مارغريت واكر
من أجل شعبي
من أجل شعبي في كل مكان
يغنون أغاني العبودية بتكرار
ترانيم الجنائز وقصائد الغناء
وأغاني <<البلوز>> والمناسبات
يرفعون صلواتهم في الليل لإله مجهول
ويركعون بتواضع، لقوة لا نراها.
من أجل شعبي الذين يقدمون قواهم للسنين
لسنوات مضت، لسنوات ستأتي،
لسنوات ربما تأتي، ربما لا تأتي،
يغسلون، يكوون، يطبخون، ينظفون،
يخيطون، يرتقون، يجرفون، يحرثون،
يحفرون، يزرعون، يقلّمون، يلصقون،
يسحبون، وأبدا لا يربحون،
وأبدا لا يكسبون، وأبدا لا يعرفون،
وأبدا لا يفهمون.
من أجل رفاق اللعب في الوحل والغبار
والرمال، في ملاعب آلاباما الخلفية،
يلعبون، يُعمَّدون، يعظون، والأطباء،
والسجون، والجنود، والمدارس،
والأمهات، وتحضير الطعام،
وألعاب الأماسي، وحفلات الموسيقى
والمخازن، ودكاكين الحلاقين،
وشركات الآنسة <<تشومبي>> والمساهمين.
من أجل السنوات الحيرى، غير المقروءة جيدا،
ذهبنا الى المدارس لنتعلم، لنعرف أسباب <<اللماذا>>،
وأجوبة <<العن>>، والناس <<الذين>>، وأمكنة <<الأين>>،
وأيام <<العندما>>، في ذاكرة الساعات الحامضة،
عندما اكتشفنا أننا زنوج، فقراء، صغار،
ومختلفون، ولا أحد اهتم بنا، ولا أحد استغرب، ولا أحد فَهِم.
من أجل الأولاد والبنات الذين نشأوا
على الرغم من هذه الأشياء، ليصبحوا رجالا،
ونساء، ليضحكوا ويرقصوا ويغنوا ويلعبوا،
ويشربوا خمورهم وأديانهم ونجاحاتهم،
ليتزوجوا رفاقهم، ويحملن أطفالا،
ثم ليموتوا مستهلكين، او مرضى بفقر الدم،
او بالاعدام، من غير محاكمات...
من أجل شعبي الذي يمشي من غير بصيرة،
ناشرا الأفراح والمتع، مضيّعا أزمنة الوقت،
كسولا، ينام عند الجوع، صارخا عندما
تتراكم الأثقال، سكرانا، عند اليأس،
مُربَّطا، ومقيدا، ومتورطا بأنفسنا،
وبالكائنات المختبئة التي تحلق فوقنا،
وهي تعرف كل شيء، معرفة بلا حدود،
وتضحك،
من أجل شعبي، المتخبطين اضطرابا،
المتلمسين دربا، المتقدمين تعثرا،
في ظلام المدارس والكنائس والنوادي،
والجمعيات والروابط والمجالس واللجان
والدعوات، موجوعين ومزعوجين ومخدوعين
ومنهوبين من جياع المال، ومن المتطفلين،
الممتصين قشور الأمجاد، ينحنون مصلين،
لقوة دولة واثقة من نفسها، ولقوة بدعة
مستحدثة، ولقوة ولع مهووس مؤقت،
مطيعين نبيا مزيفا، ومؤمنا قدسوه.
من أجل شعبي، واقفا، ناظرا، محاولا
ان يرتب حياة جديدة من خضم الفوضى
والارتباك، من خضم النفاق والرياء
وسوء الفهم، محاولا ان يهندس
عالما يحتمل كل الناس، كل الوجوه،
كل آدم وكل حواء، وجميع أجيالهما
التي لا تحصى ولا تعد.
فلتنهض أرضٌ، جديدة. وليولد
عالم آخر، وليُكتب سلامٌ دمويٌ
على السماء. وليتقدم إلى الأمام،
جيل جديد، عامر بالشجاعة.
ولتنم أجيال، جديدة من الناس
شغوفة بالحرية. ولينبض في أرواحنا
وفي دمائنا، جمالٌ جديد، مملوء بالعلاج
وبالشفاء، وبقوة حسم وإحكام أخير.
ولتُكتب أغاني الشجعان
ولتُخفَ جنائز الألحان
ولتنهض الآن،
سلالة جديدة من الرجال،
لتُمسكَ بالزمام.
