل تلك الدول من جهة وعلى مستقبل المنطقة والعالم من جهة اخرى.
ففي مصر ما زالت تداعيات نتائج الانتخابات تحظى بالنصيب الاكبر من الاهتمام الاعلامي العربي والدولي في ضوء الاختيار الصعب في مرحلة الاعادة بين محمد مرسي ممثل حزب الحرية والعدالة الذراع السياسي للاخوان المسلمين وبين احمد شفيق اخر رئيس وزراء في عهد مبارك، وفي تونس وليبيا مازالت الاحداث الداخلية المتعلقة بالاصلاحات وامكانيات تطبيقها مثار جدل ونقاش بين السلطتين التنفيذية والتشريعية فيما يخيم الهاجس الامني وشبح التقسيم على ليبيا التي تحاول التقيد بالنموذج التونسي وكذلك الامر في اليمن التي تشكل القاعدة والتهديدات التي تطلقها والعمليات التي تنفذها ابرز التحديات التي تواجه الرئيس اليمني الجديد وحكومته التي تعاني من ضعف وفقر شديدين يتيحان للقاعدة بين الحين والاخر اختراقات امنية تزعزع امن اليمن واستقراره،، والامر ذاته ينطبق على سوريا ولبنان اللتين اصبحتا في ظل الاوضاع الداخلية التي يعيشها البلدان مصدر تهديد لامن واستقرار المنطقة باسرها.
اما فيما يتعلق بالملف النووي الايراني فانه يستحوذ هذه الايام الاهتمام الدولي في ضوء استمرار التهديدات الاسرائيلية حيث يلوح قادة اسرائيل بضربة عسكرية لايران بين الحين والاخر على الرغم من الاجواء الايجابية التي سادت اجتماع بغداد الاخير الذي عقد بين ايران والدول الغربية،، واسفر عن اتفاق بين ايران والقوى الكبرى على الاجتماع مجددا الشهر المقبل في موسكو،، لمحاولة تخفيف حدة الازمة الطويلة بسبب البرنامج النووي الايراني وعدم تحقيق تقدم يذكر في المحادثات التي استضافتها بغداد لحل النقاط الرئيسية المعلقة في نزاعهما، ويأتي في قلب هذا النزاع اصرار طهران على تخصيب اليورانيوم وعلى رفع العقوبات الاقتصادية عنها قبل ان توقف انشطتها النووية التي من الممكن ان تقود الى امتلاكها القدرة على صنع سلاح نووي
في ضوء تزاحم الاحداث المشار اليها وسخونتها فانها- اي الاحداث- لم تستحوذ على الاهتمام الاعلامي فحسب وانما استحوذت على اهتمامات الدول الكبرى وعواصم صنع القرار التي اصبحت تفضل العمل بعيدا عن الاضواء والوقوف موقف المتفرج منها الى ان تتبلور المواقف وتتضح الرؤى دون ان يكون لها دور ضاغط او فاعل(ظاهريا) بانتظار ما ستسفر عنه احداث الربيع العربي وتداعياتها..لكن الامر المهم في هذه المرحلة هو ما يصيب عملية السلام من انتكاسات عاما بعد عام نتيجة التعنت الإسرائيلي وعدم جدية اسرائيل في تحقيق السلام.
tareefjo@yahoo.com