جامعة العلوم والتكنولوجيا
الاصلاح نيوز- باسل برقان/
جاءت التصريحات الأخيرة من قبل هيئة الطاقة الذرية للوفد الكويتي الزائر، مغايرة للحقيقة وللواقع بما يخص خطوات الهيئة في مجال التحضير وبناء المفاعل النووي البحثي بجامعة العلوم والتكنولوجيا الأردنية. فقد أكد خالد طوقان بأن “المعايير المتبعة بالبرنامج النووي تتركز على تطبيق جميع معايير الأمن والسلامة والأمان العالمية دون المساس بأي من شروطها” وحسب الشروط التي “تحددها الوكالة الدولية للطاقة النووية” وهذا جميعه مغاير 100% لما يحدث على أرض الواقع!!
أولاً: إن العقد المبرم مع الشركة الكورية لبناء المفاعل البحثي (وهو مفاعل نووي صغير بإستطاعة 5 ميغاواط) في حرم جامعة التكنولوجيا يشوبه الغموض حيث تم توقيع العقد بقيمة 130 مليون دولار مع الكوريين بالرغم من وجود عرض آخر بقيمة 86 مليون دولار من الأرجنتين. فهل زيادة بقيمة العقد بما يزيد عن 50% تبرر التوقيع مع الكوريين بسبب إنهم قسطوا الدفع بدفع 60 مليون دولار خلال سنة وقسطوا الباقي على 30 سنة. من هو المدير والعقل المالي الذي نسب وكيف حسبها وما هي مؤهلاته العلمية وإستنتاجاته التي أدت الى رفض الإحالة على الارجنتين بسبب فرق الدفع لمبلغ 26 مليون دولار على أقساط (من 60 مليون التزمنا بهم مع الكوريين بالدفع الفوري الى 86 كان المفروض الإلتزام بها مع الأرجنتين). هل سعادة المدير المالي نجح بالحسابات أم هنالك لغط….؟؟؟؟
ثانياً: هنالك مشكلة بما يخص موقع هذا المفاعل النووي في حرم جامعة العلوم والتكنولوجيا الذي يقع موقعه بجوار 35 الف مواطن أردني منهم 30 الف طالب وخمسة الاف عضو هيئة تدريس وموظفين بكافة أنواعهم حيث أن شروط الوكالة الدولية للطاقة النووية هي موافقة المجتمع المحلي أولاً قبل إنشاء مثل هذه المفاعلات. فهل تم الأخذ بموافقة الخمسة وثلاثين الف مواطن وبإجماع…؟؟ أعتقد بأنه لم تؤخذ موافقة مائة منهم ونحن نسمع بأن إدارة جامعة العلوم والتكنولوجيا متهيبة ويشوبها الرعب من هذا المفاعل النووي بإستطاعة 5 ميغاواط كونه مفاعل نووي بحثي تسيّر به التجارب وسيكون معرض لكل أنواع الأخطاء والهفوات والمصائب يومياً.
ثالثاً: يبدو أن هناك تجاوز واضح للأسس والشروط الدولية للتعامل مع مثل هذه المشاريع وهذا هو الموضوع الأخظر. فالوكالة الدولية لن ترخص أي مشروع إذا لم يسير على أسس السلامة العامة ونحن (وقد تعودنا على سلق الأمور سريعا وحتى بالمياه الباردة). وقد تبين أن الهيئة الذرية على عجالة من أمرها لبناء هذا المفاعل النووي في حرم جامعة العلوم والتكنولوجيا بأسرع الطرق. لقد تم المباشرة بالبناء وإنتهى الطابق الثاني لموقع يبدو أن الهيئة الذرية إختارته في الجامعة قبل إصدار الدراسات بما يخص خطورة الموقع الزلزاليه ونوعية التربة وحركة طبقات الأرض ….الخ وأن الشركة العاملة على الدراسة الجيولوجية لم تتوقع أن تجد الموقع محدد سلفاً وذلك كونهم لم يدرسوا خطورته!! والعجيب بأن الشروط الدولية تشترط دراسة الموقع أولا ومن ثم إصدار رخصة قانونية بالموقع ثم بعدها يباشر بالبناء. والمؤسف بأن هيئة تنظيم العمل الأشعاعي والنووي (الهيئة المرخِصة) مهمشة من هيئة الطاقة الذرية الأردنية (الهيئة المشغلة) ولا يوجد لها سلطات عليهم على أرض الواقع وقد لا تُعلم والموقع غير مرخص لهذه اللحظة وقد تم البناء عليه قبل الدراسات والترخيص (“عينك عينك”…!!
