جمال الشواهين
اشتهر عبد الكريم الكباريتي رئيس الوزراء الأسبق بمقولته الشهيرة “الدفع قبل الرفع”؛ وذلك عندما قررت حكومته آنذاك رفع جزء من الدعم عن الخبز، وبالفعل عمد إلى صرف بدل نقدي للشرائح المستحقة مصدقا وعده بالدفع قبل رفع الدعم. غير أن الدفع توقف بعد وقت قصير في حين استمر الرفع، وهكذا مر الأمر على الناس.
الحكومة الحالية ليست بذكاء ودهاء الكباريتي، وإدارتها ليست بمستوى إدارة تلك الفترة أيضا. فهي تريد الرفع بالاتجاهات كافة وبمختلف أشكاله وعلى أساس الرفع دون دفع، لا بل أنها تريد مقابله أن يدفع لها، رغم عدم أي معلومات عن فحولتها في الشؤون المالية والإدارية وغير ذلك أيضا.
السلطات الوطنية الشرعية المسؤولة بموجب الديمقراطية تحرص على رفع مستوى حياة شعوبها وقيمة الدولة ودورها وتأثيرها ونقلها رفعا إلى أعلى المستويات. في حين تذهب سلطات الشعوب المقموعة نحو دفع شعوبها لرفع الأيدي والأرجل استسلاما لها، دون كلل منها في استمرار نشوتها من حسابهم، ودون آذان صاغية لصراخهم وآلامهم.
في المشهد استعدادت مسبقة في قبول الرفع والخضوع له تمريرا وانصياعا وولاء، وهذا يفسره دفع الحكومة للعشرين في المئة من رواتبها ومن تبعها بدفع الخمسة عشرة في المئة، وهذه الاستعدادات مكشوفة، فهي مقدمة لدفع الناس لقبول رفعا جديدا أي كان حجم الألم منه،، وفيه ايضا ما يشي باستخدام وسائل القوة لفرضه إن لم يمر بهدوء ودون ضجيج، وانما بقليل من خافت التؤهات لغرض الشعور بلذة الانتصار وان كان في واقعه اغتصابا علنيا.
ستذهب هذه الحكومة إلى ما هو ابعد من الرفع، وقد نجدها على حين غرة من ممارسته ذاهبة نحو تسويقه خارجيا لاستقطاب أنواع جديدة من الاستثمارات، حتى وان تم الأمر فاغرا للأفواه من جيوب الفقر وعلى أساس نوع جديد في تشجيع السياحة. الأنكي أن الرفع سيمر، وانه ليس كما مرره الكباريتي، وذلك طالما حالنا منطبق عليه واقع سخرية النكتة التي جاء فيها الطلب من المتخالفين بزيادة عدد كتبة المخالفات حرصا على وقتهم.
[email]j.jmal@yahoo.com[/URL]
السبيل