بيت الأحزان
عميقة جذوري في حياة الجنوب.
أكثر عمقا من جذور <<جون براون>>
<<نات تيرنر>>
أو <<روبرت لي>>.
لقد تكوّنت وفُطِمتُ في عالم استوائي
أشجارُ النخيل، أوراق الموز، المانغا،
جوز الهند، وأشجار المطاط، تعرفُني.
في دمي، سماوات دافئة،
وجداول خليج زرقاء،
أنتمي لرائحة الصنوبر الطازج،
لانسحاب أذيال الراكون،
ولنمو الربيع في البصل البرّي.
أريد الالتجاء الى حقول القطن
إلى التنباك وقصب السكر،
أريد أن أمشي داخل أكياس البذور
لأسقط فوق أرض تأجل حرثُها
في قلبي موسيقى لا تعرف الهدوء
وأنا مشتاقة للرحيل.
أوّاه، أرض الجنوب، بيت الاحزان،
الأغاني ترتطم في قلبي وعظامي.
الى متى، ستبعدني عصابات الكراهية،
وكلاب الأغلال،
عن بيتِ نفسي؟
أريد ان أكتب
أريد أن أكتب
أريد ان أكتب الأغاني لشعبي
أريد أن أسمع الأغاني في الظلام.
أريد ان أمسك الأوتار الاخيرة العائمة
للحناجر المتقطعة الناشجة
أريد ان أصوغ أحلامهم بكلمات
وأرواحهم بملاحظات
أريد أن أحفظ ضحكات الشروق
في شموسهم
في أكواب خمهورهم
أريد ان أرمي الأكفّ السود
الى سماء أكثر سوادا
ممتلئة بالنجوم
وأن أحطّم وأمزج تلك الأضواء
كي تصبح بحيرة مرآتية
تلتمع بأشعة الصباح
دمٌ أسود
كانت هناك بدايات غريبة
في بلاد قديمة
تصنع نفسي.
كانت هناك حقول سكر
وجزر نائية مليئة باللآلئ
أدغال نخيل
وامتداد بحار لا تنتهي.
كانت هناك الليالي الودودة
لبلاد استوائية
والكتمان البارد
لسهول زاهرة
بين تلتين شجاعتين
قد حضنتا قدومي، بشهوة جوّالة
ولقد رَضعتُ سخونة المغامرات
في أوردتي
ممتزجةً بحليب أمي.
وفي يوم قادم قريب،
سأذهب الى بلاد طفولتي الاستوائية،
الى سواحل القارات وأرصفة الموانئ الضيقة،
لشواطئ الجزر
سأطوف بلاد البلقان
والأزقة الحارة لأفريقيا وآسيا
سأقف فوق قمم الجبال
لأحدّق في المنازل النابضة بالحياة
في أسافل الجبال
وعندما أعود الى <<موبيل>>
سأذهب عبر طريق <<بنما>>
و<<بوكاس دل تورو>>
الى الطرقات المعشوشبة بأوراق الشجر
الى أكواخ الغرفة الواحدة لطفولتي القديمة
ولربما عندئذ،
ستجاهد الشموس اللاهبة
لبلدان أخرى
من أجل ان يتصالح الألم مع الكبرياء
في نفسي.
**
نبذة عن الشاعرة :
ما قدمته الشاعرة الاميركية السوداء مارغريت أبيجيل واكر للأدب الاميركي الحديث: اربعة كتب في الشعر، رواية، سيرة ذاتية، وعددا كبيرا من المقالات النقدية، يجعلها واحدة من ابرز المثقفات السود الاميركيات موهبة واقتدارا. فكتابها الشعري الاول <<من اجل شعبي>> الذي رسم معالم سيرتها لاحقا، يدعو لمجتمع اميركي جديد، يتقبل الناس فيه بعضهم البعض، ويحقق القيم الاخلاقية العملية التي ناضل من اجلها دعاة الحقوق المدنية، في الستينيات: الشجاعة، والامانة، وتهيئة الوسائل التي تجعل حياة السود والبيض، اكثر نبلا وكرامة.