وقد أدهشني التبرير السريع للهيئة الذرية على إستفساري عن عدم ترخيص هذا الموقع والذي جاء “بأن المبنى الذي أنشى بدون ترخيص هو مختبرات المفاعل النووي وليس للمفاعل النووي”، وكأنما المختبرات تنشئ في بلد والمفاعل النووي التابع لها في بلد آخر…!! ولغاية تاريخه لم استطع إستساغة هذا التبرير أسوة بألف تبرير بررته الهيئة الذرية خلال الخمسة سنوات الماضية وكبيرهم هو أن الهيئة إستقطبت عروض “لتكنولوجيا” المفاعل النووي الأول بقيمة 5 مليار دولار بدون وجود موقع محدد ومرخص (وهذا مخالف لتعليمات الوكالة الدولية للطاقة النووية) وكأنما هنالك تكنولوجيا نووية تباع بخمسة مليارات..!! والواضح بأن هذا العرض بقيمة 5 مليار هو لبناء + أجهزة وموقع مفاعلهم غير محدد وغير مرخص هو الأخر لهذه اللحظة…!!!
والأمر المفجع هو عدم وجود خطة وطنية أردنية للتعامل مع كارثة نووية في جامعة العلوم والتكنولوجيا (لاسمح الله) حيث هذه الخطة تحتاج إلى سنوات للدراسات والإعداد والتدريب والتأهيل والاختبار والإيجاز قبل بناء المفاعل النووي كونها تربط بين القوات المسلحة والأمن العام والدفاع المدني وبلدية إربد وإدارة الجامعة والمستشفى ووزارة الداخلية ووزارة الصحة ووزارة لتخطيط والمخابرات العامة والأمن العسكري وجميع مؤسسات الدولة الأردنية المعنية وهذا بحاجة إلى كم هائل من الوقت والتحضير. الموقع الغير مرخص والبناء سائر عليه على قدم وساق يبعد 3 كم عن سكن الطالبات بالجامعة وعن كليات الهندسة والمكتبة ودائرة اللوازم ويحده من الجهة الجنوبية مدينة سايبر سيتي بستة مصانعها وعمالها واللاجئيين.
الدراسات العالمية تؤكد بأن المفاعلات النووية البحثية خطرة وليست مزاح والدراسة التالية تدل على الكوارث التي حدثت بالدول الأوروبية الناطقة بالفرنسية بالفترة ما بين 2005 – 2008 وهي عديدة وقاتلة:
Nuclear fuel cycle facilities, laboratories, irradiators, particle accelerators, under-decommissioning reactors and radioactive wastemanagement facilities safety. Lessons learned from events notified between 2005 and 2008 – IRSN (The Institute for Radiological Protection and Nuclear Safety)
الواضح بأن المفاعل النووي بني في حرم جامعة العلوم والتكنولوجيا رغم أنف الجميع وصدرت الدراسات الجيولوجية التي تقيم الموقع بعد الشروع بالبناء ونتمنى أن لا تكون هنالك محاولة لسلق ونسخ خطة طوارئ ما من دولة أخرى لتنشر في مجلد من 5 آلاف صفحة لتخزن على الرفوف وتحفظ في الادراج. التاريخ به أحداث عديدة عن تلوثأشعاعي قاتل من مفاعلات بحثية ومنهم من إنصهرت نواته…!!
وقد إختتم الوفد الكويتي جولته بزيارة هيئة تنظيم العمل الإشعاعي والنووي والتي هي هيئة وطنية نفتخر بإنجازاتها في الرقابة الفعلية على 500 مؤسسة أردنية كما صرحت ولكن نتساءل هل تراقب على هيئة الطاقة الذرية أم أن الغالب هنا هي المطاحنات السياسية وفتل العضلات والتي يبدو وجودها حقيقة واضحة على أرض الواقع والتي ستقف هيئة تنظم العمل الأشعاعي موقف المتفرج حيالها بدون حيلة!!
إن زيارة الوفد الكويتي مهمة جداً وحساسة كون الوطن بحاجة إلى إستثمارات الصناديق الاستثمارية الكويتية وسيكون مزعجاً إن إنعكس مشروع هذا المفاعل النووي في جامعة العلوم التكنولوجيا إنعكاساً سلبياً على توجههم لرفع إستثمار الصناديق الكويتية في الوطن (كما صرح مؤخرا سعادة السفير) بسبب الأخطاء الكارثية بهذا المشروع.
فأين أنتم أيها الأردنيين من هذا اللغط الذي عواقبه كارثية…؟؟