قررت الحكومة اقتطاع عشرين بالمائة من رواتب الرئيس والوزراء لصالح الخزينة، تعبيراً عن التقشف، والمبلغ يوفر شهرياً قرابة تسعة عشر الف دينار، وهي خطوة ُمقدّرة، لكنها ليست جوهرية، فقد طبقتها حكومات سابقة، وتراجعت عنها اللاحقة.
راتب رئيس الحكومة الرسمي يصل الى خمسة الاف دينار، وراتب الوزير الرسمي يصل الى ثلاثة الاف دينار، ولدينا في الحكومة الحالية ثلاثون وزيراً، ولو حسبنا عشرين بالمائة، من مجموع هذه الرواتب لكان المبلغ تسعة عشر الف دينار فقط.
غير ان هذا الاقتطاع لا يغير من الواقع شيئاً، لان الوزراء يحصلون تاريخياً على شيك بعشرة الاف دينار كل ثلاثة اشهر، غير الراتب المعلن، وهذا الشيك تم دفعه في عهود حكومات عديدة سابقة، ولا بد من وقفه اذا كان يتم دفعه حتى هذه الايام.
سبب الكلام، ان التقشف يجب ان يكون على اصوله، وعلى الجميع، لا ان يجوع انسان حد التحول الى هيكل بشري، ويشبع انسان حد انتفاخ البطن وتكوّره مع قلة الاحساس والبلادة ازاء وضع الناس.
ثم، ما نفع الاقتطاع من راتب الرئيس والوزراء، اذا كنا قبل ايام فقط مرّرنا الرواتب التقاعدية للنواب والاعيان والوزراء، حتى لو جاء التمرير تحت عنوان رفض قانون التقاعد المدني، بمعنى اننا لم نأت بجديد سوى ادامة الاصل القديم!. الخطوات التقشفية يجب ان تشمل الجميع، وعلى هذا لا بد من تفسير هذا التناقض في الخطاب، بين شد الاحزمة هنا، وتمرير تقاعدات النواب والاعيان والوزراء، حتى لو خدموا يوماً واحداً، وهذه التقاعدات بحد ذاتها عبء على الخزينة والشعب.
ما يراد قوله هنا، ان الاجراءات يجب ان تبتعد عن التجميل والتزيين، لان بعضها للاستهلاك المحلي، ولن تستمر شهراً، وقد سمعنا سابقاً كلاماً كثيراً عن قصص توفير لمبات الطاقة في الوزارات، وضبط الانفاق، وبيع السيارات المستعملة الى آخر هذه الحزمة.
على سبيل المثال، فان اسابيع تفصل البلد عن مهرجان جرش، وهي فرصة جديدة، لحمل ديون بسبب المهرجان الخاسر مالياً، وقد كان الاولى وقف المهرجان كلياً، بدلا من عقده وهو يتسبب بخسائر مالية فادحة.
ويبقى السؤال: هل لهذا الليل الاقتصادي من نهاية؟!.
الدستور