بقلم: ناصر قمش/
ما هو الرد الذي تنتظره الحكومة على ” الهدية ” التي قدمتها للشعب الاردني وهو في غمرة احتفالاته بعيد الاستقلال عندما اعلنت انها ستبدا مارثون رفع الاسعار الذي سيطال معظم السلع .
لا نستبعد ان الذين كانوا وراء هذا القرار قد اقنعوا المرجعيات كافة بان الشعب الاردني اصبح الان مهيئا اكثر من اي وقت مضى للتفاعل ودعم السياسات الحكومية الجديدة في الجانب الاقتصادي بسبب الشعبية العارمة للحكومة الجديدة وارتفاع منسوب الثقة فيها .
فعن اي مغامرة سياسية نتحدث !!!
لقد تم تشكيل الحكومة الحالية على خلفية عجز سابقتها عن التسريع بانجاز منظومة التشريعات الاصلاحية الناظمة للحياة السياسية وعلى راسها قانون الاحزاب والانتخابات، وليس على قاعدة اتخاذ مثل هذه القرارات الاقتصادية الصعبة التي من شانها تأزيم الوضع السياسي وتوسيع قاعدة الحراك الشعبي .
ربما تكون الجرأة في اتخاذ هذا القرار الخطير مستندة الى تراجع حجم وقوة الحراك الشعبي في الاردن و ضعف تماسكه الا ان الحكومة بهذا الاجراء ستعطي دفعة قوية لكل الحراكات لاعادة تماسكها ولجتها ذلك انه ليس هنالك عنوان يوحدها اكثر من لقمة العيش والوضع الاقتصادي مهما تباينت الفروقات السياسية بينها .
القرار ومحاولة تبليعه للمواطنين تحت عباءة رفع الدعم وتوجيهه للمستحقين فقط لن يلغي اي قبول من الشارع الاردني بسبب فقدان الثقة بالحكومات وقراراتها وانتفاء مصداقيتها في الشارع بعد سلسلة التجارب المريرة والخذلان الذي مني به المواطن من قبل الحكومات المتعاقبة .
فالناس على اتم القناعة بان الوضع الاقتصادي المتأزم وانخفاض نسب النمو وارتفاع العجز لا يعود الى الارتفاعات المتتالية في اسعار النفط فقط ولكنهم على قناعة بان ذلك مرده انتشار الفساد ومأسسته .
فالفساد بالنسبة للجماهير هو اهم مدخلات توصيف عوامل التأزم الداخلي .
واذا كانت محاربة الفساد تمثل سلم اولويات الحراكات الشعبية في الاردن فان الحكومة لم تقدم الضمانات الكافية على جديتها في متابعة هذا الملف ومحاسبة الفاسدين الذين يطالب الشارع بمحاكمتهم، فالناس يرون تحقيقات علنية ويسمعون عن محاكمات سرية لا احد يدري ما يدور في كواليسها .
هنالك تحديات اقتصادية كبيرة تعترض الاقتصاد الوطني تتمثل في استمرار ارتفاع اسعار النفط العالمية وتذبذب في امدادات الغاز الطبيعي بسبب الاحداث في مصر وبطء في تعافي الاقتصاد العالمي وازمة ديون سيادية في منطقة اليورو، وكل ذلك يستدعي التعامل معه بكل شفافية .
الا ان الاصلاح الاقتصادي،،يتطلب من الحكومة القيام بخطوات اصلاحية حقيقية يلمس اثارها الشارع بشكل مباشر وعاجل .
ان العمل على تجاوز الازمة الاقتصادية يجب ان يتلازم مع منجزات اصلاحية حقيقية تتجاوز الحسابات التكتيكية والمجاملات السياسية التي لا تغنى ولا تسمن من جوع وتنأى بخطوة رفع الاسعار عن كونها مغامرة سياسية لا تحمد عقباها