صارت لازمة أن نكتب مثل هذه المقالة، في مثل هذه الأيام من السنة، ومع الأعياد الطويلة، فها هي إعلانات سياحة الصيف تهلّ علينا، وسوف نتابع في الأسابيع المقبلة المئات من الإعلانات الترويجية لرحلات سياحية خارج الاردن، تبدأ من شرم الشيخ المصرية، وتتواصل الى مارمريس التركية، ولا تنتهي عند فرنسا واسبانيا وماليزيا واليونان والمغرب وتونس، وغيرها بالطبع.
وتعد الاعلانات المواطن بقضاء ايام من العمر، في جزر الاحلام، وقوارب الحبّ وعند اجمل الشواطىء ولشراء افضل الحوائج بأرخص الاسعار، وكلّ ذلك بأسعار رحلات مناسبة يقدر عليها المواطن الاردني العادي، ومن يجد صعوبة في تأمين المبالغ، فالبنوك ابتدعت قروضاً ميسرّة لاجازات الصيف خارج الاردن.
وفي المقابل لن نرى إلاّ إعلانات قليلة تروج لسياحة داخلية اردنية، ويبدو أنّنا قانعون بالسياح العرب الذين سيأتون إلينا هذا الصيف، مع أزمات المنطقة، وقانعون أيضاً وفي المقابل بسفرنا إلى الخارج، وما يأتينا إلى الجيب اليمين يذهب من الجيب الشمال ، ويا دار ما دخلك شرّ.
ومن سفر عشرات الالآف من سنوياً خارج الاردن، يبدو الأمر مؤشراً على بلد منتعش اقتصادياً ، يستطيع مواطنوه تحمل اعباء مصروفات اضافية ، تذهب الى الترفيه بعد ان امنت ضروريات الحياة ، وهذا يخالف الصورة السائدة التي تفيد بأننا نعاني من أزمة اقتصادية خانقة، لكن الامر ليس بهذه الصورة السطحية، فهو لا يؤشر الاّ الى فشل كبير في تفعيل سياحتنا الداخلية، والى استنزاف كبير لاقتصاد يعاني فعلاً من تشوهات حقيقية.
الدستور