لم تكد تمضي بضعة أيام على تصريحات سعود الفيصل، حتى أعادت كبريات الصحف الأمريكية والبريطانية (لا الإعلام السوري) التأكيد مجدداً على وجود تعاون أمريكي – سعودي – قطري لتمويل المجموعات الإرهابية المسلحة، وتزويدها بأسلحة حديثة وبكميات كبيرة، الأمر الذي يضع الفيصل في موقف لايحسد عليه مع محاولته البائسة لإخفاء ما تشارك به بلاده من قتل وتخريب وتدمير في سورية.
قد تكون الرياض والدوحة نجحتا في الفترة السابقة بحجب حقيقة ما يحدث عن بعض شرائح الرأي العام العربي واستبدالها بمجموعة من الأكاذيب والمعلومات المفبركة، إنما ما كان يرتكب بالأسلحة السعودية والقطرية الموردة للإرهابيين من جرائم ومجازر وتفجيرات تستهدف المواطنين السوريين الأبرياء لم يكن ليندثر أو يموت، وكذلك الأمر بالنسبة لما كان يفعله إعلام الدولتين من تحريض على القتل وتزوير للحقائق وبث بذور الفتنة الطائفية، والذي ما كان ليستمر في مواجهة مقاومة السوريين على الأرض ودفاعهم عن وحدتهم واستقلال بلادهم..
وعليه فإنه يتوقع أن تشهد الفترة القادمة مزيداً من فضائح البلدين وشراكتهما مع بعض الدول الغربية في زيادة تأجيج الأحداث وإفشال أي حل سلمي، بغية فرض خيارات على مسار الأزمة السورية تتوافق مع طموحات هذه الدول ومشاريعها الاستعمارية، وذلك بالاستناد إلى عدة حقائق منها:
- تحرر كثير من وسائل الإعلام الأجنبية من الصورة الذهنية المسبقة التي رسمها إعلام آل ثاني وآل سعود عما يجري في سورية والمنطقة عموماً، وبالتالي توجهها نحو البحث عن الحقيقة، وهذا تجلى في العديد من التحقيقات الصحفية والتلفزيونية التي رصدت تهريب السلاح والمسلحين وجرائمهم بحق المواطنين الأبرياء من مدنيين وعسكريين.
- قيام سورية بالكشف أمام الرأي العام عن بعض ما لديها من معلومات وإرهابيين، واعترافهم بالقيام بهجمات ضد قوات الجيش وحفظ النظام، بالتنسيق بين ما يسمى الجيش الحر وتنظيم القاعدة.
- مع إحباط سورية لمراحل وسيناريوهات مخطط استهدافها، خلال الفترة الماضية، كانت ردتا الفعل السعودية والقطرية تتمثلان بتوسيع مظلة تدخلهما المباشر بالشأن السوري تسليحاً وتمويلاً وتحريضاً، ومثل رد الفعل يعني زيادة الفرصة أمام انكشاف معلومات أكثر حول ماهية هذا التدخل وحدوده، وهذا ما نلاحظه اليوم مع التواتر المستمر لما تنشره الصحف الأجنبية من مقالات وتحقيقات تتناول خفايا الدور السعودي- القطري المتحالف مع الولايات المتحدة في الأحداث السورية.
- توقع حصول انشقاقات متزايدة في»المعارضة« الخارجية، وتحديداً في مجلس اسطنبول، سيقود حتماً، ونتيجة الصراع على المكاسب والحصص، إلى نشر فضائح جديدة حول التسليح والتمويل الخليجي والغربي للمجموعات المسلحة ولبعض أطياف المعارضة الخارجية.