ولدت واكر في 7 تموز عام 1915، في برمنغهام. آلاباما، والدها، الذي كان وزيرا، وعلى درجة عالية من التنور، وامها، التي كانت معلمة موسيقى، وفرا لمارغريت بيئة ثقافية مناسبة لتفتح موهبتها الشعرية. اكملت مارغريت دبلومها في جامعة <<الينويز>> عندما لم تتجاوز التاسعة عشرة. واثناء اقامتها في شيكاغو، اتصلت مارغريت بعدة جماعات ادبية. وبوصفها عضوة في جامعة <<كتاب الجانب الجنوبي>> كانت واكر سندا وعونا للشاعر ريتشارد رايت. اكملت مارغريت الماجستير في جامعة إي يوا من خلال كتابة ديوانها الاول <<من اجل شعبي>> الذي نالت عليه جائزة <<يال للشعراء الشبان>>، وكانت اول جائزة من هذا النوع تمنح لافريقية اميركية.
تزوجت واكر من الناشط في الحركات النسائية الاحتجاجية، جيمس الكسندر، عام 1943، وبقيت على نشاطها الشعري الابداعي والكتابي حتى وفاتها في 30 تشرين الثاني عام 1998.
بعد قيامها بالتدريس في عدد من الجامعات المختصة بتعليم الافارقة الاميركيين، انتقلت واكر الى التعليم في جامعة جاكسون الرسمية عام 1949، وبقيت في وظيفتها هناك حتى تقاعدها. في جامعة جاكسون، اسست واكر مؤسسة لدراسة <<تاريخ، وحياة، وثقافة، الاميركيين السود>>. واثناء الاربعينيات والخمسينيات، انكبت واكر على كتابة رواية عن الحرب الاهلية الاميركية، نالت عليها، درجة الدكتوراه في جامعة اي يوا (1962 1965)، ونشرتها تحت اسم <<يو بيلي>> عام 1966.
عادت واكر بعدئذ، لكتابة الشعر، وكان كتابها <<انبياء ليوم جديد>> (1970)، تقديما شعريا كبيرا منها لحركة الحقوق المدنية التي نشطت في الستينيات تحت قيادة مارتن لوثر كينغ.
نشرت واكر كتابها الشعري الثالث <<رحلة اوكتوبر>> عام 1973. وفي كتابها التالي <<المعادلة الشعرية>> (1974) قدمت واكر بالتعاون مع نيكي جيوفاني نقاشات حول قضايا شعرية وسياسية. ثم صدر لها كتاب عن سيرة حياة زميلها ريتشارد رايت تحت عنوان: <<النبوغ الشيطاني لريتشارد رايت>> (1978). وصدر لها كتاب شعري آخر عام 1988 تحت عنوان: <<هذه هي بلادي، قصائد جديدة ومختارة>>.
نشرت مرياما غراهام عدة كتب تضم مقالات واكر النقدية، منها كتاب: <<كيف كتبتُ يوبيلي>>، وكتاب <<مقالات اخرى عن الحياة والادب>>، وصدر لواكر كتاب اخير عام 1997 بعنوان: <<أن تكوني امرأة سوداء، وحرة>>.
يحتوي كتابها الاول <<من اجل شعبي>>، الذي ترجمنا منه هذه القصائد، على ثلاثة اجزاء، كُتب كل جزء منه بشكل شعري مختلف: الشعر الحر اولا، والقصص الفولكلورية بإسلوب أغاني <<البالاد>>. ثانيا، و<<السوناتات>> ثالثا. ولقد تمكنت واكر، بهذه القصائد المتينة في صياغتها، وبأفكارها السياسية التي اشتغلت عليها جيدا، ان تحمل وعدا بسيرة ادبية انتقادية تحريضية تنتظرها
نشرت مرياما غراهام عدة كتب تضم مقالات واكر النقدية، منها كتاب: <<كيف كتبتُ يوبيلي>>، وكتاب <<مقالات اخرى عن الحياة والادب>>، وصدر لواكر كتاب اخير عام 1997 بعنوان: <<أن تكوني امرأة سوداء، وحرة>>.
يحتوي كتابها الاول <<من اجل شعبي>>، الذي ترجمنا منه هذه القصائد، على ثلاثة اجزاء، كُتب كل جزء منه بشكل شعري مختلف: الشعر الحر اولا، والقصص الفولكلورية بإسلوب أغاني <<البالاد>>. ثانيا، و<<السوناتات>> ثالثا. ولقد تمكنت واكر، بهذه القصائد المتينة في صياغتها، وبأفكارها السياسية التي اشتغلت عليها جيدا، ان تحمل وعدا بسيرة ادبية انتقادية تحريضية تنتظرها
من أجل شعبي
من أجل شعبي في كل مكان
يغنون أغاني العبودية بتكرار
ترانيم الجنائز وقصائد الغناء
وأغاني <<البلوز>> والمناسبات
يرفعون صلواتهم في الليل لإله مجهول
ويركعون بتواضع، لقوة لا نراها.
