البيان الحكومي سيطرح اليوم على النواب، وأياً كان محتواه فإنّه لن يكون ذي بال من أحد منهم، ونقاشه سيجري على ما في ذهنهم ويرغبون بإسماعه، ليس للحكومة فقط، وإنّما لقواعدهم وللإعلام.
عندما تم تمديد الدورة البرلمانية لم تحسب استقالة الحكومة السابقة، وعند قبولها لم تحسب شهية النواب لشراء الوقت بما يطيل عمر مجلسهم، ومناقشة الثقة فرصة لذلك، ولن يتخلّى واحد عن اقتناصها، وأفضل ما يكون لذلك استهلاك أكثر ما يمكن من الوقت لأجلها.
الحكومة الجديدة لم تبخل على النواب في توفير ما يلزمهم ممّا يصلح تماما لإلقاء الكلمات، إذ جاءت باكورة تصريحاتها حول عزمها رفع الأسعار، ثم تأييد “وادي عربة”، وحول عدم الحاجة للإصلاح، وهذه كافية تماما للاختيار منها تزوّدا للخطب المنتظرة، ثم الإضافة عليها المعهود من الخدمات.
وهي بالمقابل لن تجد ما يرعبها منهم ولا صعوبة للرد عليهم، كما أنّها مثل كل الحكومات مطمئنة على الثقة، غير أنّها مضطرّة للتساوق مع النواب وخسارة الوقت الذي هو كسبا لهم. وعندما ينتهي السامر بينهما سينتقلان معا إلى آخر، وهكذا وصولا إلى التعليلة التي هي قانون الانتخابات النيابية.
وهذه، مُحضَّر لها سلفا، وجُهِّز لها ما يلزم من مواد وأدوات، وملامحها تطل من هنا وهناك، إذ بدأت بالونات الاختبار بالظهور، فواحد تحدّث عن ثمانين نائبا يؤيدون الصوت الواحد، وآخر عن الصوتين وثالث عن إلغاء القائمة.
الحكومة على دراية بما يفكّر به النواب، وتعلم ميولهم لإطالة عمر المجلس أو سنّ قانون يؤمّن عودتهم أسفل القبة. والنواب يعرفون ما تفكّر به الحكومة وما تحتاجه منهم لتأمين إجراء الانتخابات نهاية العام الجاري، وهذه وأولئك، كلٌ يفكّر بجرّ الآخر لصفقة تؤمّن حاجته.
بطبيعة الحال، فإنّ نقاط الوسط بينهم ستكون متوفرة وسيتم الاتفاق عندها بالمحصلة دون الالتفات للنقاط التي لدى الآخرين، بطبيعة الحال أيضا.