الاصلاح نيوز/
يصدر السبت الحكم على الرئيس المصري المخلوع حسني مبارك ونجليه علاء وجمال اضافة الى وزير داخليته وستة من معاونيه في ختام محاكمة تاريخية استمرت عشرة اشهر.
وتأتي المحاكمة في وقت تشهد البلاد توترا سياسيا بسبب الانتخابات الرئاسية التي قد تأتي بآخر رئيس وزراء لمبارك، أحمد شفيق، إلى سدة الحكم اذ يخوض جولة الاعادة في مواجهة مرشح جماعة الاخوان المسلمين محمد مرسي في 16 و17 حزيران/ يونيو المقبل.
وربما تفتقد المحاكمة، التي بدأت في اب/ اغسطس 2011 بعد ستة اشهر من اسقاط مبارك اثر انتفاضة شعبية، إلى الادلة الكافية لحكم مشدد على مبارك ينتظره اسر قرابة 850 شخصا سقطوا اثناء محاولات الشرطة للدفاع عن النظام.
ورغم مطالبة النيابة العامة التي تمثل الادعاء بانزال عقوبة الاعدام بمبارك (84 عاما) المتهم بالقتل العمد للمتظاهرين اثناء الانتفاضة ضد نظامه وبالفساد المالي، الا ان محاميه فريد الديب قال في مرافعته امام المحكمة انه “لا يوجد اي دليل يثبت اصدار مبارك اي امر باطلاق الرصاص على المتظاهرين”، معتبرا ان شهادتي رئيس المجلس الاعلى للقوات المسلحة المشير حسين طنطاوي ورئيس المخابرات العامة السابق اللواء عمر سليمان امام المحكمة تؤيدان ذلك.
وكان طنطاوي، الذي يقوم مقام رئيس الجمهورية منذ اسقاط مبارك، اكد في الثاني من تشرين الاول/ اكتوبر الماضي انه شهد بالحق في محاكمة مبارك وان احدا لم يطلب من الجيش اطلاق النار على المتظاهرين اثناء ثورة 25 كانون الثاني/ يناير.
وقال طنطاوي “شهدت شهادة حق أمام ربنا، ونحن (الجيش) لم يطلب منا ضرب نار ولا سنضرب نار ابدا”، على المتظاهرين، في اشارة للشهادة التي ادلى بها في 24 ايلول/ سبتمبر امام محكمة جنايات القاهرة في قضية مبارك.
واكد المدعي العام مصطفى خاطر في مرافعته امام المحكمة ان “رئيس الجمهورية المصري وفقا للمواثيق والمعاهدات الدولية الموقعة عليها مصر، مسؤول مسؤولية كاملة عن عمليات الضرب والاعتداءات العشوائية بحق المتظاهرين حتى ولو لم يصدر الاوامر بذلك باعتبار انه يملك الصلاحيات والسلطات التى من شانها وقف تلك الاعتداءات وطالما ان مبارك لم يصدر اوامره بوقف تلك الاعتداءات فتتوافر مسؤوليته الجنائية عن تلك الوقائع”.
غير ان قانونيين يستبعدون ان تأخذ المحكمة بهذا المطلب بسبب عدم تقديم النيابة لادلة تدعم اتهام “القتل العمد مع سبق الاصرار”.
وقال نائب رئيس محكمة النقض السابق القاضي احمد مكي لوكالة فرانس برس ان “عقوبة القتل في القانون المصري هي المؤبد اي السجن 25 عاما اما عقوبة الاعدام فتنطبق على اربع حالات فقط هي القتل مع سبق الاصرار والقتل مع الترصد لشخص محدد والقتل بالسم والقتل المقترن بجريمة اخرى مثل السرقة بالاكراه على سبيل المثال”.
واضاف مكي “ان هذه الحالات الاربع لا تنطبق على قضية مبارك لانه ليس هناك ادلة عليها”.