من أجل شعبي الذين يقدمون قواهم للسنين
لسنوات مضت، لسنوات ستأتي،
لسنوات ربما تأتي، ربما لا تأتي،
يغسلون، يكوون، يطبخون، ينظفون،
يخيطون، يرتقون، يجرفون، يحرثون،
يحفرون، يزرعون، يقلّمون، يلصقون،
يسحبون، وأبدا لا يربحون،
وأبدا لا يكسبون، وأبدا لا يعرفون،
وأبدا لا يفهمون.
من أجل رفاق اللعب في الوحل والغبار
والرمال، في ملاعب آلاباما الخلفية،
يلعبون، يُعمَّدون، يعظون، والأطباء،
والسجون، والجنود، والمدارس،
والأمهات، وتحضير الطعام،
وألعاب الأماسي، وحفلات الموسيقى
والمخازن، ودكاكين الحلاقين،
وشركات الآنسة <<تشومبي>> والمساهمين.
من أجل السنوات الحيرى، غير المقروءة جيدا،
ذهبنا الى المدارس لنتعلم، لنعرف أسباب <<اللماذا>>،
وأجوبة <<العن>>، والناس <<الذين>>، وأمكنة <<الأين>>،
وأيام <<العندما>>، في ذاكرة الساعات الحامضة،
عندما اكتشفنا أننا زنوج، فقراء، صغار،
ومختلفون، ولا أحد اهتم بنا، ولا أحد استغرب، ولا أحد فَهِم.
من أجل الأولاد والبنات الذين نشأوا
على الرغم من هذه الأشياء، ليصبحوا رجالا،
ونساء، ليضحكوا ويرقصوا ويغنوا ويلعبوا،
ويشربوا خمورهم وأديانهم ونجاحاتهم،
ليتزوجوا رفاقهم، ويحملن أطفالا،
ثم ليموتوا مستهلكين، او مرضى بفقر الدم،
او بالاعدام، من غير محاكمات...
من أجل شعبي الذي يمشي من غير بصيرة،
ناشرا الأفراح والمتع، مضيّعا أزمنة الوقت،
كسولا، ينام عند الجوع، صارخا عندما
تتراكم الأثقال، سكرانا، عند اليأس،
مُربَّطا، ومقيدا، ومتورطا بأنفسنا،
وبالكائنات المختبئة التي تحلق فوقنا،
وهي تعرف كل شيء، معرفة بلا حدود،
وتضحك،
من أجل شعبي، المتخبطين اضطرابا،
المتلمسين دربا، المتقدمين تعثرا،
في ظلام المدارس والكنائس والنوادي،
والجمعيات والروابط والمجالس واللجان
والدعوات، موجوعين ومزعوجين ومخدوعين
ومنهوبين من جياع المال، ومن المتطفلين،
الممتصين قشور الأمجاد، ينحنون مصلين،
لقوة دولة واثقة من نفسها، ولقوة بدعة
مستحدثة، ولقوة ولع مهووس مؤقت،
مطيعين نبيا مزيفا، ومؤمنا قدسوه.
من أجل شعبي، واقفا، ناظرا، محاولا
ان يرتب حياة جديدة من خضم الفوضى
والارتباك، من خضم النفاق والرياء
وسوء الفهم، محاولا ان يهندس
عالما يحتمل كل الناس، كل الوجوه،
كل آدم وكل حواء، وجميع أجيالهما
التي لا تحصى ولا تعد.
فلتنهض أرضٌ، جديدة. وليولد
عالم آخر، وليُكتب سلامٌ دمويٌ
على السماء. وليتقدم إلى الأمام،
جيل جديد، عامر بالشجاعة.
ولتنم أجيال، جديدة من الناس
شغوفة بالحرية. ولينبض في أرواحنا
وفي دمائنا، جمالٌ جديد، مملوء بالعلاج
وبالشفاء، وبقوة حسم وإحكام أخير.
ولتُكتب أغاني الشجعان
ولتُخفَ جنائز الألحان
ولتنهض الآن،
سلالة جديدة من الرجال،
لتُمسكَ بالزمام.
بيت الأحزان
عميقة جذوري في حياة الجنوب.
أكثر عمقا من جذور <<جون براون>>
<<نات تيرنر>>
أو <<روبرت لي>>.
لقد تكوّنت وفُطِمتُ في عالم استوائي
أشجارُ النخيل، أوراق الموز، المانغا،
جوز الهند، وأشجار المطاط، تعرفُني.
في دمي، سماوات دافئة،
وجداول خليج زرقاء،
أنتمي لرائحة الصنوبر الطازج،
لانسحاب أذيال الراكون،
ولنمو الربيع في البصل البرّي.
أريد الالتجاء الى حقول القطن
إلى التنباك وقصب السكر،
أريد أن أمشي داخل أكياس البذور
لأسقط فوق أرض تأجل حرثُها
في قلبي موسيقى لا تعرف الهدوء
وأنا مشتاقة للرحيل.
أوّاه، أرض الجنوب، بيت الاحزان،
الأغاني ترتطم في قلبي وعظامي.
الى متى، ستبعدني عصابات الكراهية،
وكلاب الأغلال،
عن بيتِ نفسي؟
أريد ان أكتب
أريد أن أكتب
أريد ان أكتب الأغاني لشعبي
أريد أن أسمع الأغاني في الظلام.
أريد ان أمسك الأوتار الاخيرة العائمة
للحناجر المتقطعة الناشجة
أريد ان أصوغ أحلامهم بكلمات
وأرواحهم بملاحظات
أريد أن أحفظ ضحكات الشروق
في شموسهم
في أكواب خمهورهم
أريد ان أرمي الأكفّ السود
الى سماء أكثر سوادا
ممتلئة بالنجوم
وأن أحطّم وأمزج تلك الأضواء
كي تصبح بحيرة مرآتية
تلتمع بأشعة الصباح
دمٌ أسود
كانت هناك بدايات غريبة
في بلاد قديمة
تصنع نفسي.
كانت هناك حقول سكر
وجزر نائية مليئة باللآلئ
أدغال نخيل
وامتداد بحار لا تنتهي.
كانت هناك الليالي الودودة
لبلاد استوائية
والكتمان البارد
لسهول زاهرة
بين تلتين شجاعتين
قد حضنتا قدومي، بشهوة جوّالة
ولقد رَضعتُ سخونة المغامرات
في أوردتي
ممتزجةً بحليب أمي.
وفي يوم قادم قريب،
سأذهب الى بلاد طفولتي الاستوائية،
الى سواحل القارات وأرصفة الموانئ الضيقة،
لشواطئ الجزر
سأطوف بلاد البلقان
والأزقة الحارة لأفريقيا وآسيا
سأقف فوق قمم الجبال
لأحدّق في المنازل النابضة بالحياة
في أسافل الجبال
وعندما أعود الى <<موبيل>>
سأذهب عبر طريق <<بنما>>
و<<بوكاس دل تورو>>
الى الطرقات المعشوشبة بأوراق الشجر
الى أكواخ الغرفة الواحدة لطفولتي القديمة
ولربما عندئذ،
ستجاهد الشموس اللاهبة
لبلدان أخرى
من أجل ان يتصالح الألم مع الكبرياء
في نفسي.
**
نبذة عن الشاعرة :
ما قدمته الشاعرة الاميركية السوداء مارغريت أبيجيل واكر للأدب الاميركي الحديث: اربعة كتب في الشعر، رواية، سيرة ذاتية، وعددا كبيرا من المقالات النقدية، يجعلها واحدة من ابرز المثقفات السود الاميركيات موهبة واقتدارا. فكتابها الشعري الاول <<من اجل شعبي>> الذي رسم معالم سيرتها لاحقا، يدعو لمجتمع اميركي جديد، يتقبل الناس فيه بعضهم البعض، ويحقق القيم الاخلاقية العملية التي ناضل من اجلها دعاة الحقوق المدنية، في الستينيات: الشجاعة، والامانة، وتهيئة الوسائل التي تجعل حياة السود والبيض، اكثر نبلا وكرامة.