وعلى مدى جلسات المحاكمة ال 36، تابعت اسر الضحايا بتاثر بالغ وقائع القضية التي ادلى فيها شهود الاثبات باقوال متضاربة وبدا بعضهم وكأنه يبرئ مبارك من تهمة القتل.
وقال احد شهود الاثبات وهو ضابط شرطة انه تلقى تعليمات بمعاملة المتظاهرين كما لو كانوا اشقائه واكد اخرون انهم تلقوا تعليمات بألا يحملوا ذخيرة حية في اسلحتهم.
وكان محامو اسر الضحايا مندهشون من هذه الشهادات الى حد دفع احدهم للقول “ان شهود الاثبات هم في واقع الامر شهود نفي”.
وفي يناير/ كانون الثاني الماضي، اكد رئيس المحكمة القاضي احمد رفعت انه وزملاؤه سيحكمون وفقا للقانون ولن يتأثروا بأي اراء او اهواء ولا باتجاهات الرأي العام.
وقال رفعت “على غير المتخصصين أن يرفعوا أيديهم عن المحكمة وعن القضاء” وان يمتنعوا عن “الجزم بالرأي والاحكام، وتؤكد المحكمة أنها لا تخضع مطلقا لأي رأي أو اتجاه فنبراسها فقط قول الحق الذي ينطق به الله على قلبها ولسانها”.
وفي كل الاحوال، يستطيع مبارك ان يتقدم بطعن على حكم محكمة جنايات القاهرة امام محكمة النقض.
ويواجه الرئيس السابق، الذي يقيم لاسباب صحية في مركز طبي تابع للقوات المسلحة، اتهامات كذلك بالفساد المالي تتعلق ببيع الغاز الى اسرائيل بأقل من سعره في السوق الدولية والتربح من ابرام هذه الصفقة من رجل الاعمال حسين سالم الذي يحاكم غيابيا في نفس القضية.
ووافق القضاء الاسباني في الثاني من اذار/ مارس على تسليم حسين سالم الذي يحمل جنسية مزدوجة مصرية-اسبانية الى السلطات المصرية الا انه لم يتحدد موعد لذلك.
كما يحاكم في القضية نفسها نجلا مبارك، جمال وعلاء، بتهمة التربح من حسين سالم لحصولهما على منزلين في منتجع شرم الشيخ بأقل من اسعار السوق.
الا أن احد اعضاء هيئة الدفاع عن مبارك ونجليه، المحامي ياسر بحر قال في كانون الثاني/ يناير الماضي ان الاتهامات الموجهة الى جمال وعلاء مبارك “سقطت بالتقادم” وفقا للقانون المصري”.
وقال بحر لوكالة فرانس برس ان “التهم الموجهة الى علاء وجمال سقطت بالتقادم وفقا للقانون الذي يقضي بسقوط الدعوى الجنائية بعد مرور عشر سنوات والواقعة التي يحاكمان بسببها وهي شرائهما فيلات في شرم الشيخ من رجل الاعمال حسين سالم بأقل من ثمنها الحقيقي تمت في تسعينات القرن الماضي”.
ويقضي القانون المصري بسقوط الجرائم المالية “بالتقادم بعد عشر سنوات الا اذا كان المتهم موظفا عاما أو اذا كان احد الموظفين العامين شريكا في الجريمة”، بحسب المحامي.
الا أن جمال وعلاء مبارك سيظلان في الحبس على الارجح حتى لو تمت تبرئتهما السبت اذ احيلا الاربعاء الى محاكمة جديدة بتهمة التلاعب في البورصة المصرية.
واعلن النائب العام المساعد المتحدث الرسمي للنيابة العامة عادل السعيد ان تحقيقات النيابة العامة “كشفت النقاب عن ان إجمالب المبالغ التى تحصل عليها المتهمون مقدارها 2 مليار و 51 مليونا و 28 ألفا و 648 جنيها” من خلال التلاعب في البورصة.
ويحاكم في القضية نفسها وزير داخلية مبارك وستة من كبار معاونية بتهمة قتل المتظاهرين.