ولدت واكر في 7 تموز عام 1915، في برمنغهام. آلاباما، والدها، الذي كان وزيرا، وعلى درجة عالية من التنور، وامها، التي كانت معلمة موسيقى، وفرا لمارغريت بيئة ثقافية مناسبة لتفتح موهبتها الشعرية. اكملت مارغريت دبلومها في جامعة <<الينويز>> عندما لم تتجاوز التاسعة عشرة. واثناء اقامتها في شيكاغو، اتصلت مارغريت بعدة جماعات ادبية. وبوصفها عضوة في جامعة <<كتاب الجانب الجنوبي>> كانت واكر سندا وعونا للشاعر ريتشارد رايت. اكملت مارغريت الماجستير في جامعة إي يوا من خلال كتابة ديوانها الاول <<من اجل شعبي>> الذي نالت عليه جائزة <<يال للشعراء الشبان>>، وكانت اول جائزة من هذا النوع تمنح لافريقية اميركية.
تزوجت واكر من الناشط في الحركات النسائية الاحتجاجية، جيمس الكسندر، عام 1943، وبقيت على نشاطها الشعري الابداعي والكتابي حتى وفاتها في 30 تشرين الثاني عام 1998.
بعد قيامها بالتدريس في عدد من الجامعات المختصة بتعليم الافارقة الاميركيين، انتقلت واكر الى التعليم في جامعة جاكسون الرسمية عام 1949، وبقيت في وظيفتها هناك حتى تقاعدها. في جامعة جاكسون، اسست واكر مؤسسة لدراسة <<تاريخ، وحياة، وثقافة، الاميركيين السود>>. واثناء الاربعينيات والخمسينيات، انكبت واكر على كتابة رواية عن الحرب الاهلية الاميركية، نالت عليها، درجة الدكتوراه في جامعة اي يوا (1962 1965)، ونشرتها تحت اسم <<يو بيلي>> عام 1966.
عادت واكر بعدئذ، لكتابة الشعر، وكان كتابها <<انبياء ليوم جديد>> (1970)، تقديما شعريا كبيرا منها لحركة الحقوق المدنية التي نشطت في الستينيات تحت قيادة مارتن لوثر كينغ.
نشرت واكر كتابها الشعري الثالث <<رحلة اوكتوبر>> عام 1973. وفي كتابها التالي <<المعادلة الشعرية>> (1974) قدمت واكر بالتعاون مع نيكي جيوفاني نقاشات حول قضايا شعرية وسياسية. ثم صدر لها كتاب عن سيرة حياة زميلها ريتشارد رايت تحت عنوان: <<النبوغ الشيطاني لريتشارد رايت>> (1978). وصدر لها كتاب شعري آخر عام 1988 تحت عنوان: <<هذه هي بلادي، قصائد جديدة ومختارة>>.
نشرت مرياما غراهام عدة كتب تضم مقالات واكر النقدية، منها كتاب: <<كيف كتبتُ يوبيلي>>، وكتاب <<مقالات اخرى عن الحياة والادب>>، وصدر لواكر كتاب اخير عام 1997 بعنوان: <<أن تكوني امرأة سوداء، وحرة>>.
يحتوي كتابها الاول <<من اجل شعبي>>، الذي ترجمنا منه هذه القصائد، على ثلاثة اجزاء، كُتب كل جزء منه بشكل شعري مختلف: الشعر الحر اولا، والقصص الفولكلورية بإسلوب أغاني <<البالاد>>. ثانيا، و<<السوناتات>> ثالثا. ولقد تمكنت واكر، بهذه القصائد المتينة في صياغتها، وبأفكارها السياسية التي اشتغلت عليها جيدا، ان تحمل وعدا بسيرة ادبية انتقادية تحريضية تنتظرها
نشرت مرياما غراهام عدة كتب تضم مقالات واكر النقدية، منها كتاب: <<كيف كتبتُ يوبيلي>>، وكتاب <<مقالات اخرى عن الحياة والادب>>، وصدر لواكر كتاب اخير عام 1997 بعنوان: <<أن تكوني امرأة سوداء، وحرة>>.
يحتوي كتابها الاول <<من اجل شعبي>>، الذي ترجمنا منه هذه القصائد، على ثلاثة اجزاء، كُتب كل جزء منه بشكل شعري مختلف: الشعر الحر اولا، والقصص الفولكلورية بإسلوب أغاني <<البالاد>>. ثانيا، و<<السوناتات>> ثالثا. ولقد تمكنت واكر، بهذه القصائد المتينة في صياغتها، وبأفكارها السياسية التي اشتغلت عليها جيدا، ان تحمل وعدا بسيرة ادبية انتقادية تحريضية تنتظرها